الحوار والانفتاح على الآخر ...ايدلوجية لابد ان تتأصل
عبده جمبل اللهبي
العنف دائما لونه اسود اكتسبه من لون الظل الذى قبع فيه بعيدا عن النور وعلي الرغم من ان ظاهرة العنف ترافق حياة الانسان من المبدأ الاول للنشأة الانسانية .
الجريمة .. الارهاب .. الكفاح المسلح .. الثورة .. كلها عناوين تبدو مترابطة ومتداخلة رغم تمايز كل منها في معناه وفي اهدافه الاستراتيجية . الا ان محورها جميعا او القاسم المشترك بينها هو العنف ....
عندما تحبس الحرية تطغي الاحقاد وعندما ينام العقل تصحو البندقية هكذا كان الجنون هو سيد الموقف في تفجيرات لندن الاخيرة ..
لقد كانت صورة قاتمة ومرعبة صنعتها يد الكراهية واصابع الغدر في مشهد مأساوي يعبرعن تفنن المسلمين في ممارسة الارهاب وقدر تهم علي قرع طبول الحرب ...
العنف جريمة عندما يتعمد الحاق الاذي بالآخر او لتوظيفه في ممارسة الضغط المعنوي علي جهة او علي شخص آخر ..
فالمجرم فى ثقافة العنف يرتكب جريمته اما لحسابه الخاص اولحساب شخص غيره.
اما الارهابي فيعتبر نفسه جنديا مكلفا بمهمة شريفة من قبل الله (سبحانه وتعالي) ولا يشعر بأن ادانته بها تلحق به اي أذى اوعار او تجريح . بل يري علي العكس من ذلك حيث يعتبر ادائها عملا بطوليا يؤهله لاحتلال موقع مرموق او ذكري خالدة في مجتمعه ..
منذ مطلع الثمانينات فقط بدأت دراسة ظاهرة الارهاب من اجل ذلك طرح الارهاب والعنف السياسي علي انها قضايا سياسية معقدة وقضايا اخلاقية اشد تعقيدا لايمكن معالجتها الامن خلال تركيب معادلة سياسية اجتماعية سيكولوجية امنية متكاملة ..
فالتعرف علي اسباب اللجوء الي العنف والانفتاح علي هذه الامور ومحاولة معالجتها هو اقل كلفة من كبتها وتجاهلها حتي تصل الي درحة الانفجار... وقبل البحث عن ثقافة العنف في المجتمع الاسلامي لابدمن القاء الضوء علي مظاهر هذه الثقافة بصورة عامة ...
ففي الاساس تشكل العصبية شكلا من اشكال الدفاع عن الذات . وهي رد فعل علي وحي الشعور بخطر التعرض لعملية اقتحام من الخارج تستهدف تغييرالهويةواقتلاع القومية السياسية او الدينية من جذورها .
وباعتقادي فالتطرف ليس ظاهرة استثنائية خاصة بدين اوبشعب او بمجتمع بل هي ظاهرة عامة كانت وستبقي لصيقة بالانسان طالما ان ها الانسان يمارس فعل الايمان بدين اوعقيدة او بمبدأ او حتى بحجر..
والتطرف على درجات يكون اولها رفض فكر الآخر تليها تسفيهه ثم اسقاطه وانكاره ثم تتدرج الى مراتب الكمال حيث اخطرها اسقاط الآخر جملة وتفصيلا اما بكاتم .الصوت او بغيره .ز فالتطرف غالبا هو ثمرة تربية دينية او عقيدية تجعل من مبدأ صاحبهاالالغاء
لذا علينا ان نعترف بأننا ارهابيون ولكن بدرجات متفاوته واننا نشارك في بذر ورعاية الارهاب: والارهاب لا يتعلق بجماعا ت مسلحة لو كانت كذلك لهان الامر لأنه سرعان ما تسقط عصابات الاسلحة لكن المشكلة تكمن في ان الواقع هو من يفرخ الارهاب ويرعاه علي مستويات متكاملة ومتنوعة .
هناك مد دينى عنيف ومفخخ يدمج بين السياسة والدين وتتبني معظم فصائله فكرة العنف والتداول الدموي للسلطة.
هناك حيث يعشعش الارهاب ويفرخ تجد بحيرات من النفط لأنظمة تحمي شرعيتها المستبدة من خلال تطعيم شعوبها ضد الحرية منذ ساعدت محمد بن عبدالوهاب علي مد نفوذه الوهابي الدموي الي اصقاع الجزيرة مستغلا القوة فى صد ما تسمية غزوا فكريا من خلال اعادة انتاج التاريخ ونشر الافكالر الهدمة المخدرة لشعوب علي اوسع نطاق ودعم ورعاية اتباعها ..
لكنهم مستفيدون من الوضع الحالي المتدهور والمتخلف لشعوبهم البائسة والمقهورة فيكرسون الداء العضال ويبعدون انظار الشعوب عن مشاكلها الحقيقية من فقروجوع وتخبط ونقص في الحريات والحقوق الي القول بأسطورة المؤامرة من الخارج والعدو المتربص والمنعطف الخطير ؟؟
هناك ارهاب فكري يمارس ضد الكتاب والمثقفين وخطوط حمراء ومحظورات عليهم ان لايتجاوزوها .
هناك فساد وهو الوجه الآخر للارهاب يؤدي بالحاضر ويصادر كل التطلعات المشرقة لمستقبل مؤسساتي نظيف ..
هناك القبيلة والعصبية وثقافة لأقتلنك مازالت هي المهيمنة في العالم العربي ... .هناك امية مرتفعة حصيلتها الي عنان السما ء ومؤسسات تعليمية واكاديمية تتناسل العنف كل يوم وتربي للكراهية والقتل....
هناك ثقافة تد ش كل يوم جمعة على النشء بان يؤمن بقول الخطيب طالبا من الله يانزال صور من العذاب على شعوب العالم من اتباع المذاهب والاديان الاخرى باهلاكهم بددا وإحصائهم عددا وان لايغادر منهم احدا وان يفرق شملهم ويبدد جمعهم....
اليس الارهابي هو شخصا يحقق جزاءا ضئيلا مما نطلب من الله إنزاله بشعوب العالم....
هناك جهل وفقر ومرض وبطالة وقمع واحباط وعقود من الاحتقان بالاوبئة والعاهات النفسية وهناك قصور فاضح او تناقضات خبيثة في تحديد مفهوم الارهاب لدى المسلمين فنكيل بمكيالين ..حيث ندين الارهاب في السعودية ونباركه في لندن وندين العمليات الانتحارية في مصر ونمجد السيارات المفخخة في العراق !!
وننظر للعمليات الارهابية بوجه متناقض يحمل مفاهيم المحسوبية مع ان يهوذا بامكانه بسهولة ان يلبس وجه المسيح.
وهناك وهناك وهناك .ز ايضا بذور آمال واجنحة شموس كبيرة يجب ان تولد من الداخل من داخلنا نحن فتائل ووقود الارهاب الذين من الممكن ان نصبح مشاعل هداية ورسل محبة فعلينا ان نؤمن بثقافة الحوار وفي الاساس لايكون الحوار الامع الآخر المختلف . وهدف الحوار هو شرح وجهة نظره وتباين المعطيات التي تقورم عليها في الوقت نفسه الانفتاح علي الآخر لفهم وجهة نظره ومن ثم التفاهم معه ..
الحقيقة نسبية والبحث عن الحقيقة في وجهة نظر الآخرالمختلف هو طريق مباشر من طريق المعرفة وهو في الوقت نفسه اسمي انواع الحوار.؟..
ليس حوارا مثل حوار الساسة المتسلطون الذين يتشدقون به ليل نهار وهم في الواقع شرارات ملتهبة في وجهة الآخرين ..
ولأن الحوار يحتم وجود الآخر فلابد من تعريف الاخر وهو تعريف لايمكن ان يتم بمعزل عن الأنا وبالتالي كلما سمى الانسان وترفع عن انانيته كلما اوجد في ذاته مكانا رحبا للآخر . لأن الحقيقة ليست في الأنا . انها تتكامل مع الآخرحتي في نسبيتها .
والحوارامع الآخر هو اكتشاف للأنا واضاءة ساطعة على الثغرات وعلى النواقص التي لا تخلو منها شخصية انسانية ولذلك يقول سارتر((الآخر هووسيط بيني وبين نفسي وهو مفتاح لفهم ذاتي والاحساس بوجودي )).
وبما ان التنوع من طبيعة الوجود الانساني فان الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي الي الاختيار الحر وبالمحبة الي الوفاق والتفاهم والوحدة والتناصح والتشاور والتعاون ..
ان في ثقافة الحوار ادآبا وقيما ومنهجا اخلاقيا يحترم الانسان وحريته في الاختيار كما يحترم حقه في الاختلاف وفي المجادلة . والنتيجة ان الحوار هو الباب الذي سيفتح الباب الذي سيفتح امامنا الكثير من الابواب الأخري في مواجهة العنف والعدوان والتطرف والاضطرابات النفسية والاجتماعية ...