الانفتاح على الآخر و التعايش مع الواقع

حسن سعدون

في ظل تدهور منظومة القيم القديمـــة و عملية البحث الجاد عن بدائل جديدة, يمكن أن تحل محلها يلحظ أن العنصر القديم في تكوين تلك القيم و التي تكرست من خلال مبدأ التقليد الذي أضفى عليها صبغة القداســـة وقد أدت إلــى تكبيل العقل وتراجع الإبـداع في أنماط فكرية جديدة يمكن أن تساعد في الخروج من أزمـة الأطر الجامـــدة حــول تنظيم المجتمع وإعـــادة هيكلة أشكال هيئاتـه بما يححق نموذجا جديدا وفريــدا يـؤدي إلى الانفتاح على الآخريــــــن بالحوار و التعايش إلى جانبهم بحكــم الواقع و الامتداد في أواصر المواطنة عبر التاريــخ .
وقد يرى البعض أن هذا الذي نطرحه يشكل حالـة مثالية بل خيالية و لكي نثبت أن ما نريد تاطيره في الفكر والواقـع هو:
تثبيت حريـــة الذات للجميــع أفرادا وجماعــات حيث يمارسون حياتهــم ويرون أنفسهـم في قوانين وطنهم وهم أحرار فيه . يتنافسون بمباراة ديمقراطية لتحقيق برامجهــم أو برامــــج غيرهم من اجل النهوض بالوطن واهم ما فيه تنمية مستوى حياة الناس نحو الأفضل حيث لا يرى المرء نفسه مقهورا و مظلوما وهو يحلم بلقمة شهيــة أو كل ما تتطلبـــه الحياة العصرية ويبقى محروما بحكم الفاقة والحاجة و الفقر ...وهذه القوانين الناظمة لتمثيل الناس يجب أن تنبع من المجتمع وبمشاركة الجميع في صياغتها.
ومقدمــة الانفتاح على الناس يأتـــي في معايشــة و اقعهم و الدخــول إلى سبر أعماق نفوسهم وتامين حياة كريمــــة لهم تؤدي بكل فرد منهـم أن يعتز بموقفـــه ورأيـــه في الحيـــاة والنظرة إليها ومحاولـة تغير القاتـــم فيها إلى الجميل والمشرق. ويتحقق ذلك بنزاهــة الفرد في تربيتـــه ونشأتــه وبالتأكيد أن الأفراد الذيـن يداهنون ويكــذبون في مواقفــهم وأعمالهم ويلبسون حلل الكفــاح والنضال من اجل الشعب في ظاهرهم فقط وعندما يصلون إلى مواقــــع السلطة التي يصبحون فيها ذوي شأن ولرأيهم تأثير في حياة النــاس يبدأ لديهم التسويف و إعطاء الذرائع والحجج .....
لم يعد ممكنا في عالم اليوم أن تكون أرضية التفكير لدينا قائمة على مبدأ الصراع و العداوة للآخريــن كما لا يمكن إلغــاء احـــد من خارطـــة الوجــود البشري و الفعل المجتمعي لان ارادات البعض قد تتمنى ذلك ...
قد يهمش البعض وقد يبقى آخرون في الظل لكن هذه العملية يجب أن تتم من خــلال المباراة الديمقراطية والتي قد تنتج في مراحلها الأولى واقعا أكثر قتامــة من الواقـع الحالــي لكنها لابد مـــع الزمن أن تــؤدي إلى تبلور الصــورة التي نرغب ونريـد وهـي :
اعتراف الجميع بالجميع وعيش الجميع مع الجميع وجعل المواقع الإدارية والسلطوية في خدمة الناس والمجتمع وليس لخدمــة الفرد فالفرد النزيــه يشرف الموقــع بمقدار خدمتـــه للنــاس , اعــرف أن نقدا سيوجــه لهـذا الرأي تحت ذرائع محــددة لكني أدافع عــن وجــه نظري بضرورة وجود المؤسسات التي ينتجها الشعب , ُيحجب عنها الثقة في حال أخفقت أو زاغت عن برامج خدمــة الشعب ورفع مستواه المعاشي و الثقافي و الحضاري الإنساني .
إن الواقع معقد وشائك وتترابط فيـــه جملــة من العلاقــات التي لم يستطــع الأفــراد التخلص منها لان هذه الأمــراض الاجتماعية التي تفتت بنية المجتمع تتراكم و تتزايد و تؤدي للتوتر في ظل غياب الخطط والبرامــــج الاقتصاديــــــــة الناظمــة لتطــور المجتمع وحاجاته وتزايد السكان والبطالة الزائدة وغياب المحاسبــة للفاسدين وشعور المواطن أن الآمال التي كان وضعها في أحزابـــه السياسيــــة ومبادئها لم تجدِ نفعا في تحسين حياتــــــــه وحيـــاة أطفالــه .
وبالتالي فمحق ذاك الذي يحجــم مبتعدا عـــن العمــل في الأحزاب السياسيـــة .
معايشة واقع الناس يتطلب العودة إليهم ولا يجوز الخوف من العــودة إلى الناس فهي لن تؤدي لخسارة كما يتوقع البعض بل ستعطي طعما جديدا للحياة .....إن هذا وطن يجب بناؤه بوعي وأن يساهــم في ذلك كل أبنائـــه حتى يتم الدفاع عنـه حال تعرضـه للخطر .
أهميــــة العودة إلى الناس تكون في رد الاعتبار لهم (انتم موجـــــودون وتفضلوا للتعبير عما تريدون و اختاروا مؤسساتكم التشريعية بكل حريـــة و مسؤوليــة .....)
إن تحديد مقومات العمل للمرحلـــة القادمـــة يجب أن يقوم على نظــام اقتصادي محدد المعالم و طبيعــــة الأفراد التي تؤمن به, تمثل الجانب الأهم في نجاحه , إذ سقطت الاشتراكية لعدم وجود أفراد يؤمنون بها. وكانت في تصورنا المنقذ والملاذ في مرحلــــة سابقة .
لندع المجتمع ينتج نظامه الاقتصادي المناسب بما يتلاءم ومستجدات الاقتصاد العالمي الجديد (اقتصاد السوق) .إلا أننا في سورية يجب أن نـــدرس الواقـــع الاقتصـادي بعنايــــة وذلك لما أفرزته قوى الفساد الطفيلية من تشابك في الأنماط الاقتصادية مما قد يؤدي في حال التزامنا بهذا النظـــــام الاقتصادي الحر إلى السؤال الكبير هل سيتحسن مستوى حياة الشعب الســــــوري أم سيزداد فقــــرا و حرمانا ومعاناة؟ ليعود من تضررت مصالحــهم إلى النضال مرة أخرى وليس مهما هنا النضـال أو عدمه .
المهم أن الشعب بلقمته وكرامته سيكون مرة أخرى إن لم يشارك في تحديد مصيره و تقريره هو الخاسر الوحيد.؟!!

المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=37534

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك