سورة (طه) في الترجمات العبرية لمعاني القرلاآن الكريم
سورة (طه) في الترجمات العبرية
لمعاني القرآن الكريم
دراسة نقدية
إعداد
د. عامر الزناتي الجابري عامر
مقدمة
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى وبعد:
فهذا البحث هو استكمال لمسيرة بدأها الباحث منذ ما يقرب من أحد عشر عاماً خلال مرحلتي الماجستير والدكتوراه للتعرف على تاريخ الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم، وبحث الكيفية التى تعامل بها المترجمون مع هذا النص المعجز الذي لا يدانيه نص آخر. وذلك للوصول إلى الأسباب الحقيقية التى دفعت بهؤلاء للإقدام على هذه المهمة الشاقة.
وقد استهل الباحث هذا المجال بدراسة الآيات الواردة عن اليهود في الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم، ثم انتقل لبحث إشكالية ترجمة بعض الأوجه البلاغية في هذه الترجمات. ثم كان اختيار سورة (طه) في هذا البحث استكمالاً للمرحلة الأولى من مراحل دراسة كافة المواضع التى تمس بني إسرائيل بعامة، واليهود بخاصة؛ للوقوف على أسلوب تناول المترجمين لهذه المواضع باعتبارها تمسهم وتتصل بعقيدتهم وكتبهم، خاصة وأن هذه السورة تعرف أيضاً باسم (سورة الكليم).
والهدف الأساسي لهذه الدراسة هو تحديد منهج المترجمين في ضوء مناهج الترجمة, وفي ضوء ظاهرة الاستشراق وموقفها من الإسلام بصفة عامة والقرآن الكريم بصفة خاصة؛ للخروج برؤية واضحة في هذا المجال وصولاً لتصحيح أي خطأ يرد في هذه الترجمات، ومن أجل الإسهام في وضع ترجمة عبرية لمعاني القرآن الكريم من قبل هيئة إسلامية.
أولاً: مدخل في الترجمة:
لاشك أن لكل علم مجموعة من الأسس والركائز التي يُبنى عليها، وتصبح بدورها المرجعية الرئيسة لكل نشاط داخل إطار هذا العلم أو ذاك. وانطلاقا من هذه القاعدة كان لزاماً علينا حينما نتصدى لدراسة نص مَّا مترجَم من لغته الأصلية إلى لغة مَّا جديدة – أن نلم بالأسس النظرية لعلم الترجمة وأن نعيَ أهم قضاياه، جاعلين من هذا الأساس مرجعية موضوعية لأحكامنا على النص المترجم سواء أكانت أحكاماً إيجابية أم سلبية، وذلك في محاولة للخروج عن حدود الذاتية والانفعال السريع( ).
فمع الإقرار بقدم الترجمة وملازمتها للتاريخ الإنساني منذ عهوده القديمة باعتبارها المرتكز الرئيس للتواصل بين مختلف الشعوب والأمم, فهي دائماً وأبداً تحمل في ذاتها بذور الالتقاء والافتراق بين الأفراد والجماعات، ذلك أن الترجمة دائماً ما تجرى لخدمة العديد من الأهداف والدوافع، منها ما هو سياسي، أو ثقافي، أو اجتماعي، أو علمي، أو ديني، وهو المحك الرئيس هنا( ).
ولعل تشابك الترجمة كعلم مستقل فيما بعد مع غيره من العلوم اللغوية وغير اللغوية قد أدى لتعدد الرؤى في تعريف لفظ الترجمة كل حسب منطلقه وهدفه، فالترجمة حسبما يصفها (أدمون كاري): هي عملية فذة كثيرة التعقيدات, وهو الأمر الذي حال دون وضع تعريف جامع مانع للترجمة يخضع لعلم اللغة بشكل مستقل؛ ذلك لأن كل نوع من أنواع الترجمة في رأيه هو نوع قائم بذاته له مقوماته وشروطه وأسسه التي يعمل وفقاً لها( ). وذلك يسير في ضوء وجهة النظر التحليلية التي تقوم على ثلاثة أو أربعة أقسام Dichotomies ألا وهي:
- الثقافتان الأصلية والمتلقية.
- اللغتان المصدر والهدف.
- الكاتب والمترجم.
- ظِلُّ قرَّاء الترجمة الذي يخيم على العملية بأكملها.
وبالتالي تتعدد المستويات التي يعمل المترجم وفقاً لها( ). فالترجمة في منظور (رومان ياكوبسن) Roman Jakobsen تسير في إطار الوظيفة التفسيرية للغة؛ حيث إن فهم الإنسان للأشياء يعتمد على استبدال رموز لغوية برموز أخرى (لغوية أو غير لغوية، ويتم الاستبدال بشكل أفقي ورأسي في آن واحد)( ). وهو الأمر الذي يؤكد أن الترجمة ليست نقلاً حرفياً جامداً, بل إنها عملية تأويل وإعادة تلفظ بنقل رموز وقوالب لغة أولى إلى لغة أخرى Interpretation( ).
فالترجمة إذن كما يطلق عليها (نيدا): عملية فك لرموز النص الأصلي Decoding ثم إعادة تشفيرها Recoding برموز لغة الترجمة، حيث يتحكم في هذه العملية عدد من العناصر, من أهمها طبيعة الرسالة وقصد المؤلف، ثم قصد المترجم ونوعية متلقي الرسالة - مما له أثره البارز في نوعية الترجمة وما يقتضيه ذلك من اختيار للمقابلات المتطابقة الترجمية( ).
ومن هنا يمكننا القول بأن تعريف الترجمة هو أنها: (عملية معقدة متعددة الجوانب, جوهرها النقل من لغة إلى أخرى, وأساسها التطابق على مستويات مختلفة وفقاً لمكونات النص الشكلية والمضمونية والأسلوبية، والتأثيرية الانفعالية)( ).
وفي ضوء هذا التعريف كانت ثمة شروط لابد وأن تتوافر في المترجم وذلك في إطار منهج يؤدي لتحقيق الهدف من عملية الترجمة( ). ولعل من أهم هذه الشروط شرط الأمانة في النقل والموضوعية( ). ويتم ذلك في ضوء مرحلتي تحليل النص Analysis ومرحلة تركيبه Synthesis وكلتا المرحلتين تجيب عن الأسئلة:
1- ماذا قال المؤلف ؟ 2- ماذا يعني ؟ 3-كيف قال ذلك( )؟
وحينما نتعرض لنقد ترجمات معاني القرآن فينبغي ألاّ نأخذ ذلك بالإفراط أو بالتفريط، إذ يجب أن تكون هناك معايير محددة ننطلق منها في الحكم على هذه الترجمات قبل أن نقبلها، أو نرفضها، ومن هذه المعايير الإجابة عن الأسئلة التالية:
من؟ ماذا؟ لماذا؟ كيف؟
- ويقصد بـ (من؟) المترجم، من هو وما هي شخصيته، وما ديانته، وماموقفه من الإسلام؟
- وأما (ماذا؟) فتعني: بماذا تثقف، وما هي درجة إلمامه بعلوم العربية وعلوم القرآن، وباللغة التي يترجم إليها؟
- وأما (لماذا؟) فتعني: ماهي دوافعه وأهدافه من وراء الإقدام على مثل هذا العمل الشاق؟( )
- وأما (كيف؟) فتعني: ما هو أسلوبه في الترجمة؟ وأي المناهج يتبع في نقل النص إلى اللغة الهدف؟
وفي ضوء الإجابة عن مثل هذه المعايير فقط يمكننا تقييم وتقويم ترجمات معاني القرآن الكريم إلى أي من اللغات العالمية( ).
وسنجد هنا أن أصحاب الترجمات محل الدراسة من اليهود، وأنهم قد تثقفوا بالثقافة العبرية منذ نعومة أظفارهم،كما تربوا على أيدى أساطين المستشرقين. ثم سعوا للتعرف على التراث الإسلامى من خلال هذه النظرة، واجتهدوا في إخراج هذه الترجمات للنور لأسباب عدة بعضها أفصحوا عنه، وبعضها ما زال كامناً في متن الترجمات نفسها. وأما عن منهجهم في هذه الترجمات فهذا هو الدافع الرئيس لهذه الدراسة.
ثانياً: تاريخ الترجمات العبرية
لمعاني القرآن الكريم:
يُعد القرآن الكريم من أكثر الكتب أهمية لدى المستشرقين الذين عكفوا على دراسته ومحاولة فهمه سواءً بلغته العربية أو عن طريق ترجمته إلى العديد من اللغات العالمية حتى بلغ عدد تلك اللغات حوالي ستًا وثلاثين لغة رسمية في أنحاء العالم( ). وجاءت هذه الترجمات ما بين ترجمات جزئية لبعض آياته أو سوره، وبين ترجمات كلية من ألفه إلى يائه. حتى بلغت تلك الترجمات الكاملة لمعاني القرآن الكريم في اللغات الأوربية مع طبعاتها المتعددة 671 ترجمة وطبعة, بينما جاءت الترجمات الجزئية والمختارات منه 245 ترجمة، وذلك حتى عام 1980م( ). ويمكن القول بأن الترجمات الأجنبية لمعاني القرآن الكريم قد مرت في مسارها بعدة مراحل متداخلة:
أولاً: فترة العصور الوسطى، فيما بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر, وتتضمن مرحلتين:
الأولى: الترجمة من العربية إلى اللاتينية (بذرة الاستشراق).
الثانية: الترجمة من اللاتينية إلى اللغات الأوربية (أكثر الترجمات سوءاً).
ثانياً: فترة العصر الحديث، وتتضمن مرحلتين كذلك:
الأولى: مرحلة الترجمة من اللغة العربية مباشرة إلى اللغات الأجنبية على يد المستعربين.
الثانية: مرحلة دخول المسلمين إلى مجال الترجمة إلى اللغات الأجنبية.
وقد تباينت ردود الفعل حول قبول هذه الترجمات ما بين مؤيد ومعارض في إطار الدفاع عن القرآن أو حمل لواء الموضوعية العلمية( ). وهو الأمر الذي أدى للكشف عن عيوب وأخطاء هذه الترجمات من خلال النظر إليها في ضوء عدة معايير هي: من المترجم؟ بماذا تثقف؟ ولماذا ترجم؟ وكيف ترجم؟ وهي معايير لا يمكن الفصل بينها, رغم أنها تقع بين دائرة الاستشراق وأحكامه وبين دائرة الترجمة وعلوم اللغة. ولقد أكدت الأبحاث أن ثمة حاجة لمراجعة هذه الترجمات بشكل دائم, والحاجة لمزيد من الترجمات تبعاً لتطور اللغات، ذلك أن إعجاز القرآن الكريم من المستحيل أن تحتويه ترجمة واحدة، فصار لزامًا مراجعة هذه الترجمات بين الحين والآخر.
ولعل الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم تحتاج لمثل هذا الجهد بصفة خاصة, لما عُرف عن اليهود على مر تاريخهم من رغبة عارمة في تشويه صورة الإسلام والنيل منه. وقد جرت المحاولات الأولى لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية بشكل جزئي في العصر الوسيط وجاءت على مسارين.
الأول: مسار غير مباشر، وذلك من خلال ترجمة كتابات المفكرين والفلاسفة المسلمين- في الأندلس- إلى اللغة العبرية, حيث كانت هذه الكتب زاخرة بالعديد من الاستشهادات القرآنية مثل كتب الإمام الغزالي وكتب ابن رشد.
الثاني: مسار مباشر, وذلك ضمن كتابات الجدل الديني للرد على الإسلام والطعن فيه( ). ومما ساعدهم على ذلك علمهم التام باللغة العربية التي نالوا في دولتها أسمى المعاملة، مثل كتاب קשת ומגן (القوس والمجن) لشمعون بن تسيمح دوران.
ثم انتقل اللواء بعد ذلك إلى أيدي المستعربين في عصر ازدهار الاستشراق الغربي, حتى جاءت أولى محاولات ترجمة معاني القرآن الكريم ترجمة كاملة إلى اللغة العبرية في القرن السادس عشر, وقام بها الحاخام (يعقوب بربي يسرائيل هليڤي)( ) وهو من (سلونيكا). وما تزال هذه الترجمة مجرد مخطوط حتى يومنا هذا ولم تحظ بالطبع. ولم تتم هذه الترجمة عن الأصل العربي بل عن لغة وسيطة هي اللغة الإيطالية، وذلك نقلاً عن الترجمة الأولى لمعاني القرآن الكريم والتي قام بها (أندريه أريڤابيني) A.Arrivabene، إلى اللغة الإيطالية التي صدرت في (فينيسيا) عام 1547م. والتي كانت بدورها منقولة عن الترجمة اللاتينية التي قام بها (روبرت الكيتوني) (وهرمان الدلماتي) والتي تمت عام 1143م في الأندلس، وقد نُشرت للمرة الأولى عام 1543م في بال بسويسرا. وهذه الترجمة العبرية توجد منها ثلاث نسخ؛ الأولى بمكتبة البودليان بأكسفورد, والثانية بالمتحف البريطاني, والثالثة بمكتبة الكونجرس بواشنطن. وقد اختلفت الآراء حول هذه الترجمة وحول اللغة التي نُقلت عنها هذه النسخ( ).
وأما الترجمة الثانية الكاملة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية فهي ترجمة (تسڤي حاييم هيرمان ركندورف)( ) المستشرق الألماني اليهودي, والصادرة بعنوان: אלקוראן או המקרא נעתק מלשון ערבית ללשון עברית ומבואר (القرآن أو المقرا نقل من اللغة العربية إلى اللغة العبرية مفسراً). وذلك في ليبزجLeipzig عام 1857م( ). وهي أول ترجمة مطبوعة لمعاني القرآن الكريم. وترجع أهمية هذه الترجمة إلى أنها اعتمدت على الأصل العربي مباشرة، دون النقل عن لغة وسيطة( ), وقد ضمَّن المترجم مقدمته آراءً عديدة حول الإسلام والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، وتحدث عن علاقة الإسلام والقرآن خاصة باليهودية والمسيحية. وقد أعلن من خلال هذه الآراء عن توجهه في نسق الترجمة؛ إذ ظهر منها أنه محمّل بروح استشراقية ضارية ضد الإسلام والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه تابع في هذا لأساطين المستشرقين المعاصرين له والسابقين على عصره، حسبما ذكره صراحة في هذا الإطار، من أمثال (ماراتشي) (جورج سال) (جوستاف ڤايل) وغيرهم( ). وقد أكد خلال ترجمته اقتفاء القرآن لأثر اليهودية والمسيحية، بل والاقتباس المباشر منهما, وأن محمداً صلى الله عليه وسلم ما هو إلاّ سارق للعقيدة اليهودية والمسيحية وعقيدة العرب في الجاهلية (حيث قسم ما أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم -حاشاه- من الديانة اليهودية إلى ثلاثة أقسام). وقد أشار للأسباب التي دعته لهذه الترجمة، وهي:
1- قدرة اللغة العبرية أكثر من غيرها من اللغات على نقل جوهر ومضمون القرآن (الكريم) كلمة كلمة، فهي أخت للغة العربية المدون بها القرآن.
2- أن اللغة العبرية مفهومة لجميع حكماء اليهود.
3- وهو الأساس: أنه حينما يقرأ المرء شرائع التوراة المقدسة، وشرائع القرآن، والقصص الجميلة والبلاغة السامية في أسفار العهد القديم، ويقارنها بما في القرآن من أباطيل وترهات (كذا)- سيدرك مدى الفرق بين ما هو مقدس وما هو دنيوي، بين ما هو طاهر وبين ما هو مدنس، فتزداد في عينيه قيمة العقيدة اليهودية المقدسة؛ لأنه لا يعلم قيمة الخير والحقيقة إلا بمعرفة التافه والكذب (كذا).
وقد اتبع منهجاً يبرز هذا الرأي ألا وهو منهج التكافؤ الدينامي في الترجمة, كما عُرف فيما بعد ذلك, حيث يعتمد على نقل المعنى بشكل أساسي, وأما الشكل فيمكن مخالفته في الكثير من الأحيان. وضمّن ترجمته الكثير من مواطن الحذف والإضافة والتحريف؛ سعياً لتخفيف حدة الأصل أو لتوجيهه حسبما يريد المترجم، دون مراعاة للأمانة في النقل. ولعل هذا المنهج في الترجمة وطريقة تفكير المترجم هما ما دعيا بعض الباحثين اليهود إلى اعتبار ترجمته هذه ترجمة غير دقيقة، وذلك بسبب اعتماد المترجم على آراء المستشرقين بصورة أساسية بما أخرجه عن حيز الموضوعية والأمانة العلمية( ).
وأما الترجمة الثانية الكاملة لمعاني القرآن الكريم إلي اللغة العبرية, فصدرت في فلسطين عام 1936م. وقام بها المستشرق اليهودي (يوسف يوئيل ريڤلين)( ) وصدرت بعنوان: אלקוראן - תרגום מערבית (القرآن- ترجمة عن اللغة العربية) عن دار النشر דביר بتل أبيب. ثم صدرت طبعتها الثانية عام 1963م، ثم الثالثة عام 1972م، والرابعة عام 1987م( ). وهي ترجمة مشكولة، وقد ضمّن المترجم في مقدمته منهجه في الترجمة وظروف إخراج هذا العمل (ولم يتعرض في مقدمته للقرآن أو للإسلام بالنقد كما كان متبعاً في تلك الفترة)، وذكر مساعدة الشاعر والأديب اليهودي (حاييم نحمان بيالك) في بداية طريق العمل ومشاركته له في الترجمة، ثم أشار لاعتذاره بعد ذلك عن استكمال المسيرة. فبدأ (ريفلين) في إعادة صياغة الترجمة من البداية، ولعل دافعه الأساسي في هذا هو خوفه - كما ذكر ذلك صراحة- من وقوعه تحت تأثير بيالك ولغته أثناء عملية الترجمة. كما أشار في هذه المقدمة لترجمة كل من (يعقوب بربي يسرائيل) و(ركندورف), وأكد عدم دقة ترجمة ركندورف( ).
وأما عن منهج الترجمة فهو يعتمد على مزيج من اللغة العبرية عبر عصورها (وإن كان يميل للغة المقرائية بصفة خاصة باعتبارها اللغة الفصحى إن جاز لنا هذا التعبير في العبرية) وباعتبارها أكثر فخامة وملاءمة لأسلوب القرآن الكريم. وقد أكد التزامه بالحيدة العلمية والأمانة في النقل. وقد اعتمد على منهج التكافؤ الشكلي في الترجمة, بما جعله يضمّن ترجمته العديد من الهوامش لتوضيح ما غمض على القارئ في المتن أو للربط مع الأحداث التاريخية إلا أنها هوامش موجزة. وقد حاول إظهار أهمية الشكل في القرآن الكريم ذلك أن نسيج الآية الواحدة لا يمكن فصله عن مضمونها، وهو ما اجتهد المترجم في نقله إلى العبرية في ضوء ما تتيحه هذه الأخيرة من إمكانات لغوية. وخاصة في ضوء تمكن المترجم من اللغتين بعدما استطاع ترجمة السيرة النبوية لابن هشام فيما بين عامي1932م, 1933م, وذلك قبل الإقدام على ترجمته لمعاني القرآن الكريم( ) وتعتبر هذه الترجمة متميزة بروحها المتسامحة وأسلوبها مقارنة بما سبقها من ترجمات, وهو الأمر الذي دعا (ساسون سوميخ) للقول بأن هذه الترجمة هي (أهم عمل ترجمي تم من اللغة العربية إلى اللغة العبرية خلال القرن العشرين, وأن لغة هذه الترجمة تمتاز بالحيوية والمرونة والإحكام, رغم أنها تستحضر عبق الماضي من خلال اعتمادها على مصادر اللغة العبرية القديمة؛ ولذلك فهي أفضل من ترجمة ركندورف, بل وهي المعوّل الآن للباحثين في إسرائيل)( ). ومما يؤكد محاولة ريفلين الالتزام بالحيدة العلمية قدر استطاعته, أنه ضمَّن آراءه النقدية للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم بما فيها من رؤى استشراقية معادية للإسلام, في مقال بعنوان מוחמד המחוקק( ) (محمد المُشرِّع)، دون أن يضمنها ترجمته مباشرة.
وأما ثالثة الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم فهي ترجمة د. (أهارون بن شمش)( ) المستشرق الإسرائيلي، وقد صدرت طبعتها الأولى عام 1971م عن دار نشر מסדה (ماسادا) رامات جان, بعنوان הקוראן הקדוש - ספר הספרים של האשלאם תרגום מערבית( ). (القرآن المقدس- أقدس كتب الإسلام، مترجم من اللغة العربية) ثم صدرت الطبعة الثانية منها عام 1978م وهي طبعة منقحة بعنوان הקוראן - ספר הספרים של האשלאם תרגום מערבית (القرآن- أقدس كتب الإسلام، مترجم من اللغة العربية) عن دار نشر ספרים קרני (سفاريم قرني) تل أبيب( ) وهي ترجمة تعود بنا إلى ما سبق عهد ترجمة ريفلين؛ إذ إنها تحمل الكثير من الرؤى الاستشراقية المعادية للإسلام, بل إن المترجم ذاته يؤكد في مقدمته أن الإسلام لم يأت بجديد فهو الديانة اليهودية بالعربية. وأن القرآن ما هو إلا التوراة باللغة العربية للعرب, وذلك اعتمادا - في رأيه - على آيات من القرآن لم يذكرها لنا. كما يؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما جاء لينشر اليهودية الأصلية القائمة على توحيد الله عز وجل وليمنح العرب المشركين توراة موسى عليه السلام، إلى غير ذلك من آراء تعارض الرؤية الإسلامية الحقيقية وتجانب حقيقة الواقع. مع تأكيد الاقتباس المباشر في القرآن من المصادر اليهودية ومن اللغة العبرية( ).
وأما عن منهجه في الترجمة فهو منهج يقترب إلى حدٍ مَّا من التكافؤ الدينامي لدى ركندورف لكنه أكثر حرية منه؛ ذلك أن المترجم يعمد إلى كل خمس آيات قرآنية فيترجمها في شكل وحدة واحدة (براجراف) دون التزام بالأصل, وهو ما يطلق عليه الأسلوب المسترسل في الترجمة סגנון שוטף مع اعتماده على هوامش للترجمة تظهر مدى اتفاق القرآن مع المصادر اليهودية( ).
ويرى بعض الباحثين اليهود أن هذه الترجمة ليست سوى ترجمة تفسيرية للقرآن الكريم، وأن الفارق بينها وبين مفهوم الترجمة فارق كبير للغاية. كما أن محاولة المترجم خلق تجديدات لغوية تساير العصر -حسبما زعم- قد حمّلت النص بما ليس فيه وبعدت به عن مراده الأصلي, بل إن منهج الحذف والإضافة لدى المترجم، دون أدنى إشارة لذلك، يعد أمراً معتاداً مألوفاً( ).
وقد صدرت ترجمة رابعة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية قام بها البروفسور أوري روبين الأستاذ بجامعة تل أبيب عام 2005م، وسبب صدور هذه الترجمة في رأي بعض المستشرقين الإسرائيليين هو عدم ملاءمة لغة الترجمة التى اتبعها ريفلين لروح العصر لدى المتلقي الإسرائيلي المعاصر. وهو ما يؤكد ضرورة المراجعة المستمرة لأي ترجمة تتم لمعاني القرآن الكريم.
والترجمات الثلاثة المطبوعة الأولى هي التي سنعتمد عليها خلال دراستنا لترجمة معاني سورة (طه) إلى اللغة العبرية، ولعلنا منذ البداية نؤكد مدى المفارقة بين منهجي الترجمة المستخدمين هنا سواء منهج التكافؤ الدينامي أو منهج التكافؤ الشكلي. ولعل ما ستسفر عنه هذه الدراسة يؤكد ضرورة الاعتماد على أحد هذين المنهجين- أو ما يمكن أن يقال: مزيج منهما- للتعامل مع النصوص المقدسة, وخاصة النص القرآني لما له من خصوصية بلاغية عظمى؛ ذلك أن إعجازه اللغوي من أهم أوجه الإعجاز إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
ثالثاً: الدراسة النقدية لترجمة معاني سورة (طه):
ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ * ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﮊ [طه: ٩ - ١٠]
ركندورف: הלא ידעת את קורות משה? בראותו את לבת האש ויאמר אל אנשיו: שבו פה, כי ראיתי לבת אש! או אביא אליכם ממנו סעיף בוער, או אמצא באש הזאת הדרך הטובה( ).
ريفليـن: וְהַאִם בָּא אֵלֶיךָ דְּבַר קוֹרוֹת מֹשֶה? בְּראוֹתוֹ אֵש וַיֹּאמֶר אֶל מִשְפַּחְתּוֹ: " חַכּוּ לִי, כִּי הִרְגַּשְתִּי בְּאֵש. אוּלַי אוּכַל אָבִיא אֲלֵיכֶם מִמֶּנָּה אוּד בּוֹעֵר, אוֹ אֶמְצָא בָּאֵש אֹרַח מֵישָרִים "( ).
بن شمش: האם שמעת את פרשת משה, עת ראה את הסנה בוער באש ואמר לבני ביתו: "חכו לי, כי הבחנתי באש דולק. אסורה נא ואראה אולי אביא לכם אוד ממנו, או אמצא על- ידה את הדרך הנכונה"( ).
التفسير: ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ الآية استئناف مسوق لتقرير أمر التوحيد الذي إليه ينتهي مساق الحديث، وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء كابراً عن كابر. وأما ما قيل من أن ذلك لترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الائتساء بموسى عليه الصلاة والسلام في تحمل أعباء النبوة والصبر على مقاساة الخطوب في تبليغ أحكام الرسالة فيأباه أن مساق النظم الكريم لصرفه عليه الصلاة والسلام عن اقتحام المشاق( ). وقيل: (وهل أتاك)الآية هذا استفهام تقريري يحث على الإصغاء لما يلقى إليه وعلى التأسي. وقيل: (هل) بمعنى قد؛ أي قد أتاك، والظاهر خلاف هذا؛ لأن السورة مكية، وأنه سبحانه وتعالى لم يكن قد أطلعه على قصة موسى قبل هذا. وقيل: إنه استفهام معناه النفى؛ أي ما أخبرناك قبل هذا بقصة موسى، ونحن الآن قاصون قصته لتتسلى وتتأسى( ).
التزم ركندورف بالاستفهام في صدارة الآية مستخدماً الأداة הלא (هل)، إلا أنه لم يلتزم بالعطف في أول الآية بما أضاع دلالة العطف هنا، والتي تفيد الاستئناف المسوق لتقرير أمر التوحيد الذي إليه ينتهي مساق الحديث. وقيل: قفاه بقصة موسى عليه السلام ليتأسى به في تحمل أعباء النبوة وتكاليف الرسالة والصبر على مقاساة الشدائد حتى ينال عند الله الفوز والمقام المحمود، إلا أن أبا السعود رفض هذا القول( ).
وقد جعل ركندورف مقابل قوله تعالى (أتاك) الفعل ידע. الذي يعني ( عرف – علم – فهم– خبر – ألم ب – اطلع على/ أجاد – أحسن – تضلع)، وهو فعل مقرائي ورد في (إشع56/11) (לא ידעו שבעה- لا تعرف الشبع)، وفي (تك 39/6) (ולא ידע אתו מאומה- ولم يكن معه يعرف شيئاً)( ). فدلالة هذا الفعل تدور حول العلم والإدراك للأمور والانتباه إليها وليس معنى الوحى المتضمن في الفعل (أتاك) أى جاءك أو انتهى إليك علمه, فالمقابل قاصر عن المعنى هنا.
ومن ناحية أخرى استخدم المترجم الضمير العائد على المخاطب ידעת محولاً الفاعل من الحديث ومجيئه إليه صلى الله عليه وسلم إلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه، فجعله عليه الصلاة والسلام هو الفاعل هنا. وهذا الاستخدام غير بريء هنا؛ لأن الفعلين (جاء وأتى) بمعنى متقارب في حين أن العلم يتطلب عالم ومتعلم فربما كانت هذه الجزئية إشارة لفكرة استقاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعلوماته ومصادره وخاصة في مجال القصص القرآني من الكتب السابقة عليه وبصفة خاصة من العهد القديم. ومما يؤيد هذا أن دلالة الفعل (أتى) الوارد في الأصل تدور حول البلاغ والإبلاغ, فالإتيان مجئ بسهولة ويقال للمجئ بالذات وبالأمر وبالتدبير، كما يقال في الخير والشر، وفي الأعيان والأغراض( )، هذا من حيث الدلالة، أما من حيث الاستخدام فنجد المترجم نفسه يستخدم نفس الفعل ידע مقابلاً للعلم ومعانيه كما في (البقرة 106، 107) و(الحج 70) האינך יודע؛ أى أنه يستخدم نفس المقابل لأكثر من معنى في الأصل، مما يحدث خلطاً في المعنى لدى المتلقي.
ومن جهة أخرى يؤكد عدم دقة المقابل هنا أن المترجم يستخدم أكثر من مقابل لنفس الفعل العربي (أتى)، ففي مقابل قوله تعالى (هل أتاك) الوارد في سورة (ﭑ:21)الآية, وفي (النازعات 15) استخدم التعبير הלא נודע לך. بينما في (الذاريات 24) وفي (البروج17) وفي (الغاشية1) استخدم المقابل הלא הגיע. إذن فالمترجم يستخدم أفعالاً عدة هى ידע وزن פעל، נודע وزن נפעל، הגיע وزن הפעיל للدلالة على معنى الإتيان. وهو الأمر الذي يؤدي لسوء فهم لدى المتلقي؛ وذلك في ضوء قاعدة الترجمة التي تنادي باستخدام مقابل واحد إزاء وحدة المقابل والمعنى في الأصل.
بل أكثر من هذا أن المترجم قد خالف بين التكرار في سورتي طه والنازعات رغم وحدة الجملة ومطابقتها في الحالتين؟! ألا يوحي هذا الإجراء من المترجم بعدم الاتساق في القرآن الكريم، وبوجود تأثير يهودي كما قلنا ؟! خاصة عندما أضاف في سورة النازعات لفظ שמועה الذي يعني ( شائعة – إشاعة - تقول - خبر / خبر منقول / فتوى شرعية يهودية) والمعنيان الثاني والثالث هما من عصر المشنا( ). ولعل هذه الإضافة إنما لتشير لعدم تثبته من كل هذه الحوادث في المقرا بصفة خاصة، فيستخدم تعبيراً يدل على تشككه في الأمر.
فترجمته لهذه الآية قاصرة عن معناها ومحملة بمضامين وإشارات بعيدة عن دلالة الأصل.
وفي مقابل هذا نجد ريفلين قد التزم بالاستفهام في صدارة الآية مع حفاظه على العطف והאם، ثم استخدم المقابل בא אליך والفعل בא يعني (جاء – أتى- قدم – أقبل – وصل– بلغ– ورد ) ويدل مع حرف اللام بعده والأداة אל على بلوغ الغاية كما في (تك 37/23). وقد يختلف معناه باختلاف الحرف المتصل به، وإن اشتركت معانيه في الدلالة على البلوغ والوصول بالأمر لنهاية ما، أو لجهة معينة( ).
وقد حافظ المترجم على هذا المقابل في سور (ﭑوالذاريات والنازعات)الآية مع المحافظة على المطابقة بين سورتي طه والنازعات. لكنه استخدم مقابلاً آخر في كل من سورتي البروج والغاشية, فاستخدم المقابل הגיע אלך، ولعل المترجم هنا أفضل حالاً من سابقه خاصة لمحافظته على وحدة المقابل ولوجود تقارب دلالي بين الفعلين בא، הגיע, فالمعنى هنا أقرب لمعنى الأصل وأكثر التزاماً به.
أما بن شمش فقد التزم بالاستفهام فقط في صدارة الآية، إلا أنه حذف العطف بالواو بما يخل بمعناه وبالاتساق العام بين الآيات. ثم استخدم المقابل שמע يعني ( سمع – استمع – بلغ مسامعه– نما إليه / أصغى– أنصت– فهم– أدرك)، كما في (تك 11/7) (אשר לא ישמעו איש שפת רעהו-لا يسمع بعضهم لسان بعض)، وفي ( إرميا 20/16)، (إيخا3/56)( ). وهو مقابل قاصر في دلالته عن معنى الأصل تماماً، بالإضافة لسيره على نمط ركندورف في استخدام صيغة المخاطب שמעתָ عائدا بالفاعلية على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومما يؤيد قصور المقابل هنا أن المترجم نفسه يستخدم الفعل שמע مقابلاً للفعل العربي (سمع), كما في سورة (البقرة /171) و(التوبة /6) و(مريم /42).
والفعل שמע يدل في ضوء هذا على السماع والإصغاء؛ أي أن هناك من يتكلم بشيء ما ويسمعه الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أصر المترجم على استخدامه مقابلاً في المواضع المناظرة, كما في سور (ﭑ، الذاريات، النازعات، البروج)، بينما استخدم في سورة الغاشية المقابل נודע. وهو الأمر الذي يؤكد عدم دقة المترجم، خاصة وأنه يوحي بهذا الاستخدام لسماع الرسول صلى الله عليه وسلم لقصة موسى من شخص آخر, ربما كان بنو إسرائيل حسبما ذكر في مقدمته من أن القرآن ما هو إلا التوراة بالعربية للعرب. فالمقابل قاصر عن معنى الأصل عند بن شمش كذلك.
ولفظ קורות يعني (أحداث – وقائع – مجريات)، وهو لفظ مقرائي كما في (تك 42/29) (ויגידו לו את כל הקורות אותם לאמור - وأخبروه بكل ما أصابهم)( ).
في حين أن بن شمش استخدم المقابل פרשה وهو يعني (فصل - إصحاح في التوراة – سفر - آية / قصة – حكاية / قضية - مسألة)، وهو لفظ مقرائي كما في (أستير 4/7) (פרשת הכסף אשר אמר המן לשקול - وعن مبلغ الفضة الذي وعد هامان بوزنه) (أستير10/2)( ). وربما يحاول بن شمش من خلال هذا المقابل الإيحاء بوجود إنصات من الرسول صلى الله عليه وسلم -حاشاه- لما يتلى من اليهود في كتبهم، مثلما فعل ركندورف.
ومن ثم جاء المقابل قاصراً عن المعنى المراد عند ركندورف وبن شمش، خلافاً لريفلين الذي وفق في الاقتراب من المعنى.
وفي مقابل قوله تعالى ﮋﯓ ﯔ ﯕﮊ الآية التزم الجميع بأن (إذ) للظرفية؛ أى حين رأى ناراً( ). إلا أنهم اختلفوا في مقابل (ناراً), فاستخدم ركندورف المقابل לבת אש، وأشار في هامشه إلى أن المراد بها (العليقة). ولفظ לבה يعني (لهب– شعلة– أوار– أجيج)، كما في (خر 3/2) (בלבת אש - بلهيب نار)( )؛ أى أن اللفظ هنا يعني اللهيب وليس النار. والمراد بالنار هو ضوءها باعتبار الرؤية من مكان بعيد، وليس رؤية اللهيب في حد ذاته فهو قريب جزئياً, وهومتأثر في هذا بما ورد في (خر 3 /2) (בלבת אש מתוך הסנה - بلهيب نار من وسط العليقة)، والمقابل يقترب إلى حد ما من المعنى.
في حين استخدم ريفلين المقابل المباشر للنار وهو אש وهو يدل على المعنى المباشر للنار
أما بن شمش فاستخدم التعبير את הסנה בוער באש (العليقة مشتعلة بالنار)، ولم يرد هذا المعنى في الأصل، بل هذه هي الرؤية المقرائية. فموسى لم يكن في موضع يسمح له بتمييز ما يرى سوى أنه النار فقط، ولذا استخدم القرآن هذا اللفظ، ولو أن موسى قد ميز العليقة لتغير نسق الحديث القرآني تماماً ولأصبح الأمر يدعو للدهشة. ولفظ הסנה يعني (العليقة وهى جنبة شائكة من فصيلة الورديات تجلى منها الله على كليمه موسى, وهى تشتعل دون أن تؤكل Thorn bush، ولفظ הסנה הבוער يعني عليقة موسى كما ورد في (خر 3/2) (בלבת אש מתוך הסנה - بلهيب نار من وسط العليقة)( ). وهو مما يؤكد أن استخدامه للفعل שמע يوحي وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يروي ما ورد في العهد القديم وليس ذكر ما أوحى الله به إليه صلى الله عليه وسلم.
وفي مقابل قوله تعالى ﮋ ﯚ ﯛﮊ الآية, استخدم ركندورف الفعل ראה وهو يدل على الرؤيا بمعناها العام, أما هنا فالإيناس يعني الإبصار البين الذي لا تشوبه شائبة، وقيل الإيناس خاص بما يؤنس به( )، وقيل (آنست): رأيت من بعيد( ). فالمقابل غير واف بمعنى الأصل هنا.
أما ريفلين وبن شمش فاستخدما المقابل הרגיש، הבחין وعلى التوالي وكلاهما قريب من المعنى.
وإن كان ريفلين أكثرهم دقة هنا لاستخدامه المقابل المباشر لمعنى النار، بينما استخدم بن شمش הסנה בוער באש (نار مشتعلة)، والنار لاتسمى ناراً إلا إذا اشتعلت. أما ركندورف فاستخدم (لهيب النار), وهي مقابلات قاصرة عن المعنى الدقيق للأصل. ومن ثم تعد ترجمة ريفلين هى الأفضل هنا.
وأما قوله تعالى: ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﮊ الآية, فقد أتى سبحانه بهذا التركيب ليدل على أنه لما كان الإتيان بالقبس ووجود الهدى مترقبين متوقعين بنى الأمر فيهما على الرجاء والطمع، وقال (لعلى) ولم يقطع فيقول (آتيكم)؛ لئلا يعد ما ليس بمستيقن الوفاء به. والقبس: النار المقتبسة في رأس عود أو فتيلة أو غيرهما( ).
وفي مقابل هذا المعنى نجد ركندورف يستخدم صيغة التخيير או אביא.... או (إما...أو)، وهذا المقابل يقترب إلى حد ما من المعنى إلا أن المترجم لم يظهر دلالة الرجاء والطمع في الأصل وعدم اليقين من تحقق الأمر، ومن ثم أخل بجزء من المراد في الأصل.
وخلافاً لهذا نجح كل من ريفلين وبن شمش في الحفاظ على دلالة الطمع والرجاء في الأصل باستخدام صيغة تفيد الاحتمال والرجاء (אולי...או). إلا أن بن شمش استخدم التعبير المقرائي אסורה נא ואראה (أميل فأنظر)، وهو ما لم يرد في الأصل, وإنما اقتبسه المترجم مباشرة من القصة الواردة في سفر الخروج، (خر3 /2) (ויאמר משה אסורה נא ואראה את המראה הגדול הזה - فقال موسى أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم). وهو الأمر الذي يؤكد تعمد تحميل النص بمفاهيم مقرائية لم ترد في الأصل.
وفي مقابل دلالة (القبس) وهو المتناول من الشعلة( )، وقيل (بقبس) أى بشعلة مقتبسة من معظم النار وهى المرادة بالجذوة في سورة القصص وبالشهاب القبس( ). استخدم ركندورف المقابل סעיף בוער (فرع مشتعل)، وهو قريب من المعنى.
بينما استخدم ريفلين المقابل אוד בוער، ولفظ אוד يعني (جذوة – قبس – جمرة – شعلة) كما في (تك 3/2) وفي (إشع 7/4)( ). وقد استخدم بن شمش لفظ אוד فقط دون لفظ בוער، وكلها مقابلات قريبة من المعنى.
ومع اقتراب بعض المترجمين من إدراك دلالة الرجاء في الآية، إلا أنهم جميعاً لم يتمكنوا من إدراك دلالة قوله تعالى (على النار)، حيث إن لفظ (على) هنا يدل على الاستعلاء؛ لأن أهل النار يستعلون المكان القريب منها، أو لأنهم عند الاصطلاء يكتنفونها قياماً وقعوداً فيشرفون عليها( ). وقال ابن الأنباري: إن على هنا بمعنى عند، وبمعنى مع، وبمعنى الباء( ).
وهذا قصور من اللغة وليس من المترجمين أنفسهم؛ لكون الاستخدام غير وارد في العبرية إلا بالباء באש (في النار). وقد حاول بن شمش الإيحاء بهذا المعنى فاستخدم التعبير על-ידה (بواسطتها / بجوارها) إلا أنه لم يتمكن من نقل المعنى المراد وهو فكرة الاستعلاء.
وبصفة عامة نجح ريفلين في الحفاظ على المعنى إلى حد كبير, بينما كانت ترجمة كل من ركندورف وبن شمش قاصرة في بعض جوانبها ومحملة بروح مقرائية خلافاً للأصل.
ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ * ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﮊ طه:[ ١١ – ١٢]
ركندورف: ויהי בקרבו ויקרא אליו ד', משה! * אני אדוניך, של נעליך, כי בעמק הקדוש טוי אתה!( )
ريفليـن: וַיְהִי כְּבוֹאוֹ אֵלֶיהָ וַיִּקְרָא אֵלָיו (קוֹל): " מֹשֶה * אָנֹכִי אֱלֹהֶיךָ, שַל עַתָּה נְעָלֶיךָ, כִּי בָּעֵמֶק הַמְקֻדָּש בְּטֻוָא הִנֶּךָ( ).
بن شمش: וכאשר התקרב אליה שמע קול קורא: " משה, * אנכי ריבונך ! של נעליך מעל רגליך, כי המקום אשר עומד עליו הוא העמק המקודוש "טווא"( ).
التفسير: ﮋ ﯦ ﯧ ﮊ أي النار التي آنسها، والضمير في أتاها عائد على النار. ﮋ ﯨ ﯩ ﮊ أي نودي فقيل يا موسى، ﮋ ﯫ ﯬ ﯭﮊ أو عومل النداء معاملة القول لكونه ضرباً منه، وهو تكليم الله إياه. وعلمه بأن الذي ناداه هو الله تعالى حصل له بالضرورة خلقاً منه تعالى فيه بالاستدلال بالمعجزة. ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ وتكرار الضمير لتأكيد الدلالة وتحقيق المعرفة وإماطة الشبهة – والجملة جاءت تبييناً وتفسيراً للإبهام في قوله ﮋ ﭔ ﭕﮊ( ).
نلاحظ هنا أنه في مقابل الإتيان وهو البلوغ والمجيء (أي بلغها)( )، استخدم ركندورف مقابلاً هو المصدر من الفعل קרב الذي يعني (قرب– اقترب- دنا– أقبل– تقدم– أشرف علي– شارف علي)، كما في (خر 32/19) (ויהי כאשר קרב אל המחנה - وكان عندما اقترب إلى المَحَلَّة)، وفي (صمو20/16) (קרב עד הנה - تقدم إليّ ههنا)( )، فالمقابل غير وافٍ بالمعنى المراد في الأصل. كما حذف الضمير المتصل وهو الهاء؛ وذلك لأن المترجم متأثر هنا بالرواية المقرائية الواردة في سفر الخروج (3/5) (ויאמר אל תקרב הלם - فقال لا تقترب إلى هنا)، وذلك أثناء حادث العليقة وتحذير الرب لموسى بعدم الاقتراب. فهو هنا يحاول الإيحاء بالفكر المقرائي من خلال المقابل الذي استخدمه.
ثم في مقابل ﮋ ﯨ ﯩ ﮊ بالبناء للمفعول يستخدم المقابل ויקרא אליו ד' والفعل قريب من معنى الأصل باعتبار أن النداء يندرج تحت القول كما ذكر المفسرون. إلاّ أن المترجم أخطأ هنا باستخدام البناء للفاعل وليس للمفعول فجعل الفاعل هو ד' الرب, وهذا خروج من حد الالتزام بالأصل؛ لأن البناء للمجهول مع العلم بالفاعل لإثارة النفس والتشويق لمعرفة الفاعل، خاصة وأن موسى في هذا الموضع لم يكن يعلم أن الله سيناديه, ولذا فإن الأوفق البناء للمجهول وهو ما أضاعه المترجم عن عمد متأثراً في هذا بالرواية المقرائية (خر3/ 4) (ויקרא אליו אלהים מתוך הסנה ناداه الله في وسط العليقة)، ومن ثم فترجمته هنا غير وافية بالمعنى.
أما ريفلين فقد التزم بالمقابل المباشر للإتيان وهو الفعل בא والتزم بالضمير المتصل، ولكنه حوَّل البناء للمجهول إلى معلوم ויקרא אליו مع وضع مقدّر وهو لفظ (קול) بين قوسين وهذا إخلال بجزء من المعنى كذلك. إلا أنه أشار لكون اللفظ الدال على الفاعل هنا هو من تقديره ولم يرد في الأصل، فترجمته أفضل من سابقه رغم أنها غير وافية بالمعنى.
أما بن شمش فاستخدم للإتيان المقابل התקרב والذي يعني (اقترب– تقرب إلى– دنا من) وهو فعل مشنوي( )، والمعنى هنا غير وافٍ بالدلالة خاصة وأنه يقع في إطار الرؤية المقرائية لدى ركندورف. ثم يجعل مقابل جملة (نودي) التعبير שמע קול קורא (سمع صوتاً ينادي) وما أشد البعد بين دلالة الأصل التي توحي بالتواصل والارتباط وبين دلالة الترجمة. فالمقابل والترجمة لديه قاصران عن المعنى كذلك. ولعل مرد ضياع دلالة البناء للمجهول هنا طبيعة اللغة؛ لأن الفعل קרא يعني (نادى علي– دعى)، بينما الفعل נקרא يعنى (نُودي– دُعى), وقد استخدم المترجمون في كافة المواضع التي ورد بها الفعل (نودي) - كما في (النمل8)، و(القصص30)– المقابل קרא אל بالبناء للمعلوم، ولعل هذا من خصائص اللغة وليس قصوراً من المترجم؛ لأن الفعل נקרא لا يحمل دلالة المناداة مباشرة، بما يؤكد أن اللغة العبرية وإن كانت من أقرب اللغات إلى اللغة العربية إلا أنها قاصرة عن التعبير عن كل الدلالات التى يحتويها النص القرآني.
وأما مقابل التوكيد بالضمير المنفصل والمتصل في قوله تعالى ﮋ ﯫ ﯬ ﯭﮊ، نجد ركندورف قد استخدم المقابل אני אדוניך (أنا سيدك), واستخدم ريفلين אנכי אלהיך (أنا إلهك), وبن شمش אנכי ריבונך ﮋ ﯫ ﯬ ﯭﮊ حيث أخلت هذه الصيغ جميعاً بالتوكيد المستفاد من تكرار الضمير.
ومن حيث المقابلات فقد استخدم ركندورف مقابل دلالة الربوبية لفظ אדון الذي يعني (سيد– حاكم– شريف– رب– صاحب– مالك– مولى– من الأسماء الحسنى للمولى)، كما في (تك 45 /8). وهو يشير لمعنى صاحب الدار، والزوج والسيد المالك، كما يدل على خالق كل شيء وسيده، كما في (يشو 3 /11)، وفي (خر 23 /17) (האדון יהוה - السيد الرب)( ). والمقابل قريب وملائم للمعنى في ضوء الرأي القائل بأن الرب في اللغة العربية يعني السيد المطاع، والرجل المصلح للشيء والمالك له( ).
أما ريفلين فاستخدم مقابل الربوبية لفظ אלהים الذي يعني (الرب– الله– الخالق– المولى– الفيصل– قاضي يحكم حسب شريعة الرب)، وهو يدل على الرب كما في (قضاة 20/2)، وفي (تك2/4). إلا أنه يدل كذلك على الإلهة المؤنثة عشتروت كما في (مل أول 11/5) (עשתרת אלהי צדנים – عشتورث إلاهة الصيدونيين)، كما أنه يدل على آلهة الشعوب الأخرى كما في (خر 20/3) (לא יהיה לך אלהים אחרים על פני – لا يكن لك آلهة أخرى أمامي)( ). وهو مقابل قاصر عن المعنى خاصة في ضوء استخدام ريفلين لهذا اللفظ مقابلاً للرب وللفظ الجلالة دون إظهار للفارق بينهما.
في حين استخدم بن شمش مقابله اللفظ المشنوي ריבון الذي يعني (رب– مولى– سيد– المولى الكريم– الرب– من أسماء الله الحسنى)، وهو من الفعل רבב الذي يدل على الكثرة والزيادة والوفرة( )، بما يقترب من دلالة الرب الذي يشتق من مفهوم التربية وهي إبلاغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً( ). بالإضافة للتقارب الصوتي بين اللفظ والأصل العربي.
والقصور هنا نابع من كون المترجمين قد أضاعوا دلالة التوكيد بالضمير المنفصل في الآية. وهو نفس النهج الذي اتبعه المترجمون في(القصص 30)، ففي مقابل قوله تعالى ﮋﭗ ﭘ ﭙﮊ [طه: ١٤] استخدم الجميع الضمير مع لفظ الجلالة فقط على التوالي: אני ד', אנכי אלהים, אני אללה ومن ثم نجد الصيغة المستخدمة في الحالتين قاصرة عن إظهار التوكيد القرآني فهذا عدم اهتمام بالبلاغة المستفادة من أسلوب التوكيد في الأصل.
وفي مقابل هذا نجد ريفلين في (سورة النمل 9) في مقابل قوله تعالى: ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮊ يستخدم التعبير הנה אני הוא אלהים، أي أنه مدرك لما يجب استخدامه هنا للاحتفاظ بدلالة الأصل. ومما يؤكد هذا أن كندورف استخدم في (طه 14) التعبير אני הוא האלהים, أما ريفلين فاستخدم في نفس الموضع التعبير הנה אנכי אלהים، وذلك للاحتفاظ بدلالة التوكيد في الأصل. وبالتالى كان يجب عليه استخدام الأداة הנה هنا لتعويض جزءٍ من دلالة التوكيد في الآية على النحو التالى: הנה אני ריבונך، وذلك قياساً على ما ورد في (تك28/16) (והנה אנכי עמך ها أنا معك).
ومن ثم جاءت ترجمة هذه الآية قاصرة في جزء كبير منها عن دلالة الأصل لدى الجميع.
ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ * ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ * ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ [طه: ١٩ -٢١]
ركندورف: ויאמר אלהים: משה! השליכהו ארצה!* וישליכהו ארצה, ויהי לנחש מתנודד.* ויאמר אלהים: אחזהו, ואל תירא, כי נשיבהו למצבו הראשון! ( ).
ريفليـن: וַיֹּאמֶר: " הַשְלִיכֵהוּ מֹשֶה": * וַיַּשְלִיכֵהוּ, וְהִנֵּה הוּא נָחָש מְרוֹצֵץ * וַיֹּאמֶר: "אֱחָז בּוֹ, וְלֹא תִּירָא, הִנֵּה הָשֵב נָשִיבֵהוּ לְמִנְהָגוֹ הָרִאשוֹן ( ).
بن شمش: ויאמר: "השלך אותו, משה!" וישליכהו, ויהיה לנחש מתרוצץ. ויאמר: "אל תפחד, שלח ידך ואחוז בזנבו, ואז ישוב ויהיה למטה בכפך( ).
التفسير: (قال) استئناف مبني على سؤال ينساق إليه الذهن كأنه قيل: فماذا قال عز وجل فقيل: (قال), ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮊ، معنى (ألقها) أي اطرحها على الأرض لترى من شأنها ما لم يخطر ببالك من الأمور. وتكرير النداء لتأكيد التنبيه. (فألقاها) على الأرض ﮋ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮊ ومعنى (تسعى) تتنقل وتمشي بسرعة. وروي أنه عليه الصلاة والسلام حين ألقاها انقلبت حية صفراء في غلظ العصا ثم انتفضت وعظمت, فلذلك شبهت بالجان تارة وسميت ثعبان أخرى، وعبر عنها هنا بالاسم العام للحالين. و(قال) استئناف كما سبق، ﮋﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ؛ أي هيئتها وحالتها المتقدمة مع كونه استئنافاً مسوقاً لتعليل الامتثال بالأمر والنهي، فإن إعادتها إلى ما كانت عليه من موجبات أَخْذِها وعدم الخوف منها. والسيرة: فعلة من السير تجوز بها للطريقة والهيئة ( ).
ونلاحظ هنا أن ركندورف حافظ في صدر الآية على العطف بواو القلب، وأظهر مقابل لفظ الجلالة رغم أن الأصل على الغيبة؛ وذلك خوفاً من سوء الفهم. ثم استخدم مقابل الأمر ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮊ ونجد هنا الأمر وارد أولاً ثم النداء للإيناس والتنبيه، نجده يبدأ بالنداء ثم بالأمر خلافاً للترتيب الأصل بما يخل بجزء من دلالة النص وهو التوكيد على صدور الأمر. وقد استخدم ركندورف مقابل (الإلقاء) الذي يعني طرح الشيء حيث تلقاه أي تراه، ثم صار في التعارف اسماً لكل طرح، ويقال: ألقيت إليك قولاً وسلاماً وكلاماً ومودة( ) - الفعل השליך والذي يعني (قذف– رمى- ألقى– نبذ– طرح– لفظ). وذكر (شتينبرج) أنه يدل على الإلقاء والطرح הוריד ארצה, הפיל, הטיל، كما في (إشع 38/17) (כי השלכתָ אחרי גֵּוְך כל חטאי - فإنك طرحت وراء ظهرك كل خطاياي)، وفي (مزامير50/17) (نحميا 9/26) (إيخا 2/1) (השליך משמים ארץ- ألقى من السماء إلى الأرض)( ). والفعل بمعناه هذا يقترب من دلالة الإلقاء والطرح إلا أن المترجم استخدم الظرف ארצה، ثم كرره في الآية التالية וישליכהו ארצה. وإضافته لهذا الظرف لم تكن سوى رغبة من المترجم في إضفاء الطابع المقرائي على النص القرآني، وذلك أن هذه الصيغة وردت في (خر 4/3) (השליכהו ארצה וישליכהו ויהי לנחש– اطرحها إلى الأرض، فطرحها إلى الأرض، فصارت حية)، في قصة موسى المناظرة لنفس هذا المشهد من القصة القرآنية. وهو في هذا تعدَّى حد الأمانة باستخدامه لهذا المقابل الذي يوحي بوجود اقتباس في القرآن الكريم من العهد القديم. ومما يؤكد هذا أن المترجم نفسه في (النمل10) يستخدم مقابل قوله تعالى: ﮋ ﮬ ﮭ ﮊ التعبير השלך את מטך، وكذلك في (القصص31) مقابل قوله تعالى: ﮋ ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ يستخدم التعبير השלך נא את מטך. إذن فهو واعٍ هنا لاستخدام الظرف لإضفاء الطابع المقرائي، خاصة وأن سورة طه تسمى سورة الكليم وهي تسبق سورتي النمل والقصص.
ثم نجده مقابل لفظ (حية) يستخدم لفظ נחש وهي تلائم لفظ الحية العربية باعتبار المقابل العبري يدل على فرع من أسرة الزواحف؛ أي تدل على الحيات بصفة عامة فالمقابل قريب من المعنى هنا. ثم استخدم مقابل (تسعى) الفعل התנודד الذي يعني (تحرك – اهتز – ماد – تمايل – تذبذب – تأرجح)( ). والفعل هنا يدل على التحريك والاهتزاز دون الحركة السريعة في التنقل التي أثارت الخوف في نفس موسى، كما أن الاهتزاز هو التحريك الشديد، يقال: هززت الرمح فاهتز وهززت فلانا للعطاء( ). فالمقابل قاصر هنا عن أداء معنى الأصل، فترجمة ركندورف لهذه الآية قاصرة ومليئة بالظلال اليهودية.
أما ريفلين فقد التزم بالتقديم للأمر أولاً ثم النداء השליכהו משה. واستخدم الفعل השליך الذي حافظ على استخدامه دون إضافات في كافة المواضع المناظرة في (النمل 10، والأعراف107، والشعراء32، والقصص31). ثم استخدم مقابل لفظ (حية) لفظ נחש. واستخدم للسعي الفعل רוצץ الذي يعني (جرى ذهاباً وإياباً – تراكض جيئة وذهاباً)، كما في (ناحوم 2/5) (כברקים ירוצצו - تجري كالبروق)( ). ومن هنا نعلم مدى فهم المترجم لدلالة السعي وهو التنقل السريع، فترجمة ريفلين هي قريبة إلى حد كبير من المعنى هنا.
أما بن شمش فنجده قد التزم بالأمر أولاً ثم النداء وبالمقابلات مثلما فعل ريفلين، وقد استخدم للدلالة على السعي الفعل התרוצץ وهو فعل يرجع للعصر الحديث ويعنى (تراكض – ركض من مكان لآخر– هام على وجهه)( ) وهو قريب من المعنى إلا أنه يدل على وجود شخص آخر يتم الركض معه، وأيًّا ما كان الأمر فهو قريب من معنى الأصل.
وفي مقابل قوله تعالى: ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ [طه: ٢١] نجد ركندورف يستخدم الصيغة אחזהו ואל תירא وهي صيغة قريبة من المعنى. ولفظ מצב يعني (وضع- حال- حالة- ظرف- طور- ملابسات)( ) وهو قريب من المعنى كذلك.
وكذلك جاءت ترجمة ريفلين قريبة من المعنى، ولفظ מנהג الذي استخدمه يعني (وضع- مسلك- سنة- سلوك- دأب-نمط)( ). فترجمته ملتزمة بالأصل هنا.
بينما نجد بن شمش يقدم النهي عن الخوف אל תפחד, שלח ידך ואחוז בזנבו وهذه العبارة هي ذاتها الواردة في (خر4/4) (שלח ידך ואחז בזנבו – مد يدك وأمسك بذنبها). ومما يؤكد قصور الترجمة أن الأصل ذكر الأمر بالأخذ دون تحديد أي موضع من مواضع الحية سيمسك موسى عليه السلام به أولاً هل الرأس أم الذنب؟ والمترجم يسير في هذا على نهج ركندورف في محاولته إضفاء الصفات المقرائية على النص القرآني، حتى وإن كان في هذا إضافة للنص لم ترد به.
ومما يؤكد القصور هنا أن المترجم في مقابل قوله تعالى: ﮋﮛ ﮜ ﮝﮊ أورد الصيغة ואז ישוב (حينئذ سيعود) فهو أولاً قد حول الفاعل من ضمير العظمة وجمع المتكلمين (سنعيدها) إلى الحية ذاتها فجعل المقابل ואז ישוב أي الـ נחש ذاته وهو ما يخل تماماً بالمعنى ودلائل قدرة الله عز وجل في إبراز هذه المعجزة. والتعبير ויהיה למטה בכפך ورد في (خروج 4/4) (ויהי למטה בכפו – فصارت عصا في يده) بما يؤكد سوء الترجمة وقصورها عن المعنى وإضفاء ظلالٍ يهودية على الأصل.
وفي هذه الآيات ورد وصف عصا موسى عليه السلام بأنها صارت حية وهو الاسم العام فقد سماها الله عز وجل جاناً تارة كما في (القصص31، والنمل10) نظراً إلى المبدأ، وسماها ثعباناً مرة كما في (الأعراف107، والشعراء32) باعتبار المنتهى، ثم سماها حية مرة أخرى باعتبار الاسم الذي يعم الحالين، وقيل: كانت في ضخامة الثعبان وجلادة الجان ولذلك قال كأنها جان( ). وقيل: إن الحية اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير( ).
وفي مقابل دقة اللفظ القرآني ودقة الوصف وتنوعه وفقاً لكل حال ومقام نجد ركندورف في جميع الأحوال يستخدم المقابل נחש مقابلاً للثعبان في (الأعراف107، والشعراء32) ومقابلاً للجان في (النمل10، القصص31)، وهنا في (طه 20) استخدمها مقابلاً للاسم العام للحية, وهو ما أضاع دلالة التنوع القرآني.
و الأمرنفسه نجده عند بن شمش حيث استخدم نفس اللفظ נחש في كافة المواضع.
في حين نجد ريفلين يستخدم تعبيرات متنوعة ليوحي بوجود تنوع في الأصل ففي (طه20) استخدم المقابل נחש. بينما في مقابل لفظ الجان في (النمل10، والقصص31) استخدم المقابل כמו היה נחש (كأنه صار ثعباناً)؛ أي أنه استخدم صيغة التشبيه كمحاولة للإيحاء بالفارق بين المشبه والمشبه به. بينما في (الأعراف107، والشعراء 32) استخدم مقابل الثعبان لفظ צפעוני الذي يعني (فصيلة من الأفاعي السامة رأسها مُثلث الشكل لها سنان كبيرتان تنفثان السم viperidae)، كما في (إرميا 8/17) (נחשים צפעונים حيات أفاعي) وفي (إشع 11/8) و(إشع 59/5)( ).
وهو بهذا يحاول الإيحاء بوجود فارق وإن لم يتمكن من نقل المعنى المراد بدقة إلا أن المحاولة تحمد له في مراعاته لتنوع الوارد في النص القرآني. ومن هنا تظهر دقة ريفلين خلافاً لركندورف وبن شمش.
ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ [طه: ٢٢ ]
ركندورف: שים את ידך תחת זרועך, ותוציאה לבנה בלי נגע, זה לך האות השני! ( ).
ريفليـن: וֶאֱסֹף יָדְךָ אֶל חֵיקֶךָ וְיָצְאָה לְבָנָה מִבְּלִי רָעָה, אוֹת שֵנִי ( ).
بن شمش: ועתה שים ידך בחיקך ולאחר שתוציאנה, תהיה לבנה כשלג מבלי שתיפגע ( ).
التفسير: ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮊ إلى جنبك تحت العضد؛ أي أدخلها تحت عضدك فإن جناحي الإنسان جنباه, كما أن جناحي العسكر ناحيتاه مستعار من جناحي الطائر، ثم توسع فيه فأطلق على اليد وعلى العضد وعلى جنب الرجل. وأمره الله بهذا ليقوى جأشه ولتظهر له هذه الآية العظيمة في اليد. قوله تعالى: (ﮣ) جواب الأمر، وقوله: (ﮤ) حال من الضمير فيه (ﮥ ﮦ ﮧ) متعلق بمحذوف أي كائنة من غير عيب وقبح؛ لأن السوء هو الرداءة والقبح وكنى به عن البرص، قيل: خرجت بيضاء تشف وتضيء كأنها شمس( ).
استخدم ركندورف مقابل الأمر بالضم وهو الأمر بإدخال اليد تحت العضد استخدم التعبير שים את ידך תחת זרועך, والمعنى قريب من دلالة الأصل هنا، خاصة وأنه التزم بذكر الجناح بأنه العضد والذراع خلافاً للجيب التي ورد ذكرها في سورتي النمل والقصص, واستخدم مقابلها لفظ חיק؛ لأن لفظ זרוע تعني الجزء الممتد في الإنسان من الكتف وحتى اليد. لكن نلاحظ أن المترجم في قوله تعالى (ﮣ ﮤ) رغم أن الضمير لليد وهي الفاعل، نجده يستخدم المقابل ותוציאה (تخرجها) حيث حوّل الضمير إلى موسى عليه السلام، وذلك اعتماداً على ماورد في (خروج 4/6) (וַיּוֹצִאָהּ – ثم أخرجها). وفي هذا إخلال بجزء من المعنى لأن إسناد الفاعلية لليد يوحي بعظم المعجزة وقوتها. فالمترجم وإن أخطأ نتيجة الأثر اليهودي الذي يضفيه على ترجمته. إلا أنه أدرك دلالة قوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ) واستخدم لـ (السوء) المقابل לבנה בלי נגע (بيضاء دون برص)، وذلك اعتماداً على من قال إن المراد الكناية عن البرص وغيره من الأمراض السيئة. ثم استخدم مقابل قوله تعالى (ﮨ ﮩ) -وهي نكرة- المقابل האות השני (ﮨ ﮩ ) حيث عرفها بالهاء وكأنه يحصي عدداً من المعجزات، رغم أن الأصل استخدم (أخرى) نكرة لكونها ثاني المعجزات فالتعريف يخالف الأصل. فترجمته بها قاصرة عن معنى الأصل غير ملتزمة به.
أما ريفلين فاستخدم المقابل ואסוף ידך (للضم) وهو المقابل المباشر للمعنى. إلا أنه استبدل (جناحك) بالمقابل חיק وهو يعني (حضن– حجر– كنف– وسط– داخل). وقد خلط المترجم بين هذه الآية وبين قوله تعالى ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮊ [القصص:٣٢]، وقوله تعالى: ﮋ ﯯ ﯰ ...ﮊ [النمل:12] اللذين استخدم مقابلهما لفظ חיק، بما يخل المعنى المراد هنا. ولكنه من ناحية أخرى التزم بكون اليد البيضاء هي الفاعل ויצאה לבנה، والتزم بمقابل السوء מבלי רעה. والتزم بالتنكير في (آية أخرى) אות שני. وأشار في هامشه رقم (2) إلى أن (اليد أصابها البرص دون أن يشعر موسى بألم) היד היתה מצורעת אך לא הרגיש כל כאב ( ). وهذا الهامش يسيء للنص لأن الأصل لم يرد به مثل هذا المعنى، بل كنى النص عن عدم الضرر بقوله تعالى (من غير سوء).
أما بن شمش فجعل المقابل ועתה שים ידך حيث استخدم نفس الفعل الذي استخدمه ركندورف. كما أخطأ في مقابل لفظ (جيبك) فأورد اللفظ חיק، مثلما فعل ريفلين دون إدراك لدقة اللفظ القرآني (جناح) هنا. كما سار على نهج ركندورف فجعل الفاعل هو موسى عليه السلام وليس اليد ذاتها תוציאנה. ثم أضاف من لدنه التعبير תהיה לבנה כשלג ورد في العهد القديم في قصة موسى (خروج 4/6) (והנה ידו מצורעת כשלג – وإذا يده برصاء مثل الثلج)، وقد أضاف هذا التعبير في (القصص31, والنمل 10). فهذه إضافة للإساءة للأصل.
وأما التعبير מבלי שתיפגע (دون أن تصاب) فهو قريب من الأصل إلى حد كبير. لكن الترجمة بصفة عامة قاصرة عن المعنى وتضفي ظلالاً يهودية على النص القرآني. وقد أشار المترجم في الهامش إلى موضع (خر 4/6) وكأنه يريد القول إن النص القرآني مقتبس من التوراة، حاشاه في ذلك. ولم يكتف بهذا، بل حذف قوله تعالى: ( ﮨ ﮩ ) دون مراعاة للتدرج القرآني في وصف المعجزات، وهذا يعد إخلالاً بالمعنى، فترجمته غير ملتزمة بالأصل, ولعل الترجمة المقترحة هى تعديل ترجمة ريفلين على النحو التالى: ואסוף ידך אל זרועך ויצאה לבנה מבלי רעה..
ﮋﮰﮱﯓﯔﯕ*ﯗﯘﯙﯚﯛﮊ[طه: ٢٤-٢٥ ].
ركندورف: לך אל פרעה, כי תועה הוא מאוד. ויאמר משה: אדוני! הרחב נא את לבי( ).
ريفلين: לֵךְ אֶל פַּרְעֹה, כִּי הִמְרָה": וַיֹּאמֶר: אֱלֹהַי, הַרְחִיבָה לִי לְבָבִי. וְהָקֵל מֵעָלַי מִצְוָתִי ( ).
بن شمش: "...כי אנו שולחים אותך אל פרעה החוטא המתפרץ ". ויתפלל משה ויאמר: "ריבוני! הרחב לבי ( ).
التفسير: ﮋ ﯔ ﯕﮊ تعليل للأمر أو لوجوب المأمور به؛ أي جاوز الحد في التكبر والعتو والتجبر حتى تجاسر على العظيمة التي هي دعوى الربوبية. ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ * ﯝ ﯞ ﯟ ﮊ لما أُمر بما أُمر به من الخطب الجليل تضرع إلى ربه عز وجل وأظهر عجزه بقوله: ﮋﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﮊ [الشعراء: ١٣] وسأله تعالى أن يوسع صدره. وفي زيادة كلمة (لي) مع انتظام الكلام بدونها تأكيد لطلب الشرح والتيسير بإبهام المشروح والميسر أولاً, وتفسيرهما ثانياً. وفي تقديمها وتكريرها إظهار مزيد اعتناء بشأن كل من المطلوبين وفضل اهتمام باستدعاء حصولهما له واختصاصهما به؛ لأنه تكرير للمعنى الواحد عن طريق الإجمال والتفصيل( ) ﮋ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﮊ وفي تنكير العقدة وإن لم يقل عقدة لساني أنه طلب حل بعضها إرادة أن يفهم عنه جيداً، ولم يطلب الفصاحة الكاملة. (ﯣ ﯤ) صفة للعقدة، كأنه قيل عقدة من عقد لساني، وتنكيرها إنما يفيد قلتها في نفسها لا قلتها باعتبار كونها بعضاً من الكثير( ).
في مقابل قوله تعالى: ﮋﮰ ﮱ ﯓﮊ التزم كل من ركندورف وريفلين بالأمر المباشر לך אל פרעה. بينما نجد بن شمش يستخدم صيغة الخبر وليس الأمر المباشر כי אנו שולחים אותך אל פרעה (لأننا مرسلوك إلى فرعون). وهذا المعنى قصر عن دلالة الأصل؛ إذ الأمر هنا إنما هو تخلص إلى المقصود من تمهيد المقدمات السالفة، وفصل عما قبله من الأوامر إيذاناً بأصالته؛ أي: اذهب إليه بما رأيته من الآيات الكبرى وادعه إلى عبادتي( ). فجاءت ترجمة بن شمش قاصرة هنا عن معنى الأصل.
وأما قوله تعالى ﮋ ﯔ ﯕﮊ فقد سبقت الإشارة إلى قول المفسرين إن الطغيان هو تجاوز الحد في التكبر والعتو والتجبر. وقيل هو تجاوز الحد في العصيان ( ).
وفي مقابل هذا المعنى يستخدم ركندورف الفعل תעה والذي يعني (تاه- ضل– تشرد– حار– احتار– انحرف(عن سواء السبيل) – زاغ - زلّ)، كما في (مزامير 107/4) (תעו במדבר- تاهوا في البرية) و(إشع 53/6) (כלנו כצאן תעינו - كلنا كغنم ضللنا) و(حزقيا 44/10) (בתעות ישראל אשר תעו מעלי אחרי גלוליהם - حين ضل إسرائيل فضلوا عني وراء أصنامهم)( ). فالدلالة هنا للضلال والخروج عن جادة الصواب وعبادة آلهة أخرى، حيث وردت إشارة لهذا في حزقيال. بينما استخدم لفظ תועים في العصر الوسيط للدلالة على الضالين أو كناية عن عبدة الأصنام. والمعنى لم يتطرق لدلالة تجاوز الحد في العصيان المرادة من الأصل العربي، خاصة وأن الفعل في جزء من دلالته يعني (تاه- ضل). ومما يؤكد عدم دقة ركندورف أنه يستخدم أكثر من مقابل للفعل (طغى) فنجد في (طه45) يستخدم المقابل הזיד، بينما في (طه 43،والنازعات 17، والعلق 6) يستخدم الفعل שגה، وفي (الفجر) يستخدم التعبير הקשה את לב. بما يعني عدم وحدة المقابل لديه.
في حين استخدم ريفلين المقابل המרה والذي يعني (عصى- تمرد على- شق عصا الطاعة – خالف أمر)، وورد في العهد القديم بمعنى أثار الغضب بسبب التعنت وعدم الطاعة كما في (مزامير107/11) و(تث1/26) (ותמרו את פי יהוה אלהיכם- وعصيتم قول الرب إلهكم) و(مزامير78/40). وقد ذكر (ابن شوشان) أن دلالته تعني (מרד, הרגיז, מרה)( )، ولعل المقابل هنا يقترب في دلالته من دلالة العصيان المتعمد والتمرد على ما يؤمر به، وهو يقترب من دلالة تجاوزه الحد في العتو والتجبر. ومما يدل على التزام ريفلين أنه استخدم هذا الفعل في (طه 43، 45، والنازعات17، والفجر11، والعلق6)، خاصة، وأن الفعل המרה يدل على الوصول في العصيان لمرحلة إغضاب الآخر أي تجاوز الحد في العصيان.
أما بن شمش فقد استخدم هنا التعبير החוטא המתפרץ والفعل חטא يعني (أخطأ –أذنب–أجرم– اقترف جريمة-فسق)، كما في (خر5/16) (וחטאת עמך- وقد أخطأ شعبك) و(إشع 1/4) (הוי גוי חוטא- ويل للأمة الخاطئة) و(خر 10/16) (ויאמר חטאתי ליהוה- وقال أخطأت إلى الرب)( ). ثم استخدم الفعل התפרץ الذي يعني (اخترق– تمرد على– عصى– خلع العذار)، كما في (صمو 28/10)( )؛ أي أن المعنى: صار عنده (المخطئ المتمرد). وهذا المعنى غير واف بمراد الأصل، ورغم أنه ورد في الأصل بلفظ واحد فقد عبر عنه بن شمش بلفظين مختلفين، وهذا مخالف لدقة الأصل ولقواعد الترجمة، خاصة وأن هناك من الأفعال ما يقترب في دلالته من معنى النص القرآني. ويؤكد هذا أن بن شمش نفسه يستخدم في (طه 43، والفجر11) المقابل חוטא فقط، بينما يستخدم في (طه 45) المقابل התפרע، ثم يستخدم في (النازعات17، والعلق6) المقابل המתמרד؛ أي أنه لم يلتزم بوحدة المقابل مثلما فعل ركندورف بما يوحي بوجود تعدد في الأصل العربي ويوقع المتلقي في حبائل أخطاء الترجمة وعدم وحدة المقابل.
وفي مقابل قوله تعالى: ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ * ﯝ ﯞ ﯟﮊ نجد ركندورف يستخدم التعبير הרחב נא את לבי وأشار في هامشه إلى أن المراد هو תן לי חכמה ובינה (امنحنى حكمة وفهماً). وهذا المعنى قريب مما ذكره بعض المفسرين قال ابن جريج: معناه ((وسع لي صدري لأعي عنك ما تودعه من وحيك)). وقال الكرماني: ((وسع قلبي ولينه لفهم خطابك وأداء رسالتك))( ). وقيل: بجعله عليماً بشؤون الحق وأحوال الخلق حليماً حمولاً( ). والتعبير הרחב נא את לבי ورد في (مزامير119/32) (כי תרחיב לבי- لأنك تُرَحّبُ قلبي)، و(مزامير 25/17) (צרות לבבי הרחיבו- أُفْرجُ ضيقات قلبي)، وذكر شتينبرج أن معناه (تخلصه من الضيق)( ). والمقابل قريب في معناه من المراد بشرح الصدر. إلا أن المترجم لم يلتزم بوحدة المقابل حيث استخدم التعبير הרחיב את לב في (الأنعام 125) والتعبير נתן רחב לב في (الزمر22) والتعبير פתח לי את לב في (الشرح 1)، وبهذا نجده يخرج عن حد الالتزام بوحدة المقابل في المواضع المختلفة.
في حين نجد ريفلين قد استخدم نفس التعبير הרחיב לי לבבי وحرص على الالتزام بوحدة المقابل في الآيات المناظرة كما في (الشرح، والزمر، والأنعام، والنحل). فهو أكثر التزاماً من سابقه.
أما بن شمش فاستخدم نفس التعبير הרחיב לבי وإن سار على نهج ركندورف حيث لم يلتزم بوحدة المقابل فنجده في (الأنعام125، والشرح1) يستخدم المقابل הרחיב לב، وإن أشار في هامشه لسورة الشرح (هامش1) إلا أن هذا يشبه ما ورد في (مزامير 25/17) الذي استشهدنا به هنا. ثم نجد في (النحل 106، والزمر22) يستخدم المقابل פתח את לב؛ أي وقع في نفس الأمر ولعل הרחיב לבי هو الأقرب للمعنى هنا.
هذا من حيث المقابل, أما من حيث التركيب فنجد ركندورف وبن شمش لم يهتما بوجود اللام والضمير (لي) في الأصل، بل حذفاها بما أخل بدلالة التقديم هنا. وإن ذكرها ركندورف في مقابل قوله تعالى: ﮋﯝ ﯞ ﯟﮊ וישר לי את דברי. بينما لم يلتزم بها بن شمش في الحالتين، وكلاهما قد أضاع دلالة التكرار هنا وهي التفصيل بعد الإجمال، ودلالة التقديم في الحالة الأولى عند الاثنين وفي الحالة الثانية عند بن شمش.
في حين التزم ريفلين بالمقابل المباشر وبالتكرار والتقديم في الحالتين הרחיבה לי לבבי. והקל מעלי מצותי فهو الأقرب والأكثر التزاماً هنا. ولعل ترجمة ريفلين هى الأقرب والأكثر التزاما بالأصل.
ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ * ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ [طه: ٤٧ – ٤٨]
ركندورف: לכו אליו ואמרו: שלוחי אלהיך אנחנו, שלח אתנו את בני ישראל ואל תוסף לענותם ! הן באנו אליך באותות מאת אדונך, ושלום להולך בדרך הטובה.* גם גלה לנו, כי המדברים כזבים בנו והפונים אלינו עורף יוסרו( ).
ريفلين: וַיָּבוֹאוּ אֵלָיו שְנֵיהֶם וַיֹּאמְרוּ: " אֲנַחְנוּ שְלִיחֵי אֱלֹהֶיךָ, עַתָּה שְלַח אִתָּנוּ אֶת בְּנֵי יִשְרָאֵל וְאַל תְּעַנֵּם. הִנֵּה בָּאנוּ אֵלֶיךָ בְּאוֹת מֵאֵת אֱלֹהֶיךָ, וְשָלוֹם עַל כָּל אֲשֶר הָלַךְ בְּאֹרַח מֵישָרִים.*אָכֵן כְּבָר גָּלוּ אָזְנֵינוּ, כִּי הָעֹנֶש יָחוּל עַל כָּל אֲשֶר כִּחֵש וַיִּפֶן עֹרֶף "( ).
بن شمش: בבואכם אליו כה תאמרו לו אנו שליחי ריבונך. שלח את עמנו, את בני ישראל, ואל תמרר את חייהם. הבאנו לך אות מריבונך עם ברכת שלום למודרך בדרך הישר. אולם יחד עם זאת נתגלה לנו כי המכחש באותותינו והסוטה ייענש( ).
التفسير: (فأتياه) أمر بإتيانه الذي هو عبارة عن الوصول إليه بعدما أُمرا بالذهاب إليه فلا تكرار، وهو عطف على (لا تخافا) باعتبار تعليله بما بعده. ﮋ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﮊ أمر بذلك تحقيقاً للحق من أول الأمر ليعرف الطاغية شأنهما ويبني جوابه عليه. أي وخاطباه. (ربك) تحقيراً له وإعلاماً أنه مربوب مملوك إذ كان هو يدعي الربوبية. ﮋ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﮊ التعرض لعنوان الربوبية والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فإن كونهما رسولَي ربِّه مما يوجب إرسالهم معهما, والمراد بالإرسال إطلاقهم من الأسر والقسر. ﮋ ﯯ ﯰ ﮊ أي بإبقائهم على ما كانوا عليه من العذاب؛ فإنهم كانوا تحت ملكة القبط يستخدمونهم في الأعمال الصعبة الفادحة. وتوسيط حكم الإرسال بين بيان رسالتهما وبين ذكر المجيء بآية دالة على صحتها لإظهار الاعتناء به مع ما فيه من تهوين الأمر على فرعون؛ فإن إرسالهم معهم من غير تعرض لنفسه وقومه بفنون التكاليف الشاقة كما هو حكم الرسالة عادة ليس مما يشق عليه كل المشقة؛ ولأن في بيان مجيء الآية نوع طول فتأخير ذلك مخلَّ بتجاوب أطراف النظم الكريم. ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ أي ذكرا ما يدل على صدقهما في إرسالهما إليه، فهذا تقرير لما تضمنه الكلام السابق من دعوى الرسالة وتعليل لوجوب الإرسال؛ فإن مجيئهما بالآية من جهته تعالى مما يحقق رسالتهما ويقررها ويوجب الامتثال لأمرهما. وإظهار اسم الرب في موضع الإضمار مع الإضافة إلى ضمير المخاطب لتأكيد ما ذكر من التقرير والتعليل. وقيل على سبيل التوكيد بأنه مربوب مقهور (فرعون). وتوحيد الآية مع تعددها؛ لأن المراد إثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة, فكأنه قال: قد جئناك بمعجزة وبرهان وحجة على ما ادعيناه من الرسالة. ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﮊ إما فضل للكلام فالسلام بمعنى التحية رغباً به عنه وجرياً على العادة في التسليم عند الفراغ من القول، مسلماً على متبعي الهدى، وفي هذا توبيخ له. وقيل: هو مدرج متصل بقوله: ﮋ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﮊ فيكون إذ ذاك خبراً بسلامة المهتدين من العذاب، وفيه ترغيبه في اتباعهما على ألطف وجه ما لا يخفى.ﮋﯾ ﯿ ﰀ ﰁﮊ من جهة ربنا ولم يذكر الموحي, لأن فرعون كانت له بادرة فربما صدر منه في حق الموحي؛ ما لا يليق به. (أن العذاب) الدنيوي والأخروي ﮋ ﰄ ﰅ ﰆﮊ أي بآياته تعالى: ﮋﰇ ﮊ أي أعرض عن قبولها, وفيه من التلطيف في الوعيد؛ حيث لم يصرح بحلول العذاب به مالا مزيد عليه. وقيل: لعل تغيير النظم والتصريح بالوعيد والتوكيد فيه؛ لأن التهديد في أول الأمر أهم وأنجح وبالواقع أليق( ).
نلاحظ أن تصدير الآية بالفعل المعطوف بالفاء (فأتياه) – وهو فعل أمر كما أجمع المفسرون– قد أحدث خلافاً بين المترجمين, إذ نجد ركندورف يستخدم صيغة الأمر לכו אליו ואמרו فهو ملتزم هنا بالأمر، وإن حذف العاطف (الفاء) بما يخل بالترابط بين الآي الكريمة.
أما ريفلين فاستخدم المقابل ויבואו אליו שניהם ויאמרו (فأتياه فقالا) أي استخدم صيغة الماضي عن طريق واو القلب في محاولة منه للحفاظ على دلالة الفاء هنا. ومما يؤكد استخدام صيغة المستقبل المقلوب استخدامه للفعل ויאמרו في زمن المستقبل بما يضيع دلالة الأمر هنا وإن التزم بصيغة المثنى.
وقد سار على هذا المنوال بن شمش حيث استخدم صيغة الحكاية مع تحويل الأمر إلى صيغة المصدر בבואכם אליו כה תאמרו לו (عند مجيئكم إليه هكذا تقولون له)، وهذه الصيغة تنحو إلى زمن الاستقبال لا إلى زمن الأمر، ومما يؤكد هذا استخدامه لصيغة الفعل תאמרו (ستقولون) في زمن الاستقبال مع عدم الالتزام بالعطف هنا بما يخل بالمعنى.
ﮋ ﯨ ﯩ ﯪ ﮊ التزم الجميع بالضمير المخاطب في (ربك) مع خلاف في استخدام المقابل بين אלהים, ריבון. غير أنه يؤخذ على ركندورف تقديمه للخبر (رسولا ربك) على التوكيد بالضمير (إنّا)، إذ جعل المقابل שלוחי אלהיך אנחנו (رسولا إلهك نحن). في حين التزم باقى المترجمين بالأصل في هذه الجزئية.
ﮋ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﮊ فالفاء هنا للترتيب والربط الداخلي في الآية كما سبق القول. بينما نجد ركندورف يحذف الرابط هنا مكتفياً بالفاصلة المنقوطة، وكذلك فعل ريفلين وإن حاول الإتيان بما يدل على الترتيب وهو لفظ עתה (الآن). أما بن شمش فهو مع حذف العاطف أضاف التعبير את עמנו, את בני ישראל (شعبنا بني إسرائيل)، فجعل بني إسرائيل بعدما كانوا مفعولاً به في الأصل جعله بدلاً من את עמנו (شعبنا)، وهي إضافة لم ترد في النص ولم يكن للسياق أن يتحملها؛ لأنهما في معرض التقرب, والحديث باللين لفرعون دون إثارة ما يحول دون تحقيق هذا الأمر منهما عليهما السلام، ولذا فلا محل لوضع (شعبنا) أو (قومنا) هنا؛ لأن هذا سيحول الأمر بدلاً من كونه إخراج للمؤمنين من تحت سلطان الكافر إلى مجرد تحرير وطني قومي لهذا الشعب فتخل هذه الإضافة بالشحنة الدلالية المستفادة هنا.
ﮋ ﯲ ﯳ ﯴﮊ لم يدرك ركندورف دلالة التوحيد والإفراد للآية حسبما ذكر المفسرون– بل أتى بالمقابل جمعاً אותות رغم أن الأصل يتعلق بآيتين وهما العصا واليد، فكيف له بالجمع على مجمل القصة؟! أفلا يعدُّ هذا خروجاً عن حد الالتزام بالأصل إضاعة للمعنى المستفاد هنا؛ وهو تحقيق الرسالة وإثباتها بالبرهان دون تعديد لأنواع هذا البرهان.
ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﮊ التزم ركندورف وريفلين بالعطف في صدارة هذه الجملة، في حين لم يلتزم بهذا بن شمش بل استخدم الأداة עם (مع) وصار المعنى (جئناك بآية من ربك مع تحية السلام). وحذفه للعاطف بالواو واستخدام أداة أخرى يخل بدلالة الأصل ويخرج عن حد الالتزام هنا.
وفي مقابل قوله تعالي ﮋ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﮊ استخدم ركندورف المقابل כי המדברים כזבים בנו והפונים אלינו עורף יוסרו (إن من يكذبون علينا ويعرضون عنا سيعاقبون). وهو هنا قد حوّل الجملة من الاسمية المؤكدة بالأداة (إن) والألف واللام في (العذاب) للاستغراق أو تفيد الماهية, وعلى التقديرين يقتضي انحصار هذا الجنس في من كذب وتولى، فوجب في غير المكذب المتولي أن لا يحصل هذا الجنس أصلاً ( ). إذن فالمترجم قد أخل بالدلالة هنا؛ لأنه استخدم الفعل المتجدد الحدوث، بينما الأصل يستخدم الاسم الثابت الدائم. كما أنه قدّم ذكر ﮋ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ على ذكر (العذاب)، بما يفقد الآية جزءاً من دلالتها ويخرج عن دقة المعنى والنظم.
أما ريفلين فكان حريصاً على الالتزام بالأصل כי העונש יחול על כל אשר כיחש ויפן עורף حيث حرص على التوكيد والاسمية مع الحفاظ على الترتيب فهو أفضل هنا من سابقه.
أما بن شمش فسار على نهج ركندورف حيث أخّر ذكر (العذاب)، مع تحويل الجملة إلى الفعلية כי המכחש באותותינו והסוטה ייענש (لأن المكذب بآياتنا والمنحرف عنها سيعاقبون)، بما يضيع جزءاً مهماً من دلالة الأصل ويفقد النص قوته.
وبصفة عامة جاءت ترجمة ريفلين هي الأكثر التزاماً هنا، إذ شاب ترجمتي ركندورف وبن شمش القصور في نقل المعنى.
ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ *ﭲ ﭳ ﭴ.... ﮊ [طه: ٥٣ – ٥٤]
ركندورف:...ויורד מים מן השמים, ויוציא לכם כל פרי למינהו * ויאמר: אכלום, והאכילו מהם את בהמתכם ! זה אות למתבוננים ( ).
ريفلين:... וַיּוֹרֶד מִן הַשָּמַיִם מַיִם. וַנּוֹצִיא בָּהֶם מִינִים, צְמָחִים מִצְמָחִים שוֹנִים * אִכְלוּ וּרְעוּ מִקְנֵיכֶם, אָכֵן בָּזֶה אוֹת לְאַנְשֵי תְּבוּנוֹת ( ).
بن شمش: ...והוא מוריד מים מן השמים, ומוציא על ידיהם מהאדמה סוגי צמחים שונים למאכל, עם מרעה למיקנכם. בכל אלה אותות לאנשי תבונה( ).
التفسير: ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﮊ [طه: ٥٣] ﮋ ﭫ ﭬﮊ [طه: ٥٣] عطف على (أَنزَلَ) داخل تحت الحكاية، وإنما التفت إلى التكلم للتنبيه على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة والإيذان بأنه لا يتأتى إلا من قادر مطاع عظيم الشأن تنقاد لأمره وتذعن لمشيئته الأشياء المختلفة. وفيه تخصيص أيضاً بأنا نحن نقدر على مثل هذا ولا يدخل تحت قدرة أحد ( ).
وفي مقابل دلالة الالتفات هنا نجد ركندورف لم يلتزم بالأصل حيث حوَّل الضمائر كلها للغيبة ויורד....ויוציא (وانزل...واخرج). وكذلك الحال لدى بن شمش מוריד...ומוציא (منَزل...ومخرج). وهما بهذا قد أضاعا دلالة الالتفات السابق ذكرها بما يخل بالمعنى لديهما. ولم يكتف بن شمش بهذا بل حذف فعل الأمر التالي وحوَّل الجملة من الفعلية (كُلُواْ, ارْعَوْا) إلى الاسمية למאכל עם מרעה למיקנכם (للطعام ومرعى لأنعامكم) بما يخل بدلالة الأصل هنا.
في حين التزم ريفلين بالالتفات في الأصل ויורד...ונוציא بما يعني إدراكه لدلالة الأصل هنا، كما حرص على نسق الجملة الفعلية في الأصل אכלו ורעו מקניכם ومن ثم جاءت ترجمته ملتزمة بالأصل قريبة من معناه.
ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮊ [طه: ٥٥]
ركندورف: מעפר יצרכם ואל עפר ישיבכם ומקרבו יוציאכם ביום האחרון * הן הראינוהו את כל אותותינו,...( ).
ريفلين: מִמֶּנָּה יְצַרְנוּכֶם, וְאֶל תּוֹכָהּ נְשִיבְכֶם, וּמִמֶּנָּה נוֹצִיאֲכֶם פַּעַם אַחֶרֶת * וַנַּרְאֵהוּ אוֹתוֹתֵינוּ כֻּלָּם,....( ).
بن شمش: אשר מן האדמה יצרנום ואליה נחזירם וממנה נוציאם עוד פעם. אולם לאחר שהראינו לפרעה את כל אותותינו...( ).
التفسير: وتخصيص كونها آيات لهم بـ: (أولى النهى) مع أنها آيات للعالمين باعتبار أنهم المنتفعون بها. ﮋ ﭾ ﭿ ﮊ أي في ضمن أبيكم آدم عليه الصلاة والسلام منها فإن كل فرد من أفراد البشر له حظ من خلقه عليه الصلاة والسلام، وقيل المعنى خلقنا أبدانكم من النطفة المتولدة من الأغذية المتولدة من الأرض بوسائط. ﮋﮀ ﮁﮊ بالإماتة وتفريق الأجزاء. وإيثار كلمة (في) على كلمة (إلى) للدلالة على الاستقرار المديد فيها. ﮋ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ بتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب على الهيئة السابقة ورد الأرواح إليها، وكون هذا الإخراج تارة أخرى باعتبار أن خلقهم من الأرض إخراج لهم منها، وإن لم يكن على نهج التارة الثانية( ).
وفي مقابل هذا المعنى وكون الضمائر تعود على الله عز وجل، باعتباره الأوحد القادر على فعل هذه الأمور لا شريك له, وباعتبار الالتفات في الآية السابقة إلى ضمير العظمة مع كون الحديث لجميع السامعين وليس لأولي الألباب فقط حتى وإن كانوا هم أولى الناس بهذا. نجد مقابل هذا المعنى لدى ركندورف مختلفاً حيث حوّل الضمائر من ضمير نون العظمة إلى ضمير المفرد الغائب, وفي هذا إضاعة للمعنى؛ وكأن الكلام على لسان موسى وليس خطاباً من الله عز وجل مباشرة. باعتبار أن هذه الأمور كلها ضمن قدرة الله عز وجل فنجد المقابل יצרכם، ישיבכם، יוציאכם، ثم يعود إلى ضمير العظمة في الآية التالية (ولقد أريناه) הראינוהו. بما يفقد النص تماسكه ويوحي بأن موسى ينبئ القوم بقدرة الله عليهم دون مراعاة لدلالة الالتفات والاتساق الداخلي في الآيات. ولم يكتفِ بهذا بل حوَّل الضمير في (منها) إلى لفظ מעפר (من تراب) رغم أن الأمر إشارة لخلق آدم عليه السلام؛ أي أنه قدّر محذوفاً وهو עפר دون مراعاة لترابط الآيات بالإحالة بالضمير (منها) إلى لفظ الأرض الوارد في الآية السابقة. كما لم ينتبه للفارق بين دلالة (في) ودلالة (إلى)، فاستخدم المقابل ואל עפר (إلى التراب) فهو يفقد النص جزءاً من بلاغته وجزالة نظمه. كما حوَّل مقابل (تارة أخرى) إلى ביום האחרון (في اليوم الآخر). ولا شك أن المترجم هنا خرج عن حد الأمانة والدقة في النقل؛ ذلك أن المراد الإخراج في هيئة مختلفة عن هيئة الخلق الأولى وأشارة لعملية الخلق والإخراج الأولى وهو إخراجهم من الأرض عند الخلق، وليس المراد مجرد ذكر ظرف الزمان. ولكن تعمد المترجم فهم النص بهذا الشكل يتضح لنا من هامشه رقم (2) بنفس الصفحة والذي يقول فيه: ((هذا هو أسلوب محمد في جعل كلامه وأفكاره على لسان سائر الأنبياء))؛ أي أن المترجم حوّل الضمائر هنا باعتبار أن المتكلم هو محمد صلى الله عليه وسلم، وليس موسى عليه الصلاة والسلام. وهو بهذا يتدخل في النص ويحمله ما لم يرد به ليؤكد رؤيته الاستشراقية المعادية للرسول صلى الله عليه وسلم، خاصة وأنه خلال الآية السابقة والآية الحالية لم يرد ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يُعد خيانة للأمانة وجهلاً بالنظم القرآني الكريم.
في مقابل هذا نجد ريفلين ملتزماً بالأصل إذ حافظ على الضمائر יצרנוכם, נשיבכם, נוציאכם, נראהו. والتزم بالضمير العائد في صدارة الآية ממנה فهو يعود على الأرض التي سبق ذكرها في الآية السابقة، كما تنبه للدلالة المرادة من استخدام (فيها) ואל תוכה محاولاً الحفاظ على المعنى في الأصل. كما حافظ على معنى (تارة أخرى) פעם אחרת، فهو أكثر دقة هنا وحفاظاً على معنى الأصل ونظمه.
أما بن شمش فنجده يتلاعب بالضمائر كذلك لكن على نحو مغاير؛ إذ قصر الضمائر على (أولي الألباب) יצרנום, נחזירם, נוציאם, הראינו فعاد بالضمائر على نهاية الآية السابقة رغم أن هذا مما لم يقل به أحد من المفسرين، خاصة وأن الخلق والإماتة والإعادة أمور تختص بالخلق عامة مؤمنهم وكافرهم دون فارق أو تمييز بينهم في هذا الأمر. وهو ما لم يدركه المترجم ففقد جزءاً من المعنى بهذا التدخل في الأصل. وأما الضمير في صدارة الآية فاستخدم مقابله اللفظ المظهر دون المضمر אשר מן האדמה (الذي من الأرض). ولم يفهم الفارق بين (في) وبين (إلى)، بل استخدم ואליה (إليها) بما يخل بجزء من دلالة النص كذلك. إلا أنه كان أفضل من ركندورف حيث حافظ على مقابل (تارة أخرى) עוד פעם. وهو بهذا قد أضاع جزءاً من دلالة الأصل، ومن ثم فهو غير ملتزم هنا. وبالتالي تكون ترجمة ريفلين هي الأفضل هنا والأقرب للمعنى.
ﮋ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [طه: ٧٠]
ركندورف: ויפלו המכשפים על פניהם ויאמרו: מאמינים אנחנו באלהי משה ואהרן!( )
ريفلين: וַיִּפְּלוּ הַמְּכַשְּפִים מִשְתַּחֲוִים, וַיֹּאמְרוּ: "הֶאֱמַנּוּ בֵּאלֹהֵי אַהֲרֹן וּמֹשֶה " ( ).
بن شمش: ולאחר שכך קרה השתחוו המכשפים ויאמרו: "אנו מאמינים בריבונם של משה ואהרן"( ).
التفسير: ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ تأخير موسى عليه السلام عند حكاية كلامهم لرعاية الفواصل. وقد جوز أن يكون ترتيب كلامهم أيضاً هكذا إما لكبر سن هارون عليه السلام، وإما للمبالغة في الاحتراز عن التوهم الباطل من جهة فرعون وقومه حيث كان فرعون قد ربى موسى عليه السلام، فلو قدموا موسى عليه السلام لربما توهم فرعون وقومه من أول الأمر أن المراد بالرب هو (فرعون) ذاته( ). إن بدأهم بمن ليس أفضل دال على إظهار قوة الاقتناع بالحجة والإيمان بها، وذلك أن الآية لم تظهر على يد هارون، ولم يكن هو الغالب، وليس في تقديم موسى الذي لقفت عصاه ما صنعوا شيء يلفت لأنه هو الأصل، أما تقديم من لا دخل له في المعجزة التي عليها آمنوا فهو الأمر اللافت؛ لأنه جاء على خلاف الأصل. ففي هذا التقديم فائدتان, أولاهما: تأكيد الإيمان بموسى عليه السلام صاحب المعجزة، حيث اهتموا بإبراز إيمانهم بمن هو دونه في الفضل، وثانيتهما: أن يدل بهذا التقديم الذي ورد على خلاف الأصل على هول المفاجأة وقلب الاعتقاد من الوثوق الكامل بالنصر إلى الهزيمة المطلقة. فكان قلب الحقيقة في التعبير للدلالة على قلب الحقيقة في الاعتقاد، وبذلك تناسب هذا التقديم شكلاً وموضوعاً مع حالتهم النفسية( ).
وفي مقابل هذا المعنى نجد ركندورف لم يلتزم بنسق الآية بل صاغها بدون تقديم أو تأخير؛ أي أنه قدّم ذكر موسى على ذكر هارون באלהי משה ואהרן. بما يعني أنه قد أضاع دلالة التقديم المستفادة من الأصل هنا؛ كما أنه استخدم صيغة المضارعة מאמינים مقابلاً لقوله تعالى (آمنا)، فالأصل ماض دلالة على تحقق الأمر في حين يورده المترجم خلافاً للمعنى المراد هنا لأن صيغة الحال تشير إلى أنهم مؤمنون قبل حدوث المعجزة بما يخرج عن دلالة الأصل. بالإضافة لكون المترجم قد حذف مقابل (سجداً) المباشر واكتفى بالتعبير נפל על פניו الذي يعنى (خر ساجدا– سجد- ركع)، وذلك خلافاً للصيغة التي استخدمها في (الأعراف121، 122) ויקדו המכשפים וישתחוו ויאמרו، ولعل صيغة الأعراف أكثر دقة مما استخدمه هنا. كما أن تعدد الصيغ لديه رغم وحدة الأصل في الحالتين يخرجه عن حد الالتزام ويوحي للمتلقي باختلاف الصيغ في الأصل، رغم أن وحدة الصيغ في الأصل في بعض المواضع واختلافها في مواضع أخرى دليل على البراعة اللغوية وقدرة النص على إيراد المحادثة الواحدة في صور متعددة وهو من قمم البلاغة القرآنية خاصة. وهو ما لم يلتزم به المترجم بما يخرجه عن حد الدقة والأمانة في الترجمة، بما يخل بتنوع الأداء القرآني خاصة في ظل الرأي القائل بأنه ربما يكون السحرة قد قالوا القولين على فريقين( ).
أما ريفلين فكان أكثر دقة والتزاماً بالأصل حيث حافظ على التقديم والتأخير كما في الأصل האמנו באלהי אהרן ומשה، كما حرص على استخدام نفس الصيغة التي استخدمها في الأعراف. إلا أنه اتفق مع ركندورف في استخدام لفظ אלהים مقابلاً كلمة (الرب) وهو مقابل قاصر عن دلالة الربوبية؛ أي أنه فقد جزءاً من دلالة الأصل. وبرغم قصور المعنى جزئياً لديه إلا أنه ملتزم بالأصل فهو أفضل هنا من سابقه.
أما بن شمش فقد سار على نهج ركندورف سواء في عدم التقديم أو في استخدام صيغة الحال حيث أخر ذكر هارون وذلك على نسق (الأعراف 122) و(الشعراء 48) אנו מאמינים בריבונם של משה ואהרן بدلاً من إظهار التنوع الوارد في الصيغة الأصلية. كما أنه استخدم صيغة مختلفة عما استخدمه في الأعراف مقابل قوله تعالى (سجداً) הכריזו הקוסמים כשהם נופלים ומשתחווים. بما يعني وقوعه في نفس القصور لدى ركندورف ويضيع اللمحة البلاغية هنا، ولكنه من جهة أخرى التزم بمقابل (الرب) المباشر ריבון فهو الأفضل، ومن ثم فترجمته قاصرة عن دلالة الأصل.
وبالتالى فترجمة ريفلين هي الأفضل هنا بعد تعديل مقابل الرب لديه إلى لفظ ריבון.
ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ [طه: ٧٧]
ركندورف: ... אל תירא ממארב ואל יצר לבך ( ).
ريفليـن: ... אַל תִּירָא פֶּן יַדְבִּיקוּךָ וְאַל תִּפְחָד( ).
بن شمش: .... ואל תחשוש ואל תפחד פן ישיגוכם ( ).
التفسير: الخطاب من الله عز وجل (لموسى)؛ أي: لا تخاف أن يدركك فرعون، ولا تخشى أن يغرقكم البحر من قبلكم. والمراد بنفي (الخوف) هنا هو نفي خوفهم من لحاق فرعون بهم، يؤيد ذلك قوله تعالى: ﮋ ﭗ ﭘ ﮊ أولاً، ولذا سورع في إزاحته بتقديم نفيه( ).
ومن حيث التقديم والتأخير نجد ركندورف وريفلين قد التزما به في الترجمة، بينما لم يلتزم به بن شمش، فنجده يقدم مقابل ﮋ ﭡ ﭢﮊ على ذكر مقابل ﮋ ﭞ ﭟ ﭠﮊ أى أنه يعكس الأصل بما يضيع المعنى السابق، والهدف من تقديم (الخوف) من الإدراك على (الخشية) من الغرق.
ومن حيث المقابلات نجد أن كلا من ركندورف وريفلين في مقابل (الخوف) الذي يعني توقع مكروه عن أمارة مظنونة أومعلومة. ويضاده الأمن ويستعمل ذلك في الأمور الدنيوية والأخروية( ). قد استخدما الفعل ירא والذي سبق أن استخدماه مقابلاً (للخشية) وذلك في (المائدة 44) في قوله تعالى: ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ.
في حين استخدم بن شمش مقابل (الخوف) الفعل פחד وهو يعني (خاف– خشي– فرق–وجل–رهب– تهيب من)، وهو يعني الخوف من أمر سيئ يوشك الحدوث، كما ورد في (تث 28/66) (ופחדת לילה ויומם- وترتعب ليلاً ونهاراً)( ). وهو المقابل المباشر (للخوف) هنا، خاصة وأن كلاً من ركندورف وريفلين قد استخدم الاسم المشتق منه وهو פחד مقابلاً (للخوف)، في (البقرة 62) و(المائدة 69). بما يجعل مقابل بن شمش للدلالة على الخوف هو الأفضل هنا.
وأما (الدرك) فهو الإدراك؛ أى لحاق فرعون بهم. وقد استخدم له ركندورف المقابل מַאֲרָב الذي يعني (كمين– مكمن– مرصاد– مخبأ). كما في (يشوع 8/9) ( فساروا إلى المكمن ). أو أن تكون الكلمة هي מְאָרֵב بمعنى (مترصد– متربص– مراقب بالمرصاد)، كما في (أخبار ثان 20/22)( ). وفي كلتا الحالتين فهو مقابل قاصر عن المعنى الأصلي وهو اللحاق والإدراك.
في حين استخدم ريفلين المقابل הדביק الذي يعني (ألصق– ربط– لحق ب– أدرك– بلغ– تخطى)، كما في (قضى 20/45) (וידביקו אחריו- وشدوا وراءهم). فهو ملائم للمعنى لكونه يدل على الملاحقة والإدراك معاً كما في (تك 31/23)( ). وإن أفرد ريفلين الضمير المفرد هنا باعتبار أن الكلام "لموسى"، إلا أن الكلام موجه لبني إسرائيل من خلال الخطاب لموسى، أي أن الكلام للجمع وليس للمفرد، وهو ما لم يدركه ريفلين هنا بشكل جيد.
بينما استخدم بن شمش المقابل השיג وهو بمعنى (لحق بـ – بلغ)، وهو ملائم للمعنى كذلك لدلالته على كل ما يحدث للإنسان من خير أو شر( ) - كما سبق القول.
وأما مقابل (الخشية) وهي خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه( ). فقد استخدم ركندورف المقابل יצר לב، والفعل צרר ورد في (قضى 2/15) (ויצר להם מאד - فضاق بهم الأمر جداً). وهو مقابل قاصر عن المعنى السابق (للخشية)؛ لأنه يدل على الضيق والتعسر( ). يؤيد ذلك أن ريفلين سبق أن استخدمه في (المائدة 68) مقابلا لقوله تعالى ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﮊ [المائدة: ٦٨]. أى أن دلالته بعيدة تماما عن دلالة (الخشية)، كما استخدمه كذلك مقابلاً لـ ( ضاق– يضيق – ضائق ) في (النحل 127) وفي (هود 12).
أما ريفلين فقد استخدم هنا المقابل פחד مقابلا (للخشية)، وهو غير واف بدلالة (الخشية)؛ لكونه يدل على الخوف الذي هو أدنى مرتبة من (الخشية).
بينما استخدم بن شمش المقابل חשש وهو غير واف بمعنى (الخشية) لكونه يدل على الارتياب والخوف والتوجس أكثر من دلالته على (الخشية)( )، التي هى أعظم مراتب الخوف. يؤيد ذلك أنه استخدم الفعل חשש في (المائدة 68) مقابلا لقوله تعالى ﮋ ﮱ ﯓﮊ [ المائدة: ٦٨ ] - بينما استخدم الفعل ירא وهو المقابل المباشر (للخشية) في (المائدة 44) في قوله تعالى ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ [المائدة: ٤٤]، بما يجعل هذا المقابل غير واف بدلالة الخشية هنا.
ومن ثم يتضح أن ترجمة هذا الجزء من الآية غير وافية بالمعنى بل قاصرة عنه أحياناً، خاصة من حيث المقابلات. ولعل أقرب ترجمة التزاماً بالتقديم والتأخير والأقرب من حيث المفردات، هى ترجمة ريفلين مع استبدال لفظ פחד بلفظ ירא والعكس.
ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ [طه: ٧٨ ]
ركندورف: וירדפו אחריהם פרעה וכל חילו, ויכסהו הים וירדו במצולות ( ).
ريفلين: וַיִּרְדֹּף אַחֲרֵיהֶם פַּרְעֹה בִּגְדוּדָיו, וַיְכַסֵּם אֲשֶר כִּסָּם מִן הַיָּם( ).
بن شمش: וכאשר רדפום פרעה וחילו כיסה אותם הים( ).
التفسير: تبعهم فرعون ومعه جنوده حتى لحقوهم. وقيل: المعنى أتبعهم فرعون نفسه، وقيل: الباء زائدة والمعنى فأتبعهم فرعون وجنوده أي ساقهم خلفهم. (فغشيهم) أي علاهم وسترهم من البحر ما سترهم وغطاهم، وقرئ (غشاهم ما غشاهم)؛ أي غطاهم ما غطاهم. والتكرار هنا للمبالغة ولتعظيم الأمر؛ أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله؛ لأن مدار التهويل والتفخيم خروجه عن حدود الفهم والوصف( ).
وفي مقابل هذا المعنى نجد ركندورف لا يلتزم بالأصل من حيث عود الضمير، بل نجده بدلاً من ضمير المفرد في قوله تعالى: (فأتبعهم) يأتي بالمقابل العبري بضمير الجمع וירדפו אחריהם، وهو بهذا عطف لفظ الجنود على فرعون مع إضافة الأداة כל للجمع؛ أي أنه جمع كل الجنود لا بعضهم دون بعض. وحذف في مقابل الإضافة هنا حرف الباء بما يقصر المعنى على دلالة واحدة دون تعدد دلالاته كما ذكر المفسرون. وهو لم يكتفِ بهذا بل نجده يفرد الضمير المجموع في الأصل (فغشيهم) وجعل مقابله ויכסהו بإفراد الضمير المتصل بالفعل قاصراً إياه على فرعون فقط دون جنده، رغم أن الغرق شمل الجميع ولم ينج منهم ناج، ومن ثم فالمترجم غير ملتزم بالضمائر الواردة في الأصل.
وفي مقابل هذا نجد ريفلين قد التزم بإفراد الضمير في صدارة الآية וירדף، كما التزم بالباء בגדודיו، وحافظ على جمع الضمير في الفعل (غشيهم) ויכסם ومن ثَمَّ فهو ملتزم بالأصل.
أما بن شمش فنجده يبدأ جملته بإضافة الأداة כאשר التي تعني (عندما – حينما) بما يخل بدلالة العطف بالفاء؛ لأن فرعون أتبعهم دون علم بما سيحدث له. وقد سار على نهج ركندورف في جمع الضمير في الحالة الأولى רדפום פרעה וחילו مع عطف الجند على فرعون وحذف الباء. وفي حين التزم بالجمع في الشق الثاني כיסה אותם بما يجعل ترجمته غير وافية بالمعنى وغير ملتزمة بالأصل.
وفي الشق الثاني من الآية نجد تكرار الفعل (غشيهم) وما له من دلالة في الآية وهو ما لم يلتزم به ركندورف؛ حيث استبدل صيغة التكرار في الأصل بالمقابل וירדו במצולות، وذلك في محاولة منه لتأكيد فكرة غرقهم، إلاّ أن هذه الصيغة أخفقت في إظهار المبالغة وتعظيم الأمر وتهويله في النفوس. بالإضافة إلى أن المترجم سعى من وراء هذه الصيغة لإضفاء طابع ومسحة مقرائية على النص القرآني؛ إذ ورد هذا التعبير في سفر الخروج (15/5) (ירדו במצולות כמו אבן - قد هبطوا في الأعماق كحجر). ولفظ מצולה يعني (غمر– غمرات البحر– لجة- عمق)، وهو لفظ محمّل بدلالات لم ترد في الأصل، بل وقاصر عن أداء المعنى المراد. ولم يكن غرض المترجم من مثل هذا الأمر سوى تأكيد فكرته التي ذكرها في مقدمة ترجمته، وهي اقتباس القرآن الكريم – حاشاه – من العهد القديم، وذلك رغم شدة التباعد بين المعنيين، وهو الأمر الذي يخرج عن حد الالتزام والأمانة في النقل.
في حين نجد ريفلين قد التزم بالتكرار كما في الأصل ויכסם אשר כיסם فهو أكثر دقة.
أما بن شمش فسار على نهج ركندورف في عدم الاهتمام بالتكرار في الأصل بما أضاع الدلالة المستفادة منه في الآية، כיסה אותם הים. بما يجعل ترجمته قاصرة عن معنى الأصل. ومن ثم تكون ترجمة ريفلين هي الأفضل هنا.
ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﮊ [طه: ٨٠]
ركندروف: בני ישראל! כן הצלנוכם מיד אויביכם ונשימכם לימין ההר.... ( )
ريفلين: הוֹי בְּנֵי יִשְרָאֵל, כְּבָר הִצַּלְנוּכֶם מֵאוֹיְבֵיכֶם, וַנִּוָּעֵד לָכֶם בְּצֶלַע הָהָר הַיְמָנִית ( ).
بن شمش: בני ישראל! זכרו כי הצלנוכם מאויביכם, וכרתנו עמכם ברית בצד הימיני של ההר. ( ).
التفسير: ﮋ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﮊ [طه: ٨٠] بالنصب على أنه صفة للمضاف، وقرئ بالجر للجوار؛ أي واعدناكم بواسطة نبيكم إتيان جانبه الأيمن نظراً إلى السالك من مصر إلى الشام؛ أي إتيان موسى عليه الصلاة والسلام للمناجاة وإنزال التوراة عليه، أنزل الله في ذلك الوقت عليهم كتاباً فيه بيان دينهم وشرح شريعتهم. ونسبت المواعدة إليهم مع كونها لموسى عليه الصلاة والسلام نظراً إلى ملابستها إياهم وسريان منفعتها إليهم وإيفاء لمقام الامتنان حقه. وقرئ (واعدتكم) و(وعدناكم)( ).
وفي مقابل دلالة (واعدناكم) هنا نجد ركندورف يستخدم مقابلها التعبير ונשימכם לימין ההר (وجعلناكم على يمين الجبل). وهو هنا يضيع دلالة الآية حيث حذف ما في دلالة المواعدة من تشريف لهم وتذكير بالمنافع والآلاء الدنيوية والأخروية. وحتى إذ كان المترجم يعتمد على قول من قال (وواعدناكم إتيان جانب الطور) إلا أن ذكر المواعدة وما فيها من إعلاء لشأنهم عبر موسى عليه السلام, لم يتمكن المترجم من نقله هنا فجاءت ترجمته قاصرة عن معنى الأصل. بالإضافة إلى أن الهدف هنا هو ذكر المواعدة وليس ذكر جعلهم على يمين الجبل. ومما يؤكد قصور الترجمة هنا أن المترجم في قوله تعالى ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ [طه: ٨٠ ] جعل المقابل הצלנוכם מיד אויביכם فقدر هنا محذوفا وهو لفظ (מיד- من يد) رغم أن هذا لم يذكره أحد من المفسرين، ولكنه أتى به هنا لكون هذا التركيب هو ما ورد في (خر 18/9،10) (אשר הצילוֹ מיד מצרים – الذي أنقذه من أيدي المصريين)، (אשר הציל אתכם מיד מצרים – الذي أنقذكم من أيدي المصريين). فالإضافة هنا للإشعار بوجود تأثير مقرائي على النص القرآني.
وفي مقابل هذا نجد ريفلين قد استخدم صيغة ונִוָּעֵד לכם בצלע ההר הימינית، والفعل נִוָּעֵד من الماضي נועד ومعناه هنا (تعيّن– تحدد– تخصص– خُصص– وُجّه– واعد– ضرب موعداً– وعد– اجتمع)، كما في (خر25/22) (ונועדתי לך שם- وأنا أجتمع بك هناك)( ). إذن فالمقابل هنا يحمل دلالة المواعدة حسب ما ذكره المفسرون. ولفظ צלע يعني (ضلع– جانب)، كما في (صمو 16/13) (בצלע ההר- في جانب الجبل)( ). فالمترجم هنا حريص على نقل المعنى إلى أكثر حد ممكن وبالتالي جاءت ترجمته قريبة إلى حد كبير من المعنى هنا.
أما بن شمش فجاءت الصيغة لديه וכרתנו עמכם ברית בצד הימיני של ההר (وقطعنا معكم عهداً في الجانب الأيمن للجبل). وقد استخدم للجانب لفظ צד والذي يعني (جانب– طرف– جهة– ناحية– ضلع– جنب)، كما في (صمو 23/26) (מצד ההר- عن جانب الجبل)( ). وهو وإن اقترب من المعنى إلا أنه يدل على الجانب المباشر للشيء رغم أن المفسرين ذكروا أن الجبل ليس له جانب أيسر أو أيمن بل هو على المجاز( ).
والسؤال الآن: هل المراد من المواعدة هنا هو قطع العهد بين بني إسرائيل وبين الرب؟ أم أن المراد ذكر الفضل عليهم ومنه النجاة وإنزال التوراة ؟! وحتى لو أخذنا بقراءة (المواعدة) بأنها الوعد وحتى قراءة أبي عمرو واختارها أبو عبيدة( ). فالمراد هنا ليس العهد وما يحمله من دلالة مركزية في الفكر اليهودي باعتبار أن العهد المقدس والذي لا ينفصم بين الرب بأنه إله بني إسرائيل وبأن بني إسرائيل هم شعبه المختار وكل ما يرتبط بهذا المفهوم من دلالات أهمها فكرة الاختيار...إلخ. فهل هذا هو ما ذكره النص القرآني؟ أم أن المترجم أراد أن يصبغ النص بصبغة مقرائية يهودية بعيدة تماماً عن مراد الأصل، وليس لها هدف سوى تأكيد المفاهيم اليهودية والتأكيد على أن القرآن (حاشاه) مقتبس من العهد القديم؟! ومن ثم فترجمة بن شمش بعيدة تماماً عن المعنى، بل وتضفي على النص ما ليس فيه. وبالتالي تصبح ترجمة ريفلين هي الأفضل هنا.
ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ.. ﮊ [طه (87)]
ركندورف: .... כי אם צווינו לפרוק את נזמי העם...( ).
ريفليـن: ..... וְאוּלָם עֲמוּסִים הָיִינוּ נֵטֶל מַשָּא מֵעֲדִי הָעָם... ( ).
بن شمش: .... אך היינו עמוסים בכלי כסף וזהב... ( ).
التفسير: المراد هنا: ولكنا حملنا أثقالا وأحمالا من زينة القوم، أي من حلي القبط كانوا قد استعاروها منهم عند الخروج وقد سموها أوزاراً؛ لأنها كانت آثاما فإن الغنائم لم تكن تحل بعد، أو لأنهم كانوا مستأمنين وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي، ولأن الأوزار هي الأثقال في اللغة( ).
وفي مقابل هذا نجد ركندورف يحذف قوله تعالى ﮋ ﯾ ﯿﮊ [طه: ٨٧] من الآية تماماً، ويستبدله بالتعبير צווינו לפרוק (أُمرنا أن ننْزع)، وهذا المقابل يدل على ما أمرهم به السامري من نزع الزينة التي استعاروها من القبط وإلقائها في النار، لصنع العجل وليس على ما أراد النص القرآني قوله؛ أي أنه يأتي بالنتيجة قبل المقدمات. والمترجم بهذا الحذف يخل بالمعنى تماما، كما أنه يضيع ما تحمله كلمة (الأوزار) من دلالات هنا، وربما كان هذا عن عمد منه ليوحي ببعد اليهود عن فكرة أخذهم ما ليس من حقهم من المصريين.
أما لفظ (الزينة) فجعل مقابله لفظ נזם والذي يعني (خزام– حلقة كانت توضع في الأنف للزينة– قرط– حلقة في الأذن للزينة)، كما في (خر 32/2) (נזמי הזהב אשר באזני נשיכם בניכם ובנותיכם - أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم)( ). وهذا المقابل يعد أضيق دلالة من لفظ الزينة التي تشير إلى كافة أنواع الحلي التي يتزين بها، لا لقسم معين منها، بما يخل بالمعنى هنا ويضيق الدلالة المرادة.
أما ريفلين فقد استخدم مقابل (حملنا) الفعل עמס الذي يعني (حمل – شحن – وسق – حمل – نقل)، كما في (تك 44/13) وفي (نحميا 13/15)( ). واستخدام صيغة المفعول هنا باعتبار أن صدور الأمر بحملها كان من موسى عليه السلام لهم؛ أى أنه يقترب بذلك من قراءة الضم والتشديد (حُمِّلنا)( ). كما أنه استخدم لفظ נטל والذي يعني (عبء– وزر– حمل– ثقل)، كما في (أمثال 27/3)( )، بالإضافة للفظ משא للإشارة إلى المعنيين اللذين ذكرهما المفسرون وهما: أن المراد الأوزار والأثقال، أو أن المراد بها الذنوب والآثام. كما استخدم مقابل (الزينة) اللفظ עדי والذي يعني (حلي– مصوغ زينة)، كما في (خر 33/5) (הורד עדיך מעליך - اخلع زينتك عنك)( ). وهو المقابل المباشر للحلي المراد من الآية الكريمة، فهو أفضل هنا وأكثر دقة.
أما بن شمش فقد استخدم الفعل עמס -كما فعل ريفلين- إلا أنه استخدم التعبير בכלי כסף וזהב مقابلا لقوله تعالى ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﮊ [طه: ٨٧] وقد حذف لفظ (الأوزار) كما فعل ركندورف. كما أنه قد وسع المقابل الخاص (بالزينة)، فبدلا من أنها ما يتزين بها من حلي جعل المقابل כלי כסף וזהב، وذلك يوحي بوجود تطابق؛ أي اقتباس في القرآن من التوراة، ذلك أن هذا التعبير ورد في (خر 12/35) (כלי כסף וכלי זהב - أمتعة فضة وأمتعة ذهب). يؤيد هذا الغرض لدى المترجم أن الأصل لم يذكر معدن هذه الزينة، ولم يذكر تفصيلا لها هنا، بل إن لفظ כלי يدل على (الأداة أو الإناء) وهو بعيد تماماً عن المراد الأصلي هنا، بما يجعل الترجمة لديه ذات مضامين يهودية خالصة، ومن ثم فهى قاصرة عن المعنى.
وبالتالي نجد أن ركندورف قد قصر دلالة الأصل، وقلل من مراده عند الترجمة، في حين جاء بن شمش بالمقابل الأوسع من الأصل ليحمل به النص دلالات مقرائية لم ترد به بما يخل بالمعنى لدى الاثنين. في حين التزم ريفلين بالأصل تماما فهو الأفضل هنا.
يؤيد دقة ريفلين هنا أنه يستخدم نفس اللفظ עדי مقابلا (للحلي) في (الأعراف 148)، في حين يستخدم ركندورف نفس المقابل المستخدم هنا، أما بن شمش فيستخدم لفظ נזם وهو المقابل الذي استخدمه ركندورف هنا، بما يجعله يفقد المعنى في الحالتين سواء في الأعراف أو هنا، ومن ثم تكون ترجمة ريفلين هي الأفضل في الحالتين.
ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ [طه -90]
ركندورف: ויאמר אליהם אהרן לפני השתחום לעגל: עמי העגל הזה הוא רק לנסות אתכם,...( ).
ريفلين: וּכְבָר אָמַר לָהֶם אַהֲרֹן לִפְנֵי כֵן: "עַמִּי אָכֵן נֻסֵּיתֶם בּוֹ בְּמַסָּה. וְאוּלָם אֱלֹהֵיכֶם הָרַחֲמָן...( ).
بن شمش: הלא הזהירם אהרן מקודם: בני עמי כבר עמדתם בניסיונות רבים, וריבונכם הוא הרחמן,...( ).
التفسير: ﮋﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﮊ [طه: ٩٠] جملة قسمية مؤكدة لما قبلها من الإنكار والتشنيع ببيان عتوهم واستعصائهم على الرسول إثر بيان مكابرتهم لقضية العقول؛ أي وبالله لقد نصح لهم هارون ونبههم على كنه الأمر من قبل رجوع موسى عليه السلام إليهم وخطابه إياهم، وقيل: من قبل قول السامري كأنه عليه السلام أول ما وقع بصره على العجل حين طلع من الحفرة توهم منهم الافتتان به فسارع إلى تحذيرهم وقال لهم ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﮊ [طه: ٩٠]؛ أي أوقعتم في الفتنة بالعجل أو أضللتم به على توجيه القصر المستفاد من كلمة إنما إلى الفعل بالقياس إلى مقابله الذي يدعيه القوم لا إلى قيده المذكور بالقياس إلى قيد آخر، على معنى إنما فعل بكم الفتنة لا الإرشاد إلى الحق لا على معنى إنما فتنتم بالعجل لا بغيره. ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ [طه: ٩٠] التعرض لعنوان الربوبية والرحمة للاعتناء باستمالتهم إلى الحق، كما أن التعرض لوصف العجل للاهتمام بالزجر عن الباطل؛ أي إن ربكم المستحق للعبادة هو الرحمن لا غير( ).
وفي مقابل دلالة القسم هنا يبدأ ركندورف ترجمته دون مراعاة للقسم الموجود في صدارة الآية المستفاد من (لقد) ויאמר אליהם אהרן לפני، وهذا الحذف أفقد الآية هذا الجزء من التأكيد والمبالغة. ثم في مقابل قوله تعالى (من قبل) يأتي بالتعبير לפני השתחום לעגל (قبل سجودهم للعجل)، على الرغم من أن الأصل لم يرد فيه ذكر للعجل في هذا الجزء من الآية، كما أن غالبية المفسرين أجمعوا على أن المراد هو من قبل عودة موسى إليهم، أو من قبل قول السامري لهم: هذا إلهكم وإله موسى، وكأنه أول ما وقع بصره على العجل بادر بتحذيرهم. وعلى هذا فالتقدير لدى المترجم غير صائب، كما أنه أضاف من لدنه ما لم يرد في الأصل. ثم يذكر المترجم لفظ العجل صراحة دون مراعاة للأصل من حيث الحذف والإضافة فذكر العجل محذوف هنا للإبعاد والتحقير، وهو ما لم يهتم به المترجم. كما أن الأصل يذكر الفتنة أولاً ثم يذكر الضمير العائد على العجل بعد ذلك، أما المترجم فلم يلتزم بهذا بل قدم ذكر العجل أولاً بما أخل بدرجة التأكيد في الآية؛ لما أن إظهار ما هو مضمر والعكس يخل أيضاً بدرجات التعبير والأسلوب القرآني. كما لم يراع المترجم استخدام المبني للمجهول (فُتنتم) بما يعطى مزيد قوة في الآية وقد استخدم بدلاً منه صيغة المصدر مع دلالتها على البناء للمعلوم.
وفي مقابل الاسم (الرحمن) لم يلتزم ركندورف بالمقابل المباشر هنا بل أتى بالمقابل הן רחום אלהיכם (إنه رحيم إلهكم) وهو يدل على الرحيم وليس الرحمن. كما لم يلتزم المترجم بنسق الأصل في تقديم لفظ الرب على لفظ الرحمن بل عكس هذا الترتيب הן רחום אלהיכם وكأنه يصف الله تعالى بأنه رحيم، رغم أن لفظ ربكم هو إشارة للمستحق بالعبادة يتلوه وصفه تعالى بأنه الرحمن إشارة لرحمته وعفوه، بما يضيع جزءاً آخر من معنى الآية وبلاغتها، ومن ثم جاءت ترجمته قاصرة عن أداء المعنى فاقدة لكمٍّ كبير من بلاغة الآية.
في حين كانت ترجمة ريفلين أكثر دقة حيث راعى العطف كما التزم بالتأكيد فأتى بالمقابل וכבר אמר להם אהרן ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﮊ [طه: ٩٠] لمحاولة الاحتفاظ بقدر من معنى القسم في الجملة. كما ذكر المقابل לפני כן (قبل ذلك) دون تحديد لشيء معين كما هي في الأصل. كما حافظ على التأكيد في الأصل حيث أتى بالجملة مبنية للمجهول مع الحفاظ على ترتيبها אכן נוסיתם בו במסה. والفعل נֻסָּה يعني (جُرب– اُختبر– عُوّد– مُرّن) وهو يرجع للعصر الوسيط( ). كما أضاف لفظ מסה الذي يدل على الابتلاء والاختبار إشارة لمعنى الفتنة؛ أي أن الاختبار كان بالفتنة ليس إلاّ، وعلى هذا فالمعنى يلائم مراد الآية. وفي قوله تعالى: ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ [طه: ٩٠] جعل المقابل ואולם אלהיכם הרחמן (وحقاً إن إلهكم الرحمن)، حيث حرص على التوكيد والترتيب في الأصل وعلى استخدام المقابل المباشر. وإن يؤخذ عليه استخدامه للفظ אלהים مقابلا لله وللرب رغم الفارق الكبير بين الألوهية والربوبية، قصور دلالة المقابل عن هذين المعنيين. وعلى هذا يكون ريفلين قد اقترب كثيراً من المعنى هنا واستطاع أن يلتزم بالأصل إلى حد كبير.
أما بن شمش فقد استخدم التعبير הלא הזהירם אהרן (ألم يحذرهم هارون) هنا للتقرير غير أنه يستخدم هنا صيغة السؤال للتقرير في حين أن الأصل بالقسم مباشرة، أي أسلوب خبري وليس أسلوباً إنشائياً، كما حذف العطف في أول الآية، وإن سار على نهج ريفلين في استخدام مقابل (من قبل) מקודם على الإطلاق دون تقييد كما هو الحال في الأصل. ثم نجده يستخدم مقابل الفتنة التعبير כבר עמדתם בניסיונות רבים الذي يشير لمعنى اجتياز الاختبار أو الامتحان والنجاح فيه. وهو عكس الأصل تماماً؛ لأنهم بالفعل فُتنوا بالعجل أي لم ينجحوا في اختبار الفتنة، بل وقعوا فيها. كما أنه يستخدم المقابل בניסיונות רבים، ولم يراع البناء للمجهول في الجملة، مع حذف الحرف (به) الذي يشير للعجل على الرغم من أن الأصل وردت به إشارة للعجل تحديداً دون غيره من أنواع الفتن التي مرت على بني إسرائيل. بما يعني أن المترجم يحاول تغيير المعنى وإبعاده عن فكرة عبادة العجل. وربما كان ذلك تخفيفاً من حدة الأصل باعتبار أن الأمر متعلق باليهود بصفة خاصة. وفي قوله تعالى ﮋ ﭶ ﭷ ﭸﮊ [طه: ٩٠] جعل المقابل וריבונכם הוא הרחמן فحذف (إن) التأكيدية، إلا أنه كان أكثر دقة من ركندورف حينما حافظ مثل ريفلين على نسق الأصل واختار المقابل الملائم للمعنى، كما يحسب له استخدامه للفظ ריבון هنا مقابلا للرب. وبصفة عامة جاءت ترجمته قاصرة عن معنى الأصل بل محرفة في جزء منها لتدخله بالتغيير في المعنى ليوافق ما أشار له في مقدمته. وبالتالى تعد ترجمة ريفلين هي أفضل الترجمات هنا.
ﮋ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮊ [طه - 94]
ركندورف: ויען אהרן ! אל תאחזני בשער זקני ובראשי ! יראתי פן תאמר אלי בשובי אליך: אתה הפרדת בין בני ישראל ותמרה את פי !( ). ريفليـن: וַיֹֹּאמֶר (אַהֲרֹן): ((בֶּן אִמִּי, אַל תִּתְפֹּש לֹא בִּזְקָנִי וְלֹא בְּרֹאשִי, כִּי יָרֵאתִי פֶּן תֹּאמַר: הִפְרַדְתָּ בֵּין בְּנֵי יִשְרָאֵל, וְלֹא הִשְגַּחְתָּ בִּדְבָרַי.))( ).
بن شمش: ויען: (( בן אמי! אל תחזיקני לאחראי והרפה מזקני וראשי, אני חששתי פן תאמר שהכנסתי פירוד בין בני-ישראל ולא שמתי לב לדבריך.))( ).
التفسير: الخطاب هنا من ((هارون)) لـ ((موسى)) عليهما السلام بعدما رأى الأخير عبادة العجل عند عودته من الميقات. وهو خطاب تحبب؛ أى استعطاف وترقيق لقلب ((موسى)) عليه السلام مذكراً إياه بالأم، التي هي منشأ الحنان والعطف والرحمة؛ وذلك خشية من ((هارون)) أن يجعله ((موسى)) من بين الظالمين من عبدة العجل المقصرين في حق الله تعالى وشريعته. وقدر المفسرون محذوفاً في الآية وهو المضاف (شعر)، والمعنى لا تأخذ بشعر رأسي وذقني. والأصل في الآية الكريمة أن يكون الخطاب: ((أن تقول إنني فرقت بين بني إسرائيل، ولم أرقب قولك)). ولكن استخدام ضمائر المخاطبة – كما هي في الآية – يدل على كون ((هارون)) قد وضع نفسه في موضع ((موسى)) عليهما السلام مفكراً بأسلوبه وعالماً بعاقبة أمره؛ لكونهما رسولين لبني إسرائيل، ومن ثم كان أسلوب الآية أكثر رفعة ودقة في إظهار هذه اللمحة( ).
وفي مقابل هذا يحذف ركندورف صيغة الخطاب بـ ((يا ابن أم)) من النص، على الرغم من أنه أثبتها בן אמי في (الأعراف 150). بما يخل بالمراد الأصلي هنا في محاولة ((هارون)) نفي التهمة عنه، وإثباتها ((للسامرى)). كما نجده لا يلتزم بالالتفات في الآية إلا بشكل جزئي حيث أضاف التعبير בשובי אליך وكأن ((هارون)) هو العائد ((لموسى)) وليس العكس بما يخل بجزء من المعنى.
في حين التزم ريفلين بالأصل تماماً حيث حافظ على دلالة الاستعطاف في الآية، كما التزم بالالتفات في الأصل.
أما بن شمش فقد التزم بالأصل وحافظ على دلالة الاستعطاف في الآية، إلا أنه لم يلتزم بالالتفات في الأصل حيث عدّل في الصياغة بتغيير الضمائر إلى הכנסתי، שמתי، דבריך بما يوحي بوجود التفات هنا خلافا للأصل بما يخل بالمعنى.
ومن حيث المقابلات، فقد استخدم ركندورف في مقابل قوله تعالى: ﮋ ﮘﮊ [طه: ٩٤] الفعل אחז الذي يعنى (مسك– قبض– أخذ– تشبث بـ– تعلق بـ– أمسك - شد)، كما في (تك 25 /26) (וידו אוחזת בעקב עשו- ويده قابضة بعقب عيسو)( ). وهو مقابل قريب من معنى الأخذ الذي هو حوز الشيء وتحصيله، وذلك تارة بالتنازل وتارة بالقهر( ). كما قدر المترجم محذوفاً يتفق مع ما قدره المفسرون فأتى بلفظ שער مقابلا للفظ (اللحية) وذلك باعتبار أن أصل وضع اللحية للعضو النابت عليه الشعر ولا يناسبه الأخذ كثير مناسبة( ). ومن ثم فالمقابلات تقترب لدى ركندورف كثيرا من المعنى المراد. وقد استخدم ركندورف مقابل قوله تعالى: ﮋ ﮞ ﮊ [طه: ٩٤] الفعل ירא الذي يعنى (خاف - فزع– رهب – خشي – اتقى الله)، وهو يستخدم مع حرف النسب מ, מפני للدلالة على الخوف، ومع الأداة את للدلالة على الخشية من جلال وعظمة الغير، كما في (صمو 18 /29) (לֵרֹא מפני דוד - يخاف داود) و(إرميا 41 /18) (כי יראו מפניהם - لأنهم كانوا خائفين منهم) ( ). وهو المقابل المباشر (للخشية)، أي أن المترجم وُفِّق في اختيار هذا المقابل.
في حين استخدم ريفلين في مقابل (الأخذ) الفعل תפש الذي يعني (مسك – أمسك – قبض – أخذ– تشبث بـ– استولى على– تملك– استملك- منح)، وهو يدل على الإمساك بشدة وحرص، كما في (تث 9 /17) (וָאֶתְפֹשֹ בשני הלוחות- فأخذت اللوحين)( ). ومن ثم فهو مقابل ملائم للمعنى قريب للغاية من المراد، باعتبار أن موسى عليه السلام قد تمسك وتشبث بلحية هارون عليه السلام ورأسه ظناً منه أنه قد خان ما عهد إليه به، ولم يقم بما أمره به مع القوم. ولم يقدر المترجم محذوفاً هنا التزاما بنسق الأصل مباشرة، مع الالتزام بتكرار أداة النهي لتعدد التعالق. واستخدم ريفلين الفعل ירא كذلك بما يعنى دقته هنا ومراعاته لمعنى الأصل.
أما بن شمش فقد استخدم المقابل החזיק الذي يعنى (مسك – أمسك – قبض على- تشبث بـ– تمسك بـ– لازم– احتجز– حاز على – ضم- شمل)، كما في (صمو 17 /35) (והחזקתי בזקנו - أمسكته من ذقنه)( ). ومن ثم فهو مقابل قريب من المعنى، إلا أن ما استخدمه ريفلين يعد أقوى في دلالته باعتباره يدل على الإمساك بقوة وشدة، مع عنصر المفاجأة والخطف للشيء وهو ما يناسب المقام هنا كثيراً.
إلا أن بن شمش لم يلتزم بتكرار أداة النهى بل أضاف من لدنه لفظ אחראי الذي يعني (مسؤول– ضامن– ملتزم بـ– مكلف– متعهد بـ)، وهو لفظ مشنوي( ). أي أنه يصور الأمر وكأن هارون يتنصل مما أنيط به من واجبات، ويدعو موسى عليهما السلام لعدم اعتباره مسؤولاً عما حدث. وهذا قصور عن المعنى؛ إذ إن هارون لم يفعل هذا بل كان يخشى أن يظن موسى أنه قد قصر فيما أوكله له من أمر قبل ذهابه إلى ميقات ربه، وهو ما لم يعِه المترجم ربما تأثراً بالرواية المقرائية التى ترى أن هارون هو صانع العجل– حاشاه عليه السلام-.
كما أضاف بن شمش من لدنه الفعل הרפה מ الذي يعنى (أرخى– تخلى عن– ترك– نفض يده عن)، كما في (يشو10/6) و(مزامير46 /11)( ). وصار المعنى (لا تعدني مسؤولاً واترك ذقني ورأسي) وهو بهذه الإضافة يصور الأمر وكأن هارون متماسك قوي أمام موسى عليهما السلام، بل ويأمر موسى بأن يترك لحيته ورأسه، وهذا خلافاً للمعنى الوارد في الأصل الذي يصور مدى رهبة هارون من موسى ومدى إشفاقه على نفسه من الموقف، ومما قد يؤدي إليه الأمر من جعله في موقف سخرية أمام القوم، وهو ما ورد تفصيلاً في (الأعراف 150) في قوله تعالى: ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﮊ.
ومن هنا جاءت ترجمة بن شمش غير ملتزمة بالأصل وقاصرة عن المعنى وتحتوي على إضافات لم ترد في الأصل. ومما يؤيد هذا أن المترجم نفسه قد استخدم في (الأعراف 150) مقابل قوله تعالى: ﮋ ﭤ ﭥ ﭦﮊ [الأعراف: ١٥٠] التعبير תפס בזעם בראש אהרן؛ أي أنه يستخدم المقابل תפס، وهو الأقرب للمعنى والأكثر دقة مقارنة بما استخدمه هنا. وفي مقابل الخشية استخدم بن شمش الفعل חשש الذي يعني (خشي – خاف – توجس خيفة من – ارتاب بـ – قلق من – تحسب – شك)، وهو فعل مشنوي( ). وهو مقابل قريب من المعنى. إلا أن المقابل ירא يعد أقوى وأكثر مباشرة للمعنى مقارنة بغيره من الأفعال.
وأما مقابل قوله تعالى ((ترقب)) وهو يعني حفظ الأمر ورعايته، وهو من مراقبة الرجل الشيء، وهي مناظرته بحفظه، وأن المعنى: لم تنظر عهدي وقدومي – كما ذكر البعض( ).
فقد استخدم ركندورف الفعل מרה, מרה את פי الذي يدل على العصيان أكثر من دلالته على التفريط في الأمر وعدم حفظه. وهو يقترب من المعنى إلى حد ما، لكنه غير وافٍ بالأصل، وخاصة وأن الأصل يستخدم صيغة منفية، في حين استخدم المترجم صيغة مثبتة بما يجعل المقابل غير مباشر للأصل.
بينما استخدم ريفلين الفعل השגיח الذي يعني (راقب– لاحظ– أشرف على– نظر إلى– تطلع– تفقد– انتبه إلى– سهر على)، كما في (إشع 14/15)، (مزامير 33/14)( )، وهو مقابل مباشر لمعنى الأصل.
وأما بن شمش فقد استخدم التعبير שם לב وهو يعني (التفت إلى– انتبه إلى– أثار انتباهه إلى– حانت منه التفاتة إلى– اكترث لـ)، كما في (إشع 41/22)، (حزقيا 44/5)( )، وهومقابل ملائم للمعنى كذلك.
مما سبق يتضح لنا أن أفضل ترجمة هنا هي ترجمة ريفلين، وهى أكثر التزاماً بالأصل وأقرب للمعنى مقارنة بغيره من المترجمين، في حين أخفق كل من ركندورف وبن شمش في إدراك المعنى واللمحة البلاغية في الأصل، وإن كان إخفاق بن شمش أقوى وأكثر بعداً عن الأصل مقارنة بركندورف.
الالتزام بالشكل الخارجي
قال الجعبري: حد الآية قرآن مركب من جمل ولو تقديراً، ذو مبدأ ومقطع، مندرج في سورة، وأصلها العلامة. وقال غيره: الآية طائفة من القرآن منقطعة عما قبلها وما بعدها. وقيل: هي الواحدة من المعدودات في السور، سميت به لأنها علامة على صدق من أتى بها، وعلى عجز المتحدى بها. وقيل: لأنها علامة على انقطاع ما قبلها من الكلام عما بعدها، إلى غير ذلك من أقوال ( ).
وعلى هذا فمن المفروض أن يلتزم المترجمون بالأصل وحد الآية فيه، خاصة إذا طالت حتى تمام الكلام، أو أنها توقفت أثناءه. وهو ما لم يتمكن المترجمون من الحفاظ عليه دائماً. خاصة وأن وصل المنقطع أو قطع المتصل من الآيات قد يخل بالمعنى حسبما ذكر ذلك علماء البلاغة في باب الفصل والوصل وفي غيره من المباحث البلاغية. وفيما يلي نماذج على خروج المترجمين على هذه القاعدة سواء بدمج الآيات أو بتقسيمها:
- فقد دمج ركندورف بين كل آيتين مما يلي في آية واحدة: (87، 88)، (92، 93)، (116، 117).
- في حين قسّم كل آية من الآيات التالية إلى آيتين: (77)، (86)، (121)، (123).
- بينما حذف الآية (103) ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮊ أي أنه انتقل من الآية 101 إلى الآية 104 مباشرة.
وقد سار ريفلين على هذا النهج حيث:
- دمج بين كل آيتين مما يلي في آية واحدة: (87، 88)، (92، 93)، (106، 107)،(116، 117).
- في حين قسّم كل آية من الآيات التالية إلى آيتين: (86)، (123).
- في حين سارت ترجمة بن شمش كما سبق القول بنمط مختلف، إذ عمد إلى كل خمس آيات فدمجها معاً في فقرة واحدة، بما يخل تماماً بالمعنى ويخرج عن حد الالتزام في الترجمة.
الخاتمة
مما سبق نخلص إلى ما يلي:
بدأت الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم من العصور الوسطى في شكل ترجمات جزئية، ثم كانت أول ترجمة كاملة في منتصف القرن السادس عشر وهي مخطوط، ثم جاءت الترجمات الكاملة المطبوعة حتى بلغت أربع ترجمات حتى الآن.
تنوعت مناهج الترجمة التى اتبعها كل مترجم وفقاً لظروف عصره ولتطور النظرة الاستشراقية للإسلام والقرآن. ما بين منهج التكافؤ الدينامي (النصي) كما هو الحال عند ركندورف، ومنهج التكافؤ الشكلى كما هو الحال عند ريفلين، ومنهج الترجمة التفسيرية كما هو الحال عند بن شمش.
خروج المترجمين عن المناهج التي زعم بعضهم الالتزام بها، وتأتَّى هذا في عدم الالتزام بالأصل رغم وضوح معناه وإمكان نقل هذا المعنى إلى اللغة العبرية.
تنوعت قدرات المترجمين في التعامل مع النص القرآني على مستوى المفردات (المقابل المعجمي) ما بين استخدام مقابلات غير وافية بمعنى الأصل كما هو الحال عند ركندورف في الآيات (10، 11، 20، 24، 77، 80، 87، 90). وعند بن شمش في الآية (11). وبين استخدام أكثر من مقابل لنفس اللفظ في الأصل كما هو الحال عند كل من ركندورف وبن شمش في الآيات (9، 24، 25، 70). استخدام نفس اللفظ لأكثر من مقابل في الأصل كما هو الحال عند كل من ركندورف وبن شمش في الآيات (20،77)، وعند ريفلين وبن شمش كما في الآية (22). وبين استخدام مقابلات تحمل النص دلالات يهودية لم ترد به كما في (9، 10، 90).
- وعلى مستوى الصرف لم يلتزم بعض المترجمين أحياناً بالأصل حيث نجد عدم الالتزام بالتنكير الوارد في الأصل كما هو الحال عند ركندورف في الآية (22). كذلك عدم الالتزام بالإفراد في الأصل كما هو الحال عند ركندورف أيضاً في الآية (47).
على مستوى النحو لم يلتزم المترجمون أحياناً بالعطف في الأصل حيث يحذف كل من ركندورف وبن شمش العطف في الآيات (9، 10، 47، 48، 49)، بل أخطأ ركندورف في استخدام العطف بالواو بدلا من حرف الباء في الأصل كما في الآية (78).
ولم يلتزم المترجمون بالضمائر فمن حيث دقة مرجع الضمير نجد تعمد كل من ركندورف وبن شمش الخطأ في مرجع الضمير كما في الآية (9). وعند ركندورف في الآيات (22، 55) وعند بن شمش في (21، 39، 56). في حين لم يلتزم كل من ركندورف بإفراد الضمير أو جمعه كما في الآيات (55، 78، 85). لم يلتزم المترجمون بالبناء للمجهول كما في الآيات (11، 36، 90) حيث تم تحويل الصيغة إلى المبنى للمعلوم. وعلى الجانب الآخر سعى كل من ركندورف وبن شمش لإظهار المضمر بتقدير اسم ظاهر كما في الآيات (19، 51، 55، 90).
كما عمد المترجمون إلى تغيير الصيغ الواردة في الأصل إلى صيغ أخرى تخل بالمعنى، مثل تحويل الاسم إلى فعل والعكس، أو المفعول إلى بدل، أوتحويل الاستفهام إلى شرط، أو القسم إلى استفهام تقريري، أو على مستوى الزمن كتحويل الأمر إلى الماضي أو الماضي إلى مضارع كما في الآيات (10، 24، 47، 48، 54، 57، 68، 70، 82، 90، 99).
وعلى مستوى البلاغة نجد عدم التزام المترجمين بالتقديم والتأخير في الأصل كما في الآيات (25، 26، 70، 77، 89، 99). بل وإقدام كل من ركندورف وبن شمش على التقديم والتأخير خلافاً للأصل كما في الآيات (19، 30، 33، 34، 36، 47، 49، 50، 57، 90).
كما نجد عدم التزام المترجمين بالتوكيد في الأصل كما في الآيات (12، 68، 85، 90).
وعدم الالتزام بالتكرار كما في الآيات (25، 26، 33، 34، 39، 78، 94). وعدم الالتزام بالالتفات كما في الآيات (53، 69، 94، 117).
أقدم كل من ركندورف وبن شمش على حذف أجزاء من النص بدءاً من الكلمة وانتهاءً بالآية الكاملة مروراً بالجملة كما في الآيات (22، 25، 26، 52، 57، 69، 86، 94، 103).
وفي مقابل الحذف نجد الإضافة حيث أضاف كل من ركندورف وبن شمش للنص كلمات وعبارات كان هدفها الأساسي القول بوجود تأثير يهودي على القرآن –حاشاه- كما في الآيات (10، 19، 21، 22، 39، 78، 80، 87، 94). ويدخل تحت هذا إضافة هوامش تسيء لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في (56)، أو تحمل النص ما لم يرد به كما في (22).
حدوث سوء الفهم لدى المترجمين أحياناً كما هو الحال عند ركندورف في (55).
تعمد بعض المترجمين تحريف النص الأصلى ليتفق مع رؤيته الاستشراقية المعارضة للإسلام والقرآن كما عند بن شمش في (80).
عدم الالتزام بالشكل وتقسيم النص لآيات رغم الارتباط الوثيق بين الشكل والمضمون وخاصة في النص القرآني، وظهر هذا في الدمج بين الآيات، أو تقسيمها إلى أكثر من آية.
قصور اللغة العبرية عن مجاراة مرونة وقوة وبلاغة اللغة العربية، رغم دعوى المترجمين بأنها أخت سامية للغة العربية، وهو ما يؤكد عدم وجود لغة يمكنها احتواء دلالات النص القرآني ومعانيه, من ذلك الآية (10) على سبيل المثال لا الحصر.
سعى المترجمون بضراوة لتأكيد فكرة اقتباس القرآن الكريم من المصادر اليهودية وخاصة من العهد القديم، وهي الفكرة التي رددوها كثيراً في مقدمات ترجماتهم، حتى ولو كان هذا بالتحريف وعدم الالتزام بالأصل. وهو ما يعكس عدم قدرة المترجمين -وخاصة ركندورف وبن شمش- على فصل ذاتهما عن النص، وهو ما يظهر لنا مدى تأثر المترجم بديانته وبثقافته الذاتية وعدم سعيه للأمانة المطلقة في الترجمة.
يتأكد لنا من خلال الدراسة أن الهدف من ترجمة معاني القرآن الكريم إلى العبرية لم يكن لمجرد سد الفراغ الموجود في اللغة العبرية فيما يتصل بمعرفة وفهم نص القرآن الكريم، بل كان الهدف من الترجمة (خاصة عند ركندورف وبن شمش بشكل مباشر، وعند ريفلين بشكل غير مباشر) هو تأكيد القول بوجود تأثيرات مقرائية ويهودية في نص القرآن الكريم - حاشاه. فالزعم بوجود هدف علمي من وراء هذا العمل هو هدف ظاهري فقط؛ لأن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو هدف استشراقي في المقام الأول.
مازالت الرؤية الاستشراقية المعارضة للإسلام مسيطرة على وجهة نظر المترجمين، وهو الأمر الذي يستدعي المراجعة الدائمة لما يخرجونه من أعمال تتعلق بالقرآن الكريم وخاصة في مجال ترجمة معانيه.
رغم الجهد الذي بذله هؤلاء المترجمون والذي شابه النقص وعدم الأمانة في النقل، إلا أن أفضل الترجمات هى ترجمة ريفلين رغم ما بها من قصور، مما يحتم مراجعتها وتنقيحها لتصبح ترجمة معتمدة من قبل المسلمين، خاصة وأن القيام بترجمة كاملة بيد مسلمة أمر صعب، وثمة شك في إقبال القارئ اليهودي على قراءتها تحت زعم أنها جاءت لتحسين صورة الإسلام والقرآن أمام غير المسلمين.
أولاً: المصادر والمراجع باللغة العربية
- القرآن الكريم.
- الكتاب المقدس.
(أ) المصادر:
- أبو السعود: تفسير أبي السعود المسمى ((إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم))، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1994م.
- أبو حيان الأندلسي: البحر المحيط في التفسير، مراجعة صدقي محمد جميل، دار الفكر، بيروت، 1992م.
- الألوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، المطبعة المنيرية، القاهرة، بدون تاريخ.
- البيضاوي: أنوار التنـزيل وأسرار التأويل، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، بدون تاريخ.
- الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، تحقيق محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت - لبنان، بدون تاريخ.
- الزمخشري: الكشاف عن حقائق غوامض التنْزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، صححه مصطفى حسين أحمد، دار الريان للتراث، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1987م.
- السيوطي: الإتقان في علوم القرآن, تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم, دار التراث، القاهرة.
- الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق محمود محمد شاكر وأحمد محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، بدون تاريخ.
- القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أبو إسحاق إبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية 1959م.
- الكرماني: أسرار التكرار في القرآن, تحقيق عبد القادر أحمد عطا, دار الفضيلة، بدون تاريخ.
(ب) المراجع:
- أبو يعرب المرزوقي: ((الترجمة العلمية بما هي ظاهرة اجتماعية وفنية))، بحث ضمن كتاب الترجمة ونظرياتها، بيت الحكمة، تونس، 1989م.
- بيتر نيومارك: اتجاهات في الترجمة، ترجمة محمود إسماعيل صيني، دار المريخ،1986م.
- تمام حسان: البيان في روائع القرآن – دراسة لغوية وأسلوبية للنص القرآني، طبعة خاصة تصدرها عالم الكتب ضمن مشروع مكتبة الأسرة، القاهرة، 2002م.
- ثابت عيد: ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الألمانية بين كرم المستشرقين وجهود المسلمين، مجلة أكتوبر، عدد 993، نوفمبر 1995م.
- جمال الرفاعي: دراسة في مشكلات ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية، القاهرة 1994م.
- جورج مونان: المسائل النظرية في الترجمة، ترجمة لطيف زيتوني، دار المنتخب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1994م.
- حسن المعايرجي: المحرفون للكلم, الترجمات اللاتينية الأولى للقرآن الكريم، مجلة المسلم المعاصر, عدد 48.
- رضا حامد الجمل: (التنمية والترجمة من الفن إلى الصناعة)، بحث ضمن ندوة (الترجمة والتنمية الثقافية)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992م.
- عامر الزناتي الجابري: الآيات الواردة عن اليهود في الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم- دراسة لغوية نقدية, رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة عين شمس، 1998م.
- عبد الجواد محمد طبق: دراسة بلاغية في السجع والفاصلة القرآنية، دار الأرقم، الطبعة الأولى، 1993م.
- فوزي عطية محمد: علم الترجمة مدخل لغوي،دار الثقافة الجديدة، القاهرة، 1986م.
- عبد الغني عبد الرحمن محمد: دراسة في فن التعريب والترجمة, القاهرة، 1986م.
- محمد عجينة: (نظريات الترجمة)، بحث ضمن الترجمة ونظرياتها، بيت الحكمة، تونس، 1989م.
- محمود على صميدة: بنو إسرائيل في الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم، حولية كلية الآداب, جامعة سوهاج, مجلد 2, عدد 9، 1990م.
- يوئيل يوسف عزيز: مبادئ الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، بيت الموصل، العراق، 1990م.
ثانياً: المصادر والمراجع العبرية:
א. מקורות מקוריים:
- תנ"ך: תורה, נביאים וכתובים.
- אהרון בן שמש: הקוראן, ספר הספרים של האשלאם, תרגום מערבית, הוצאת ספרים קרני, תל - אביב 1978.
- יוסף יואל ריבלין: אלקוראן, הוצאת דביר, תל- אביב, הדפסה שניה, 1963.
- ____________: מוחמד המחוקק, כנסת לזכר ביאליק, העורך:יעקב כוהן, ספר שביעי, הוצאת דביר, תל-אביב, תש"ב.
- צבי חיים הרמן רקנדורף: אלקוראן או המקרא, ליפסג, 1957.
ב. ספרים כלליים ומאמרים:
- חיים לשם: הקוראן בתרגום עברי חדש, משא 14 / 1 / 1972.
- סלמאן מצאלחה: תרגום בצידי הדרך, הוצאת אוניברסיטת תל-אביב, גבעת חביבה, 1993.
- ששון סומך: הקוראן בעברית פרוזאית, ידיעות אחרונות 3 / 12 /1971.
ג. מילונים ואנציקלופדיות:
- אברהם אבן שושן: המילון העברי המרוכז, הוצאת קרית-ספר, ירושלים, 1993.
- האנציקלופדיה העברית: חברה להוצאת אנציקלופדיות בע"מ, ירושלים, תשכ"ט, תל אביב.
- דויד שגיב: מילון עברי ערבי לשפה העברית בת זמננו, הוצאת שוקן, ירושלים ותל אביב, מהדורה שלישית, 1990.
- יהושע שטיינברג: מילון התנ"ך, הוצאת יזרעאל, תל אביב, 1977.
ثالثاً: المراجع الأجنبية:
-Hava Lazaras yafeh: intertwind worlds, Princeton University New Jersey, 1992.
-Myron. M. Weinstein, Washington D.C: Hebrew Quran Manuscript, in studies in Bibliography and booklore, Jewish institute of Religion N.G. vol x. Winter, 1971.
-Somekh, Sason: Arabic literature in Hebrew Translation and Research in Israel, in Bulletin of Israel P.E.N centre, No 15, Tel Aviv, August, 1971.
- Theodore Savory, The Art of Translation 1969
-Encyclopedia Judaica, 2-nd printing, Jerusalem, 1973