رد علي ... الإسلام دين التسامح و المحبة ... بيع الميّه في حارة السقّايين
أسعد أسعد
بعد محاولات عديدة نجح عمرو بن العاص في إقناع الخليفة عمر بن الخطاب في يثرب عاصمة الدولة العربية الاسلامية أن يسمح له بغزو مصر واعدا إياه بخيرات و غنائم و أسلاب أقباط مصر و أن يستعبد شعبها و يجعل من أبنائها جنودا في جيش الامبراطورية العربية يغزوا به العالم و لما أذن له الخليفة في ذلك اصطحب عمرو معه جيشا من بضعة آلاف عربي سنة 614 ميلادية و دخل البلاد المصرية غازيا فاتحا و أرسل مندوبه عبادة ابن الصامت ليملي شروطه علي حاكم مصر و هي الإسلام أو الجزية أو السيف . و حروب عمرو بن العاص في مصر ضد شعبها الآمن تاريخ مدوّن و معروف في المراجع الاسلامية لا يمكن إنكار مذابحه و وحشيته علي لسان الشهود من علماء التاريخ و المؤرخين المسلمين أنفسهم .
و مصر هي مجرد مثال للغزوات العربية الاسلامية علي باقي الدول شرق و غرب و شمال و جنوب الجزيرة العربية و لم تكن الغزوات العربية دفاعا عن النفس بأي حال من الاحوال فلم تتعرض الدولة المسلمة إلي أي غزو أو إعتداء من أي من جيرانها فلقد كانت أشهر المعارك العربية في عهد النبي محمد معارك محلية بين القبائل العربية مثل معارك بدر و الخندق و أحد . و الذين يبررون الغزو العربي للدول المجاورة يقولون أن هذه الغزوات كانت لنشر الاسلام في تلك البلاد و هذا هو الرأي الصائب لأن النتيجة الفعلية للغزو العربي للدول المجاورة التي كانت تدين بالمسيحية هي تغيير ديانتها إلي الإسلام فنجحت الجيوش العربية في مهمتها إلي أبعد الحدود و عاشت و تكونت الامبراطورية الإسلامية من الدولة الاموية ثم العباسية و الفاطمية حتي الدولة العثمانية التي أَفَل نَجمها في مطلع القرن الماضي و كل تاريخ هذه الدول يكتبه شئ واحد و هو السيف علي أوراق الأرض المسالمة بمداد من الدم الأحمر.
و إذا قسنا الأمر بمقياس العصور السالفة فإننا لابد أن نسلّم بأنه من حق العرب أن يغزوا و يكوّنوا لأنفسهم إمبراطورية كسابق الممالك مثل المصريين و الفرس و اليونانيين و الرومان و قبائل آسيا ثم الفرنسيين و الالمان و الانجليز فكل التاريخ البشري لمختلف أجناسه عبارة عن معارك و حروب و قتل و إستعباد فيكون من الظلم أن ننكر علي العرب طموحهم فيما نجحوا فيه أي تكوين إمبراطورية واسعة الأطراف امتدت علي مدي أربعة عشر قرنا فهي بصراحة أنجحهم و أقواهم و أكثرهم تأثيرا في التاريخ البشري و لم تستطع جيوش أوروبا الصليبية المتأمسحة أن تمس شعرة منها و لم تستطع أي إمبراطورية سابقة أن تطبع تأثيرا علي الثقافة و التاريخ البشري مثل ما نجحت فيه هذه الامبراطورية ذات الثقافة العسكرية و الروح القتالية و التي برهنت للعالم أنها كانت سيدة التاريخ البشري في هذا المضمار بلا منازع حتي يومنا هذا.
و اليوم و بعد أربعة عشر قرنا من الزمان تبرز من بين صفوف المسلمين أصوات تنادي أن الإسلام دين المحبة و التسامح و السلام و أنا أعجب و أتساءل إذا ركب عمرو بن العاص ناقته بدلا من فرسِه و أخذ معه قرآنه بدلا من سيفه و اصطحب معه بضع عشرات أو حتي مئات من المبشرين المسلمين بدلا من آلاف المقاتلين المحاربين و اتجه الي مصر المسيحية داعيا و مبشرا بدين الحب و التسامح و العدل و التوحيد و الرحمة و كل القيم التي ينادي بها الذين ينكرون اليوم علي الإسلام سيفه ألا يكون عمرو بن العاص آن ذاك يكون كمن يبيع المَيّه في حارة السقّاين .
فإذا كان الإسلام دين المحبة و الرحمة و التسامح فما الحاجة اليه في وجود المسيحية التي تنادي للعالم أجمع أن الله محبة و ينبغي أن تحب الله من كل قلبك و جارك القريب منك كنفسك و يكون الخطأ في المسيحين هو عدم إتباعهم لدينهم و كتابهم و ليس الخطأ في دينهم و لا في كتابهم فالحروب و الغزوات و المعارك الحربية التي خاضتها دول تدّعي أنها مسيحية أو باسم المسيحية يشهد عليها كتاب و دين المسيحية أنها باطلة من وجهة النظر الدينية المسيحية لأن المسيحية علاقة شخصية بين الله و اٌلإنسان و ليست لتكوين دولة أرضية .
و من البديهيات في المسيحية كأي مذهب أو دين آخر أن يؤمن الإنسان بالله و أنا أعتقد أنه من الصعب جدا أن يُتّهم المسيحيين أحيانا أنهم لا يؤمنون بالله إلا من باب الإدعاء الغير صحيح حتي يمكن تصفيتهم جسديا حسب آيات السيف التي طالما استعملتها الإمبراطورية العربية الإسلامية في فتوحاتها التوسعية. فهل يعتبر الإسلام أن المسيحي كافر ينبغي ردّه عن كفره بالله حتي و لو بالموعظة الحسنة بغض النظر عن السيف الذي وصفه الشاعر العربي بأنه أصدق أنباء من الكتب؟
فإذا كا بعضا من عُلماء المسلمين اليوم ينادون بالعربية و الإنجليزية و بلغات أخري أن الإسلام جاء رحمة بالعالمين و لينشر التسامح و الحب بين البشر فأنا كمسيحي من حقي و قد وضع المسلمون السيف جانبا أن أناقش ما يريد مني المسلمون أن أقبله و من حقي أن أبدأ بالمعيار الأخلاقي لأن دعوتهم الجديدة كما يقولون هي إلي دين أسمي. و أنا لن أناقش معايير الإسلام فالمسلمون أدري بدينهم مني و هم أقدر مني فيه بإبراز دعوتهم كما أنني لا أريد أن أقف موقف المنتقد من الذين أُحبهم بمحبة الله في المسيح الذي علّمني "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه ( انجيل يوحنا الأصحاح 15 العدد 13)" أما من جهة الأعداء فقد علمني المسيح " أحبوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم . أحسنوا إلي مبغضيكم . و صلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم و يطردونكم . (انجيل متي الأصحاح 6 العدد 44)" فما رأي الإسلام في هذا هل هناك تعديل إلي ما هو أسمي من هذا؟ ثم أنا أدعوكم إلي أن تقرأوا الموعظة التي القاها المسيح في بداية خدمته التبشيرية و المسجلة في ثلاثة أصحاحات من انجيل متي و هي الأصحاحات 5 و 6 و 7 و هذا الانجيل واحد من أسفار الكتاب المقدس المنتشر باللغة العربية و جميع لغات العالم . و لقد تناول المسيح في هذه الموعظة معظم أركان السلوك المسيحي و أهمها تعريف ما هو القتل (أصحاح 5 عدد 21 و 22 ) و ما هو الزني (عدد 27 و 28) و الطلاق و الحَلف و القَسَم و الإنتقام و الصّدقة و الصلاة و الصوم و المال و الثروة و الإهتمام بالغد و إدانة الآخرين إلي آخره فما رأي الإسلام في هذا التعليم؟ هل هناك تعديل إلي ما هو أسمي من ذلك؟
و أنا لا أستطيع أن أجزم إذا كان المسلمون حقا قد وضعوا السيف جانبا أو علي الأقل علي استعداد لوضعه جانبا و إذا كان الكلام عن أن الإسلام دين المحبة و التسامح فأنا أوردت ما أوردت مبينا محبة الله للبشرية جمعاء و اختم بهذه الآية التي وردت علي لسان بولس الرسول في رسالته لكنيسة رومية الأصحاح الخامس عدد 8 "الله بين محبته لنا إذ و نحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" هذه هي المحبة المضحية المكلفة و هذا هو التسامح الذي يشفي و يبرئ و أنا أرجو أن يكون هذا هو الإسلام و هذا هو إله الإسلام و أنا أرجو أن يأتي اليوم الذي ابدو فيه وكأني أنا الذي يبيع الميه في حارة السقايين.