التحولات الاجتماعية والإصلاح السياسي

يمرّ المجتمع السعودي بتحولات اجتماعية وثقافية كبيرة وشاملة نتيجة لأسباب عديدة أبرزها الوضع الاقتصادي وانتشار التعليم والتواصل مع العالم الخارجي.

هذه التحولات يمكن أن نلمسها من خلال عدة مظاهر من بينها بروز اتجاهات فكرية جديدة، دخول شرائح وفئات اجتماعية فاعلة، تنامي دور الشباب والمرأة في المجتمع، وكذلك استخدام وسائل أكثر وضوحا للتعبير.

ولعل هذه التحولات بحاجة إلى دراسات أكاديمية معمقة لتحديد وضع المجتمع السعودي واتجاهاته المستقبلية، والتداخل مع القوى الفاعلة والمؤثرة فيه.

في مقابل هذه التحولات المهمة التي نشهدها جميعا ونقر بها، فإنه كان من اللازم أن تستتبعها خطوات وبرامج سياسية لاستيعاب هذه التغيرات والتخفيف من حدة تأثيراتها السلبية المتنامية.

بمعنى آخر أنه من الضروري إيجاد حواضن ومشاريع سياسية تتلاءم مع هذه المتغيرات في فهم أدوار العناصر الفاعلة في المجتمع واستيعابها، حتى لا يسبب ذلك احتقانا خطرا.

عندما تبرز قوة اجتماعية جديدة -كالشباب مثلا- بكل ما فيها من طاقة وحماس واندفاع، وتحمل تصورات لدورها وموقعها في النظام الاجتماعي، وتقارن بينها وبين مثيلاتها في المجتمعات الأخرى، فإنها بطبيعة الحال ستمارس ضغطا لتحقيق طموحاتها وتطلعاتها.

النظام السياسي ينبغي أن يكون مرنا ومتطورا بحيث يستوعب مثل هذا الحراك الجديد، ويخلق له بيئة تحرك مناسبة وملائمة، ويعطيه الفرصة لممارسة دوره.

الحال عندنا أن مثل هذه القوى الاجتماعية الناشئة والفاعلة، لا تجد أمامها متسعا ومجالا للمشاركة بل وحتى للتعبير عن تطلعاتها بسبب ضيق المجال السياسي وعدم استيعابه لها.

ينتج عن ذلك مع مرور الزمن احتقانات وانعكاسات سلبية، تؤدي إلى تنامي توجهات غير منسجمة مع حالة المجتمع واستقراره، بل وتمارس دورا ضاغطا يتمثل أحيانا في حالات العنف السياسي والرمزي والمادي.

الإصلاح السياسي المنسجم مع حاجات المجتمع وتحولاته يشكل الضمانة الأساسية في استيعاب كل مخرجات التحول والقوى الجديدة الناتجة عنه، ويطور آليات عمل تتناسب مع متطلبات كل مرحلة، ويساهم في تخفيف حدة التشنج والاحتقان.

من بين سبل الإصلاح السياسي تطوير التشريعات والأنظمة بما يتلاءم مع الحاجات المستجدة، وبناء مؤسسات حديثة منتخبة تتفاعل مع تطلعات المجتمع، وتفعيل دور المؤسسات الأهلية والمدنية التي تشكل قنوات مهمة للعمل المجتمعي، وإفساح المجال أمام حرية التعبير بكل أشكالها.

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=8490

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك