لا بدَّ من إصلاحٍ حقيقيّ في الفكر الإسلاميِّ نفسه

حوار: السيد قاسم الغْرَيْفي

العلاَّمة السيِّد محمد حسن الأمين، وبصفته علَماً من أعلام الفكر التّنويري في العصر الحديث، وعاملاً مجدّاً في تسخير ثرائه المعرفيّ والثقافيّ، الدينيّ والمدنيّ الشامل، لخدمة إرساء وتعميم الخير الإنسانيّ العام، ومتميّزاً في مقاربته القضايا الكبرى والمصيريّة، الراهنة والمستقبليّة، لمجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة، فكان لا بدَّ من الاستعانة بآرائه ومواقفه الفريدة والجريئة في هذا المجال، والتي يقفنا على جديد منها، الحوار المطوَّل الذي أجراه مع سماحته حديثاً، السيد قاسم الغْرَيْفي، نورد هنا مقتطفات من هذا الحوار الذي يضمّه الكتاب الصادر مؤخراً في طبعة أولى – 2011، عن "شركة العارف للأعمال" في بيروت – لبنان، والنجف الأشرف في العراق، تحت عنوان: "مطارحات في الفكر المعاصر(حوارٌ فكريّ مع المفكر الإسلاميّ الكبير العلاَّمة السيِّد محمد حسن الأمين)".

فيما يتعلّق بمفهوم الأمن والسِّلْم في الساحة العربية والإسلاميّة، فإن القرآن الكريم والسُّنَّة النّبويّة المطهَّرة أصلان عاصمان من الزَّلل والزيغ والاختلاف والضَّلال، سواءٌ للحاكم أو المحكوم فلا طاعة للحاكم في عنق الرعيّة إذا كان من أهل الضَّلال. إلاّ أن هناك فهماً خاطئاً أو تحريفاً أو وضعاً على ما ورد في القرآن الكريم والسُّنَّة المطهَّرة. والفهم الخاطئ يكمن في اعتبار وجوب طاعة الحاكم على كل أشكاله يمنع من القلاقل والمشاكل وزعزعة الاستقرار. وأعتقد أن ذلك شكَّل عاملاً مهمّاً في ما وصلنا إليه من تمادي الحكَّام في الظّلم والجور والقمع في كلّ ألوانه، فلا بدَّ من تصحيح لهذا الفَهْم. لكن كيف نستطيع أن نُصحّح والكلّ متمسّك بما لديه، وإذاً لا بدَّ من حوارٍ وتلاقٍ وتصحيح فكيف يمكن أن يكون هذا التصحيح وفي هذا الوقت خاصَّةً؟ وما هي أهم مرتكزات هذا الحوار؟

الإسلام مشتق من السلام، وأهداف الدين الإسلامي العميقة والاستراتيجية البعيدة هي إقامة السلام الاجتماعي أي إن السلام ليس هدفاً عابراً أو مؤقتاً في الحياة الإسلامية بل هو في صلب الجوهر والدين، وإن الله سبحانه مطَّلع على طبائع البشر وعلى تصرفاتهم وعلى أنماط سلوكهم، كما يتوجه في القرآن الكريم إلى هذه الناحية بالذات في قوله تعالى: [يأيُّها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم] أو قوله: [ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين]  إن الله سبحانه وتعالى أشار إلى هذه الغريزة وهذه الطبيعة أعني طبيعة الصراع بين البشر، وكان التوجيه الإسلامي باستمرار لا إلى إلغاء هذه الطبيعة من الأساس بل بالعكس فإنه تعالى أكد عليها [الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز].

إذن طبيعة التدافع موجودة، وفي المذاهب المعاصرة هناك تركيز على أن طبيعة التدافع في الكائن الإنساني موجودة، وبالتالي فإن للإسلام رؤيته الواضحة في إدارة هذه الطبيعة البشرية، بأن جعل هذا التدافع مجالاً من مجالات الحوار، وليس من مجالات الصراع فقوله تعالى (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) صريح، وربما كان مصطلح التعارف هو المصطلح الفريد من نوعه وهو مصطلح إسلامي، والتعارف هو الحوار. علماً من الله سبحانه وتعالى هو أن كل حوار صادق ومخلص لا بد أن ينتهي إلى نتيجة يتسالم فيها الناس ولا ليتصارعون.

لأن الصراع هو نفي الآخر، بينما الحوار هو تأكيد الآخر وعندما تحاول أن تنفي الآخر فأنت هنا لا تتجه نحو سلام المجتمعات وإنما تتجه إلى تفتيتها وتكريس عنصر الصدام والإلغاء المتبادل.

في الإسلام هناك اتجاه إلى أن يكون أي حوار أي التعارف هو الوسيلة التي يدار فيها هذا الاختلاف البشري (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين).

 إذن فالاختلاف هو هدف داخل جوهر خلق الكائن الإنساني (ومن آياته، خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم) فهل خلق الله هذا الاختلاف من أجل الصراع؟! خلقه من أجل التكامل، ونظرية الإسلام في الوسيلة التي تحقق هذا التكامل هي التعارف، أي هي الحوار.

إن الظلم أو إدارة السلطة بصورة لا تتوافق مع الهدف الاستراتيجي للإسلام لإقامة العدل هو مبرر كاف للانتفاضة على الحاكم لتغيير هذه السلطة، وهنا أود أن أشير إلى أن فكرة ومشروع السلطة في الإسلام وبكل أسف وخاصة بعد فترة الخلافة الراشدة التي يوجد فيها ثغرات كثيرة، أصبحت تأخذ شكلاً يتناقض مع مفهوم الإسلام للسلطة.

من المفردات المطروحة ف عصرنا الراهن هي (الإسلام الليبرالي) ولتقييم طبيعة الإسلام الليبرالي وآفاقه السياسية يتحتم علينا القيام بتفحص دقيق لصفة "الليبرالية تلك التي تربطها بالإسلام، كونها مفردة غامضة تنطوي على الكثير من المعاني التي تتدرج تدرج الطيف ولا تقف عند مفهوم واحد محدد.

والسؤال الأهم الذي ينبغي الإجابة عليه قبل البدء بتأمل موضوعة الإسلام الليبرالي هو "ما الإسلام"؟ فهذا السؤال لا يمكن التقليل من أهميته بأي حال من الأحوال.

أنا لست ميالاً لاستعمال مصطلح الإسلام الليبرالي. ولكنني ميال إلى اكتشاف القيم الجوهرية والإيجابية في النزعة الليبرالية التي نشأت في سياق التطور الغربي للمجتمعات السياسية في الغرب. ومن دون شك أن الليبرالية الحرية وقيام المجتمع على النظام الحر وحرية الفرد بالذات، أنا أنظر إليها بإعجاب حينما أرى هذه المجتمعات استطاعت أن تتخطى أطواراً كثيرة في تقدمها ولكن أظن أن الاجتماع الإسلامي لا يمكنه أن يكون ليبرالياً بالمعنى الغربي للكلمة، ذلك أن لدينا نحن المسلمين رؤيا للإنسان وللكون وللتاريخ. في الليبرالية توجد حرية الفرد المطلقة وعدم التدخل في شؤونه الخاصة بصورة مطلقة أيضاً. فنشهد الآن مثلاً في الغرب أن عدم وجود نظام أو نسق للقيم الأخلاقية كان بسبب هذه الليبرالية، ونجد أن هناك مفاسد كثيرة يشهدها المجتمع في العالم الغربي. أنا أعتقد أن المجتمع الإسلامي محصن ضد هذا النوع من الليبرالية. بقدر ما يحتاج المجتمع الإسلامي إلى جرعة الحرية الكبيرة جداً، بقدر ما هو محتاج إلى هذه القيم الدينية والأخلاقية. فيمكن إذن أن نأخذ من الليبرالية حسناتها، ولكن لسنا مجبرين أن نأخذ سيئاتها. ونحن ننتمي إلى نسق قيم جاء به الإسلام، يعني مثلاً وفي المنطق الليبرالي يحق للإنسان أن يشرب الخمرة أن يزني أن أن أن... إلخ ولكن أين هي نتائج ذلك في المجتمع الغربي؟! أين تفكك الأسرة في المجتمع الغربي؟! أين المفاسد والظلم الذي يقع على الإنسان في المجتمع الغربي؟ ومن هنا فإن الليبرالية في معناها السياسي وبمعنى حرية الفرد أي أن يقول وفي ان يقرر وفي أن يكون فاعلاً في المجتمع أنا أعتقد أن المسلمين مدعوون إلى الأخذ بها لأنها من المسائل الضرورية والحيوية في الاجتماع الإسلامي دون البعد الأخلاقي الذي لسنا بحاجة إليه لأن عندنا نسقاً قيمياً يؤمن به المسلمون ويشكل عاصماً لهم دون الوقوع في السلبيات التي وقع بها الغربيون أنفسهم.

نظرية مزوَرّة

إننا فيما إذا سلَّمنا بوجود ما يُسمَّى "صدام الحضارات" (كما يراه هانتغتون) فكيف لنا أن نفسّر الحروب الضارية الطويلة التي اندلعت بين دول أوروبا "المسيحية" واستمرت إلى ألف وستمائة عام؟ وهل شرح لنا هذا المفكر الفتن السياسية والطائفية التي شهدتها بلاد الشام والعراق ومصر والأندلس "الإسلامية" عندما بدأت منذ ألف وثلاثمائة عام ولا زالت!... ثم بأي عين ننظر إلى الحرب الاستقلالية الأمريكية "البروتستانت" عن (بريطانيا) البروتستانتية" وهكذا بالنسبة إلى الحرب الأهلية الأمريكية (بين الأمريكيين البروتستانت أنفسهم) في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؟ هل كان منشأ تلك الحروب هو صدام الحضارات؟

لعل هذا السؤال هو من أقوى الحجج التي يمكن أن تواجه نظرية (صموئيل هانتغتون) حيث يبدو الصراع والحروب التي شهدها عالمنا خلال القرون متعددة ومتطاولة لم تكن صراع حضارات وإنما صراع داخل الحضارة الواحدة، بل داخل الدين الواحد كما أشار السؤال إلى (البروتستانت) أو كما أشرتم حتى إلى الإسلام نفسه، فهو أيضاً شهد صراعات كثيرة بما يعني أن الحروب ليس منشأها الاختلاف أو التمايز الحضاري، فللحروب مناشيء متعددة لا حصر لها في هذا العالم، وقد تكون صلة الحروب في عالمنا المعاصر ذات طابع اقتصادي أكثر منه طابعاً ينتمي إلى الاعتبارات العديدة التي قامت عليها الحروب في الماضي. الصراع الاقتصادي هو مظهر الحروب المعاصرة وربما سوف ينتج الحروب المستقبلية في عالمنا المعاصر، وعلى هذا الأساس فإننا لا نرى أن هناك حروباً سوف تخاض على أساس من التمايز الحضاري، وإن كنا نعتقد أن مثل هذه الحروب ذات الأهداف الاقتصادية سوف تحاول أن تختلق مبررات بعيدة عن المطامع الاقتصادية، وسوف تعطي لهذه الحرب طابعاً حضارياً. ولهذا المعنى أحب أن أذكر مثالاً يتعلق بالمنطقة العربية الإسلامية حيث طرح المنظّر الأمريكي المشهور وزير الخارجية الأمريكية الأسبق (هنري كيسنجر) فكرة حول الثروة النفطية، حيث اعتبرها ثروة نفطية ليست مختصة في الأراضي التي تنتجها، وإنما هي ثروة للإنسان بصورة عامة، بمعنى انه عندما تحاول هذه الدول العربية والإسلامية أن تتحكم في هذه الثروة النفطية في سبيل تحصين التنمية الخاصة بها، فإن هذا النفط بالكاد يكفي لتغطية هذه المشاريع الضخمة التي يجب أن تكون فيها هذه الدول لصالح مستقبلها، فيرى (هنري كيسنجر) أن هذه الثروة هي ثروة عالمية والأحق بها هو من يحتاجها، وبما أن الغرب بالفعل هو الذي يحتاجها اليوم أكثر من العالم العربي والعالم الإسلامي وبكل الوسائل أن يسيطر عليها. أعطي هذا المثال لأقول أن هذا المثال يؤكد أن الحرب الاقتصادية عندما تكون باتجاه النفط سوف تُعطي مغزى حضارياً للقول بأن هذا النفط هو من أجل أن تستمر حضارة الغرب، وبالتالي فإننا نقاتل أو نصارع أو نحارب من أجل معنى يتجاوز المعنى الاقتصادي إلى المعنى الحضاري. بهذا المعنى هناك تزوير للصراعات التي يمكن أن يشهدها عالمنا المعاصر بيننا وبين الغرب ومحاولة لإعطاء الحرب بعداً غير أخلاقي إلى حرب غير أخلاقية.

أولويّاتنا هي الأهم

يرى بعض الكُتَّاب والمفكرين الإسلاميين أن ضروريات التجديد الثقافي تكمن في صياغة البديل معتبراً أن الفكر الإسلامي لم يعد بحاجة إلى أن يوازن بين الإسلام وغيره، وأن الإسلام دين يتماشى مع كل زمان ومكان، بل نحن بحاجة ماسة في الانتقال إلى مرحلة التحدي التي نحن نعيشها. ويعتبر أن على كل مفكر أن يكون على استعداد كاف لإقناع الأمة بأننا البديل الحضاري المناسب، وإننا الأقدر على تقديم الفكر السليم والثقافة الصحيحة والحضارة القويمة والعمران الأكيد. فالسؤال الذي يجب أن يوجه لكم معاشر المفكرين، هل ترون أننا مؤهلون لأن نجتاز بالأمة حاجز التخلف؟ أي بعبارة أخرى هل نمتلك الوسائل لتقديم البديل الإسلامي أمام كل ما قدمه الغرب؟ وهل هناك من عناصر لنجاح هذا المشروع؟

علينا أن نفكر في أولويات تسبق تطلعاتنا إلى منافسة الغرب أو الانتصار عليه، وليس من وجهة نظر أن هدف الحضارة الإسلامية أو هدف النمو والتقدم الإسلامي أن يحقق انتصاراً على الغرب، أنني أعتقد كمسلم وأتبنى رؤية وفلسفة وتوجه الإسلام نحو هذا العالم. وأعتقد إنني كمسلم ينبغي أن أحقق نموذجاً حضارياً غير صدامي بل إنسانياً يستطيع أن يجد فيه الغرب حاجاته وليس التحديات فقط. وبهذا المعنى أظن أن المسلمين بحاجة إلى ثورة أو نقلة حيوية على مستوى الاجتماع الإسلامي قبل أي تفكير في التصدي للحضارات الأخرى أو للطموح نحو إحلال حضارتنا الإسلامية مكان حضارات أخرى، لذلك لا بد من إصلاح حقيقي في الفكر الإسلامي نفسه ويبدأ هذا الإصلاح من وجهة نظري في مواجهة ظاهرة مؤسفة قائمة في الاجتماع الإسلامي في المجتمع الإسلامي الكبير هو حاجة المجتمع إلى العلم والمعرفة، وربما ووجهنا بأرقام من إحصاءات تدل على أن نسبة الأمية داخل المسلمين تتجاوز الخمسين بالمائة، وهذا بحد ذاته أمر محبط يشعرنا باليأس والإحباط. كم نحن بحاجة إلى أن نتجاوز مرحلة الأمية أولاً، أي بمعنى أن يكون المجتمع الإسلامي مجتمعاً متعلماً. لأن أي خطاب يتجه فيه المفكر المسلم إلى العالم الإسلامي لا يصل إلا إلى نخب قليلة في هذا العالم الإسلامي. فكيف يمكن أن يكون الفكر الإسلامي الجديد الموجه والذي يحضر إلى نقلة حضارية أن يكون فاعلاً في مجتمع نصفه أميون! والنصف الآخر من المتعلمين فيه هم شبه متعلمين أيضاً، ونصف المتعلمين الحقيقيين فيه لا يمتلكون إرادة النهضة، وبالتالي لا بد من ورشة عمل كبيرة على مستوى العالم الإسلامي تشكل نقلة في نمو هذا الاجتماع بحيث يغدو للمثقف والمفكر المسلم قاعدة واسعة عندما تطرح الأفكار الاستراتيجية والأفكار الكبيرة، بحيث يتلقاها هذا المجتمع ويبدأ بتحويلها إلى مؤسسات وعناصر إنتاج وتغيير وتفاعل. هذا ما ينبغي أن نفكر فيه أولاً. فالانبعاث الحضاري وشروطه التي تتعلق في تهدئة المجتمع إلى أن يكون مجتمعاً قابلاً للقيام بهذه النقلة. الفكر الإسلامي وحده يمكن أن يكون مؤثراً وفاعلاً ولكن بدرجات قليلة جداً.

إذا لاحظنا مثلاً أن كتاباً يصدر عن مفكر إسلامي يعالج فيه مثل هذه الشؤون التي تكلمنا عنها، فإن كان هذا الكتاب ناجحاً جداً فإن قرَّاءه لا يتجاوزون ثلاثة آلاف فرد في مجتمع عربي، على الأقل، عدد سكانه يتجاوز مائتين أو ثلاثمائة مليون عربي، هذه مسألة لا يجوز أن نغض الطرف عنها، ولا يجوز أن تعبير النقلة الحضارية تتم بين نخبة قليلة من أبناء هذا العالم العربي يداولون أفكارهم ويتناقشون ويختلفون فيها، ويتفقون حولها. إن المطلوب هو نقلة في طبيعة الاجتماع وفي توفر العناصر الضرورية والكفاية والعدل والعلم للأمة على النحو الذي يمكّن النقلة الحضارية أن تقود نقلة الأمة وليس نقلة نخبة صغيرة.

النموذج النهضوي الحقيقي

بأي عين تنظرون إلى نهوض الفكر الشيعي؟ وهل ترون ما رآه الغنوشي وأمثاله من الكتاب؟ علماً أن ما قاله الغنوشي هو رأي الكثيرين من الشباب المثقف من الجيل الجديد. ولكن عند مراجعتنا لحركة النهضة والإصلاح على يد السيد جمال الدين الأفغاني وبقية المفكرين في عصره أو بعده بقليل نرى أن هؤلاء أحدثوا هزة في الوسط العربي والإسلامي، بل حتى الغربي حتى لقد اعتبر أحد المستشرقين الفرنسيين (أرنست رينان) أن الأفغاني كابن سينا أو ابن رشد في حركة فكره وتأثيره؟

نحن في المذهب الشيعي مطالبون بأن ننجح نموذجنا الإسلامي الحقيقي الذي لا يتخذ العنف وسيلة بحد ذاتها أو هدفاً مطلوباً بحد ذاته. وعلينا أن نساهم في إصلاح مشروع النهضة، وأن نواجه ظاهرة العنف باسم الإسلام، أي باسم الدين والتي تضر ضرراً بالغاً على مشروع النهوض الإسلامي الذي نفكر فيه. فنحن نلاحظ أن هناك تراجعات، فالعالم الإسلامي منذعقدين من الزمن كان في مرحلة أكثر تفاؤلاً، وأكثر نضجاً مما هو عليه في مواجهة تيارات العنف التي نشأت في العالم الإسلامي، والتي لا يمكن أن تحقق هذا المنقلب المرجو في حضارة المسلمين وفي تقدمهم وفي إقامة كيان مستقل لهم.

الليبرالية (Liberalism ) اشتقت كلمة ليبرالية من ليبر(Liber ) وهي كلمة لاتينية تعني الحر. الليبرالية حالياً مذهب أو حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وقد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتباناها تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، وتختلف من مجتمع غربي متحرر إلى مجتمع شرقي محافظ. الليبرالية أيضاً مذهب سياسي واقتصادي معاً ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية وتأييد النظم الديمقراطية البرلمانية والإصلاحات الاجتماعية.

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=5282

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك