الإسلاميون بين الحوار والعنف
قاسم قصير
يواجه الإسلاميون، في عدد من الدول التي حققوا فيها إنجازات انتخابية وسياسية، تحديات كبيرة أدخلتهم في صدام كبير مع بقية القوى اليسارية والديمقراطية والليبرالية، وخصوصاً في مصر وتونس.
وبغض النظر عن الأسباب المباشرة لما يجري في هاتين الدولتين ومن يتحمل مسؤولية الذهاب نحو الصدام المجتمعي والسياسي والأهلي، فإن واجب القوى الإسلامية، وخصوصاً الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس، أن يتعاطوا مع هذه الأحداث والتطورات بعقلية استيعابية وليس من خلال التحدي والمواجهة.
فما يجري في هذين البلدين من أحداث يشير إلى أن الأوضاع تتجه نحو "صدام واسع" أو "حرب أهلية" (لا سمح الله)، ولا سيما إذا لم يتم التوصل إلى حلول سياسية للأزمة المستجدة والمستحكمة حول قضايا أساسية مثل الدستور وصلاحيات السلطة وغير ذلك من الأمور التي تعتبر أموراً تأسيسية في هذه البلاد، وهناك قوى عديدة داخلية وخارجية لا تريد للتجربة الإسلامية الجديدة في الحكم أن تنجح، وهذا يتطلب من القوى الإسلامية أن تعيد النظر في أدائها وبتحث عن المخارج المناسبة للأزمة حتى لو اقتضى الأمر تقديم بعض التنازلات وإعادة البحث عن أسلوب مختلف للتعاطي مع الأزمة السياسية.
لقد كشفت هذه الأحداث عن الحجم الكبير للتحديات التي يواجهها وسيواجهه الإسلاميون في الحكم، ويبدو أن الواقع لن ينتظر فترة طويلة للحكم على هذه التجربة، لأن التطورات تسير بسرعة هائلة في ظل ثورة التكنولوجيا والإعلام، بحيث أن كل الأنظار باتت متجهة إلى ما يجري في هذين البلدين.
ولذلك ينبغي على القوى الإسلامية أن تعيد النظر بأدائها وتبتعد عن أسلوب العنف و"منطق إلغاء الآخر أو تكفيره أو تخوينه"، ولا بد من الجلوس إلى طاولة الحوار وتقديم التنازلات وإشراك الجميع في دائرة الحكم والسلطة، وإلا فإننا سندخل جميعاً في نفق طويل والخسارة لن تصيب طرفاً محدداً بل ستشمل الجميع وخصوصاً القوى والحركات الإسلامية.
فهل من يبادر للإنقاذ أم أن طرق الحل أصبحت مسدودة، وسنذهب حتماً للصراع الشامل، هذا ما لا نتمناه ولا نتوقعه، والأمل معقود على العقلاء والحكماء في هذه الأمة.
ولعل ما جرى من خطوات عملية في مصر يشكل البداية ويجب استكمال الحوار للوصول الى حلول كاملة للازمة.