الإرهاب الفكري في (الحرب ضد الإرهاب)

حملات رافقت الحملة الأمريكية ضدّ الإسلام باسم مكافحة الإرهاب

نبيل شبيب

تطوّرات في صالح الإسلام في الغرب
دعامات "تنظير" ربط الإرهاب بالإسلام
أسامة بن لادن في "الشبكة" كمثال
أسامة بن لادن في الكتب.. كمثال
أحدث الكتب عن بن لادن
وضع عنوان البحث العلمي على التضليل والتحريض

بعد ثورة أسعار النفط الخام عام 1973م شهدت الساحة الغربية موجة من الكتب الغوغائية أسلوبا ومضمونا حول النفط والعرب والمسلمين، ووجدت في حينه رواجا واسع النطاق، وأصبح بعض المؤلفين "رموزا" لتلك الحملة، ومثالٌ على من كتب منهم بالألمانية آنذاك مراسل تليفزيوني يدعى جيرهارد كونسيلمان، وقد نشر بضعة عشر كتابا، تدور محتوياتها جميعا حول محور واحد، وهو أنّ الصورة التي نشرتها من قبل أفلام هوليوود -وما تزال- عن العربي "المتخلّف الماجن الدموي الأحمق" صورة صحيحة، وأن جذورها صادرة عن الإسلام!.. وكان لا بدّ من مرور بضعة عشر عاما قبل أن يتساقط مفعول تلك الحملة تدريجيا. ومن العلامات الفارقة لذلك في ألمانيا سقوط كونسيلمان المذكور نفسه سقوطا ذريعا، بعد أن كان لا يغيب يوما عن الظهور على الشاشة الصغيرة باعتباره "الخبير" المزعوم في الشؤون الإسلامية والعربية، وأدّى إلى سقوطه كشفُ أحد المستشرقين من هامبورج عن "سرقة فكرية" مارسها كونسيلمان في كتبه على شكل فصول كاملة منقولة ونسبها لنفسه.  

تطوّرات في صالح الإسلام في الغرب

لقد كان توظيف الكتاب إلى جانب وسائل الإعلام آنذاك في مقدّمة ما استخدم من وسائل لتعبئة الرأي العام الغربي لتقبّل العداء المركّز ضدّ العرب على وجه التخصيص بعد حرب عام 1973م واستخدام النفط الخام سلاحا فيها، وتحوّل النفط الخام تدريجيا إلى "سلاح في أيدي مستهلكيه الغربيين"، كما ازداد تفتيت المنطقة العربية، وفُرِض الحصار على بعض بلدانها بمشاركة بلدان عربية أخرى، ثم تحقق في حرب الخليج الثانية تدمير بقايا نظام الأمن العربي، وهي المرحلة التي تزامنت مع بدء مرحلة العداء المعلن للإسلام تحت عنوان "الأصولية" في مطلع التسعينات الميلادية. ويبدو أن توظيف الكتاب إلى جانب وسائل الإعلام، لا سيما الشبكة العالمية، تجدّد الآن في إطار الحملة التي انطلقت من واشنطون، ضدّ الإسلام، تحت عنوان "الحرب ضد الإرهاب".. فما هي المعالم الأولى للحملة الجديدة، وما هي احتمالات نجاحها أو إخفاقها؟..
إنّ حملة ترسيخ الصورة السلبية النمطية عن المسلمين، ولا سيما العرب، في السبعينات من القرن الميلادي العشرين استندت بصورة خاصة إلى أن النسبة الأعظم من سكان البلدان الغربية، كانت إما جاهلة بصورة مطلقة بالإسلام، وبالتالي على استعداد لتصديق سائر ما يقال عنه، أو معبّأة ومهيّأة للعداء نتيجة الأحكام المسبقة المتوارثة عن حقبة الحروب الصليبية والاستشراق والتبشير، واعتماد الكتب المدرسية وغير المدرسية على المصادر العدوانية التي ملأتها بالافتراءات منذ ذلك الحين، فضلا عن مفعول التأثير الصهيوني على الإعلام الغربي بعد الحرب العالمية الثانية.
ولكن في هذه الأثناء اضمحلّ في العقود الأخيرة كثير من مخلّفات الجهل والأحكام المسبقة، ومن ذلك ما يرتبط بالمصطلحات الأساسية، وعلى سبيل المثال لم تعد كلمة "محمديين" قابلة للتسويق مكان كلمة "مسلمين" لنشر الوهم بأن المسلمين يعبدون محمدا صلى الله عليه وسلّم، ولم يعد من النادر أن تقول الأقلام الغربية إن كلمة "الحرب المقدسة" بالكلمات اللاتينية ليست الترجمة الصحيحة لكلمة "الجهاد" باللغة العربية، وحتى كلمة "أصولية" فقدت مفعولها الأول في مطلع التسعينات من القرن الميلادي العشرين وبات معلوما أن ما يُقصد بها في الغرب من حيث "التحجر في تفسير النصوص الرئيسية" يسري على مختلف الأديان، وليس على الإسلام فقط كما كان يقال، بل انعقدت مؤتمرات عديدة تناقش مخاطر الصورة النمطية الخاطئة عن الإسلام والمسلمين في الإعلام، وفي الكتب المدرسية وغيرها، وساهم ذلك فيما يمكن رصده من تحوّل إيجابي في مجالات عملية خارج نطاق المصطلحات أيضا، فلم تعد شعائر الصلاة أو الصوم ولا فروض الحجاب أو العفاف مجهولة عند غير المسلمين، وحتى مسألة شمول الدين للجوانب السياسية، بدأت تنتشر على هذا الأساس باعتبار الإسلام يختلف عن المسيحية مثلا، وذلك إلى جانب المقولة التي ما يزال يجري توظيفها لأغراض دعائية بزعم أن "الحركات والجماعات الإسلامية" هي التي أقحمت الدين في السياسة.
ومن الجوانب الإيجابية أيضا الزيادة التدريجية في نسبة من يدعون إلى تعايش الحضارات وحوار الأديان رافضين ما سبق أن حاول مفكرون أمريكيون نشره عن "نهاية التاريخ" و"صراع الحضارات" أو عمل ساسة أمريكيون على تثبيته في المخططات السياسية والعسكرية -وقد تم ذلك فعلا- على أساس أن "الإسلام عدو بديل" عن الشيوعية، وفق الشعار الذي كان "تشيني" نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، أوّل من أطلقه في مطلع التسعينات وهو في منصب وزير الدفاع آنذاك لدى جورج بوش الأب.
والسؤال المطروح الآن: هل يمكن لحملة جديدة لتوظيف الكتاب وغيره ومن وسائل النشر في استعداء الرأي العام الغربي أن تنجح أمام هذه المعطيات الجديدة؟..
إن هذه الأرضية الإيجابية الناشئة تجاه الإسلام والمسلمين، لم تمهدّ الطريق أمام اتساع نطاق تفهم الإسلام وبعض القضايا الإسلامية في المجتمعات الغربية فحسب، بل مهّدت الطريق أيضا أمام تطوّرات أخرى بالغة الأهمية، منها:
1- ظهور النواة الأولى لاحتمال التأثير "إسلاميا" على صناعة الرأي العام وصناعة القرار السياسي في الغرب، وهذا ما يؤكّده نشاط المنظمات الكبرى للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، ويؤكّده نفاذ سائر الكتب ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين خلال أسابيع معدودة في أسواق البلدان الغربية بعد تفجيرات نيويورك وواشنطون.
2- ارتفاع نسبة اعتناق الإسلام في المجتمعات الغربية، وكان يقدّر عددهم بأفراد معدودين ثم بالعشرات أو المئات سنويا، والآن بالألوف أو عشرات الألوف، وآخر ما ذكر بهذا الصدد أن عددهم يربو على أربع وعشرين ألفا سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية فقط. وكان يقال إن النسبة الأعظم من هؤلاء أقرب إلى اعتناق "إسلام شكلي" بزعم أن سببه هو "الزواج" وليس الاقتناع، ولكن لم يعد يخفى الانخفاض الملحوظ لوسطي أعمار المسلمين الجدد، وارتفاع نسبة "غير المتزوجين" منهم.
3- اتساع نطاق المواقف الفكرية والثقافية الأقرب إلى إنصاف الإسلام والمسلمين.. وهو ما بات في الإمكان تسجيله يوميا، حتى في ظل الظروف الشديدة الوطأة كما هو الحال في أعقاب تفجيرات نيويورك وواشنطون.
4- ازدياد توافر الشروط المبدئية لتفهم أفضل للقضايا الإسلامية السياسية، كقضية فلسطين أوقضية الشاشان، أو هذا على الأقل ما انتشرت بداياته الأولى قبل التفجيرات المذكورة، وساهم في ارتفاع نسبة الأصوات والتقارير التي تتحدّث عن حقوق الإنسان بصورة خاصة، بل وبعض ما بدأ يتحدّث عن "أصل" القضية بمنظور إسلامي، وهو ما لم يكن له وجود من قبل.  

دعامات "تنظير" ربط الإرهاب بالإسلام

لم تكن هذه الصورة الإيجابية للتطورات الجارية على الأرضية الفكرية والثقافية والإعلامية لصالح الإسلام والمسلمين وقضاياهم خافية عن صانعي القرار في المجتمعات الغربية على مختلف المستويات، إذ بدا أنها ستقوّض كثيرا من نتائج ما سبق بذله من جهود ضخمة "منظمة" لتشويه صورة الإسلام والمسلمين في الغرب، بدءا بالأفلام السينمائية والبرامج التليفزيونية التي لم ينقطع تطويرها للغرض نفسه، وانتهاء بحملات مركزة من مثل ما شهدته قضايا محددة، كاحتضان سلمان رشدي وأمثاله، أو الحملات المنظمة عبر "المؤتمرات الدولية العملاقة" على القيم الإسلامية لا سيما في نطاق الأسرة.
ولا ندخل في نطاق "التكهنات" عند التأكيد أنّ الرغبة في مواجهة هذه التطوّرات:
1- ساهمت في تحديد مسار الجانب الفكري والثقافي والاجتماعي في قطار "العولمة" بمعنى رصد طاقات مادية أكبر وضغوط سياسية وأمنية أوسع نطاقا في اتجاه تعميم نشر التصورات الغربية على حساب الإسلامية في البلدان الإسلامية نفسها.
2- كما أنها تساهم الآن في تحديد المرتكزات الفكرية والثقافية والاجتماعية المرافقة للجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية والمالية في الحرب المعلنة رسميا ضد "الإرهاب" والموجهة واقعيا ضد الإسلام وصحوته الحديثة.
أي أن الجواب على السؤال عن قابلية نجاح حملة جديدة لتوظيف الكتاب إلى جانب وسائل الإعلام الأخرى لا سيما الشبكة العالمية، في خدمة الحرب القديمة المتجدّدة باستمرار ضدّ الإسلام، يبدأ بالتأكيد أن احتمالات الإخفاق كبيرة، ولهذا فإن هذه الحملة تتضمّن "التلاؤم":
1- مع المعطيات الجديدة على الساحة الدولية وفق ما تقتضيه ظاهرة "العولمة" بصورة خاصة وقد غلب عنصر "الهيمنة الأمريكية" أو هيمنة "القوى المالية الصهيوأمريكية" على مسيرتها.
2- ومع المعطيات الجديدة في ميدان "التواصل البشري" الذي تميز بازدياد حجم نشر المعلومات وسرعته، وتميّز أيضا بأن نشر المعلومات لم يعد في اتجاه واحد كما كان في الجزء الأعظم من القرن الميلادي العشرين، وإنما بدأ عنصر "التبادل" يزداد ظهورا للعيان بالتدريج، بتأثير وسائل الاتصال الحديثة وتقنياتها المتطورة.
في هذا الإطار يمكن النظر في المساعي الجديدة لتوظيف الكتاب الغربي -والموقع الشبكي الغربي أيضا- في خدمة "الحرب ضدّ الإرهاب"، وأوّل ما يلفت النظر هنا هو أن الأسلوب المتبع في تسويق هذه الحرب على أعلى المستويات السياسية الغربية، بدأ يأخذ طريقه بوضوح على مستوى الكتاب أيضا، ويقوم على محاور رئيسية أهمها:
1- عنصر التضليل: ربط الإرهاب بالإسلام واقعيا مع التبرّؤ أو محاولة التبرّؤ في الشعارات المرفوعة والعناوين الموضوعة لذلك من التبنّي المباشر لعداء الإسلام نفسه، ويتخذ تنفيذ ذلك أسلوبا تقليديا قديما، الجديد فيه هو استخدام كلمة "إسلاميين" على نطاق واسع مكان "أصوليين"، بينما يتضح على أرض الواقع أنّ التشريعات القانونية الحديثة مثلا موجّهة ضدّ "عامّة المسلمين" في الغرب، وليس ضدّ "الحركيين" منهم فقط، كما أنّ إجراءات الحصار والحظر والملاحقة، أصبحت تشمل حتى الجمعيات الإسلامية الخيرية المعروفة بنزاهتها واستقامتها منذ زمن طويل، والمؤسسات المالية الإسلامية التي تعتبر فوق الشبهات بالمعايير الإسلامية والقانونية الوضعية على السواء، ولا يقتصر ذلك على ما يُعرف بالمنظمات الجهادية، ولا حتى تلك التي تؤكّد على الجانب السياسي في الإسلام أكثر من سواه، أو تتخذ مواقف "عدائية" من الحضارة الغربية.
2- عنصر المخابرات: غياب "الأدلة" على الاتهامات واضح للعيان، ويجري تعويضه سواء على المستوى السياسي، أو في الإنتاج الفكري والإعلامي، عن طريق اعتماد "تقارير المخابرات" السرية أصلا، أو المعلنة رسميا ولكن دون أن تتضمّن تقديم "إثباتات" بطبيعة الحال، فليس هذا مطلوبا منها ما دامت لا تمثل "أجهزة قضائية"، والجديد في معظم التشريعات هو العمل على إخراج "الإجراءات" المطلوبة من خانة النظر قضائيا فيها، وبالتالي فإن "تعليل أي اتهام" يوجّه إلى جهة إسلامية حركية أو خيرية، أو تسويغ أي تشريع قانوني جديد شاذ بمختلف مقاييس حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وقيم الديمقراطية الغربية.. هذا التعليل والتسويغ بات يعتمد على ما يُنقل عن "المخابرات" اعتمادا رئيسيا، دون تحقيق أو تمحيص، جنبا إلى جنب مع اقتران ذلك بحملة "التخويف" للرأي العام الغربي لدفعه إلى القبول بتلك الإجراءات المتناقضة مع ما يجري الحديث عنه باستمرار عن الحقوق والحريات الإنسانية وسيادة القانون والقضاء وما شابه ذلك.
3- عنصر الجهل: إذا كانت حملات التخويف في الماضي تعتمد على عنصر "الجهل بالإسلام نفسه" فهي تعتمد الآن على عنصر "الجهل" لاستحالة التحقق من صحّة تلك الاتهامات والتصورات المرعبة التي تنشرها المخابرات عن "الخطر الإسلامي" الذي جعلت من تفجيرات نيويورك وواشنطون رمزا له.. رغم عدم الكشف رسميا عن أي أدلة أو إثباتات على هذا الصعيد، هذا بغض النظر عن أن أي إثبات محتمل لارتكاب فئة ما عملا مرفوضا عموما، لا يمكن بالموازين الغربية نفسها ومعايير المنطق عموما، أن يسوّغ "التعميم" الموجّه حاليا والقائم على ربط العمل نفسه بالإسلام ومن يدعو إليه وليس بتلك الفئة ودعوتها هي إلى الإسلام وفق رؤيتها الخاصة لذلك.
4- عنصر "العنف الفكري": والمقصود هنا هو كبت أي صوت يمكن أن يعبّر عن الطرف الآخر أو نقل ما يفكر به أو ما يقوله بغض النظر عن صحته أو عدم صحته، فهنا لا يقتصر الأمر على رفض "مناقشة الحجة المقابلة" بل يمتد الكبت القائم على العنف الفكري إلى "التغييب" بالحيلولة دون الطرف الآخر ودون "مجرّد" الدفاع عن نفسه.. فعلاوة على أساليب التعتيم الإعلامي على سائر الأخبار والمواقف إلا ما كان مصدره غربيا، بات "حظر كتب إسلامية" ومنع دخول "المحاضرين" من الإجراءات "المألوفة" في الغرب، كما أنّ استخدام أسلوب الحجب والحظر وإغلاق المواقع بات واسع النطاق في الشبكة العالمية، بينما كانت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وما تزال تهاجم حكومات بلدان "العالم الثالث" ولا سيما الإسلامية منها، لعدم إطلاق العنان للحرية "الشبكية" على مختلف الأصعدة، بل كان من مرتكزات الدعوة في الغرب إلى نشر الشبكة عالميا، أنها ستكون السبيل إلى نشر الديمقراطية الغربية و"القيم الغربية" عبر إسقاط حواجز "الاستبداد" الوطنية على صعيد الكبت الفكري وانتهاك الحقوق والحريات الفردية في ميادين الكلمة والتعبير عن الرأي والنشر وما شابه ذلك.  

أسامة بن لادن في "الشبكة" كمثال

ربطت الولايات المتحدة الأمريكية "حربها العالمية" التي تقول إن جولتها "العسكرية" الأولى في أفغانستان، ويمكن أن تصل إلى زهاء ستين دولة وإنها حملة متعددة المستويات عسكريا وسياسيا واقتصاديا وماليا وأمنيا بمعنى "المخابرات".. ربطت هذه الحرب باسم أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، وهنا يمكن النظر إلى ظاهرة توظيف الكتاب والتقنية الشبكية إلى جانب ما عُرف نسبيا عن وسائل الإعلام الأخرى التقليدية، لخدمة "أغراض" تلك الحرب.
عند البحث عن طريق آلية بحث مناسبة، نجد حاليا أكثر من مليون وثيقة تحمل اسم (بن لادن) بالحروف اللاتينية، وحوالي عشرين ألفا بالحروف العربية نصفها تقريبا يتعلق بأسامة بن لادن نفسه، ولكن قسما كبيرا منها لا يتجاوز أن يكون مقتطفات من (حوار) في منتدى من منتديات الحوار الشبكي، إنما لا تختلف نسبة العشرة آلاف إلى المليون كثيرا لو حاولنا التصفية قدر الإمكان لحصر هذه الوثائق بعيدا عن التكرار وفي نطاق ما يتحدث مباشرة عن الموضوع.
تحت العنوان الشبكي http://www.au.af.mil/aul/bibs/tergps/tgaqai.htmمثلا، نجد نصوصا من المفروض أنها "وثائق وكتابات جامعية"، بالإضافة إلى روابط لمجموعة من المواقع الشبكية الأخرى، ولكن نجدها جميعا تتحدّث وفق مقياس "الإرهاب" بالموازين الأمريكية فحسب، فلا تأخذ من قريب أو بعيد ما يعلنه الطرف المعني بذلك، ولو على سبيل العرض والنقد كما كان يصنع مع الشيوعية مثلا، أو كما يصنع حتى الآن من منظمات مصنّفة على أنها إرهابية كمجموعة الجيش السري الإيرلندي أو منظمة إيتا في منطقة الباسك الأسبانية.. ولا يختلف ذلك السلوك اختلافا يستحق الذكر ما بين موضع شبكي "جامعي" وموقع شبكي يتبع للمخابرات، أو حتى الموقع الذي صممته وزارة الخارجية الأمريكية باللغة العربية خصيصا لتسويق وجهة نظرها في "الحرب ضدّ الإرهاب".
ومقابل ذلك نجد أن العدد القليل من المواقع الشبكية التي حملت اسم "طالبان" أو "إمارة أفغانستان الإسلامية" أو حتى المنظمات المناصرة لها، أي تلك التي تحاول تقديم وجهة نظر "الجبهة الأخرى" عبر الشبكة، قد وجدت خلال الفترة الماضية حملة واسعة النطاق لإغلاقها، وكلما حاول القائمون عليها افتتاح موقع بديل (لا سيما لنشر الأخبار شبكيا) لحق بهم ما يمكن وصفه بمقص الرقيب الشبكي، وهو ما اقتحم أيضا البلدان الإسلامية المتحالفة كليا أو جزئيا مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب، فاشتغل "مقص الرقيب" فيها أيضا.
صحيح أن محتويات بعض تلك المواقع لا يقدّم ولا يؤخّر كثيرا في مجرى الأحداث، بل يتبع بعضها أسلوبا يمكن أن يدفع "المسلم" المطلع عليها إلى النفور منها أو التعجب من ذلك الأسلوب على الأقل.. ولكن الشاهد هنا هو تأكيد الخلل الكبير القائم تحت عناوين الحرية الإعلامية والشبكية وما شابه ذلك، بينما يتخذ التعامل الفعلي مع وسائل الإعلام عموما طابع "الحرب" عبرها أيضا، وهو ما تعنيه كلمة توظيف الكتاب أو الكلمة أو وسيلة النشر أيا كانت لتحقيق غرض حربي محض.  

أسامة بن لادن في الكتب.. كمثال

كانت الفترة ما بين عمليات تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام، وربطها باسم بن لادن، وبين تفجيرات نيويورك وواشنطون والإعلان الفوري عن اتهام بن لادن بها.. كانت تلك الفترة قد شهدت ظهور سلسلة من المؤلّفات، بالإضافة إلى نشأة سلسلة من المواقع الشبكية، يعتبر العامل المشترك بينها هو أنّ الناظر في محتوياتها الآن -أو محتويات بعضها كأمثلة على غير تعيين مسبق- سيجد سلسلة من العناصر التي تجعلها من قبيل "التهيئة الفكرية المسبقة لحرب قادمة".. أو لحرب من المفروض أنه لم يكن يتوقع أحد نشوبها في نهاية عام 2001م، وبدا أنها نشبت كردّ فعل على حدث غير منتظر!..
ولا يمكن حصر تلك الكتب، ولا يوجد ما يستدعي ذلك، ولكن يسري عليها ما سبقت الإشارة إليه من أنّ "البحث الجامعي" أو ما يحمل منها وصف البحث الجامعي، ويصدر عن جهة جامعية أو مركز دراسات، أصبح لا يعتمد أيضا على أكثر من المعلومات التي يكتفى بأنّها صادرة عن "المخابرات"، وكأن هذا يكفي لتوثيقها علميا، دون شيء من التحقيق وفق قواعد البحث العلمي، للتأكد من مدى سلامة هذه المعلومات وصحتها، كما هو مفترض في أي "معلومة" يوردها بحث منهجي، بل إن التحقيق مفترض هنا بصورة مضاعفة نظرا إلى التعامل مع المخابرات بالذات بعد أن ثبتت حالات عديدة أظهرت في فترة متأخرة بمعنى بعد فوات أوان اتخاذ موقف سياسي، مدى لجوء المخابرات إلى حبك قصص بكاملها من عدم، أو تضخيم أمور والتهوين من شأن أخرى، على حسب "الغاية السياسية" الآنية وليس على حسب ما يتطلبه نقل صورة قويمة مضمونة عن الواقع.. فهل هذا ما يمكن القبول به في بحث علمي منهجي منشور باسم مؤلف يعمل كأستاذ جامعي أو خبير أو متخصص؟..
ليس المقصود هنا التمحيص في نقل معلومات أساسية، مثل ذكر الاسم ومكان الميلاد وبعض التواريخ الأساسية، إنما المقصود تلك المعلومات التي لا تستند إلى عملية توثيق محكمة وترتبط بوجهة نظر الشخص المعني أو بعض أعماله، فضلا عن أسلوب تأويل ما يثبت من أقوال، أو اللجوء إلى حذف بعضها واقتطاعه من سياقه الطبيعي.
يسري هذا أو بعضه على الأقل على سبيل المثال، على:
1- "بن لادن.. الرجل الذي أعلن الحرب على أمريكا" بقلم يوزيف بودانسكي، صدر في كاليفورنيا عام 1999م.
2- فصل "أسامة بن لادن" من كتاب بعنوان أفغانستان من إصدار جامعة بيشاور عام 2001م قبل عمليات التفجير في واشنطون ونيويورك.
3- "فتوى بن لادن.. شرح النص والمغزى" بقلم ماجنوس رانتروب، صدر في واشنطون عام 1998م.
4- حركة المقاتلين الأفغان الإسلامية العسكرية وظاهرة أسامة بن لادن، بقلم آستريد فون بوركي، صدر في فرانكفورت/ ألمانيا عام 1999م.
5- "الحرب الأمريكية بين السلطة والإرهاب.. ظاهرة أسامة بن لادن" بقلم كاي هيرشمان صدر في فيلادلفيا عام 2000م.
6- "الإرهاب باسم الله في الشرق الأوسط" بقلم إرهارد سيراكي، صدر في برلين ودييتس عام 2000م.
والقائمة طويلة.. والمهم هو أن محتويات معظم هذه الكتب تبدو وكأنّها تعدّ مسبقا لحرب قادمة، أي لحرب كانت في حينه مؤكّدة الوقوع مجهولة الموعد، ونأخذ مما سبق كتاب بودانسكي كمثال، وهو أحد خبراء "الكونجرس" الأمريكي، فنجده يحذر بشدة من "السلاح النووي في يد بن لادن" ويحرّض على دول معينة بحجة دعم بن لادن في قوله مثلا: (لم يكن لبن لادن وأمثاله في هذا العالم أن ينفذ عملية إرهابية كبيرة واحدة، لولا وجود دول تدعمه، ليس بسـبب ظنّها أنه رجل رائع يستحق الدعم، ولكن لاعتقادها ببساطة أنه يخدم مصالحها).  

أحدث الكتب عن بن لادن

تنعكس في هذه السلسلة من الكتب إذن صورة رئيسية من صور إعداد الرأي العام الغربي لحرب طويلة الأمد متعددة الأهداف، مع توجيه رأس الحربة للإسلام نفسه، وكان من أسرع ما صدر من تلك الكتب بعد تفجيرات نيويورك وواشنطون في (تشرين الثاني/ نوفمبر 2001م) وهو كتاب بالانجليزية للكاتب "آدم روبنزون" بعنوان "بن لادن.. خلف قناع الإرهابي"، ولم يطلع عليه كاتب هذه السطور، وسبق ذلك ظهور كتابين بالفرنسية والألمانية، صدرا في الأسابيع الأربعة الأولى الفاصلة ما بين تفجيرات واشنطون ونيويورك وبين الشروع في القصف الجوي الأمريكي والبريطاني لأفغانستان، الأول بعنوان "ملف أسامة بن لادن" والثاني بعنوان "أسامة بن لادن والإرهاب الدولي".
الكتاب الأول للكاتب الفرنسي رولاند جاكارد، الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام باعتباره "خبيرا في شؤون الإرهاب الدولي" ويوصف بالمستشار عند "الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي"، ويدير مؤسسة، باسم "مرصد الإرهاب الدولي"، والواقع أن ميزاته الرئيسية تكمن في علاقاته الوثيقة بالمخابرات الغربية، ولا سيما المخابرات المركزية الأمريكية، ويظهر ذلك بالفعل من خلال العديد من صور "الوثائق المنشورة" في كتابه بما في ذلك نصوص باللغة العربية، وقد حمل غلاف الكتاب عبارة تقول "من أجل فهم أفضل لأحداث 11/9/2001م" والواقع أن نص الكتاب كان جاهزا للطباعة قبل تفجيرات ذلك اليوم بشهور، وتأخرت الطباعة لأسباب فنية حسب قول دار نشر "جاك بيكوليك" وكان من المفروض أن يقتصر الأمر على ثلاثة آلاف نسخة في فرنسا التي يقطنها زهاء 55 مليون نسمة، ولكن طبع 26 ألفا ونفذت خلال فترة وجيزة، وسبق أن نشر جاكارد 13 كتابا، موضوعها الرئيسي هو الجاسوسية والإرهاب، ولكن جميع ما سبق لا ينفي أن هذا الكتاب الجديد لا يتجاوز حدود "الغوغائية" التي اتسمت بها كتب السبعينات من القرن الميلادي العشرين عن "شيوخ النفط".. وقد تحدّثت عن الكتاب وسائل الإعلام باعتباره يتناول قضية الساعة، ولا يختلف تقويمها له عموما عمّا تذكره "باربارا أورتيل" في جريدة "تاس" الألمانية يوم 23/10/2001م، أو تذكره "جاكلين هينارد" في جريدة "دي تسايت" الأسبوعية المرموقة يوم 5/10/2001م، ويمكن إيجازه في العبارات التالية:
1- نقل اتهامات تذكرها المخابرات ولا تقترن بأدلة معتبرة أو إثباتات ما.
2- نشر معلومات شخصية عن بن لادن وتجارته معروفة عنه سابقا فلا جديد فيها.
3- يتميز الكتاب بمجموعه بأنه سطحي في معلوماته، ضعيف في تحليله.
4- لم يسبق أن اجتمع المؤلف نفسه بأسامة بن لادن الذي يتحدث عنه، ولا زار المنطقة الآسيوية التي يرتبط محتوى كتابه بأوضاعها.
وكمثال على سطحية التحليل، أو الجرأة على نشر استنتاجات ما لمجرّد تحقيق غرض مسبق، وإلى درجة ارتكاب خطأ فادح لا يستهان به في مثل هذه الحالة، قول المؤلف الخبير المعتمد "دوليا" إن ما وصل إليه بن لادن في هذه الأثناء سيمكّنه من "تحقيق حلمه في بناء جسر بين الشيعة والسنة وهي النقطة الرئيسية التي تشغل المخابرات الغربية الآن إلى حد بعيد".. والواقع أن هذه العبارة قد تصلح لإثارة بعض الخوف في نفس القارئ الغربي على ضوء ما سبق شحنه به من قبل، ولكن لا تصلح قطّ كمعلومة تحليلية عند الإشارة إلى مدى التناقض الكبير بين هذا "الحلم المزعوم" وبين ما هو معروف عن فكر طالبان الإسلامي ومعه فكر بن لادن والذي لا يطلق على الشيعة إلا وصف "الرافضة"، أما إذا صح ما يقوله الكاتب الوثيق الصلة بالمخابرات الأمريكية عن انشغالها بهذا الأمر، فذاك مؤشر آخر على "جهل" العاملين فيها على هذا الصعيد بالذات جهلا كبيرا.
أما الكتاب الثاني بالألمانية، والذي ظهر يوم 24/9/2001م بعنوان "أسامة بن لادن والإرهاب الدولي" فهو للكاتبين خالد دوران وميشائيل بولي، وكلاهما موصوف بأنه خبير في شؤون الإرهاب وشؤون الإسلام والمسلمين، ويعتبر الأول ضيفا محببا في برامج سي-إن-إن عندما يدور الأمر عن الإسلام.. أو عن الإرهاب، وله خمسة كتب نشرها من قبل حول الإسلام، بينما يعتبر الثاني "خبيرا" في شؤون أفغانستان، وسبق أن استضافه الكونجرس الأمريكي ومجلس النواب الألماني ومجلس النواب السويدي على هذا الأساس.. ومع ذلك فالكتاب نفسه، والذي سُلّم للمطبعة بعد أقل من أسبوعين من وقوع التفجيرات في واشنطون ونيويورك، لا يتضمن "أخطاء" يمكن أن يعزوها المرء للاستعجال في وضعه وإخراجه فحسب، أو يعزوها إلى جمع مواده إذا كانت متوافرة من قبل، بل يتضمن أقوالا واستنتاجات لا أصل لها إطلاقا، وبعضها يقوم على عملية تأويل لقول فلان أو فلان من أصحاب الأسماء الإسلامية المعروفة في الغرب، بصورة لا تثير أكثر من الاستغراب أو حتى السخرية عند معرفة ما يعنيه النص الأصلي بالعربية، ولكن هذا بالذات ما لا يسهل على غير المطلع في المجتمع الألماني أن يحكم على عدم صحته، وبالتالي فإن الصورة "الإرهابية المرعبة" التي يريد الكاتبان إيصالها للقارئ مع وصم كل ما يحمل اسما أو عنوانا إسلاميا بها، يمكن أن تصل بالفعل إلى هدفها مبدئيا، كما كان بعد الثورة النفطية عام 1073م عن طريق كتب غوغائية مشابهة.
ورغم أن الكتاب حافل بما يحمل صفة "المعلومات" فإنه لا يعزو تلك المعلومات إلى مصدر أو مرجع -وكلا الكاتبين أستاذ جامعي- إلى درجة أن الكتاب المؤلف من 110 صفحات من القطع الصغير، لا يتضمن سوى 12 هامشا. وإذا كان العنوان وصورة الغلاف يشدّان الأنظار إلى أسامة بن لادن بالذات إلا أن مضمون الكتاب بمجموعه يصبّ بصورة مباشرة في دائرة دعاية أمريكية غوغائية لتبرير الحملة ضد الإسلام تحت عنوان مكافحة الإرهاب، فيجمع خليطا عجيبا من الأحداث والأسماء والمنظمات والمعلومات، ليجعل كل "عمل إسلامي" عملا إرهابيا..
-بدءا بالدعوة إلى الله من جانب جماعة كجماعة التبليغ والدعوة ، وما من مسلم إلا ويعلم بعدها كل البعد عن كل ما له صلة بالعنف من قريب أو بعيد بل وبعدها عن قضايا السياسة والحكم والسلطة وما إلى ذلك، ورغم هذا فقد أصبحت في الكتاب المذكور من تنظيم القاعدة أو مقربة إليه!..
- وانتهاء بالتجمعات الإسلامية الصغيرة التي تجمع التبرعات في المساجد أو خارجها لكفالة أيتام المسلمين في فلسطين أو الشاشان أو سواهما.
وسبق لخالد دوران أن أصدر كتبا مشابهة من قبل، لم تكن تحت ضغط عامل الزمن ككتابه الأخير المشترك مع ميشائيل بولي، "الإسلام والتطرف السياسي" من عام 1985م أو كتابه "أبناء إبراهيم" من عام 2001م الذي أصدره في نيويورك.  

وضع عنوان البحث العلمي على التضليل والتحريض

المهمة التي يحملها الكتاب الجديد لا يمكن أن تصنف تحت عنوان "التوعية" ناهيك عن أن تخدم أغراض الحوار والتعايش بين الأديان، إنما هي مهمة التضليل والتحريض، وإن أعطيت مسحة ما من البحث العلمي، أو عنوانا مخادعا باسم "الخبرة والاختصاص". ولا اختلاف هنا بين الكتاب، وبين وسائل الإعلام التقليدية التي دأبت على الاستعانة بأسماء "مفضلة" (في ألمانيا حاليا بسام الطيبي، خالد دوران، رولف توبهوفن كأمثلة) لتقوم بالتحريض على مختلف أشكال "العمل الإسلامي"، تارة بدعوى التمييز بين "المسلم" و"الإسلامي" وأخرى بدعوى أن الجمعيات الإسلامية تتحدث سرا بما لا تقول به علنا، وتارة ثالثة بالقول إن الإسلاميين يرفضون النظام الديمقراطي في الغرب ويتخذونه مطية للعمل على تقويضه.. وهكذا مما يستحيل تقديم "دليل" عليه إلا إذا اعتبرت كلمة القائل بحد ذاتها دليلا!..
ومعظم هذه الأقوال هو مما يعزوه القائل فعلا إلى معرفته المباشرة بالمسلمين، أو إلى تأويل مخادع لكلام بعضهم، وفي بعض الأحيان لترجمة "عبارات حماسية" بأسلوب يحوّلها إلى "تهديدات واعية مدروسة"، وغير ذلك من الأساليب التي لا تليق قطعا بأستاذ جامعي، وهي من الأساليب المحببة عند بعض من منحتهم وسائل الإعلام صفة "الخبراء" في الشؤون الإسلامية كما هو الحال مع بسام طيبي المذكور، وهو عديم الصلة، قديما وحديثا، بأي من الاتحادات والروابط والمراكز الإسلامية التي يتحدث عنها كما لو كان يعيش فيها منذ نشأته الأولى!..
وفي بعض الحالات يعزو القائل كلامه إلى معلومات يستقيها من "المخابرات".. وكأن كلامها لا يحتاج إلى تدقيق وتحقيق من جانب "أستاذ جامعي" مثل خالد دوران.
ولا يعدو الأمر في سائر تلك الأساليب تحقيق ما يحاول "العلمانيون الأصوليون" في الغرب ترويجه ضد الإسلام والمسلمين في السنوات الماضية، لا سيما إذا وجدوا أسماء "إسلامية" تصلح لاستخدامها لهذا الغرض، وكأنها تمثل شهادة "خبير من المسلمين" لتعزيز الحملة المعادية للإسلام والمسلمين.
على أن أوضاع الغرب حاليا تختلف كل الاختلاف عن أوضاعه عام 1973م، وما سبق الحديث عنه في مطلع هذا الموضوع حول التطورات الإيجابية، يلاحظ أثره الآن في أن "المخاوف التي تنتشر" تجاه "الإرهاب" وما يمكن أن يصنع، لا تؤدّي بالضرورة إلى تصديق الحجج الضعيفة التي يجري تقديمها تحت عناوين "جامعية" أو ألقاب "خبراء ومتخصصين"، لربط الإرهاب بالإسلام، ولعل ارتفاع نسبة الإقبال على الإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية بعد تفجيرات نيويورك وواشنطون، إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه من قبل، تؤكّد أن الموجة الجديدة من "الإرهاب الفكري والإعلامي" لن تحتاج إلى بضعة عشر عاما لتتحول إلى فقاعات وتسفر عن نتائج معاكسة لأهدافها، كما سبق وحصل للموجة المماثلة بعد ثورة أسعار النفط الخام.
لعل نقطة الضعف الرئيسية في هذه "التطورات" أن المسلمين في الغرب، وقد بات معظمهم من أهل البلاد الأصليين أو مواليدها، لا يمتلكون حتى الآن الشروط الضرورية للاستفادة من التطورات الإيجابية، وتوظيفها في الاتجاه الصحيح، مقابل توظيف مختلف وسائل النشر والتعبير في خدمة "الحرب".. والقوى التي تحتكر صناعة قرار الحرب لتحقيق منافع ذاتية منها فحسب.

المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://www.midadulqalam.info/midad/u...

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك