المفكرون العرب في أزمة

أ . د إبراهيم أبو جابر

 

كثرت الاقلام، وانتشرت المؤتمرات والندوات في عالمنا العربي بصورة ملحوظة لم تعهدها المنطقة من قبل، هذه الظاهرة لا شك انها ايجابية اجمالا، لكونها اصلا نمطا ووسيلة جيدة لرفع مستوى الوعي لدى الجماهير وايصال المعلومة اليهم وخاصة لشرائح بعينها لا تملك قدرة البحث ولا امكانات تحيصل العلم ولا القراءة احيانا.

 

لكن ورغم ايجابيات هذه الظاهرة التي لا يجرؤ احد على انكارها وما تقدمه للناس، الا ان بعضا من طبقة المثقفين العرب القائمة اصلا على مثل هذه الفعاليات وتصدر المنصات وشاشات الفضائيات وقعت في مطب ومأزق خطير، يدركه الكثير ممن يتعاطى مع ذلك ولكنه غير قادر على تركه، والبعض الاخر وخاصة ممن هم جدد على الميدان لا يدركونه، بل يرونه وسيلة للظهور والاشارة اليهم بالبنان وعبر وسائل الاعلام ليأخذوا مكانا بين الشريحة اياها.

 

المأزق المشار اليه اعلاه، يتلخص في التركيز على "المصطلح" وتهميش ما دون ذلك وخاصة المعنى والغاية من الكتابة او الحديث، حقا ان احدهم قد قال في ختام تعليقه على اعمال احد المؤتمرات العلمية: "ما لاحظته خلال اعمال المؤتمر الذي استمر اياما مبارزات في استخدام المصطلحات".

 

هذه الظاهرة عادة اسبابها معروفة ويمكن حصرها في نقاط رئيسية مثل:

 

1- حداثة من يخوضون في غمار هذا المجال (جدد على الساحة)، وكما ذكر اعلاه يهدفون من ورائه ليدفع الناس ولفت انظار المستمعين او المشاهدين او القراء ايض اليهم ليصبحوا في غالبي الاحيان مشهورين فتراهم يكثرون من استعمال المصطلحات الاجنبية الغامضة والتي تحتاج اصلا لمن يشرحها ويترجمها كي يفهمها الناس واحيانا اخرى استخدام كلمات وعبارات اجنبية بين الفينة والاخرى، اللهم الا المصطلحات التي درجت على السن الناس فغدا استعمالها يوصل المعلومة اكثر من غيرها.

 

2- ضحالة علم من يميلون لاستعمال الاسلوب اعلاه، فيأتي الاكثار من المصطلحات واستعمالها وسلة للخروج من ذلك المأزق واحيانا اخرى قد يملك المتحدث، او الكاتب الامكانات العلمية وادواتها غير انه لم يستعد الاستعداد المطلوب لترجمتها امام الحضور او المشاهدين او القراء.

 

3- الجو العام وتأثره من خلال فرض اسلوب ونمط معين لحديث او الكتابة فغالبا ما يحاول المتكلمون او الكتاب اتباع اساليب يشتم منها التنطع اللغوي واستخدام غريب الكلام تمشيا مع الآخرين المشاركين في الفعالية او النشاط وبذلك يجر هؤلاء من حيث يدرون او لا يريدون لهكذا اسلوب فتذوب الفكرة والمعنى بين مصطلح اجنبي وآخر غريب.

 

4- الغرور الذي ينتاب هؤلاء بعلمهم وانفسهم وطمعهم احيانا بما في جيوب الاخرين من مال وعطاءات وايضا امكانات توظيف ومناصب واماكن وتأثير فتراهم ينتقون المصطلحات وغريب الكلام ومبهماته في حضرة اصحاب الشأن والمراكز الحكومية كانت او خاصة.

 

ان هذه الظاهرة مزعجة حقيقة في ظل تردي اوضاع امتنا ومنافية في مجملها للواقع الذي نعيشه، وايضا لقواعد المعرفة التي تشترط عادة السهولة والوضوح في العرض والتقديم والمخطط بعيدا عن التعقيدات بكل انواعها وبالذات فيما نحن بصدده من مؤتمرات وندوات ومحاضرات مرئية ومسموعة موجهة اصلا لجمهور واسع من الناس.

 

لقد ضاعت المعاني احيانا كثيرة في بحر من المصطلحات النظرية والفلسفية والمبارزات الفكرية واللغوية، فاصبح البعض يقول مالا يفعل واحيان اخرى ما لا يفقه، يردد مصطلحات وعبارات رنانة وبراقة كغيره من باب الادلاء بدلوه لا غير، مهمشا للهدف والمعنى والغاية من الحديث او الفعالية ومؤكدا على ما هو غير ذلك من مصطلحات وغريب الكلام.

المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://eqraa.com/html/images/article...

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك