السخرية.. من الدعاة

 الكاتب: سيد عبدالله الرفاعي 

 

قال تعالى: {إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون} (المؤمنون 109 و110(.

انه كان فريق من عبادي الصالحين يقولون: يا ربنا صدقنا بك وبرسلك وبما جاءوا به من عندك فاستر ذنوبنا وارحم ضعفنا، وأنت سبحانك خير من يرحم فعاملتموهم أسوأ معاملة.

وسخرتم منهم في دعائهم اياي وتضرعهم الي حتى حملكم بغضهم على نسيان ذكري وعدم الاهتمام بشأني، ولم تخافوا عقابي وكنتم تضحكون استهزاء من صنيعهم وعبادتهم.

ومن فرط انهماككم في الاستهزاء والسخرية بعبادي، لم تخافوا بطشي ووعيدي لكم بالعذاب الأليم.

ان هذه الآية الكريمة والتي تليها عبارة عن تنبيه وتحذير، بل انذار لكل من تسول له نفسه السخرية والاستهزاء والضحك من عباد الله المؤمنين الذين يدعون الى الله وإلى تطبيق شرع الله، والعمل بما أمر به الله ورسوله.

ولقد استفحل امر كثير من هؤلاء الذين لا هم لهم إلا السخرية والضحك والطعن والهمز واللمز بكل ما يمت إلى الإسلام بصلة حتى وصل بهم الأمر الى تسخير جميع وسائلهم للطعن في عباد الله المؤمنين حتى بلغ بهم السفه والوقاحة ان حاربوا الله تعالى، وذلك بالسخرية والاستهزاء والضحك على كل من يطالب بتطبيق شرع الله تعالى.

وسخّروا أقلامهم للنيل من الدعاة الذين نذروا انفسهم لنشر دين الله تعالى وتعاليم الدعاة الذين نذروا انفسهم لنشر دين الله تعالى وتعاليم رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم بين الناس، فأخذوا يسخرون منهم بالكلمة تارة، وبالصورة تارة اخري، ووصفوهم بالمتأخرين والرجعيين والمتطرفين والإرهابيين وأصحاب الأوراق الصفراء البالية، ولقد غرهم سكوت هؤلاء وصمتهم فتمادوا في غيهم، وما سكوت عباد الله خوفا ولا جبنا.

إنما يعلمون علم اليقين انهم على الحق وأنهم لا يريدون من احد جزاء ولا شكورا وأنهم لا يعملون الا طمعا في مرضاة الله تعالى، ومهما علا صراخ هؤلاء المستهزئين، فإن الله عز وجل ينصر دينه ويعز أولياءه والله متم نوره رغم انوفهم.

فليحذر هؤلاء وأمثالهم من التمادي في السخرية والاستهزاء، فإن هذا الهذيان يشغلهم عن عبادة الرحمن ويباعد بينهم وبين التفكر والتدبر في دلائل الإيمان ويؤدي بهم الى نسيان ذكر الله تعالى.

ولو يعلم هؤلاء ماذا ينتظر كل من يسخر ويستهزأ بدين الله وعباده الصالحين من البلاء والكرب والمرارة والشقاوة، وحساب عسير وعقاب شديد ولن ينفعهم يومئذ رجاء ولا أمل لما فعلوا ما يفعلونه من سخرية واستهزاء وإيذاء للمسلمين.

والغريب ان هؤلاء المستهزئين يدّعون انهم من المسلمين وهم يسخرون منهم ويضحكون.

ان الذي يدّعي الإسلام ويقول اني من المسلمين، يعمل بما امر الله به رسوله، صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

فهل السخرية والاستهزاء من التعاون؟ وهل إيذاء المسلمين بالهمز واللمز من الحب؟

فأرجو ان ينتبه هؤلاء من غفلتهم وألا يتمادوا في السخرية والاستهزاء، وأن يُسخِّروا أقلامهم للعمل بما يرضي الله تعالى، لعل الله تعالي يغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم، ومهما طال عمر الإنسان فلا يغتر، فإن هذه الدنيا إلى زوال وإن الله يرث الأرض ومن عليها.

قال الشاعر:

فــــــلا الدنيـــــــا ببــــــاقــيـــــة

لــحـــــــــي

ولا حـــــي علــــى الدنـــيــــــــا بــبـــــــاق

فيـــا مغــــــــرور بالـــدنيـــــا رويـــــدا

وخــــــذ مـــنـــهـــــا لنفسك بـــــالـــوثــــــاق

 {ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرحمين}
 

المصدر: موقع الشيخ وجدي غنيم

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك