لا بديل عن التعايش.. لا بديل عن الحوار
جمال الهنداوي
شروى نقير..او اقل قليلا ..هي كل ما تحصل عليه العراقيون من كل هذا الضجيج الاعلامي الذي تحدث عن ترتيبات عقد المؤتمر الوطني..والاقل هو ما تمخض عن الايام والساعات الطوال التي سفحتها النخبة السياسية في الزيارات والاجتماعات والمكالمات الهاتفية الساخنة التي اعقبت اعلان دعوة السيد رئيس الجمهورية لعقد اللقاء..
وفي حال كان على المرء ان يكون منصفا، ولو الى حدّ ما، في الامكان القول ان هذه الدعوة كان يمكن لها ان توفر فرصة تلتقط العملية السياسية انفاسها من خلالها وتتيح امكانية العمل على ترتيب الوضع الداخلي والتعاطي الايجابي مع استحقاقات مرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي من العراق,مما يثير الكثير من الحيرة والاستغراب من قبل الشارع العراقي تجاه هذا التباطؤ والتراخي الذي تبديه القوى السياسية تجاه هذا اللقاء رغم اهميته البالغة في استنباط الصيغ التي قد تساعد على الخروج من الطريق المسدود الذي وجدت كل الاطراف السياسية نفسها في منتصفه,وفي وضع لا يساعد على الاندفاع الى الامام ودون فرصة متاحة للتراجع المنظم المسؤول..
والاكثر ايلاما ان نرى بعض اقطاب العملية السياسية..وهم الرجال الذين يتحصلون على شرف تمثيل ملايين العراقيين..ويمتلكون من القانونية والشرعية الدستورية بحجم مؤثر وحقيقي ومعترف ومرحب به ضمن خارطة البنفسج العراقي العظيم ,ان يحددوا مواقفهم بناء على نصائح ووصايا من رؤساء ومخابرات دول مستبدة لا زالت تؤمن بالحق الآلهي في الحكم..وان يربطوا مصير ممثليهم بدوائر الدول المأزومة برهاب الديمقراطية والمحكومة بعروش متهالكة متلبسة بالخوف من يوم لا ريب فيه يأتي به فجر الحرية الموعود..
ان على القوى السياسية ان يضعوا نصب اعينهم حجم المسؤولية الملقاة على حيث كونهم يمثلون الشعب العراقي العظيم..ويجب ان يعوا قوتهم من خلال قوة المواطن البطل الذي اوصلهم لسدة التصدي لهذه المهمة الوطنية الكبرى وليس من خلال علاقات اقليمية محكومة بمصالح لحظوية ضيقة قد لا تتطابق مع مصلحة الشعب العراقي العظيم..
ننتظر من ممثلي الشعب العودة الى حاضنتهم الشرعية الا وهي الدستور والقانون وشرف اعلاء صوت المواطن العراقي الشهم الطيب الصابر الذي انتخبهم ..ولنا كل الثقة بجميع القوى السياسية التي اختارت الاحتكام الى صناديق الاقتراع ورأي الجماهير في تأكيد وجودها على الساحة السياسية في العمل من اجل تخليق الاليات التي تساعد على وحدة العملية السياسية والدفاع عنها وترسيخها وتحصينها تجاه القوى المتربصة المعادية للعراق والعراقيين والداعمة للقوى الظلامية ومشروعها المدنس في اثارة التقاطعات السياسية والفتن الطائفية والعرقية وتذليل المصاعب امام حالة الاستقرار السياسي والأمني الذي ينتج مناخا ملائما للبدء بعمليات التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد..
ما ينبغي المراهنة عليه هو المشتركات الكثيرة بين ابناء الوطن الواحد ممثلا بقواه السياسية وقدرتها على انضاج المتفق عليه منها ..وتفعيل الحوار بحيث يكون وطنياً وشاملاً، يعزز الاصطفاف والتلاحم والتوافق الوطني، ويسهم في الخروج بتصورات واعية وعقلانية تتضمن إيجاد الحلول والمعالجات لمختلف القضايا المفصلية التي تهم المواطن ويعمل على تمتين جسور الثقة وترسيخ تقاليد الممارسة الديمقراطية وأخلاقيات الاختلاف والرأي الآخر والممارسة المنضبطة لمفهوم التباين السياسي كعامل تدافع ايجابي والانحياز للمشروع الوطني واولية إحلال الأمن والاستقرار باعتبار أن ذلك هو المدخل العملي، الذي سيمكن العراق من التعاطي مع مشكلاته الاقتصادية والتنموية..
الموقف يتطلب من الجميع وقفة مع النفس..وادراك عال لجلال وعظم المسؤولية أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة التي تنتظر منا ان نوصلها إلى بر الأمان، ودرء التحديات والأخطار التي تجابهها وانتشالها من بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار، ولهذا نقول مرة أخرى: لا بديل إلاًّ العودة إلى طاولة الحوار من أجل الوطن ومستقبل أجياله القادمة..