دور التربية في مشروع حوار الأديان والثقافات
باسم محمد حبيب
يتم إعداد مناهج التاريخ والتربية الدينية تحت إشراف الأمم المتحدة وبموجب قرار دولي ملزم يفرض على الجميع التقيد بهذا الامربحيث تمارس الأمم المتحدة دورا إشرافيا ورقابيا على أن تنتدب إلى ذلك عدد من الخبراء والاختصاصيين في مجالات عديدة لإعداد مناهج خاصة بهاتين المادتين بعيدة عن الادلجة والتعبئة الفكرية، وان تضم هذه المناهج مواضيع عالمية موحدة ومواضيع خاصة بالدولة المعنية تكون معدة ومصرح بها من قبل لجان الأمم المتحدة.
يُعد منهج التاريخ بحيث يبتعد عن إثارة الحزازات والاختلافات بأي شكل من الأشكال وان يسعى لزرع قيم إنسانية عالية ويمتن العلاقات بين بني البشر بعد أن يشعرهم بوحدتهم الإنسانية وبكونهم أبناء لحضارة واحدة وان اختلفت بلدانهم وألوانهم وألسنتهم ومعتقداتهم وان قدرهم أن ينتجوا وحدتهم الإنسانية وحضارتهم العالمية فمن شأن هذا المنهج خلق جو تعليمي بعيد عن التعبئة والادلجة ويزرع تدريجيا قيم الحب والتعاون التي نحتاجها لمستقبلنا الواحد.
يُعد منهج التربية الدينية بحيث يستوعب المشتركات الإنسانية وان يقلل من شأن الاختلافات بما يدعم ويقوي الرابطة الإنسانية الجامعة ويتم ذلك من خلال تدريس جميع الأديان بحيث يضم منهج التربية الدينية نصوصا إسلامية ومسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية وزرادشتية، الخ ... لا سيما تلك النصوص التي تدعوا للتلاحم والتقارب حتى يشعر الدارس بالألفة مع الجميع وينبذ أي اختلاف مع الأخر يفرضه الجدل الديني أو الثقافي لان معظم التوترات والخلافات سببها عدم اعتماد منهج تربوي يخدم الغرض الإنساني ويكون سببا في تمتين الرابطة الإنسانية الملغية لأي فوارق مهما كان شكلها.
يجب أن توضع آلية لمعاقبة الدول غير الملتزمة بهذا الأمر من أجل فرض احترام عالمي له فتدريس منهج الأمم المتحدة يجب أن يكون إلزاميا ولا يجوز لأي دولة التملّص منه وان يشرع تحت طائلة البند السابع إذا تطلب الأمر ذلك، وان تقبل الدول بمراقبة الأمم المتحدة لها لمعرفة درجة التزامها بهذا الأمر.
وبالتالي يمكن لنا من وضع التربية في خدمة مشروع مكافحة الإرهاب لكي نكون قادرين على محاصرة منابع الإرهاب وتجفيفها واضعين المواجهة المسلحة كخيار أخير لأننا ندرك أن معركتنا مع الإرهاب اكبر من أي معركة أخرى وإننا ربما نواجه اخطر مشروع هدام في تاريخ البشرية بل وفي تاريخ منطقتنا بشكل خاص ما يجعل من مقاومة هذا المشروع ليس هدفا عالميا وحسب بل هو وبشكل أساس هدفنا الأكبر لان منطقتنا هي أكثر المناطق عرضة للاختلال وأكثرها تعرضا للاختلالات السياسية والأمنية ولأننا نمتلك تنوعا اثنيا واسعا وارثا ثقافيا متصارعا، فلابد أن يكون رائدنا مواجهة هذا الأمر بكل ما نملك من قوة وإمكانية فتعاوننا مع الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب هو وبشكل أساس تعاون يخدم مصلحتنا قبل أن يكون له أهمية عالمية فالخطر المحدق بنا وبأجيالنا القادمة يجب أن يضعنا أمام رؤية واضحة لما يجب أن نفعله من اجل إبعاد هذا الخطر، وان نمارس أي فعل يمكن أن يساعدنا في هذه المواجهة لان معركتنا مع الإرهاب هي معركة حياة أو موت، ولا بد أن نقاتل من اجل أن نضمن الحياة لأبنائنا وأحفادنا، وبالتالي يجب أن تكون مواجهتنا للإرهاب مواجهة جدية وان تتسم بالقوة والشراسة وإذا كان الحوار هو هدف مهم، فأننا يجب أن لا نكتفي به أبدا دعونا نستمر في مقومة هذا الداء ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، فحيّ على الحوار وحيّ على التعاون من اجل دحر عدونا المشترك الإرهاب.