الاحتكام لمبادئ حقوق الإنسان وممارستها يضمن التعايش وحقوق الشعوب
مصطفى التامك
أجرت جريدة التضامن لسان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان استجوابا مع الناشط الحقوقي الصحراوي مصطفى التامك بتزامن مع تخليد الذكرى الثلاثين لتأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وذلك بهدف إستطلاع أراء مثقفين وفاعلين حقوقيين وسياسيين وصحفيين ونقابيين... حول مسار الجمعية وأدائها وأفاق العمل انطلاقا من موقع وخصوصية المستجوب.
وفي هذا السياق أعرب الناشط الحقوقي مصطفى التامك الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة الجنوب الغربي ورئيس اللجنة الصحراوية لمراقبة حقوق الإنسان بأسا عن امتنانه لتتبع الجمعية لما يقع بالصحراء، مطالبا إياها بضرورة التقصي في ما وقع من جرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في الصحراء كرمي الصحراويين أحياء من الطائرات ودفنهم في مقابر جماعية وغيرها من الانتهاكات الخطيرة الأخرى كاغتصاب النساء الصحراويات اللواتي لا يقدرن على البوح بما جرى لهم نتيجة الخوف وحساسية الموضوع لدى المجتمع، إضافة إلى فكرة توسيع النقاش الحقوقي حول قضية الصحراء.
مضيفا الأستاذ الناشط الحقوقي مصطفى التامك أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ونظرا لشرعيتها يجب أن تركز على موضوع الكشف عن المختطفين مجهولي المصير وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب والمساءلة واعتذار الدولة كضمانات بعدم تكرار ما حدث ومن ثمة تحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان، وإيلاء أهمية لملف ظاهرة الألغام التي تمس بالحق في الحياة والسلامة البدنية.
مركزا الناشط الحقوقي الصحراوي مصطفى التامك في استجوابه على ضرورة العمل المستمر لتجاوز المعيق الأساسي المتمثل في غياب الممارسة الميدانية لثقافة حقوق الإنسان بغية إيجاد آلية تمكن من تجسيد ثقافة حقوق الإنسان ميدانيا وممارستها بشكل فعلي والمؤدية إلى تعايش وتواجد شعوب بمختلف التوجهات والحساسيات ترضى أن تحتكم لمبادئ وقيم حقوق الإنسان كما هو معترف بها لخدمة كرامة الإنسان مهما كانت انتماءاته.
وفي ما يلي النص الكامل للاستجواب:
سؤال جريدة التضامن: كيف تنظرون لعمل الجمعية على مدى الثلاثين سنة الماضية؟
تأسست الجمعية المغربية لحقوق الانسان في ظرف تميز بدموية وقمع شرس للنظام السياسي بالمغرب لكل الذين يعارضون اختياراته السياسية، في هذا السياق تشكلت الجمعية كآلية تنظيمية حقوقية وكفاحية للتصدي وفضح كل الممارسات المنتهكة لحقوق الانسان، وتمكنت بالفعل عبر نضال مرير وطويل من المساهمة في إنتزاع مجموعة من المكاسب من ضمنها اطلاق سراح المختطفين من مراكز احتجاز سرية سنة 1991 ومجموعات المعتقلين السياسيين سنوات1994 -1998-2001-2004... اضافة الى دورها في تجذير معالجة شاملة وعادلة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المستندة على مرجعية حقوق الانسان في بعدها الاممي بعيدا عن تغليب اي اعتبارات سياسية ضيقة فضلا عن جرأتها وشجاعتها في تناول القضايا مهما كانت حساسيتها ودورها الرئيسي في نشر واشاعة قيم حقوق الانسان والنهوض بثقافتها.
هذا المسارللجمعية بايجاز لم يكن مفروشا بالورود،ـ فإلى جانب تعرض أعضائها لكافة الانتهاكات- لم يسلم من التشويش من جهات سياسية معلومة غير أن ذلك لم يؤثرعلى الجمعية والتي راكمت من العمل الجاد خلال ثلاثين سنة مما جعلها تحظى باحترام الجميع، وبالتالي واهم من يتهيأ امكانية القفز عليها أو التشويش على مصداقيتها.
سؤال جريدة التضامن: ماذا عن عمل الجمعية الآن وآفاقها المستقبلية ؟
مما لاشك فيه أن عمل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومن مدة أضحى ينحو الى نوع من التخصص وهو مايعكس درجة الاحترافية والمهنية العالية التي يتسم بها اشتغالها الحقوقي، إضافة الى توسيع قاعدتها الجماهيرية من خلال الفروع المشكلة والانشطة الاشعاعية المكثفة والانفتاح المتزايد على شركاؤها في مجال حقوق الانسان محليا وإقليميا وقاريا ودوليا وتأسيس آليات تنسيق وازنة لتوحيد الجهود بهدف تحقيق مزيد من الانجازات في ميدان حقوق الانسان. والايجابي اليوم أن عمل الجمعية لم يعد يهتم فقط بالحقوق المدنية والسياسية بل بات من الاولويات بالنسبة لها إيلاء الاعتبار للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وبالنسبة لتعامل الجمعية مع مايقع من خروقات في الصحراء فهو ايجابي جدا بحيث اوفدت لجنتين لتقصي الحقائق اثر احداث 1999-2005 وتبنت العديد من المعتقلين الصحراويين بصفة سجناء رأي وواكبت اضراباتهم عن الطعام وراسلت الجهات المسؤولة وحاورتها دفاعا عن هؤلاء المعتقلين ولم يكن مناضليها طيلة هذه السنوات التي عرفناهم الا متفهمون وأكثر اريحية في تقبل ملاحظاتنا، ولكن بالمقابل نتمنى من الجمعية لاحقا ان تتقصى في ما وقع من جرائم ضد الانسانية التي إرتبكت في الصحراء كرمي الصحراويين أحياء من الطائرات ودفنهم في مقابر جماعية وغيرها من الانتهاكات الخطيرة الاخرى كاغتصاب النساء الصحراويات اللواتي لايقدرن على البوح بماجرى لهم نتيجة الخوف وحساسية الموضوع لدى المجتمع، إضافة إلى فكرة توسيع النقاش الحقوقي حول قضية الصحراء.
وأرى ان الجمعية المغربية لحقوق الانسان ونظرا لشرعيتها ان تركز على موضوع الكشف عن المختطفين مجهولي المصير وتفعيل مبدأ عدم الافلات من العقاب والمساءلة واعتذار الدولة كضمانات بعدم تكرار ماحدث ومن ثمة تحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان، وإيلاء أهمية لملف ظاهرة الألغام التي تمس بالحق في الحياة والسلامة البدنية، والتركيز على جانب التوعية بحقوق الإنسان على مستوى مختلف جوانب حياة المواطن وداخل المؤسسات بتلاوينها نظرا للمعيق الأساسي المتمثل في غياب الممارسة الميدانية لثقافة حقوق الإنسان.
جريدة التضامن: كلمة أخيرة.
أشكر المشرفين على إعداد الجريدة صوت الحقوقيين، وأهنئ كل أعضاء وعضوات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان احياءا للذكرى الثلاثين لتأسيسها، وأستغل المناسبة لأكد على ضرورة استمرارعملنا لتحقيق مبتغانا في ترسيخ قيم ومبادئ وثقافة حقوق الإنسان وما يقتضي ذلك من عمل دؤوب يجعلنا نبحث على ألية لتجسيد حقوق الإنسان ثقافة وممارسة، والمرهونة قطعا بتواجد وتعايش شعوب بمختلف التوجهات والحساسيات ترضى أن تحتكم لمبادئ وقيم حقوق الإنسان كما هو معترف بها لخدمة كرامة الإنسان مهما كانت انتماءاته.
المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=180449