الصمت في حياتنا .. وسيلة للتعبير وبداية التفكير

نسيم بدارنة

 

لحظات الصمت مركب هام واساسي في حياتنا، فقد نقضي اغلب اوقاتنا مع الصمت ونعيش معه في افعالنا واعمالنا، فالصمت ضرورة لمن اراد التفكير وتنمية ذاته، لاننا حينما نصمت سنعمل على ملء صمتنا بافكارنا وتفكيرنا الايجابي وبالافكار التي لنا حاجة بها  والا فستغزوه وتحتله افكار غير مرحب بها.

 

لحظات الصمت مصدر لتوفير ذلك الجهد الذي يبذل في التكلم والتفكير السلبي، وفيه المحافظة على السكينة، فيكون الفرد بمعزل عن التوتر والاضطراب ويكون منتظما وهادئا الى درجة استرخاء العقل والجسد، لهذا فالصمت يمنحنا القوة والدافعية نحو التفكير والتفكر.

 

الصمت، في حياتنا اليومية، يمنحنا القدرة على التركيز في المواقف الصعبة ويولد الاحترام بعكس الصراع والجدل الذي يولد التنافر والحقد، والصمت يدمر أسلحة من تتشاجر معهم ويجردهم من القدرة على مواصلة الكلام، والصمت يعلمك حسن الاستماع الذي يفتقده الكثيرون، والصمت يقطع الطريق على الكثير من الاخطاء التي نرتكبها يوميا، فالكثير منا يقع بالتناقض عند التكلم، فقد يتضخم الامر، مع كثرة حب التكلم، فيتخذ المرء موقفاً مناقضاً لموقفه هو فقط لكي يضمن فرصة الكلام، او قد يقع المرء في الكذب لقوله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع"، فالصمت نعمة لا ثمن لها، فانه يخفي هفوات الحمقى ويهب الإلهام للحكماء.

 

لكن للاسف، على الرغم من سحر وجمال الصمت، الكثير منا يجيد قتله، فنجد منا من يهب من صمته الثمين للاغبياء من خلال التكلم معهم لتقريب عقولهم لحقيقة معينة، اضف الى قتله على مذابح عديدة منها التكلم مع معارفنا بامور سخيفة حتى لا يقال اننا غير لبقين، وتجدنا نكسر الصمت في العديد من المحطات لغير حاجة وهكذا، الى ان يتحول الامر الى حالة مرضية تجعل، في ثقافتنا،  كسر الصمت امرا ايجابيا بل ومطلوب دائما.

 

ان الصمت في العديد من المواقف يستمد قوته من غياب الرقابة على كلامنا، وخاصة حين نتكلم على عكس ما يحتاجه الموقف او لا نحسن الاداء فحينها يصبح الصمت افضل رغم حاجتنا للكلام، حتى قلنا "اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، مع ذلك علينا ان نتذكر ايضا ان الصمت في احيان كثيرة ينقلب الى عامل سلبي في حياتنا وخاصة حين تكون الكلمة أثمن من كنوز العالم جميعا، او حين تتحول الى سيف قاطع في وجه ظالم.

 

في الختام :  الصمت عن الكلام يتبعه انشغالنا بمعالجة افكارنا، فلنتحكم بطبيعة الافكار التي تراودنا لانه كما قال المفكر جودت سعيد "بافكارنا نغير ما بالانفس وتتحول الى اعمال"، فلا يتحول عقلنا مسرحا اوصالة للافكار السلبية، لانه اذا لم نضبطها  فستصبح اغلى لحظات حياتنا بلا ثمن بل اكثر من ذلك ستتحول الى عدو فنحاول التخلص منها، فاذا لم تكن لدينا فكرة نشغل بها صمتنا فلنملاها في قول الحق وذكر الله وتلاوة القرآن وفي الطاعات والخيرات حتى يُنور قلبُنا وتنجلي عنه الظلمات التي تأتي من الافكار السلبية او قول الباطل، واعلم اخي انه مع كثرة صمتك فما يزال قليل، ومع قلة كلامك سيبدو كثير.

 

اخيرا هل يمكننا ان نتحكم بصمتنا وبافكارنا ونسيطر عليها، الجواب هو نعم، فكما انه يمكننا ان نتحكم بمن يكون ضيفنا في بيتنا ومتى ياتينا او نتحكم بالاتصالات بنا فنرحب بهذه ونرفض تلك، يمكن لنا التحكم بصمتنا وبافكارنا، ليتحول صمتنا الى لحظات ومحطات نعزز بها حياتنا ونضخ الدماء فيها، وبهذا  يصبح صمتنا اداة عملية لتنمية ذواتنا وقدراتنا ؟!  

 

 

المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://eqraa.com/html/images/article...

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك