لا دولة دينية في الإسلام، من دون المسيحيين لا معنى للبنان

هاني فحص: ولا دولة دينية في الإسلام، من دون المسيحيين لا معنى للبنان

استضافت لجنة الدراسات في التيار الوطني الحر السيد هاني فحص في لقاءٍ شامل تناول قضايا فكرية متنوّعة وخاصة سبل حماية التنوع والتعدد في العالم العربي وحركة الأزهر في مصر وعلاقة الدين والدولة وتحدي الحداثة في الإسلام.

حماية التعدد

بدايةً أبدى السيد فحص سعادته بهذا الحوار الفكري، وشدَّد على أهمية حماية التعدد في العالم العربي وعلى أن المشكلة لا تكمن في التعدد في حد ذاته بل في كيفية ادارته داعياً إلى الخروج من منطق الأقليات وعدم التوقف عند العدد بل تحويله إلى معنى من خلال تطوير الثقافة المجتمعية. وقال إنَّ الدول العربية يجب أن تدير التعدد تحت سقف القانون وحقوق الإنسان والحريات، وقد سبق لبنان الدول العربية في هذا الموضوع على رغم وجود نواقص، نظراً لنسيجه المتعدد. ولفت إلى أنه طرح على الأزهر في زيارته الأخيرة إلى مصر سبل حماية التعدد في المنطقة مؤكداً أن الخوف ليس فقط على المسيحيين بل على كل المجموعات، وأن حماية المسيحيين في العراق يجب ان تكون أولوية في ظلِّ ما يتعرضون له، مشدداً على أن الإحتضان هو مسؤولية الأكثرية. وأشار إلى أن الخلل الأساسي في الدول العربية الحديثة سواء كانت قومية أم إسلامية أم علمانية، هو أنها استنهضت الفوارق ونشَّطت الصراع في مجتمعاتها بدل أن تدير الحوار بينها وبين هذه المجتمعات.

وثيقة الأزهر والوضع في مصر

ورأى أنَّ حركة الأزهر مهمة جداً ويشارك في إعداد وثائقه مثقفون مسيحيون مشيراً إلى أن شيخ الأزهر سبق أن عمل على موضوع التصوف الذي يمثل ثقافة جامعة، وقال إنَّ أهم ما في الوثيقة الأخيرة عن "منظومة الحريات الأساسية" التأكيد على حرية الإبداع، خاصة في اللحظة التي صدرت فيها والتي ترافقت مع هجوم على أدب نجيب محفوظ. وأضاف أن جهود الأزهر في هذه المرحلة تمثل انعطافة في هذا الصرح الديني المهم وقال يجب أن نقبلها لنعمِّقها، خاصة في ظلِّ صعود الإخوان المسلمين والسلفيين مشيراً في هذا المجال الى أنه ليس معادياً للـ"إخوان". ولفت إلى التضييق الذي تعرَّض له الأزهر في العهود السابقة من أيام جمال عبد الناصر الذي ألغى هيئة كبار العلماء للسيطرة على الأزهر.

وعن الوضع السياسي في مصر أبدى فحص تخوفه من الإستئثار، ورأى أن هناك لائحة مؤشرات بالنسبة اليه لقياس الأوضاع فيها، وقال إن معيار الحياة السياسية الناجحة يكمن في كيفية استيعاب الأقباط ومدى التوجه إلى المواطنة عارضاً للدور القبطي في محتلف جوانب الحياة المصرية المشتركة. وأضاف أن معيار التقدم هو في كيفية التعاطي مع المرأة، معتبراً أن الإخوان المسلمين أكثر تقدمية من ناخبيهم لكنهم موضع مساءلة الآن لمعرفة الإتجاه الذي سيأخذون إليه مصر.

لبنان ودور المسيحيين

بالنسبة للوضع في لبنان دعا المسيحيين إلى حماية ما وصفه بـ"المضادات الحيوية" التي يمتلكونها، وقال إنْ على المسيحيين اللبنانيين انقاذ حداثتهم وأن ينقلوا عدواها إلى المنطقة لا أن يتأثروا بأمراض المنطقة. وأضاف أن من دون المسيحيين لا معنى لبنان وقال إنَّ المسيحي صار جزءاً من جيناتي ودخل في موروثاتي، مشدداً على دور بكركي الوطني.

الاسلام والدولة وتأثير الثقافة المجتمعيّة

وشدَّد فحص على عدم وجود دولة دينية في الإسلام وقال إن القرآن لم يصف دولةً بل مجتمعاً، مضيفاً أنا مع الإسلام المكيّ وليس الإسلام المديني. واعتبر أنَّ ليس في إيران من دولة دينية أو إسلامية بل دولة وطنية إيرانية حديثة براغماتية مع التأثير الشيعي عليها، لافتاً إلى أنَّ حصول إنتخابات وإنتاج أكثريات برلمانية. وأضاف أنَّ دولة ايران هي تكييف فقهي شيعي لمركزية الدولة.

وأكد أنَّ الثقافة المجتمعية تفرض نفسها مستشهداً بتجربة الإمام مهدي شمس الدين الذي أتى من العراق متأثراً بأفكار الإخوان المسلمين وحزب الدعوة وانتهى بالدعوة إلى الدولة المدنية. ولفت إلى مثال القيادي الإسلامي حسن الترابي الذي أجاز زواج المسلمة بمسيحي عازياً ذلك إلى تأثيرات الثقافة السودانية، مشدداً على أنَّ التنوير هو الحل. ودعا إلى تحكيم الكليّ في الجزئي بالنسبة للنص الديني، ومن جهةٍ أخرى دعا العلمانيين العرب إلى إعادة قراءة العلمانية وعدم التعاطي معها كوصفة جاهزة لا تتغير.

وختم السيد فحص كلامه بالتشديد على أن الإشكالية المطروح في العالم العربي والإسلامي هي ثقافية أولاً، وقال ان اليابان خرجت من هزيمتها لأنها طرحت السؤال الثقافي في اتجاه إنجاز الحداثة، مضيفاً يجب التخفيف من إنتاج مقدسين وتضييق مساحة المقدس.

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=5386

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك