أزمة الحوار بين الحضارات تدفع إلى التطرف
الحوار يلعب دور اساسي في التقارب بين الحضارات الانسانيه في كل مكان ولذلك فان ازمة الحوار بكل تاكيد ستودي الي التطرف بكل ماتحملها الكلمة من مفردات المعاني ولذلك فان ما يجري هناء في روسيا من حوار بين الحضارات اسهم الي حد ماء الي التقارب بين محتلف الحضارات الانسانيه
لقد حجب انشغال المجتمع الروسي بإصلاح البلاد العميق وبالدرجة الأولى في مجال السياسة والاقتصاد منذ مطلع تسعينات القرن الماضي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي الى حد كبير أولويات الدراسات العلمية بما فيها المتعلقة بميدان الاستشراق. بيد أن الوضع يتغير الآن.
وقال البروفيسور ان الأعوام الأخيرة تتجلى فيها التطورات الايجابية في ميدان الدراسات الشرقية في روسيا.
وعلى سبيل المثال ظهرت في معاهد عدد من مدن الشمال ومنطقة الفولغا والأورال وسيبيريا والشرق الأقصى أقسام ومراكز الدراسات الشرقية. ويجري فيها تعليم اللغات الشرقية والديانات وبالدرجة الأولى الاسلام. وتعيش حياة غنية المراكز العلمية المشهورة سابقا في تتارستان وبشكيريا.
لقد ازداد عدد المؤسسات التي يجري فيها تدريس اللغة العربية والثقافة في المدن الكبرى مثل موسكو وبطرسبورغ. وتدرس اللغة العربية في موسكو على سبيل المثال في 15 مركزا وفي بطرسبورغ في المعهد الشرقي المستقل وأكاديمية الثقافة وجامعة المدرسين بالإضافة الى جامعة سانت بطرسبورغ.
وأشار الى انتعاش الاهتمام بالشرق في أوساط العلماء الروس أيضا المستشرق الروسي الكبير البروفيسور روبرت لاندا. وقد قال ان مما له دلالته أن جميع حلقات البحث في ملتقى بطرسبورغ تليت فيها تقارير المستعربين. وتركزت المناقشات على قضايا الاسلام ومكانته في مختلف ميادين الحياة في بلدان آسيا وافريقيا في الحاضر والماضي.
وعبر البروفيسور روبرت لاندا عن الثقة بأن الاهتمام بالاسلام في أوساط المفكرين والعلماء في روسيا أمر تقليدي وتمليه وقائع تطورها التاريخي. ولم يكن العامل الاسلامي قط غريبا على روسيا نفسها الواقعة عند ملتقى أوروبا وآسيا، والمسيحية والاسلام. وقد جرت منذ القرنين الثاني عشر والثالث عشر الى فلكها الشعوب والأعراق الأخرى ذات الجذور الشرقية والاسلامية. وجرى خلال جميع مراحل هذا التاريخ تداخل وتمازج ثقافة الروس مع ثقافات وحضارات هذه الشعوب.
وليس صدفة أن علم الاستشراق في روسيا المتعددة القوميات والأديان أبرز في الماضي كوكبة من كبار العلماء على المستوى العالمي الذين أسهموا بقسط كبير في دراسة الاسلام وثقافته وتراثه.
ويعتبر تناول موضوع الاسلام اليوم ملحا سواء بالنسبة الى العلوم أم الممارسة في روسيا. ولا بد من الإشارة الى أن هذا الموضوع الذي يمس الأحداث الجارية في روسيا وخارجها على السواء مطلوب جدا في وسائل الاعلام الروسية الحديثة. لذلك تلقى على عاتق العلماء والخبراء مهمة تفسير وإدراك المغزى العلمي للعمليات الجارية في المناطق التي يقطنها المسلمون.
وتعيش نهضتها في روسيا الدراسات الاسلامية في المناطق أي دراسة الاسلام وثقافته وتراثه الروحي سواء في مناطق انتشاره التقليدي أم في الأماكن التي تقطنها طوائف إسلامية كبيرة محاطة بأغلبية روسية.
بالمناسبة صدرت في هذا الموضوع كتب شيقة لعلماء من جامعة مدينة نيجني نوفغورود وعدد من المؤلفين من شمال القوقاز مما يدل على ظهور جيل جديد من العلماء والباحثين
عقد مجموعة رجال السياسة والدين من روسيا والكثير من بلدان الشرق الأوسط اجتماعا في موسكو مؤخرا. وتعرف هذه المجموعة باسم "مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العالم الإسلامي" وهدفها تطوير الشراكة الإستراتيجية بين روسيا والعالم الإسلامي.
ومما يجمع بين الشخصيات السياسية والإسلامية والعلماء الذين اجتمعوا في موسكو وترأس اجتماعهم المستشرق الروسي الكبير يفغيني بريماكوف الذي سبق له ان تولى رئاسة حكومة روسيا ويرأس غرفة تجارة وصناعة روسيا الآن، الشعور بخطورة تقسيم العالم على أساس الدين والحضارة لاسيما وان هذا التقسيم يستهدف تقسيم العالم إلى فريق مسلم وآخر غير مسلم. ويتم إبان ذلك ربط الإرهاب بالإسلام.
ومن المهم بمكان، والحالة هذه، تبصير الناس في جميع بلدان العالم بأن الأصولية الإسلامية شيء والتطرف أو التشدد الإسلامي شيء آخر، فالأصولية ظاهرة تلازم أي دين وهي لا تشكل خطرا على المجتمع. والمقصود بالأصولية الإسلامية هو التمسك بأصول الدين.أما التطرف فإنه ظاهرة خطرة وعدائية تجاه المجتمع. وكانت الحملات الصليبية أحد مظاهر التطرف الديني المسيحي.
والآن يواجه العالم مظاهر التطرف الإسلامي. ويرجع بريماكوف أسباب "نهضة التطرف الإسلامي" إلى عدد من العوامل يأتي في مقدمتها ان الاستفادة الكاملة مما تنتجه ثورة التقنية والتكنولوجيا غير متاحة للبلدان ذات الأغلبية المسلمة. ومما يوفر البيئة المناسبة للتطرف أزمة الحوار بين الحضارات. ويأتي في مقدمة مؤشرات هذه الأزمة سعي "القوة الحضارية الغربية الأعظم" إلى تصدير نموذجها من الديمقراطية إلى البلدان الأخرى. وقد تم تصدير هذه الديمقراطية إلى العراق. وكانت النتيجة ان العراق أصبح يعاني من الإرهاب والصراع بين المجموعات الطائفية والمذهبية
دعا رئيس مجلس المفتين في روسيا المفتي الشيخ راوي عين الدين زعماء الإسلام الى مكافحة الجهل وسط المسلمين وترويج أفكار الاعتدال في الإسلام ومبادئ التسامح الديني وحسن الجوار وحب الوطن.
وقد صرح عين الدين في مؤتمر "التنوير الإسلامي في روسيا المعاصرة" المنعقد في موسكو بأن "علماء الدين الإسلامي يفسرون الجهاد بالدرجة الأولى كمكافحة عيوب الإنسان الشخصية. وإن الجهاد اليوم هو الجهاد في سبيل التنوير".
وبرأيه أنه في ظل إشاعة معلومات كاذبة عن الإسلام واستغلاله من قبل بعض العناصر في أغراضهم الأنانية يتعين على الأئمة والمفتين أن يختلطوا أكثر ما يمكن مع مواطنيهم الأخوة في الدين من أجل نشر قيم الإسلام الأصيلة وتوضيحها للناس ذوي التصورات المشوهة عن الإسلام.
وعبر المفتي عن قلقه الخاص إزاء غياب العمل التنويري المنظم والمستوى المتدني لخطب العديد من الأئمة في القوقاز الشمالية. الأمر الذي يمهد التربة – حسب قول الشيخ راوي عين الدين – لتعزز التيارات المتطرفة التي تجذب الشباب الى جانبها.
وأوضح المفتي أن مفهوم التنوير الإسلامي يعني نشر وإيضاح "أفكار الإسلام المعتدل ومبادئ التسامح الديني وحسن الجوار وحب الوطن" وسط المسلمين.
وحذر المفتي مسلمي روسيا كذلك من النزاعات والعداء بين مختلف المذاهب الإسلامية الموجودة في البلاد. وقال عين الدين "إن السياسة تحمل الناس على خوض صراع ديني داخلي (مثل العراق حيث يفجر المسلمون بعضهم الآخر). ويجب علينا في روسيا أن نشعر بوحدتنا".
ينوي المشاركون في لقاء مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" التوجه باقتراحات الى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول إدراج مواد في البرامج الدراسية حول التسامح والتسامح الديني واحترام مختلف الثقافات.
جاء ذلك في بيان اللقاء الأول للمجموعة الذي جرى في موسكو في 27 – 28 مارس.
وتنوي المجموعة التقدم أيضا باقتراح الى الأمين العام للأمم المتحدة حول تشكيل هيئة استشارية دائمة تحت عنوان "مجلس الحضارات" لتمرير أفكار الشراكة بين الحضارات.
ولا شك في أن هذا سيساعد على ضمان السلام والازدهار وسيصبح خطوة مهمة في مكافحة الإرهاب الدولي بشكل مشترك.
وأعلن يفغيني بريماكوف رئيس أول اجتماع للمجموعة المستشرق الروسي المعروف أن جميع المشاركين في اللقاء يدينون أية مظاهر للإرهاب بما في ذلك التطرف بين المسلمين.
وقال بريماكوف إنه على يقين من أن جمع طاقات وموارد روسيا والبلدان الإسلامية بإمكانه أن يصبح عاملا بناء حقيقيا للسياسة الدولية والاقتصاد العالمي.
فينيامين بوبوف سفير المهمات الخاصة المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الاتصال بمنظمة المؤتمر الإسلامي ذكر في مؤتمر صحفي في موسكو اليوم أن مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" ستواصل عملها لاحقا على أساس دائم.
ودعا رئيس تتارستان مينتيمير شايمييف جميع المشاركين في اللقاء الى قازان في 29 – 30 أغسطس.
وأشار يفغيني بريماكوف رئيس أول اجتماع لمجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية الى أن جميع المشاركين في المؤتمر توصلوا بالإجماع الى استنتاج مفاده أن الإسلام والدين ليسا مرتبطين بالتطرف بتاتا.
وقال بريماكوف إن التطرف في الإسلام لا ينبع من الدين بل يعتبر مقتبسا وسببه العمليات السياسية الجارية في العالم.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة بعث بها إلى المشاركين في الاجتماع ان توسيع العلاقات مع العالم الإسلامي يدخل في قائمة أولويات السياسة الخارجية الروسية. وحصلت روسيا على صفة مراقب في منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 2005.
ووجه المشاركون في الاجتماع نقدهم إلى نظرية "صدام الحضارات" داعين إلى ضرورة الحوار بين الحضارات.
ووجه يفغيني بريماكوف، رئيس غرفة تجارة وصناعة روسيا، الذي ترأس الاجتماع أمس، انتقادات حادة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل مشيرا إلى ان الولايات المتحدة تسعى إلى تصدير نموذجها من الديمقراطية، وهو نموذج يتجاهل تاريخ البلدان الأخرى وتقاليدها. وكانت الولايات المتحدة قد صدرت ديمقراطيتها إلى العراق، وكانت النتيجة ان العراق أصبح على شفير حرب أهلية بين الشيعة والسنة. ويرى بريماكوف وهو رئيس وزراء روسيا ووزير خارجيتها في وقت سابق، ان الولايات المتحدة يمكن ان تقدم على تصدير هذه الديمقراطية إلى سوريا وإيران.
أما بالنسبة لإسرائيل فإن بريماكوف يرى انها ستشكل عقبة أساسة في تسوية نزاع الشرق الأوسط لأن الإسرائيليين يقولون إنهم لن يتعاملوا مع "حماس" كونها منظمة "إرهابية". وأشار بريماكوف إلى ان اثنين من رؤساء وزراء إسرائيل كانا إرهابيين حقيقيين رصدت السلطات البريطانية في فلسطين جائزة مالية لمن يغتالهما في الماضي وهما مناحيم بيغين وإسحق شامير.
يرى رئيس الغرفة التجارية الصناعية لروسيا الاتحادية يفغيني بريماكوف أن سياسة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي تعتبر أحد أسباب انتشار الإرهاب في العالم.
وقال بريماكوف في كلمة ألقاها في جلسة مجموعة "الرؤية الإستراتيجية: روسيا والعالم الإسلامي" التي عقدت في موسكو اليوم: "إن هذه الدولة (الولايات المتحدة) تصدر نموذجها الديمقراطي إلى البلدان الإسلامية باستخدام القوة. وقد أصبح العراق هدفا لهذا التصدير وقد تلاقي سوريا وإيران نفس الشيء.. كما لا تراعي الولايات المتحدة تاريخ هذه البلدان أو ترتيب القوى السياسية فيها أو التقاليد السائدة فيها. وقد دلت تجربة العراق على أن سطوة الإرهاب والمصادمات الداخلية على أساس ديني أصبحت نتيجة لتصدير الديمقراطية بالقوة".
وأعاد بريماكوف إلى الأذهان أن الولايات المتحدة نظرت إلى أن الحرب على العراق تعتبر جزءا من مكافحة الإرهاب في حين تحول هذا البلد إلى المعقل الرئيسي لتنظيم "القاعدة" حيث ينشط فيه حاليا أقوى فرع لهذا التنظيم.
وفي حديثه عن التهديد الإرهابي في العالم عموما ذكر بريماكوف أن الإسلام لا يعتبر كدين سببا للإرهاب.
ووصف بريماكوف ربط الإسلام كدين بالإرهاب بأنه افتراء مقصود وليس مجرد خطأ. وأشار إلى أن الكثير من المنظمات الإرهابية، وخاصة "القاعدة" ترتدي عباءة الإسلام وترفع شعار إقامة دولة الخلافة.
وقال بريماكوف بهذا الصدد: "من الواضح أن التطرف الإسلامي يخوض صراعا ضد الأصولية الإسلامية". وأضاف أن الأصولية الإسلامية كأساس للدين لا تشكل خطرا على المجتمع، ولكنها إذا اكتسبت شكلا متطرفا فإن ذلك يتحول إلى فرض النموذج الإسلامي لإدارة الدولة بالقوة.
المشاركون في ندوة المائدة المستديرة في موضوع "من أجل احترام العقيدة والتسامح" والتي جرت في مقر وكالة نوفوستي برسالة مفتوحة الى القيادة الروسية يدعون فيها الى عدم تصنيف الفاشية بمثابة عربدة.
وقد قال رئيس الادارة الدينية لمسلمي مقاطعة نيجني نوفغورود عمر حضرت ادريسوف: "ان على البلاد أن تشفى من البغضاء". ومن الضروري فعل كل شيء من أجل أن يحترم الناس من مختلف العقائد والقوميات أحدهم الآخر وأن يتحابوا".
لقد اشترك في الندوة أيضا رئيس جمعية الصداقة الروسية اللبنانية سفير الاتحاد السوفيتي السابق في بلدان الشرق الأوسط اوليغ بيريسيبكين والأستاذ في الجامعة اللبنانية الأكاديمي سهيل فرح وسفير لبنان في روسيا عاصم جابر وغيرهم من رجال الدولة والعلماء.
وأجمع الخبراء على الرأي بأن لا بديل للحوار بين الحضارات والتعاون في سبيل الإثراء المتبادل بين الثقافتين المسيحية والإسلامية.