الإســلام والحقيقــة الأدبيــة

محمد علي شمس الدين

يتخوف بعض من شعراء الحداثة على شعرهم من أية سلطة محدودة الفكر واحدية الاتجاه مغلقة على ذاتها سواء كانت هذه الذات قديمة مستعادة أو جديدة مستفادة.

كثيرون من الشعراء انتحروا بسبب هذا الضغط. نذكر في روسيا البولشفية انتحار ماياكوفسكي (في العام 1930)، وقتل غارسيا لوركا (في العام 1936) على يد الفالانج في أسبانيا، الحرب الأهلية. هناك أمثلة أخرى شائعة لا مجال لذكرها هنا. عربياً، ما تعرّض له أدونيس مؤخراً من تكفير وتهديد بالقتل وتنفيذ افتراضي له على شاشات الأنترنيت، يدل على جدية الخوف على الشعر والشاعر من نسق تفكيري مغلق، سواء كان هذا النسق ماركسياً شمولياً، أو نخبوياً عرقياً (كالنازية والفاشيست) أو ديكتاتورياً فردياً أو عصبوياً عائلياً (العائلات الحاكمة) أو شعبوياً دهمائياً أو دينياً تكفيرياً... الخ. وهذا الخوف قديم على كل حال، وهو موجود في تواريخ جميع الأمم من دون استثناء. إن التاريخ العربي والإسلامي مليء بالمصادرات الشعرية والفكرية، من ذلك على سبيل المثال، ما أورده «المبرّد» (285 هجرية) في «الكامل..» حول محاكمة الصحابي عبد الله بن خباب محاكمة ميدانية على يد جماعة من الخوارج، وقتله... «.. فحين قدومهم (أي الخوارج) من البصرة إلى النهر، خرجت عصابة منهم فلقوا الصحابي عبد الله بن خباب ومعه امرأته على حمار، وهي حامل... وكان في عنقه مصحف... فأجروا له محاكمة انتهوا في نهايتها إلى قرار بقتله. قال لهم: ما عليّ باس، فأنا مسلم (مشيراً إلى المصحف)، قالوا له: إن هذا الذي في رقبتك، (وهو المصحف) يأمرنا بقتلك. ثم قرّبوه إلى شاطئ النهر فذبحوه، فامذقر دمه (أي جرى مستطيلاً على دقة)...» (باختصار: الكامل في اللغة والأدب، للمبرد، طبعة مؤسسة المعارف في بيروت بلا تاريخ أو رقم للطبعة، ج2 ص ص 157ـ158). فالمسألة خطيرة جداً، على ما نرى، وتتلخص في احتكار سلطة التفسير والتأويل من قبل فئة من الناس، ومصادرة أي رأي آخر مخالف لها، ابتداء بالمنع وانتهاء بالقمع.. أي مسألة واحدية الرأي من ناحية، ومسألة فرضه على الآخرين بالإكراه، من ناحية ثانية. وفي كلا الأمرين، في نظرنا، خلل في الفطرة الإنسانية بشكل عام، وخلل ديني إسلامي بشكل خاص.. لأن الحرية البشرية، وفي أساسها حرية الاختيار، فطرة فطر الإنسان عليها، ولأن ثمة شواهد كثيرة من القرآن والحديث والسنة تدل على ذلك: «لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيّ» (الآية).. «إنما يخلق الإنسان على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ينصرانه...» (الحديث).. «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟» (عمر بن الخطاب). ونحن إذ نقدم هذا التقديم بين يدي البحث عن الإسلام والحقيقة الأدبية، فإنما نقصد إلى النأي به عن المجرى النظري الصرف، على أهميته، بغية إدراجه في مجرى الإسلام التاريخي على كثرة أطواره وتقلباته، من لدن البعثة النبوية الشريفة حتى اليوم.

فأنت قادر إذا استعرضت أطوار التاريخ الإسلامي وأحواله، على ان تعثر فيه على الكثير من شواهد ومواقف متنافرة، وغالباً ما هي متناحرة يسيل على أطرافها الدم أكثر مما يسيل الحبر، من أي عنوان تطرحه: الخلافة والسلطة الثورة، الحرية، النظام والانتظام، الفكر،... الشعر... الخ، وهي عناوين لم تكن لتدور في المطلق، في أي وقت من الأوقات، بل كانت تطفو على وجه صراعات عنيفة في داخل المجتمعات نفسها.

 

ضديات وتسوياتها

 

باكراً بدأت الضديات تطفو على سطح الثقافة والمجتمع الإسلاميين، وبدأت تلوح معها تسوياتها: ضدية الشعر/ الذكر، ضدية اللفظ/ المعنى، ضدية الطبع/ الصنعة، ضدية الظاهر/ الباطن.. الخ. إن الشعر، في العربية، سابق على الإسلام. هو معطى جاهلي أولي بامتياز، بل هو حكمتهم وفلسفتهم وعلمهم الوحيد وخصيصتهم في الأمم (الجاحظ وابن خلدون)، وما كانت الخطابة والسجع الذي اختص به الكهان يشكلان ضدية نثرية تذكر امام وزن الشعر وسلطته الطاغية. وأساس سلطته متأت من عناصر تكوينية وعناصر دلالية معاً. فقد كان ثمة اعتقاد بأنه (تكوينياً) ذو مصدر غيبي سحري مع ما يحمل السحر منه طلسم وسلطان على مجتمع بدوي يتسم بالأمية (أي بعدم تحصيل الثقافة وعدم تراكم المعرفة تبعاً لتفسير الجاحظ) فالعرب أمة أمية ذات بداهة وطبع وارتجال، والنبي بعث فيهم بهذه الصفة. والسحر إيحاء وإشارات وعلامات سيمانتيكية (Sémantiques) تتصل باللغة والنظام اللغوي، وسيميولوجية (Sémiologiques) تتعدى العلامة اللغوية إلى سواها من أزياء وإشارات وحركات وأصباغ... الخ يصف الشريف المرتضى لنا في «الأمالي» شيئاً من طقوس شعر الحرب وشعر الهجاء في الجاهلية. كان يموج الشاعر صوته تمويجاً أمام المقاتلين عند الإنشاد، ويدفع به في الأفق الممتد للصحراء، الأفق الساكن، ليزيد من تأثيره في السمع. وكانوا في التهاجي يتبعون عادات ويتزيون بأزياء خاصة ويأخذون هيئات وقيافات السحرة: يحلقون رؤوسهم من امام ويتركون ذؤابتين في الخلف، ويصبغون أو يدهنون نصف الرأس، وينتعلون نعلاً واحدة.. وقد أفاض الباحثون قديماً وحديثاً في ذلك (الجاحظ، الشريف المرتضى، من القدماء. كارل بروكلمان في كتابه «تاريخ الأدب العربي» ود. علي مهدي زيتون في كتابه «الإعجاز القرآني... دار الفارابي 2011م، من المحدثين).

وبنزول القرآن على النبي الأعظم، نشأت ضدية حادة بين الشعر كسلطة مرتبطة بالسحر من ناحية، والذكر كسلطة مرتبطة بالوحي الإلهي، في المقابل. نكاد نرى في ذلك ضدية الله والشيطان. لم تكن هذه الضدية تكوينية مرتبطة بمصدر سلطة الكلام فقط، بل كانت تعبيرية متصلة بنسق الكلام أيضاً.. لأن النسق القرآني في الكلام. في السور والآيات، لناحية الإيقاع والتنظيم والبنية، هو مختلف عن النسق الشعري في البيت والشطرين والقافية اختلافاً قوياً. فما كان ينبغي للرسول ان يكون شاعراً، بل هو في الأصل والتكوين، ليس بشاعر. هكذا الضدية أوجدت مصطلحها: شعر/ ذكر. شاعر/ نبي.. طرداً وعكساً. أي ما ينبغي أيضاً لشاعر أن يكون نبياً. وهي مسألة فجرها فيما بعد، أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي الشاعر، الذي ادعى النبوة وهو فتى لم يبلغ أشده، فأمسك به الوالي وسجنه وعزره واستتابه فتاب عنها.. ولم يعلق به منها سوى الانتحال، فسمي «المتنبي» على الدهر.

الوسيط بينهما كان أبو العلاء المعري، حين جمع للمتنبي قصائد مختارة سماها «معجز أحمد»، فنسب لشعره إعجازاً لم تعرفه العربية لسوى القرآن. وهو جزء من تسوية عجيبة للضديات قام به أعمى المعرة. سنشهد تسويات اخرى لهذه الناحية أكثر خطورة، قام بها فئة من المتصوفة والعرفانيين الإسلاميين، مستندين إلى قوة الباطن في الكلام والقلب وحكمة الإشراق، على ما كتب البسطامي والحلاج والسهروردي وسواهم.. وجلهم على كل حال، مصلوب أو مقتول.

ضدية (الشعر/ الذكر) ضدية أوجدها القرآن، وكسفت من أضواء الشعر الباهرة الآتية من الجاهلية، مؤقتاً، في عصر الدعوة الأول (الرسول والخلفاء الراشدين)، فالتجأ الشعر إلى ظل الدعوة يمتدحها أو يخدمها بالقول. لكن الشعر، على ما يظهر، لم يقتل شيطانه بظهور الإسلام، بل خبأه لوقت آخر. نصف قرن فقط والشعر فيه ملجوم، لأنه ما إن استلم بنو أمية السلطة باستيلاء معاوية الأول على الخلافة (سنة 41 للهجرة)، حتى تسيّد الشعر من جديد، في البلاط وفي المجتمع. لكن عناصر سلطته الجديدة، لم تكن هي نفسها عناصر سلطته القديمة (في الجاهلية). هنا أخذ الشعر سلطته على مرأى ومسمع من الإسلام، في حين ان سلطته في الجاهلية كانت بمعزل عن الدين. وليس مهماً ان ندقق في ادعاء البعض ان عودة الشعر القوية كانت بسبب عودة الاعتصاب القبلي واستفادة الأمويين من ذلك لفرض سلطتهم السياسية.. هي مسألة ظهرت في المدائح والأهاجي والنقائض في شعر الثالوث الأموي (جرير، الفرزدق، الأخطل)، لكن شعراً حضارياً متمدناً ظهر أيضاً لا يقل عن الصوت العالي للشعر السياسي، هو صوت الغزل الناعم الملمس كالديباج، المترف في شعر عمر بن أبي ربيعة الذي شبهوه بالفستق المقشر (الأغاني للأصفهاني)، وشعر العزل العذري العميق الوجداني الجواني والعرفاني (فيما بعد) الذي ظهر في بادية العشق في نجد (شعر المجنون، وجميل، وكثير، وابن ذريح وسواهم). وارتفعت ثنائية الشاعر الفارس خادم الأمبراطورية الجديدة، منشد السلطة وحادي الفتوح، (الأخطل مثالاً) إلى جانب الشاعر العاشق المنسحب إلى شجونه، المتأمل في الحب والموت، العميق الأغوار، ذي الايحاءات الواصل بين العشق والجنون والموت (مجنون بني عامر نموذجاً).

هل قوة الشعر، وهو قوة أدبية، جعلت من القرآن معجزة أدبية؟

يقول الدكتور علي مهدي زيتون: «كان من حسن حظ الثقافة العربية أن تأتي معجزة الإسلام معجزة أدبية» (الإعجاز القرآني وآلية التفكير النقدي عند العرب، وبحوث اخرى ـ دار الفارابي 2011م، ص 165).

ـ لماذا؟

نسأل ونجيب: بعد ظهور الإسلام، اصبحت كل ظاهرة عربية تالية عليه، مرتبطة به (ايجاباً او سلبا) بحكم مركزيته واستراتيجيته. وفي كل حال، فهو لم يستلم السلطة من الجاهلية بسلاسلة.. ومنها سلطة اللغة. فالقرآن كتلة إبداعية عربية، واللغة هنا جوهرية في الإعجاز القرآني مثلما هي جوهرية في الإبداع الأدبي، والشعر منه بخاصة. وبعيداً عن ثنائية اللفظ والمعنى التي طال فيها وحولها جدال الكلاميين من معتزلة وأشاعرة، فإن حقيقة اللغة العربية التي أنزل بها القرآن، لا يقلل من أهميتها شيء... بما في ذلك عولمة الثقافة في العصور الحديثة، والترجمات السائدة بين اللغات اليوم، من شعر ورواية ومسرح وفكر وعلم.. وسوى ذلك. لأن ترجمة القرآن إلى لغة اخرى، تضع بين أيدينا، في نظري، كتاباً آخر أو قرآناً آخر، غير القرآن. فاللغة هنا، هي تماماً ما قاله هيدغر «بيت الكائن» او هي هو. ونسأل: ما معنى إذن ان يكون القرآن كتاباً للناس كافة؟ والناس أعراق ومجتمعات ولغات متباينة كما نعلم.. والجواب هو انه للناس كافة، بلغته العربية، ما يعني انتداباً ضمنياً لمن يعتنق الإسلام، او لمن يرغب في فهمه، لكي يتعلم اللغة العربية (لغة الكتاب)، ولعل الإعجاز القرآني الذي استند إليه محمد (ص) في الآية «قُلْ لئن اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً» (الإسراء 88)، هو إعجاز هذه الكتلة الكلامية بكل ما فيها من أسرار وإبهار.

 

ثنائيات أخرى في داخل النص الإبداعي

 

إلى جانب ثنائية (الشعر/ الذِكر)، ظهرت ثنائيات أخرى، منها ثنائية (الفطرة/ الثقافة)، وثنائية (اللفظ/ المعنى)، وثنائية (الظاهر/ الباطن).. وهي ثنائيات لا تزال تفعل فعلها حتى اليوم، داخل النص الإبداعي، سواء أكان بشرياً أم إلهياً.. وقد ارتسم على ضوئها درس البلاغة العربية القديم ودرس النقد الأدبي أيضاً، ولم تبرأ منها العصور الحديثة.

وإذا كانت مدارس الحداثة وما بعدها في الغرب، قد بنت صروحها بمعزل عن جاذبية النص الديني (المسيحي) الذي تمت إزاحته بفعل الثورات العلمانية والعلمية، فإن الأمر لم يكن كذلك في الصيرورة العربية الإسلامية، لأنها تحركت ولا تزال على مرأى ومرمى من المقدّس الديني، المتمثل أساساً بالقرآن، لذلك فالحقيقة الأدبية العربية هي بشكل أو بآخر جزء من الحقيقة الدينية، والعكس صحيح، أي ان الحقيقة الدينية هي بدورها حقيقة أدبية.

أول من أشار بعمق إلى أساس الإبداع الأدبي، وهو أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، في كتابيه «البيان والتبيين» و«الحيوان» لم يكن بعيداً عن علم الكلام، وهو أحد العلوم الدينية، كما هو معروف. فالجاحظ معتزلي، كما هو معروف، وشغلته كما شغلت سائر الكلاميين الإسلاميين كالأشاعرة، مسألة كلام الله (القرآن) ما سرّ إعجازه؟ في اللفظ أم في المعنى؟ وأين هو المعنى؟ داخل محارة اللفظ أم خارجها، في البحر اللانهائي؟ والجاحظ الذي يعتبر من أوائل من أسسوا لعلم الجمال الأدبي في العربية، رأى أن أساس الإبداع في النص متأتٍ من الفطرة، وهي ذات ارتجال وبديهة ومرتبطة بالطبع البدوي الذي تأتي أصحابه المعاني «سهواً ورهواً وتنثال عليهم الألفاظ انثيالاً» (البيان والتبين، تحقيق عبد السلام هارون، دار الفكر، بلا تاريخ للطبعة 4/28). وكان شديد القسوة على أصحاب الترتيب والصنعة والثقافة في ثنائية (الطبع/الصنعة)، فالطبع بدوي عربي (وهي هذه أمية العرب) والصنعة ثقافية تركيبية شعوبية. ومن شدة انحيازه للطبع والبديهة، كره ما سمّاه «قهر الكلام واغتصاب الألفاظ» ومال لرأي الأصمعي في كل من زهير والحطيئة، بأنهما من «عبيد الشعر» أي أنهما شديدا الصنعة والتكلف له.

وسينسحب ظل الجاحظ على الأدب العربي بكامله، بين مؤيد ومعارض. ففي محاولات الكشف عن أسرار الإعجاز القرآني أهي في الفصاحة أم البلاغة؟ في اللفظ أم المعنى؟ أسسوا أسساً مكينة لنظرية علم الجمال الأدبي، من الجاحظ (المعتزلي المعوّل على اللفظ) إلى عبد القاهر الجرجاني (الأشعري صاحب دلائل الإعجاز) المؤسس على المعنى والباني عليه.

وبين هذين الحدين، تتدافع أسماء منظرين كثر للعملية الإبداعية، من ابن سلام الجمحي وابن قتيبة الدينوري من اصحاب الطبقات، إلى عبد العزيز الجرجاني والآمدي من أصحاب الوساطات والموازنات، إلى أصحاب النظرية النقدية كقدامة بن جعفر وأبي هلال العسكري صاحب كتاب «الصناعتين» (ينظر كتاب د. زيتون آنف الذكر). ونسأل اليوم، ونحن على مسافة غير منقطعة على كل حال، عن تلك الأزمنة: هل حقاً نحن تجاه النص الإبداعي، سواء أكان بشرياً أم إلهياً، ملزمون بثنائية اللفظ والمعنى؟ وثنائية الفطرة والثقافة؟ وثنائية الفصاحة (الظاهر) والكشف (الباطن)؟ وهل النشوة الجمالية تتأتى من جانب من دون آخر؟ من اللعب بعلم النحو، مثلاً، أم من الكشف عن معنى المعنى وباطن النص الجوهر؟ فقد تعاطى العسكري (أبو هلال) مع الصنعة حتى غدا مرضياً، وعَبَد بعض أهل الكشف المعنى كأنه إله... وهكذا ربما تمزّق النص الإبداعي بين هذه الثنائيات.

إن «تفتيح أكمام النص» (والعبارة للدكتور زيتون) ربما يحتاج إلى استحضار أداة نقدية ومعرفية وحساسية جديدة، تناسب العصر والتطور، وتأخذ النص الإبداعي من مآخذ أخرى... مثلاً: لماذا الدور الوظيفي للبلاغة لا يحتوي الجمالي ضمناً؟ لماذا لا يكون التعبير والجمال مفهوماً واحداً يمكن أن ندعوه بأحد اللفظين على السواء؟ (بنديتو كروتشر). لماذا المعنى مفارق بالضرورة للفظ؟ لماذا التوتر الدلالي مفتوح بين اللفظ والمعنى (كما يقول الألسنيون)؟ ولماذا دائماً المعنى المعنى المعنى وليس اللامعنى؟ ولماذا يكون الطبع فريضة جاحظية مستمرة ولا يتطور مع الثقافة؟ ولماذا اللفظ وليس ظلاله (مالارميه)، أو النطق وليس الصمت؟ (المتصوّفة).

وأخيراً، ومن كل ما يتحصل من افتراضات وأسئلة، فإن طريقين أو طريقتين للإبداع الأدبي هما الانبثاق والهندسة أو الترتيب، يتداخلان معاً ليوصلا إلى ماء الحقيقة العميق الواحد. وهي حقيقة صوفية على كل حال. والأدب أولى بها من أي علم آخر.

المصدر: http://www.shafaqna.com/arabic/other-religions/item/16298-%D8%A7%D9%84%D...

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك