إسرائيل دولة عنصرية لا تقبل السلام أو التعايش !! وثيقة هامة
عبد الله أبو شرخ
يتزوج باسم من ابنة عمه العربية ( الإسرائيلية ) في مدينة بئر السبع، فينتقل للإقامة من غزة إلى إسرائيل، ليكمل هناك دراسة الماجستير في علم الجغرافيا في جامعة ( بن غوريون ) ويحصل على الدرجة بتقدير جيد جداً، يحصل على الإقامة الدائمة، ويعمل مدرساً تابعاً لوزارة التربية والتعليم لمدة سبع سنوات، ينجب من ابنة عمه صبي وبنتين، يذهب كعادته لتجديد بطاقة الهوية من مكتب يتبع وزارة الداخلية، فيجد المكتب مغلقاً على مدار أيام أربعة ! سيارة لأفراد المباحث تداهم بيته وتطلب بطاقة الهوية لتجدها ( غير سارية المفعول ) !! فيطلبون منه حزم أمتعته، يأخذونه في سيارة شرطة إلى معبر إيرز ويقذفونه إلى قطاع غزة حيث مسقط رأسه !! أثناء مداهمة البيت قالوا له أن وجوده يشكل خطراً على دولة إسرائيل !! من اللافت أن باسم لا تربطه أي علاقة بالتنظيمات الإسلامية أو الوطنية على الإطلاق، ودوماً يصب جل اهتمامه على تطوير نفسه مهنياً، أي في سلك التعليم، ويتابع الأبحاث التي توضح تباين التحصيل العلمي بين الذكور والإناث، يؤمن بالتعايش كحل وحيد للأزمة الطاحنة والصراع الدامي الحادثين على أرض فلسطين.
فجأة، بدون سابق إنذار، تنبهت دولة إسرائيل، أن باسم يشكل تهديداً لأمنها، الأسئلة التي تثور في هذه اللحظة: أين كانت الدولة عندما سمحت لباسم بالإقامة الدائمة بعد زواجه من ابنة عمه ؟ وأين تبخرت الدولة عندما قبلت جامعة بن غوروين باسم طالباً فيها لدراسة الماجستير ؟ أين كانت الدولة عندما حصل باسم على قرض طويل الإجل لبناء منزله ؟؟ ثم والأنكى والأمر، ألم يكن وجود باسم يشكل تهديداً لأمن الدولة عندما قبلته الدولة مدرساً في مدارسها، يتقاضى راتبه منها، ويحصل على جميع حقوق وامتيازات المعلمين اليهود من علاوات وإجازات و .. إلخ ؟؟ هل نزل وحياً من السماء أخبر الدولة بعد كل ذلك، أن باسم يشكل تهديداً لأمنها ؟!
منذ ذلك التاريخ، حلت على الكرة الأرضية مأساة جديدة تضاف إلى مآسي الشعب الفلسطيني والعربي، أب في غزة، وأطفاله وزوجته ( الإسرائيليين ) في بئر السبع، بلا سبب أو ذريعة أو سابق إنذار قامت الدولة العبرية بتمزيق عائلة عربية تحيا في أمان وسلام، ويقوم كبار مشايخ النقب للتوسط لدى الحكومة، فيتضح أن ترحيل باسم كان بأمر من المخابرات، في هذه الحالة وطبقاً لقانون " تامير " لمكافحة الإرهاب، لن يكون بمقدور المحامين التوجه لمحكمة العدل العليا ! اللافت للنظر، أن باسم حاول عن طريق المحامين استخراج تصريح زيارة لتتمكن زوجته وأطفاله من الدخول إلى غزة، في البداية تم رفض الطلب، ثم عادت الإنسانية لتدب فجأة في عروق المخابرات الإسرائيلية فوافقوا على تصريح الزيارة شريطة بقاء الزوجة وأطفالها في غزة عام كامل (؟)، فتفقد هي مكان عملها، ويفقد الأطفال مقاعدهم الدراسية، وتصبح قضية إعادتهم إلى وطنهم درباً من المحال !!! الآن يفكر باسم بالهجرة إلى دولة أوروبية عساه يحصل على جنسيتها فيعود إلى أطفاله بعد عمر طويل !
القضية السابقة أخطر من كونها قضية فردية تمس عائلة رغم المأساة الشديدة في ذلك، إنما تؤكد هذه الحادثة صدق النظرية القائلة بأن إسرائيل تسعى بكل ثمن للتخلص من مواطنيها العرب الفلسطينيين، وبأنها سوف تحاول جاهدة من خلال مبادلة الأراضي للتخلص من المناطق العربية ذات الكثافة السكانية العالية ضمن مشروع الدولة الفلسطينية المقترحة، كما يتضح أن طبيعة الصراع تتخذ المنحى الشوفيني العنصري فلا تؤمن إسرائيل مطلقاً بحقوق الإنسان، وهي لم تقبل بعد بمبدأ السلام والتعايش، وهي تؤمن بضرورة وجود سلطة فلسطينية ليس لبناء مجتمع فلسطيني يكفل للفلسطينيين العيش بكرامة، بل للتخلص من أكبر قدر ممكن من العرب تحت مبدأ ( أراض أكثر .. عرب أقل ). إسرائيل دولة عنصرية لا تقبل مبدأ السلام ولا التعايش مع العرب، هذا ما يصدقه الواقع وتؤكده تصرفات المخابرات الإسرائيلية في قضية باسم، وزوجته، وأطفاله، حتى لو كانوا إسرائيليي الجنسية !!