ثقافة الانقسام تترنح أمام زحف ثقافة الوحدة

د. حسن عبدالله

 

تقسيم المقسم من الوطن، وجدت فيه بعض الفئات مصالح حزبية وشخصية فالتقطت طعامها من فم الانقسام، وراحت تقتات في الظلام من لحم القضية. حيث ان المستفيدين من الانقسام الذين يرفعون العلم الفئوي، بعد ان طووا العلم الوطني واقصوه جانباً، صاغوا لانفسهم مفردات ومصطلحات وتعابير لتبرير تمزيق جسم ما تبقى من وطن، بسكين الفئوية والفصائلية والانغلاق. لكن هذه المفردات الفئوية التي صموا بها آذاننا من كثر تردادها، لم تقنعنا، بل طالما اشعرتنا بالاشمئزاز، إنطلاقاً من قناعتنا ان الوطن هو ارضنا وسماؤنا وفضاؤنا، وان فئوية الانقسام المغطاة بثقافة تبريرية تسعى لتبييض وجوه ملطخة بالسواد، فشلت في تضليلنا او جرنا لكي نصبح جوقة مرددين لشعارات اولئك الفئويين، الذين يرون الوطن اصغر من فصيل او جماعة او فئة.

 

اليوم تتعرى ثقافة الانقسام، تنفضح، تغدو مكشوفة الظهر والصدر والعورة، فلا أحد يستطيع المجاهرة بمفرداته ومصطلحاته الانقسامية. ثقافة الانقسام تتراجع، تتقهقر امام ثقافة الوحدة، ورغبة الغالبية العظمى من ابناء شعبنا بتجسيد وحدة حقيقية تصون القضية وتحميها، من نار الذين وجدوا في الانقسام ضالتهم، بغية الاستمرار في السرقة وتحويل مدننا وقرانا وبلداتنا الى مسرح عدوان مفتوح.

 

ان التطورات المتسارعة على ارض وطننا واشتداد سواعد الشبان المطالبين بانهاء الانقسام، والذين يحظون بتأييد شعبي كبير وواسع لم يطرحون وينادون، هذه التطورات تحرج الانقساميين وتسفه ثقافة الانقسام التي ظن اصحابها ان بمقدورهم الاستمتاع سنوات اضافية بامتيازات وفرتها لهم الجزر المعزولة.

 

ثقافة الوحدة التي يرفع لواءها شباب متفتح الذهن، وكاره لكل الزواريب الفئوية المغلقة، لن تهادن او تساير من يحاول معاندتها ومعارضتها بثقافة الانقسام، لأنه سيجد نفسه محاصراً ببحر جارف من الجماهير الغاضبة المؤمنة بالوحدة، لتلقي به مهزوماً متآكلاً في هامش الحياة، بعيداً عن الفعل الحقيقي. ومن يشكك فيما نقول ولديه بعض من عقل، عليه ان يستخلص العبر مما يجري في الدول العربية المجاورة، ليدرك أن بحر الجماهير أقوى من اي حزب او سلطة، وأقوى من أية مليشيات بل ومن جيش جرار، لأن الجيوش الجرارة، هزمت أمام قبضات التصميم التي حولت ساحات الاعتصام في بلدان عربية شقيقة الى مفاتيح تغيير، شكلت الخريطة السياسية من جديد، وبرؤى جديدة، حداثية متطورة، تنظر الى الأمام، تستقرئ، تستنبط، ولا تندفع الى الخلف تجتر كلاماً ممضوغاً ومستهلكاً.

 

ثقافة الوحدة، هي ثقافة الانترنيت والفيس بوك، والبث الفضائي، والأفق الواسع، والعالم المفتوح، ثقافة الديمقراطية والتعددية والتكامل مع الآخر، وليست ثقافة المطلق، والاقصاء، والتعامل مع افكار الآخرين، من منطلق العداء والصراع التناحري. ثقافة “الشعب يريد انهاء الانقسام”، لا تقبل انصاف الحلول، ولا تتعامل مع تكتيكات التوائية، لأن كل من يحاول ان يلتف على ما تؤمن وتطرح وتبشر به هذه الثقافة، وفق الانحناء قليلاً لكي تمر العاصفة، سوف لا ينقذه الانحناء التكتيكي ولا يخرجه من مأزقه. فالمد الوحدوي سيقتلعه من جذوره حتماً، بعد ان تسود وتنتصر ثقافة الوحدة وتداس تحت اقدام الشباب المنتفض ثقافة الانقسام، ثقافة “انا المطلق” وغيري لا مكان له على هذه الأرض، لأنه الخطيئة!!!

- See more at: http://www.hekmah.org/portal/%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d8%b3%d8%a7%d9%85-%d8%aa%d8%aa%d8%b1%d9%86%d8%ad-%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%85-%d8%b2%d8%ad%d9%81-%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84/#sthash.mNsX3fv6.dpuf

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك