الأسرة جزء مهم في كيان علم الإدارة

المدرب عوض مرضاح

 

شدد المستشار والمدرب المحترف في العلاقات الأسرية ومطور البرنامج العملي لحياة إدارية أسرية عوض بن محمد مرضاح –ماجتسير إدارة الموارد البشرية- على أهمية الإدارة في الحياة الأسرية وأنها طريق إلى تحقيق السعادة.

وقال في حوار لمجلة "الإسلام اليوم" بأن الأسرة الناجحة لا يُمكن أن توجد بسهولة، مشيراً إلى أن ذلك الأمر يتطلب بذل الجهد ومحاول التعود على بعض الأساليب التي تجعل المبادئ الإدارية مطبقة على أرض الواقع داخل المحيط الأسري.

وتحدث الضيف عن العديد من الأمور في الإدارة الأسرية، وكان لنا هذا الحوار:

 هل يدل الحديث الشريف "كلكم راع, وكلكم مسئول عن رعيته" على أهمية تطبيق مبادئ الإدارة في الأسرة؟ وكيف يمكن تطبيقها على أرض الواقع؟

 أولا أحب أن أقول أن الحياة بأكملها تقوم على أسس الإدارة ابتداءً بإدارة الذات وانتهاء بإدارة الآخرين والمتأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يشاهد الدقة في إدارته لذاته ولدعوته ولصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين, فإرساله لمصعب بن عمير إلى المدنية واختياره لأول سفير للإسلام يوضح لنا أن الأمر لم يكن مبنيا على الصدفة أو العشوائية وإنما بني على إدارة متقنه فاختيار الرجل المناسب للمهمة المناسبة للشخصيات المعينة هذا هو من أهم أسس الإدارة الرشيدة، طبعا هذا مثال وبالنسبة للحديث الذي ذكرته إذا أردنا كيفية التعامل مع إفراد الأسرة وفق الأنماط الشخصية لكل فرد، وحسن إدارة الصراعات الأسرية، وفن إدارة الحوار والإقناع، واحتواء الخلافات العائلية، فلا شك أن هذا كله يندرج تحت الرعاية الشرعية بهذه الأسرة ومفهومها الواسع والشامل.

 ماذا عن أهمية تطبيق "الإدارة الأسرية" داخل الأسرة؟

 إن الأسرة هي أهم وأعظم مؤسسة في العالم، إنها لبنة في جدار المجتمع، ولا يمكن أن تقوم قائمة أية حضارة دون تماسك الأسرة، ولا أن تحقق أية مؤسسة أخرى في الوجود دورها المهم الذي تلعبه، وعلى الرغم من ذلك فإن معظم أفراد الأسرة الواحدة لا يتفقون على رؤية واحدة للمغزى الحقيقي للأسرة وأهدافها المنشودة، فهم لم يجتهدوا بما فيه الكفاية، كي يتوصلوا إلى رؤية مشتركة ونظام مبادئ واحد، وهذا هو جوهر ثقافة وشخصية الأسرة.

 هل الإدارة الأسرية تقود إلى "أسرة ناجحة"؟

 يجب أن ندرك في البداية أن الأسرة الناجحة لا يُمكن أن توجد بسهولة ودون عناء وجهد فيجب على الأب والأم بذلك الجهد والصبر ووضع الخطط المناسبة والواقعية والبعد عن المثالية غير المنطقية فالأمومة لا تصلح للأب الأرعن، ولا للأم الخرقاء، كما يجب الإيمان باختلاف الأسر والمواهب والطباع.

والأسرة الناجحة تتطلب كل ما نستجمعه من طاقة، وموهبة، ورغبة، ورؤية، وعزيمة.

 - في حال كون رب الأسرة يجهل بعض المبادئ الإدارية التي يجب عليه تنفيذها في الأسرة.. كيف يمكن أن ينميها لديه؟

 المبادئ الإدارية هي قيم وقناعات ومهارات يطبقها عادة الإنسان بما يسمى العقل اللاواعي نتيجة خبرات وثقافات وتجارب عاشها في بيئته العائلية أو المدرسية، ولو تأملنا كيف كان إباؤنا واجد دنا يحسنون إدارة الأسرة دون تعلمهم أسس هذه الإدارة، ولكن حسن النية وصفاء القلب وحب الطرف الآخر كان له أكبر الأثر في نجاهم العائلي،

واليوم مع الانفتاح العالمي وكثرة المشاغل وزيادة العلاقات الاجتماعية نحتاج الى تجديد الفهم لمبادئ الإدارة الجيدة وتطبيقها واقعا ملموسا في حياتنا الأسرية وهذا يكون من خلال الإقبال على الاهتمام بالأسرة ثقافة وصناعة وصحة وبناء الألفة بين إفرادها ويمكن تحقيق هذا من خلال الاطلاع والقراءة وحضور البرامج التدريبية ومصادقة أهل الخبرة في هذا المجال والاستفادة منهم في تطبيق القواعد الإدارية في الحياة الأسرية.

 من وجهة نظرك، هل ترى أن تطبيق مفهوم الإدارة الأسرية ستجعل واقع المسلمين المعاش اليوم أفضل؟

 علم الإدارة من العلوم التي أغفل الاهتمام بها ولم يُركّز عليها كما يجب ولم يعطى حقه، بينما هو من العلوم التي تساهم في تشكل شخصية الإنسان وبلورتها، ولأن بلادنا ومجتمعاتنا لا تفتقر للموارد أو الكفاءات ولكن إلى الإدارات الحكيمة التي توجه هذه الموارد أو الكفاءات بنجاح، ولأن هذا العلم أساس كل عمل وكل بناء وكل منظومة صغيرة كانت أو كبيرة وبها يتم النجاح والتطوير والاستمرارية.

كما وأن فن الإدارة هي من عناصر نجاح القائد مثلها مثل عنصر الفكر الهادف والبنّاء الذي يحرك الأفراد للهدف، ولقد كان قدوتنا في ذلك ومنهل علمنا مستوحى من حياة أعظم قائد في البشرية محمد صلى الله عليه وسلم في إدارة وقيادة شؤون حياتنا الأسرية بما يحقق نهضة وعزة الإسلام والمسلمين.

 نود أن تلقي الضوء على تعريف سريع لمفهوم الإدارة؟

 الإدارة عملية إنسانية اجتماعية تتناسق فيها جهود العاملين في المنظمة أو المؤسسة "الأسرة" كأفراد وجماعات لتحقيق الأهداف التي أنشئت المؤسسة من أجل تحقيقها، متوخين في ذلك أفضل استخدام ممكن للإمكانات المادية والبشرية والفنية المتاحة للمنظمة "الأسرة".

والإداري هو الإنسان الذي يوجه جهوده وجهود الآخرين معه لتحقيق الأهداف المتفق عليها، مستعملا العمليات الإدارية والمهارات الإدارية مع التوظيف الأمثل للقدرات والإمكانيات.

وفي سبيل تحقيق الأهداف تتفاعل أنماط مختلفة من سلوك الأفراد والجماعات في داخل المؤسسة "الأسرة" في نسيج متشابك موجه نحو الهدف.

 رب الأسرة أو بمصطلح إداري "قائد الأسرة" ما هي مهامه في ضوء علم الإدارة؟

 هنري فايول مؤلف كتاب "النظرية الكلاسيكية للإدارة"، عرّف الوظائف الأساسية الخمسة للإدارة (التخطيط، التنظيم، التوظيف، التوجيه، الرقابة). وطوّر الأصول الأساسية الأربعة عشر للإدارة والتي تتضمن كل المهام الإدارية.

المشرف أو المدير أو القيادي في الأسرة سيكون عمله عبارة عن مباشرة تنفيذ الوظائف الإدارية.

ولذا يجب مراجعة الأصول الأربعة عشر للإدارة واستخدام هذه الأصول الإدارية (الإشرافية) ليكون رب البيت أكثر فعالية وكفاءة.

هذه الأصول تعرف بـ"أصول الإدارة" وهي ملائمة للتطبيق على مستويات الإدارة الدنيا والوسطى والعليا على حد سواء في التواصل الأسري.

وهنا نعدد الأصول العامة للإدارة عند هينري فايول:

- تقسيم العمل: التخصص يتيح للعاملين والمدراء كسب البراعة والضبط والدقة والتي ستزيد من جودة المخرجات. وبالتالي نحصل على فعالية أكثر في العمل بنفس الجهد المبذول.

- السلطة: إن إعطاء الأوامر والصلاحيات للمنطقة الصحيحة هي جوهر السلطة، والسلطة متأصلة في الأشخاص والمناصب فلا يمكن تصورها كجزء من المسؤولية.

- الفهم: تشمل الطاعة والتطبيق والقاعة والسلوك والعلامات الخارجية ذات الصلة بين صاحب العمل والموظفين. هذا العنصر مهم جدا في أي عمل، من غيره لا يمكن لأي مشروع أن ينجح، وهذا هو دور القادة.

- وحدة مصدر الأوامر: يجب أن يتلقى الموظفين أوامرهم من مشرف واحد فقط. بشكل عام يعتبر وجود مشرف واحد أفضل من الازدواجية في الأوامر.

- يد واحدة وخطة عمل واحدة: مشرف واحد بمجموعة من الأهداف يجب أن يدير مجموعة من الفعاليات لها نفس الأهداف.

- إخضاع الاهتمامات الفردية للاهتمامات العامة: إن اهتمام فرد أو مجموعة في العمل يجب أن لا يطغى على اهتمامات المنظمة.

- مكافآت الأعضاء: قيمة المكافآت المدفوعة يجب أن تكون مرضية لكل من الموظفين وصاحب العمل. ومستوى الدفع يعتمد على قيمة الموظفين بالنسبة للمنظمة "الأسرة" وتحلل هذه القيمة لعدة عوامل مثل: تكاليف الحياة، توفر الموظفين، والظروف العامة للعمل.

- الموازنة بين تقليل وزيادة الاهتمامات الفردية: هنالك إجراءات من شأنها تقليل الاهتمامات الفردية. بينما تقوم إجراءات أخرى بزيادتها. في كل الحالات يجب الموازنة بين هذين الأمرين.

- قنوات الاتصال: السلسلة الرسمية للمدراء من المستوى الأعلى للأدنى "تسمى الخطوط الرسمية للأوامر". والمدراء هم حلقات الوصل في هذه السلسلة. فعليهم الاتصال من خلال القنوات الموجودة فيها.

- الأوامر: الهدف من الأوامر هو تفادي الهدر والخسائر.

- العدالة: المراعاة والإنصاف يجب أن يمارسوا من قبل جميع الأشخاص في السلطة.

- الاستقرار والآمان لأفراد الأسرة.

- روح المبادرة: يجب أن يسمح أعضاء الأسرة بالتعبير بحرية عن مقترحاتهم وآرائهم وأفكارهم على كافة المستويات. فالمدير القادر على إتاحة هذه الفرصة لموظفيه أفضل بكثير من المدير الغير قادر على ذلك.

- إضفاء روح المرح للمجموعة: في الوحدات التي بها شدة: على المدراء تعزيز روح الألفة والترابط بين الموظفين ومنع أي أمر يعيق هذا التآلف.

 في رأيك ماهي أهم المبادئ التي يجب على "القائد الأسري" تطبيقها في أسرته؟

 يمكن أن نعدد بعضاً من مبادئ المدير الجديد أو القائد الأسري التي يجب أن يؤمن بها أولاً، وهي على النحو التالي:

1. أنا لست أهم من الأعضاء، أنا فقط أكثرهم مسئولية.

2. لن أستطيع قيادة الناس بدفعهم من الخلف إذ يجب أن أسير أمامهم أولاً.

3. انسَ "أنا" تذكَّر "نحن".

4. يرزق الله تعالى الطيرَ الحبَّ، لكن الحَبَّ لا ينبت في الأعشاش.

5. قائد الفريق يبنيه.. ويُحْرِز به أهدافًا.

6. عندما يتحدث عاملك عن نفسه لا تقاطعه أبدًا.

7. كلما ساعدت الآخرين على النجاح.. كلما ازددت نجاحًا.

8. الصمت وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي.

9. تستطيع أن تكسب موقفًا من زميل، لكن الأفضل أن تكسب قلبه.. لا الموقف.

 من المؤكد بأن قلب الأب والأم مفهم بالحب لاسيما لأبنائهم.. كيف يمكن ربط الحب بـ"الإدارة الأسرية"؟

 الحب سلوك ثمرته حب المشاعر، والحب فعل، الناس يطلقون على ما يشعرون به من ميل وتقارب تجاه بعضهم البعض فضلاً عن الشعور بالاحتياج.. اسم الحب.

ومن هنا شعر البعض أن الحب مشاعر لا إرادية تظهر فجأة وربما أيضًا تنضب فجأة.. ولكن لو تأملنا قليلاً كلمة (أحب) وجدنا أنها فعل، أي أن تلك المشاعر التي يشعر بها الناس وتؤلف بين قلوبهم هي نتيجة أفعال تحدث فتقوي الروابط وتحرك المشاعر صعودًا وهبوطًا مع كم وكيف تلك الأفعال.

بناء على ذلك فإن شعور الأبناء بالحب تجاه والديهم ليس فيضًا يأتي فجأة، بل هو شعور ينبع في قلب الوليد من لحظة ولادته؛ إذ لا يجد الحنان والرحمة والإشباع لحاجاته من أمان ودفء إلا في هذا الحضن الجميل الدافئ حضن الأم والأب.. ثم يكبر ويستقل قليلاً فتأخذ بيده الأم ليمشي وتحكي له الحكايات لينام وتوقظه على ضحكه بهدوء وصوت حنون؛ لتقدم له طعامه وتنظم له يومه.

ولكن كيف نستثمر وننمي تلك المشاعر ونفعلها لتكون في حيز التصرفات برًا دائمًا لا يتغير ولا ينقص بخروج الطفل إلى العالم الخارجي واختلاطه بغير أسرته؟ إذ ربما تحول حب الوالدين لولدهما لتدليل يفسده، وربما كان بالتوجيه الخطوة إلى إفراز جيل جديد يعطي للمشاعر والأحاسيس والحب مكانها في ذلك العصر المشحون بالتوتر.

 تعيش بعض الأسر حالات من الصراع.. كيف يمكن للقائد الأسري الناجحة إدارات هذه الصراعات العائلية؟

 الاختلاف بين البشر أمر طبيعي، أن الله سبحانه وتعالى عندما خلق البشر فرق بينهم، ولم يخلقهم نسخاً واحداً بل أوجد فيما بينهم اختلافاً من ناحية الأذواق والطباع والسلوكيات والأخلاق والمأكل والملبس وبالتالي ينشأ ثمة صراع، كما أن الاحتكاك والعمل والجهد لابد وان يولِّد الصراع.

وحول طريق حل المشكلات من خلال فرق العمل أقول: وجد الباحثون ثلاث صفات مشتركة للعباقرة وهي:

1- قدرتهم على التركيز على هدف واحد في وقت واحد بلا تشتت.

2- قدرتهم على المرونة والبعد عن التصلب في اختيار الحلول.

3- لديهم طريقة منتظمة لحل المشكلات.

 ماهي العوامل المؤثرة في الصراعات؟ وماذا عن استراتيجيات إدارتها؟

 هناك عدد من العوامل المؤثرة في إيجاد الصراع، ومنها:

1- عامل الناس: لأن الناس مختلفين يأتون من اسر وبيئات مختلفة.

2- عامل العلاقات.

3- عامل البيئة: وهي من أبرز وأهم العوامل المؤثرة في إيجاد الصراع.

أما استراتيجيات إدارة الصراع فهي كالتالي:

1- الاستماع للمشكلة هي المقدمة لإدارة الصراع.

2- إستراتيجية تحرير الخلاف: وهي تفريغ الخلاف عن طريق وسائل مختلفة، مثلاً الكتابة على الورق، ويتم خلالها كتابة الأسباب المهمة للخلاف وترك الأمور الجانبية والتوافه، ويتم من خلال هذه الطريقة امتصاص للغضب وتهدئة الأوضاع بين الطرفين.

3- مقاومة سايكولوجية "كلاّ": ويتم ذلك من خلال أبدالها بسايكولوجية "نعم"، عن طريق طرح أسئلة إجابتها تكون بالتأكيد نعم.. وبذلك تخفف سايكولوجية "كلا" وهي من الأمور المنطقية لأن المقابل عندما يكرر نعم.. نعم يصل إلى مرحلة يقبل فيها الشيء الذي كان يقول عنه "كلا".

4- إستراتيجية المستقبل: ترجم الماضي إلى طلب، ولا تتكلم عن سلبيات الماضي، بل حولها إلى طلبات.

5- الابتعاد عن لغة العداوات: لغة العداوات هي لغة الاوامر مثل لغة القضاة والمحامين والشرطة. وذلك لأن التأثير في الشخص بواسطة الادب والزيادة من الادب يكون أكبر من التأثير بواسطة العنف والأوامر.

6- كسِّر الخلاف: بأن نضع أمامنا الايجابيات والسلبيات معاً وبهذا نستطيع ان نكسر الخلاف لا أن نضع الخلاف والأمور السلبية نصب أعيننا ونتناسى بقية الامور.

ومن أفضل طرق التعامل مع الغضب والصراخ والإهانة هي السكوت في المرحلة الأولى فقط لأن السكوت يمتص من غضب الطرف المقابل، ومن ثم بعد ذلك في مرحلة الهدوء تتم مناقشة أسباب الخلاف.

نحن نعلم بأن الأصل في الحياة العائلية هو السعادة ولكن في نفس الوقت فأن الصراع والتعب موجود، ولكن على الإنسان أن يستثمر الصراع في تنمية ذاته وعلاقته بالآخرين.

 كيف يمكن لقائد الأسرة منع تفاقم الصراعات داخل محيط الأسرة؟

 حتى لا يتفاقم الصراع يجب أن يضع الوالدان نصب أعينهم عدة نقاط:

1- امنحوا أولادكم حرية الاختيار: الأولاد مستثنون من المشاركة من أخذ القرارات في كل المجالات والشعور بالعجز الذي يخلفه هذا الأمر يمكن أن يجعل من الطفولة مرحلة اقل سعادة مما يعتقد البالغون. وإذا كان الوالدان لا يتنازلان عن دورهما كصانعي قرارات، ففي إمكانهما البحث عن طرق لإشراك أطفالهما فيها. من المهم أن يدرك الوالدان أن تقديم الخيارات ليس كفيلاً بتوفير السعادة. فقد يختار الولد أن يكون غير سعيد، السعادة فعل إرادة. ولكل شخص أسباب ليكون غير سعيد، لكننا نستطيع أن نكيف ردود فعلنا حيال تلك الأسباب. السعادة إذاً، مسؤولية الولد إلى حد ما.

2- نمو علاقات حميمة: تعتبر العلاقات البناءة من مقومات السعادة. ولئن يكن الوالدان عاجزين عن التحكم بالحياة الاجتماعية لولدهما مستقبلاً، ففي إمكانهما رعايتها بجعل علاقتهما حميمة ومريحة مع كل من أولادهما. يحتاج الأولاد إلى علاقات إيجابية مع والديهم إذا كان لهم أن ينجحوا في إقامة علاقات جيدة مع الآخرين. ويمكن الوالدين أيضاً أن يشجعا أولادهما على لقاء أولاد آخرين باستمرار عبر إلحاقهم بفريق لعب. يمكن أن يشكل المنزل المفتوح للأصدقاء عنصراً آخر مساعداً. يمكن الوالدين أن يساعدا أولادهما على تطوير علاقة تعاطفية مع الآخرين، فيتحدثان إليهما.

3- قوموا دوافعكم إلى التدليل: تؤكد الأبحاث، أن ذوي المداخيل (الكافية) هم أسعد من غيرهم. المهم هو الحصول على ما يكفي لسد الحاجات الأساسية والشعور بالاكتفاء بما نملك. إن إعطاء الأولاد الكثير يولد لديهم وهماً بأن نيل الأشياء هو مصدر السعادة. إن الأولاد غير الماديين قادرون على الاكتفاء بالأقل لأنهم أقدر على الإبداع في اللعب بما يملكون. هذا لا يعني حرمان الأولاد كلياً من الهدايا، بل ينبغي ألا يشعروا بأن سعادتهم تعتمد على دفق دائم من الأشياء المادية.

4- شجعوا الاهتمامات المتنوعة: يعيش الأفراد السعداء حياة متوازنة، ذلك لأن سعادتهم نابعة من مصادر عدة. ومتى توقفت السعادة على أمر واحد فإنها تصير غير ثابتة. وفي حين لا يسع الوالدين معرفة ما قد يحوز اهتمام طفلهما، ففي إمكانهما أن يقترحا عليه جملة نشاطات متنوعة. وقد يعني ذلك تقصير الوقت الذي يسمح له خلاله بمشاهدة التلفزيون أو ممارسة ألعاب الفيديو التي قد تخنق اهتمامات أخرى. إن التشجيع على الاهتمامات المتنوعة أمر مهم، خصوصاً بالنسبة إلى الأولاد الذين يبرعون في أمر واحد. وغالباً ما يلق هؤلاء اهتماماً كبيراً جداً بموهبتهم بما يدفعهم إلى حصر نشاطهم بها وإهمال اهتمامات أخرى.

5- علموا أولادكم مهارة التكيف: يمر الأشخاص السعداء بأوقات كئيبة مثلهم مثل سائر الناس، لكنهم أكثر مقدرة من غيرهم على تخطيها. لذلك يمكن على الوالدين مساعدة أولادهما على اكتسبا هذه المهارة البالغة الأهمية بأن يلفتا نظرهم إلى ذلك الضوء الرفيع في آخر كل نفق مظلم. وحين يتعذر إصلاح أمور حياتية بمواجهتها من موقف آخر، ينبغي للأهل مساعدة أطفالهم على اكتشاف مصادر تعزية وراحة. يجب تعليم الولد إيجاد العزاء في أمور تحيي فيه الحس بالسعادة، كالاستماع إلى الموسيقى أو قراءة كتاب أو ركوب دراجة أو مناقشة مشكلة مع صديق.

6- وفروا لأولادكم بيتاً سعيداً. إن إحدى أفضل الوسائل لمساعدة الولد على إيجاد سعادة دائمة هي بحث الأهل عنها في حياتهم هم. إن أفضل ما يمكنكم القيام به من أجل ولدكما هو أن تصيرا شخصين سعيدين راضيين. فالولد الذي يترعرع في بيت سعيد يملك فرصة أكبر ليغدو بالغاً سعيداً.

 أخيرا هل النجاح في "الإدارة الأسرية" عملية وراثية؟

 قد يكون الارتباط بين الإنسان والسعادة عائداً إلى أسباب وراثية جزئياً، وثمة دلائل على أن النزوع إلى السعادة مزاج وراثي، لكن السعادة تنشأ أيضاً في الجو الذي يوفره أهل سعداء الاكتساب العاطفي يتم خلال السنوات الأولى. فالولد يتوصل إلى استنتاجات من الجو العاطفي المحيط به قبل تعلمه الكلام، فيتساءل: هلال العالم مفعم بالقلق والغضب أم هو مكان آمن سعيد؟.

لذلك يتحتم على الوالدين أن يمارسا في حياتهما القيم التي تولد السعادة. عليهما أن يطلعا أولادهما على أسباب سعادتهما، من المهم التحدث عن الأيام السعيدة وتوضيح أن السعادة هدف يرجى.

المصدر: لمجلة "الإسلام اليوم".

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك