التجديد العربي
جعفر الشايب
تردد، وعجز، وتوجس. استعرت هذه المفردات من توصيف لأحد القانونيين السعوديين للوضع الإداري الذي يهيمن على عملية صناعة القرار المحلي وتطبيقه. الشواهد التي تعكس وضع أداء الادارات الحكومية كثيرة ومتنوعة وعميقة، فلا تكاد ترى جهة منها إلا وهي غارقة في مختلف أنواع المشاكل والعقبات على الرغم من توفر الامكانيات المطلوبة.
ذلك يعني بطبيعة الحال تفاقم هذه المشاكل وتحولها الى عقبات أمام تطور حاجات المواطنين وتناميها، وبالتالي فإن ذلك يؤدي الى تراجع مستوى الخدمات بشكل عام وتحول هذه العقبات الى ازمات مستفحلة يصعب علاجها.
التردد في صناعة القرارات الكبرى المتناسبة مع تطور المجتمع واحتياجاته ومتطلباته وتطلعاته، يقود حتما الى العشوائية في التخطيط والارتجالية في المعالجة. بينما عندما تدرس القضايا بصورة وافية وواضحة ويتم الموازنة بين الامكانيات والاحتياجات مع مراعاة الاولويات، فان ذلك يخلق بيئة مناسبة لاتخاذ قرارات حاسمة وواضحة تستجيب للتحديات القائمة.
العجز في قيام الادارات الحكومية بأداء مسئولياتها كاملة وعلى اكمل وجه، هو من أكبر أوجه النقص في هذه المؤسسات، ينتج ذلك بسبب تضخم البيروقراطية المفرطة وغياب آليات الرقابة والمحاسبة الدقيقة. اضافة الى تداخل المسئوليات والصلاحيات بين مختلف هذه الجهات وانعدام التنسيق بينها في اغلب الأحايين.
التوجس من ردود الفعل تجاه اي عمل او مشروع يعتبر أحد معوقات الانجاز والنجاح، فلكل رأي أو قرار أو مشروع هنالك من قد يخالفه فكرا أو عملا، ولكن ذلك لا يعني أبدا التوقف أو التراجع عنه، أو التحفظ في الاعلان عنه.
بسبب هذه العوامل الثلاثة نقف اليوم أمام سيل هائل من التحديات التي لا يتوقع ان تنتهي قريبا، بل بالعكس فإنها ستتضاعف وتكبر يوما بعد يوم. قضايا المرأة، الشباب، البطالة، الإصلاح بمختلف أبعاده، التعليم، القضاء الحريات العامة هي نماذج لتحديات قائمة وملحة ستتصاعد المطالبة بها وستكون ضاغطة بشكل أكبر اذا لم يتم التصدي لها الآن بصورة حازمة وعاجلة.
ما من شك أن التصدي لمعالجة هذه القضايا الوطنية الكبرى يتطلب ارادة حقيقية جادة منطلقة من رؤية واضحة وسالكة أسلوبا حاسما متسقا، كما أنه يتطلب أيضا تفعيلا لمختلف المؤسسات والادارات بصورة تجعل منها أدوات فعل لا تعطيل وأجهزة تنفيذ لا إعاقة، ويتطلب أيضا تهوين درجة التوجس من ردود الأفعال المتوقعة والانطلاق بعيدا عن مثل هذه المخاوف.
المصدر: