التسامح في الإسلام

صبا النداوي

تعالت أصوات المعارضين والمؤيدين للإسلام في هذه الحياة فكل ملة وجدت على دين وخاتم الأديان كان هو الإسلام كما تعلمون ...

ولكن الشيء الملفت للانتباه في هذه الأيام هو تحول وتغير الأفكار الإسلامية لدى بعض المسلمين وهو شيء يدعو للاشمئزاز فكيف يكون هذا الدين المكرم من قبل الله لنا وجاعلة آخر امة من الأمم التي نزلت عليها الأديان السماوية تجدنا لا نحافظ عليه وصرنا نجر وراء الأفكار المضادة مع فكر الدين الإسلامي وصرنا نروج لها

وفي نفس الوقت نجد ان المسيح واليهود وغيرها من الديانات أفرادها يحافظون على أديانهم يحافظون على شعائرهم .

ونحن نقف موقف العاجز تجاه هذه الموجات لو نعود لنحلل هذه الظواهر سنجد عدة أسباب أهمها انه يخافون الدين الإسلامي ويروجون لأديانهم لان الدين الإسلامي دين تسامح وفيه عبر كثيرة ,وممكن ان يكون المؤمنون من المسلمين وغير المسلمين قوة ضد أي تيار يتجه خارج مبدأ الدين الإلهي ..

ماذا تعني لفظة التسامح في اللغة ؟

لو رجعنا الى لفظة التسامح فنجد ان لسان العرب يشير إلى الفعل (سمح) ومشتقاته الى انه يعني الكرم والسخاء والمساهلة فجاء فيه: سمح واسمح إذا جاء واعطى عن كرم وسخاء وتسامحوا: تساهلوا وأشار احد الباحثين الي بدء التسامح الديني وذكر الملك الهندي السمح( أسوكا)فقال: منذ ثلاثة وعشرين قرنا من الزمان اصطرعت في الهند (البرهمانية والبوذية) وضاق بصراعهما الملك الهندي السمح (أسوكا) فاصدر مرسوما يقضي بان تتساوي حقوق الديانتين وامتيازاتهما في ملكه فكان هذا أول مرسوم بالتسامح الديني في تاريخ البشر..

التسامح في الاسلام ؟
ان الإسلام يعترف بجميع الحقوق للفرد ولا يجيز اية ممارسة تفضي الى انتهاك هذه الحقوق والخصوصيات والتسامح لا يعني باي حال من الأحوال التنازل عن المعتقد او الخضوع لمبدأ المساومة والتنازل وإنما يعني القبول بالآخر والتعامل معه على أسس العدالة والمساواة بصرف النظر عن افكاره وقناعاته الاخرى . ومن المعروف إن هناك منظومة أخلاقية شرعها الدين الإسلامي من قبيل الرفق والإيثار والعفو والإحسان والمداراة والقول الحسن والألفة وتوطين النفس على التعامل الحضاري مع الآخرين حتى لو كان هناك اختلافات وتمايز معهم ولذلك نجد ان الذكر الحكيم يرشدنا الي حقيقة أساسية وهي :
ان حسن الرفق والتعامل الأخلاقي والحضاري مع الآخرين قد يحولهم من موقع العداوة والخصومة الى موقع الولاء والانسجام .
فالقرآن، في صفته المستند الفكري الأول للمسلمين، ينص على حرية العقيدة لغير المسلمين وعلى حرية التعبّد وعدم الإكراه في اعتناق الدين، كما يؤكد التزام حرية الآخر واحترامها. يؤكد أهمية التسامح في الإسلام ان الحديث عن حرية اعتناقه وردت في اكثر من مئة آية قرآنية. المرجع الإسلامي الثاني حول التسامح هو الممارسة النبوية المشددة على الإقناع والمسالمة والحرية وإحقاق الحق وبسط العدل بين الناس ونشر المساواة وتحرير الانسان من الجهل والعبودية والظلم لذلك فمن واجب كل انسان مهما كان دينه واتجاهه، أن ينشر المحبة و الروح الإنسانية والموعظة بالحسنى ولكل انسان حسابه أمام الله سبحانه وتعالى.
وردت في دستور اليونسكو والتي تقول من المحتم أن يقوم السلم على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر، وقد قصد بذلك التركيز على أن "التسامح" أصبح - اليوم - مسألة جوهرية في حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية الراهنة.

نؤكد على أهمية وضرورة الحوار مع الآخر والتعايش معه والاعتراف به، وأن ذلك يعد الخطوة الأولى للإقرار بمظلة التسامح الديني وتشجيع التنوع في مجال الفكر والممارسة، بعيدا عن الغلو والتطرف والتعصب.
فالتسامح دليل قوة الشخصية ومظهر من مظاهر الرشد واكتمال العقل، وثمرة من ثمار التدين الصحيح.
اما بشان الخلاف فى الرأي حول بعض القضايا الاجتهادية أمر محمود يدل على صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان، ومشيئة الله تعالى اقتضت ان يخلق الناس مختلفين في تفكيرهم وإدراكهم للأشياء وفي أذواقهم وفي ألوانهم وألسنتهم، وبالتالي في فهمهم، وهذا الاختلاف والتنوع يعطيان للحياة مظهر التجدد، لكن الخلاف يكون مدمرا حين تكون أسباب ذاتية الباعث عليه، وهذا النوع من الاختلاف هو الذي يعاني منه المسلمون ويدفعون اثمانا باهظة بسببه لأنه يؤدي الى الفرقة والنزاع في امة شرع الله لها التوحّد ونبذ الفرقة.
وعليه فان الاختلاف هو لازمة من لوازم الإنسان وسنة كونية واجتماعية ليس مدعاة للشقاق والنزاع والاحتراب انما هو يؤسس للتعايش والتعاون. ولقد اوجد الدين الإسلامي جملة من المبادئ التي تؤسس لحالة التعايش الاجتماعي والإنساني .

فالمسيحية تدعو المسيحيين الى أن يحذوا حذو السيد المسيح الذي نادى بالرحمة وطبقها. واليهودية والإسلام يدعوان إلى التجاوز عن إساءة من سبب للإنسان الألم أو التخلي عن الغضب الذي يصاحب الرغبة في الانتقام
لايعني ان الدول الاوربية الديمقراطية المتطورة كانت بعيدة عن النزاعات الدينية حيث ان حركة الإصلاح البروتستانتية شقت وحدة أوروبا الدينية وفي بعض البلدان، قادت الخلافات الدينة الى حروب أهلية مريرة، غالبا ما استمرت عشرات السنين.

ان سيول الدم سالت في العالم في محاولات عقيمة من جانب القوى العلمانية لإطفاء الخلافات الدينية عن طريق حظر الاختلافات في الاراء الدينية.
وألان نلقي الضوء على مسالة التسامح الديني بين أوروبا ويشير الباحثون الى أن التعصب الديني في الغرب بقي جاثما على صدور الناس حتى القرن الثامن عشر وان ألمانيا سبقت البلدان الأوروبية الى تأييد التسامح الديني وان فردريك الأكبر حين تولى عرش بروسيا في القرن الثامن عشر قد راى ان من حق كل انسان إن يصل الى الجنة بالطريقة التي تروقه.

حيث ان في هولندا الصغيرة وحدها وازنت الفرق الدينية بعضها البعض فتبنى المواطنون الصالحون في القرن السابع عشر سياسة عش ودع الآخرين يعيشون ما اتاح ليس للكاثوليك والبروتستانت بل اليهود في العيش في تسامح. فان دين كل انسان يجب ان يترك لقناعة وضمير كل انسان وانه حق كل انسان ان يمارسه كما يمليه عليه ضمير هذا الحق هو في طبيعته حق لا يمكن التصرف به هو حق غير قابل للتصرف .
لقد جسد توماس جفرسون وجهة النظر يقول فيها لم أبح ابدا بديني ولا حاولت ان اعرف دين الآخرين لم أحاول ابدا تحويل احد عن دينه ولا تمنيت تغير عقيدة احد لم احكم ابدا على دين الآخرين لانه ينبغي قراءة دينا من حياتنا وليس من كلامنا.
إن التسامح في نهاية التحليل هو قيمة وقد عبر الإمام الشافعي عن ذلك أبلغ تعبير في مقولته المشهورة (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب...

المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=123480

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك