جنون التأسلم: دراسة في سيكولوجيا التدين في عصر العولمة

د. موسى الحسيني

ليس الغاية من اختيار هذا العنوان اثارة انتباه القارئ، اوحتى الرغبة في تسفيه ظاهرة التأسلم او التقليل من اهميتها بالعكس ان المطلوب فهم حقيقة هذه الظاهرة، واستخدام الباحث لمصطلح الجنون هنا  هو استخدام لمصطلح علمي تماما يعبر عن حقيقة ظاهرة تؤشر الملاحظة المنهجية الى انها حالة جنون حقيقية، او حالة مرضية من حالات الاضطراب السايكولوجي او الامراض النفسية التي تعني الخروج على ما هو مقبول من السلوك المتعارف عليه انه سلوك سوي.

الدراسة غير معنية بالمسلمين الذي يتعبدون الله ايمانا وتقوى خوفا من عقابه او طمعا في مثوبته يوم القيامة. المقصود هنا هو استخدام الدين الاسلامي لتحقيق اغراض دنيوية من خلال تسيسه واعتماده في اللعبة السياسية كوسيلة لتحقيق اهداف دنيوية لا دخل لها بالدين.

قد يكون غرورا او زهو مبرر او غير مبررالادعاء باني كنت اول باحث عربي، قدم دراسة منهجية عن سيكولوجيا التدين، مبكرا منذ عام 1983، كجزء من مستلزمات نيل شهادة دبلوم الاختصاص او الدبلوم العالي في علم النفس الاجتماعي، من مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية، اشهر كليات  العلوم الانسانية في العالم، تابعة  لجامعة لندن.

عنوان البحث هو "الاسباب النفسية للثورة الدينية في الوطن العربي والشرق الاوسط". عثرت في اوائل التسعينات على بحث مطبوع في 1986، للدكتور رفيق حبيب تحت عنوان "سيكولوجيا التدين عند الاقباط ".

سأقدم هنا ملخص عن البحث بما يعكس الفكرة الاساسية للدراسة على امل ان تتهيأ الفرصة الكافية لنشر البحث الاصلي كاملا مع القائمة الكاملة بالمصادر التي اعتمدها الباحث.

الحركات المتاسلمة في مصر كانت قد نشطت بعد توجهات الانفتاح الاستسلامية التي بدأ السادات يبديها في طريق الصلح مع الكيان الصهيوني والتبعية للغرب في اواسط السبيعينات والتي تكللت بزيارته المشؤومة للقدس. وكما كشفت جيهان السادات بأن اعتماده هذه السياسة كانت رغبته لاستخدام هذه الحركات لمواجهة التيار الناصري.

في افغانستان-لا في فلسطين- سمعنا لاول مرة عن الجهاد والمجاهدين ضد احتلال الكفار السوفيات لاراض اسلامية، لنكتشف فيما بعد انها مجرد لعبة اميركية استخدمت النظام السعودي والاموال السعودية، كأداة لتنفيذها بغية مشاغلة وانهاك الجيش السوفياتي بلعبة ما يعرف في العلاقات الدولية بالحروب بالواسطة.

شدتني كل تلك المظاهر، وكانت لدي ملاحظات شخصية قديمة حول بعض الاشخاص الذين رأيت كيف انهم يتحولون بشكل فجائي للتدين على اثر صدمة نفسية قوية تصادفهم في حياتهم كفقد قريب او حبيب او الخيبة والفشل في تحقيق رغبة او طموح كبير، كل ذلك دفعني لاختيار موضوع سيكولوجيا التدين او علم نفس التدين. وقد جاءت كل الدراسات التي تطرقت او تناولت الظاهرة، فيما بعد، لتؤكد صحة الفرضيات التي وضعتها وصحة النتائج التي توصلت لها.على ان هناك دافع اكاديمي اخر شجعني على اختيار الموضوع وهو قراري للتحول لدراسة العلوم السياسية على مستوى الدكتوراة فكان اختيار الموضوع يقربني اكثر للعلوم السياسية لانه يندرج تحت عنوان علم النفس السياسي ايضا، فالتاسلم هو تسيس للدين بهدف تحقيق اهداف دنيوية لادخل لها بالدين او الاسلام.

نعم ان حالة التأسلم التي بدأت تجتاح الوطن العربي هي حالة جنون جماعي تجتاح اوطاننا، لا دخل لها بالدين او الايمان بالله وطلب مرضاته وثوابه، او الخوف من عقابه في الاخرة.

كي نحدد بالضبط مستوى الثقة بالقول بأن المصطلح هو تعبير عن ظاهرة واقعية تتخذ دراستها او استخدام المصطلح في توصيفها صفة الصدق المنطقي والثبات كدلالات على صحة فرضيات البحث ودقتها رغم ان الباحث هنا او في البحث الاساس اعتمد على الملاحظة الشخصية ولم يستخدم اي اختبار لاستحالته في مثل هكذا دراسات.

علينا التوقف لتعريف بعدي المصطلح:الجنون او الاضطراب العقلي او الاضطراب النفسي  السلوكي كما يتفق على تعريفه المختصين النفسيين، هو حالة من عدم السواء، او الشذوذ عن ما هو  مألوف من انماط سلوكية سائدة او متفق عليها اجتماعيا اوتلك التي تنظمها مجموعة قواعد قانونية متفق على انها تمثل نماذج للسلوك او رد الفعل السلوكي الطبيعي تجاه مثيرات او أفعال محددة في مجتمع ما.

ترتبط هذه الانماط السلوكية الشاذة عادة بسلسلة من الانفعالات وحالات الشد او الضغط النفسي والهياج العصبي، او اي اشكال اخرى من الانفعالات التي يكتسب بها السلوك صفات شاذة تعكس اشكال من الاضطرابات الوظيفية للشخصية. لذلك قيل عن الغضب الزائد على انه جنون مؤقت لايندرج ضمن حالات الشذوذ هذه، الاختلاف في وجهات النظر عما هو مألوف في مجتمع ما، التي تعتمد على المحاججة العقلانية المنطقية، حول العقائد الدينية او السياسية، ما لم يكن هذا الاختلاف مرتبط بشحنات انفعالية تؤثر على الاداء الوظيفي والسلوكي في العلاقات مع الاخرين، وعموم الاوضاع  للشخصية.

ووفق لهذا المفهوم المتفق عليه للجنون، لايمكن النظر لحالة الاندفاع الجماهيري نحو التأسلم الا على انها حالة هستيريا جماعية، لاعلاقة لها بالعقل ولا الايمان بالدين.
وهناك اتفاق ايضا بين المختصين النفسانيين ان حالات الهستيريا او الانفعالات النفسية الشديدة قد تنتقل احيانا بالعدوى كما هي الامراض العضوية الاخرى.

ونشدد هنا على ان ما نراه هو تأسلم وليس تدين، وهو الذي يمثل البعد الاخر للبحث فهو لا يشبه ولايرتبط بالاسلام الذي نعرفه، الا بالاقوال. بل هو حركات جماعية او فردية تتبنى اسم الاسلام او مفاهيم اسلامية، نتيجة لاضطرابات نفسية تعاني منها شخصية هؤلاء المتاسلمين، دون ان نرى اثر لقيم الاسلام واخلاقياته في سلوكياتهم.

ان الاسلام الذي نعرفه نحن عامة المسلمين بما يتضمنه من مبادئ وقيم تحددها تعاليم الدين الاسلامي على انها معيار للعمل الصالح المرضي عليه من الخالق، وما يعتبرمن الحسنات التي يمكن ان يثاب عليها الانسان في الحياة الاخرة، كالامانة والوفاء، الصدق، ومعاملة الاخرين بالحسنى، رفض السرقة، والخيانة، والزنى، القتل، وغيرها من القيم المعروفة الاخرى التي يتمسك بها العرب او بقية مواطني الدول العربية من غير العرب، مسلمين او اديان اخرى بما فيهم العلمانيين. لعل غالبية المتاسلمين يقفون بعيدا عنها بمسافات واسعة قد تختلف من شخص لاخر. فالتأسلم وكما عرفناه في اعلاه:هو استخدام الدين الاسلامي لتحقيق اغراض دنيوية من خلال تسيسه واعتماده في اللعبة السياسية كوسيلة لتحقيق اهداف دنيوية واشباغ رغبات شخصية لا دخل لها بالدين، فهو دين جديد تماما غاياته الحياة الدنيا ولا علاقة له بالاخرة او الايمان المزعوم بالخالق.

كي لا يبدو هذا القول بمظهر التشويه والنقد المغرض، ولمعرفة دلالات ما نقول به ومدى تطابقه مع ما يجري في الواقع اتمنى من القارئ ان يلاحظ مايلي من الخصائص السلوكية لهؤلاء المتأسلمين:

لو راقبنا اي من هؤلاء المتاسلمين في حياتهم اليومية العامة لوجدنا ان من الاجحاف الشك بصدق ما يمارسونه من عبادات كالصلاة والصوم او قراءة القرآن، لكنهم يمارسونها عادة بطريقة اقرب للاستعراض، ويتطرف بعضهم باضافة عبارات توحي لسامعها طبيعة الشخصية المتشددة، فهي  متدينة بدرجة من الشدة تختلف عن ما هو معروف، يرددها المتاسلم، ويكون عادة ما اختارها من تلقاء نفسه او تقليدا لشيخ او امام، يشابهه في الحالة النفسية. كتلك العبارات الزائدة التي يضيفونها في حالتي الركوع والسجود.

ان اداء العبادات عند المتاسلمين مصحوبة في اغلب الاحيان بما يشبه الاستعراض او الرغبة في ان يراهم الاخرين. يتشارك في ظاهرة الاستعراض هذه المتدين كحالة تأسلم، مع بعض النصابين الذين يستخدمون الممارسات العبادية بغية التظاهر بسلامة نواياهم، وتقواهم وخوفهم من الله كي يصلوا من خلال تلك الصورة التي يتظاهروا بها، الى ما ينونه مسبقاً تحقيقه من اغراض او مكاسب يطمحون لكسبها من الاخر. الا ان النصاب يمارس تلك الطقوس فقط في اماكن محددة يتوقع ان يراه فيها من ينوي التاثير بهم. يختلف بذلك عن المتأسلم الذي يمارس طقوسه بحضور او غياب الاخر. ما يهمنا هنا ليس استخدام الدين كجزء من عدة النصب، بل نحن هنا مهتمين بالتاسلم كحالة سيكولوجية مرضية. لعل طريقة كي الجبهة بحجر ساخن ليوحي المتأسلم للناس حجم ما يقضيه من وقت في الصلاة خاصة الشباب منهم ما هي الا علامة من العلامات التي تظهر اندساس النصاب في حركات التأسلم، او هو يجمع الصفتين بوقت واحد، رغم ان صفة الاندساس هي الارجح. وهي دلالة اخرى على الميل للاستعراض.

هذا النموذج من النصابين يمثل استثناء من الدراسة، فالنصب هنا يمثل طريقة عيش غير سوية ايضا  اختارها ليحقق اغراضه الدنيوية من خلال استثمار توجهات التاسلم، قهو مريض لاسباب اخرى لاعلاقة لها بما نوصفه من سيكولوجيا التدين. وحالته تمثل حالة تخريب وانحطاط اخلاقي احيانا او ما يعرف باضطراب الشخصية. (لمن يرغب بالتعرف على سايكولوجيا النصاب يمكنه الرجوع الى كتاب الدكتور رزق ابراهيم ليلة، وهي بنفس الاسم اي سيكولوجيا النصاب، القاهرة:مكتبة سعيد رافت، بدون تاريخ).

عموما لا احد يمتلك الحق في الشك بصحة الممارسات العبادية للمتأسلم. لكن لو انتقلنا للجانب الاخر من الدين او ما يسميه فقهاء الدين بالمعاملات. وهي مجموعة من القوانين او القواعد اوالضوابط التي تحدد سلوك المسلم في تعامله مع الاخرين بما يجعل هذا السلوك مَرضي من الله ولايخالف الشريعة، وهي تشكل جزء اساسي من جوهر الدين مثلها مثل العبادات. فما لم يلتزم المسلم بالسلوك المنضبط وفقا للقيم التي حددها الخالق يعني ان هذا السلوك يمثل حالة خروج على ارادة الله وطاعته، ويحسب بحساب المعاصي بنفس حسابات ترك اداء احد العبادات. وملاحظة المتاسلم على العموم سنرى مايثير الدهشة من غياب الخوف من الله او التمسك بالقيم التي اراد لنا ان نتعامل وفقها مع الاخرين. اي ان المتاسلم بقدر ما يظهره او يبدو عليه من صدق في الجانب العبادي او الطقوسي، هو انسان مختلف بشكل ملحوظ في الجاني المعاملاتي من الدين.

سنجد ان المتأسلم الذي ربما كان صادقا وهو يبكي خشوعا عند الصلاة او قراءة القرآن، لايتورع عن الكذب، والسرقة والاحتيال في تعامله مع الاخرين، عادة يميل الغالبية منهم لسرقة الاموال العامة، لو سالته كيف يجوز له هذا، سيفسرها لك على انها اموال مجهولة المالك وهو مسلم محتاج وهذه اموال المسلمين. او سيقول انه مافعل ذلك الا ليرجع الحق لاهله وانه سيبذلها في اعمال البر والخيرواعادتها لاصحابها من فقراء المسلمين، وعندما يستلم اموالا من طرف او جهة اجنبية يقول لك انها خراج اخذه من كفار. وغير ذلك من الاعذار الجاهزة التي ربما يعززها باية قرانية او حديث من احاديث ابو هريرة. هو حتى لايستحي ولايتقي الله في ان يسرقك من خلال العمل او التجارة ، ليقول ان الله حرم الربا وحلل البيع والتجارة. لتمتزج هنا صفتي الاحتيال والسرقة. وفي اي مكان في العالم  صار بناء جامع او تعمير جامع او اي مؤسسة دينية يمثل افضل مشروع تجاري مربح ينقل صاحبه او اصحابه الى مستوى اخر من العيش المترف.

رأيت متدينيين ملتزمين بتعصب بالدعوة او التظاهر بالدين لايتورعوا عن السرقة في الدانمارك وفرنسا قبل ان تنتبه المحلات التجارية لذلك وتشدد من اساليب الحماية، عندما تسألهم مستغربا    كيف يجوز لهم ذلك، يبررها راسا انها خراج او اموال اعداء الاسلام او الكفار، وانه في دار حرب وغير ذلك من الامور مع انه يستلم كل المخصصات التي تقدمها بلاد الكفارهذه للاجئين.

هو حتى لايتردد من ممارسة الزنا والتغرير بالفتيات، تحت مسميات مختلفة، المتعة، والمسيار، وزواج السفر، والزواج المدني، وملك اليمين. ويتطرف بعضهم ليعمم الفساد والزنا باسم فتاوى حديثة او عصرية، كما سمعنا عن الفتاوي التي اعلنت لتحلل للمرأة استعمال الادوات البديلة للتنفيس عن رغباتها، وجواز مص ثدي المرأة بحجة ان ذلك سيحرّمها على المصاص، ويغدو مثل ابنها. السؤال مادامت هذه المرأة لا تستطيع ان تحفظ نفسها الا بالمص من يضمن ان لا تستحلي هي والمصاص ايضا، العملية، وتستغل قبول انفرادها بالمصاص لكي تنجز العملية كاملة، ما دامت هي من الضعف ما لا تستطيع معه تماسك نفسها الا بالمص. ان المص لا يلغي عوامل الضعف بل يمكن ان يعززها.

ان فتوى مثل تحريم جلوس البنت مع ابيها على انفراد لم تأت من فراغ، فلو لم يكن هذا الذي اعطى الفتوة قد راودته نفسه على ابنته لما وردت الفكرة في خاطره. فتاوى كهذه تقدم نموذجا لما عرف في علم النفس التحليلي بزلات اللسان او القلم وما تعكسه عن رغبات لاشعورية كامنه في نفس الانسان. مثلها فرض الحجاب بطريقة النقاب او الاكياس السوداء التي لايظهر فيها من المرأة غير شبح اسود يتمشى، هي نموذج اخرليس فقط لخوف الرجل على امرأته وبنته من الرجال الاخرين، الذين ينظر لهم بمنظار نفسه هو على انهم شياطين تعبيرا عن الحجم التي تحتله روح الشيطان في داخله(على ان هناك اسباب اخرى لهذا الحجاب، تتعلق بالمراة والرجل ايضا، نؤجل الحديث عنها منعا للاطالة). مع ان هذا المتأسلم لا يتردد يوميا عن تذكيرنا بسيرة امهاتنا (امهات المسلمين او بالسيدة زينب)، التي لم تكن فيهن من تحجبت على شاكلة اكياس الفحم هذه. بمن اقتدى اذاً، ومن اين جائته فكرة عزل المراة عن الحياة بهذه الطريقة؟.

عندما يصرح ما يسمى بزعيم الثورة الليبية في اول خطاب له احتفالا بانجاز ثورته بجواز الزواج من اربعة نساء كإنجاز وحيد لم يتطرق لاي شئ اخر غيره، يعكس هذا حجم انشغال المتأسلم بالجنس وحجم ما يمثله الجنس من اهتمامات طاغية على عقله، تختزل وتستحق التضحية بأي شئ استقلال البلد او الحفاظ على مصالحه المهم النساء الاربع، كما تختزل الدين كله باستباحة المراة.

هناك اخبار ايضا، ان بعض المتاسلمين يتداول بعض انواع المخدرات، تحت عذر انها ليست من فصيلة الخمور، او انه فقط يريد ان يتجلى من خلالها ليمتزج بروح الله. ومرة حدثني احد افراد مجموعة صغيرة  لها تصوراتها الصوفية الخاصة عن قدرات شيخ الطريقة الذي له من الصفات الخارقة ما يمثل الاعجوبة فهو على صلة بالملائكة التي تزوده وتعطيه احيانا بودرة بيضاء تجلبها له من الجنة لايعطي منها هو الا لبعض اعضاء المجموعة الذين وصلوا الى درجات من الايمان بقدراته، ليشموا منها القدر الكافي الذي يمنحهم القدرة على التجلي والاقتراب من الجنة، لم اكتشف الا بعد سنوات ان هذه البودرة ليست الا مادة الكوكائين.

يكفي ما نراه الان من سلوك فاضح في التبعية للغرب والتعامل معه على انه ايمان بالديمقراطية وحقوق الانسان، وبهذه القيم لا بالاسلام، اصبح من الممكن انقاذ لبشرية من شرورها. بعد ان هرجوا الدنيا بادعاءاتهم عن الشيطان الاكبر، والصليبية وغيرها من الامور التي كانوا يتهموا الحركات الاخرى بالتواطئ مع اعداء الله والاسلام، بسبب حديثهم عن الديمقراطية. ان المتاسلم يبيح لنفسه كل ما يحرمه على الاخرين.

واخيرا ما نشاهده اليوم من عمليات قتل الاخرين وقتل النفس احيانا بالمتفجرات وسط التجمعات البشرية لايقاع اكبرالاذى بالمسلمين (المرتدين بالنسبة له) للحاق بالجنة والزواج من الحور العين وشرب الخمور من انهارها. واخر طريقة للابداع بالقتل لاعداء الاسلام والمرتدين من بقية المسلمين هي الذبح بالسكين مع الصراخ باعلى الاصوات تكبيرا وحمدا للباري على ما حققوه من نصر على اعداء الاسلام، ومكنهم من ذبحهم؟

مع ان اهم منظر من منظري التأسلم ابو علي المودودي يصف هذه الطريقة من القتل بالطريقة التالية:"وهو ماكان ذائعا في الجاهلية وحرمه الاسلام تحريما شديدا وقضى عليه قضاء مبرما "خلال حديثه على مظالم معاوية وسلوكياته التي تمثل خروجا على الاسلام ومنه "حكاية قطع الرؤوس"(الخلافة والمُلك،ص:115) ويقول ايضا في الصفحة117"فالسؤال هل اباح الاسلام فعل ذلك بكافر من الكفار".

حجة المتاسلمين في ذلك انهم يقيمون حدود الله، وعند العودة لكتاب الله الكريم نجد ان الله (جل جلاله) لم يوكل احداَ لاجبار الناس على ان يكونوا مؤمنين، ولاحتى نبيه الكريم. وان تزييف القول بالوكالة او النيابة عن الخالق لاجبار الناس على الايمان ليس الا تحريفا للدين والاوامر الالهية . يقول تعالى اسمه:"ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا، أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"(يونس،99)، "لااكراه في الدين قد تبين الرشدمن الغي"(البقرة ،252).
 
الغريب ان هذا ليس فقط رأيي الشخصي، بل أكتشفت أن كبيرهم السيد قطب يقول نفس الرأي، ويحكم بالاطلاق ان اكراه الناس على الايمان هو"انحراف عن مُثل الاسلام واهدافه، يكرهه الاسلام ويكره اصحابه ولا يقرهم على عمل ولا نية"(نحو مجتمع اسلامي، ص:103). نحن اذاً امام حالة حقيقية من الانحراف عن الدين يمارسها المتاسلمون بشهادة زعيمائهم وكبار منظريهم ولااعتقد ان هناك من تفسير لظاهرة القتل غير انها تمثل حالة امراض سيكوباثية معادية. للمجتمع وجدت بالدين غطاء ومبرر لممارساتها الاجرامية وتلك خاصية معروفة من خصائص الشخصية السيكوباثية التي تتمتع عادة بمستوى مقبول من الذكاء ما يمنحها القدرة على اعطاء جرائمها  صفة الشرعية. وليس هناك من توصيف لجماعات من يسمون انفسهم بالمجاهدين غير انها تجمعات لمرضى سيكوباثيين لاعلاقة لها بالدين والاسلام، الابقدر ما تحتاجه لتعطي جرئمها صفة شرعية.

وغير ذلك من السلوكيات التي يمنعك المتاسلم انت الاخر منها، ويبرر الاتيان بها لنفسه. يطلق عليك صفة العصيان او الكفر بلا تردد في بعض السلوكيات، لكنه يحللها ويبيحها لنفسه.

التفسير النفسي للظاهرة
يمكن القول بتبات وايمان من خلال تلك الدراسة الصغيرة التي اشرت لها في اعلاه ومن خلال الملاحظة المستمرة، والباحث بمثل هذه الامور لايمتلك من ادوات البحث غير الملاحظة، فلا احد من هؤلاء المسلمين يقبل ان يخضع للدراسة او التحليل، وهذه ايضا تعود لخاصية اخرى من خصائص سيكولوجية التأسلم تميز هؤلاء المتدينين هو اعتقادهم انهم بتمسكهم الظاهر بالدين استوعبوا كل الحقيقة المطلقة والمعرفة الكاملة وكل من عداهم او لايتقبل ارائهم فهوليس الا جاهل يستحق الدعاء في احسن الاحوال.

ان التأسلم في جوهره ليس الا تعبير ومظهر لمجموعة من الاعراض المرضية والعقد النفسية التي تشكلت بسبب الصدمات والاحداث التي تعرض لها المجتمع العربي في كافة اقطار الوطن العربي، وكان لها انعكاسات مباشرة على حياته اليومية المعاشية او الامنية وحتى ما يشكل خللا او تصادم مع معتقدات كان يؤمن بها وذات علاقة بما يعرف بعلم النفس بتقدير الذات.

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=7265

الأكثر مشاركة في الفيس بوك