دعوات وخطوات نحو التعايش السلمي بين الأديان
عماد جاسم
تتفق أكثر الآراء على أهمية تغليب لغة العقل والضمير على لغة التعصب التي تهدد البلاد بالانقسام وهروب المكونات العرقية في المجتمع العراقي ويرى مثقفون ورجال دين ضرورة توحيد الجهود للتثقيف العملي المستند إلى الإيمان المطلق بأهمية التعايش السلمي من اجل محاربة التعصب الديني والمذهبي والطائفي الذي غالبا ما يظهر في المجتمعات التي تعاني الفوضى وغياب سلطة القانون وسيطرة شخصيات أو مجاميع انفعالية تستهجن لغة الحوار وتتبنى نهج التفكير السطحي منهجا في التعامل
وتتركز دعوات المثقفين المتنورين إلى حتمية نشر قيم التسامح والسلم الأهلي والتعايش بين الأديان باليات غير تقليدية باعتبارها ضمان لوحدة البلاد التي ضمت مختلف الطوائف والأديان منذ ألاف السنين وهي ألان تعاني بروز مشاكل عدم تفهم الأخر بسبب غياب التوعية واللجوء إلى التكفير الذي يهدد تعايش ووحدة العراقيين المتآخيين
ولعل من الأجدر مراجعة التاريخ وقراءة الأحداث التي أوصلت المجتمعات والبلدان الأوربية إلى حالة التطور بعد أن قضت سنوات من التناحر والحروب المذهبية وكيف استطاع علماؤها ومثقفوها تبني خطط الإصلاح المجتمعي لإنهاء التناحر الديني والمذهبي واستثمار المعرفة للقضاء على كل إشكال التعصب
وبات من المهم في ظل المخاوف والقلق من هجرة الأقليات تنظيم حملات تثقيف مجتمعية تبدأ من المدارس ورياض الأطفال لتغذية عقول الناس بمفاهيم التصالح وحب الأخر وتفهم معتقداته مهما كانت
وبث أفكار التسامح في كل مكان ويمكن الاعتماد على الفنون والآداب لنشر ثقافة التقارب بين الأديان وكيفية اختيار الآيات والنصوص القرءانية أو الإنجيلية أو التوراتية التي تدعو إلى المحبة ونبذ العنف ومن الملفت
وجود محاولات للمجتمع المدني متواضعة لنشر ثقافة التعايش بين الأديان في العراق في تبني برنامج ثقافي مجتمعي إبداعي لدعم شباب سينمائيين عراقيين أنتجوا أفلاما قصيرة ستعرض في عدد من المدن العراقي وعبر شاشات بعض الفضائيات والجميل إن أفكار الأفلام الوثائقية القصيرة تدعو إلى مراجعة التاريخ العراقي الزاخر بقيم التعايش من خلال إلقاء الضوء مثلا على مزارات دينية تاريخية تمثل أماكن شراكة دينية لتكون قبلة مختلف الطوائف والأديان بالإضافة لتأكيد الأفلام على السلم الأهلي وتفهم الأخر بروح تسامحيه متعقلة وهنا علينا إن نتوقف ونبارك تلك الخطوات التي تشكل اقتراب المثقف نحو المجتمع وتفهم مشاكل البلاد والتقدم نحو الإسهام في حلها إذ إن المشروع يعد خطوة مدنية للتثقيف باتجاه محاربة التعصب وتأكيد التعايش بين الأديان والمذاهب
وبدلا من اتهام المجتمع المدني بشكل مجاني بأقسى النعوت ومحاولة تشويه انجازاته لماذا لا تدعم الحكومة بعض مشاريع المنظمات التي استثمرت الإبداع في تحقيق أهداف تربوية وثقافية وإنسانية واتخذت خطوات مميزة في تأصيل الروح الوطنية عبر تجمعات وملتقيات حملت شعار التآخي ونبذ الطائفية حتى إن الكثير من المتابعين اعتبر إن الرهان الأخير على ازدهار البلد يتوقف على جهود الناشطين المدنيين الذين يرصدون أخطاء السياسيين ويتجاوزون الخلافات الفرعية نحو المصلحة العامة