علماؤنا والتبادل الفكري بين المغرب والمشرق (1)

لعل أبلغ الروابط وأعمقها بين الشرق والمغرب العربي قد تحققت على يد رسل الفكر الذين كانوا يتواردون من المغرب بالآلاف(1)كل عام على مختلف أقطار الشرق فيصلون أسانيد الغرب بأسانيد الشرق ويتبادلون ألوان العلوم والفنون ويجددون الأواصر المتينة التي ما فتئت تتجلى منذ أزيد من ألف عام في الوحدة الفكرية والروحية القائمة بين جناحي العروبة والإسلام.
وكانت لوفود المغرب إلى المشرق أهداف مختلفة فريق عابر يتجه إلى الحجاز عن طريق طرابلس ومصر للحج والزيارة وقد يستفيد من العلماء الذين تجعلهم الصدفة في طريقه وفريق ثان يقصد علماء معلومين للأخذ عنهم وفريق ثالث يستوطن الشرق أو يقيم طويلا في رحلات شيقة عبر آسيا والشرق الأدنى ثم يعود إلى المغرب وكان ملوك المغرب يوفدون في الغالب ركبا رسميا للحج لتجديد الروابط مع حكومات الدول الشقيقة.
ويحمل هذا الركب هدايا لأمراء طرابلس ومصر والشام والحجاز واليمن وجوائز سنية لرجال العلم والأدب في كبريات العواصم علاوة على الأموال الطائلة التي توزع على الطبقات العربية المعوزة وكان الشعب المغربي يسهم بحظ وافر في هذه الاكتتابات الدورية ويوقف الأوقاف الضخمة لتركيز هذه المبرة.
وقد ضرب المنصور السعدي المثل الأعلى لتثبيت اللحمة الروحية بين الشرق والغرب فبعث إلى علماء مصر يستجيزهم رغبة في توثيق الأسانيد فأجازه محمد البكري وبدر الدين القرافي.
وكان المنصور هذا يكرم العلماء فلذلك كثر عليه الوافدون من الحرمين وبيت المقدس ومصر والشام والعراقين والهند فاجتمع لديه مرة مدني ومكي وقدسي (الأعلام للمراكشي ج 1 ص 47) ومن حسن سيرته ترجاه أهل مصر وغيرهم أن يكون ملكهم (ص 50).
ومعلوم أن المهدي بن تومرت ملك المغرب اجتمع في الشرق بالغزالي والطرطوشي ودرس هنالك علوم الشريعة والحديث والأصول وقد ذكر ابن أبي زرع أن المهدي لقي مشايخ وأخذ عنهم ونبغ في الأصول ولازم الغزالي ثلاث سنين(2) .
ولما توحدت مصر والشام والقدس تحت راية الايوبيين عام 583 انقض عليها المسيحيون من كل جهة وتتابعت أساطيلهم لاعتراض الأسطول الأيوبي الرابط بالإسكندرية فاستصرخ صلاح الدين بالمنصور الموحدي طالبا إعانته بالأساطيل المغربية بمنازلة عكا وصور وطرابلس والشام وأوفد إلى مراكش أبا الحرث عبد الرحمن بن منقذ الشامي فأمده السلطان على قول ابن خلدون بمائة وثمانين قطعة من الأسطول المغربي في حين أنكر مؤرخون آخرون هذا الإمداد.
ولما استولى أبو الحسن المريني على المغربين الأوسط والأدنى وجه سفيره فارس بن ميمون إلى الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر والشام والحجاز ليعلمه بارتفاع العوائق عن ركب الحاج في سابلتهم وتيسر المواصلات بين البلدين فعاد برسالة تؤكد روابط المودة ثم ما لبث ملك المغرب أن اقتنى ضياعا بالمشرق وأوقفها على القراء ووجه وفدا فيه بعض الأدباء مع هدايا ثمينة جدا احتفاء بأخيه ملك الكنانة وقد احتفل الشعب المصري بمقدم الوفد المغربي في يوم مشهود وصفه ابن خلدون وابن مرزوق والمقريزي مؤرخ مصر الذي ذكر أن الأسطول السلطاني هو الذي نقل الهدايا المغربية التي كانت عبارة عن ثلاثين قطارا من بغال النقل سوى الجمال قيمتها مائة ألف دينار أي مليون ونصف فرنك بالصرف الذهبي لذلك العصر أو نحو300 مليون فرنك حالي وقد بودلت الهدايا بمثلها من منتوج مصر.
وكان للأدب تفتق في هذه المناسبات فعندما وجه أبو الحسن مصاحف منتسخة بخطه إلى الحرمين والقدس كتب ملك مصر توقيعه من إنشاء أديب مصر الشهير جمال الدين بن نباتة في الثناء على شقيقه ملك المغرب.
وعندما توفي ابن قلاوون أوفد أبو الحسن عام 745هـ. بعثا إلى ابنه اسماعيل مع رسالة تعزية طويلة بليغة لتجديد «عهود موثقة، وموالاة محققة والود الثابت الأركان» وأخبره بالجهود التي يبذلها لإنجاد الأندلس ثم أكد أن البلاد المصرية والمغربية هي «باتحاد الود متحدة، والقلوب والأيدي منها منعقدة» فأجابه ملك مصر برسالة بديعة من أنشاء خليل الصفدي شارح لامية العجم.
وعندما كان أمير الركب المغربي في القاهرة حمله ملك مصر الظاهر برقوق هدايا من إنتاج الكنانة إلى ملك المغرب أبي العباس بن أبي سالم بن أبي الحسن.
ومما يدل على اهتمام ملوكنا بمصر خاصة والشرق العربي بوجه عام أن سيدي محمد بن عبد الله حبس على مصر القاهرة والإسكندرية نسخا من ابن خلدون ابن خلكان وقلائد العقيان والأغاني ونفح الطيب وتأليف ابن الخطيب السلماني (أتحاف أعلام الناس لابن زيدان ج3 ص 251).
وقد جلب السلطان سيدي محمد بن عبد الله من الشرق كتب الحديث المهمة مثل مساند الأئمة أحمد وأبي حنيفة والشافعي وكثير من أهم المتون والشروح كما رتب لأهل الحجاز واليمن مائة ألف مثقال في كل عام وفك عام 1200 هـ 48 ألف أسير حتى لم يبق أسير مسلم في الشرق ولا في الغرب.
وكان الجيش النظامي الذي أسسه المولى محمد ابن عبد الرحمن يعمل تحت قيادة ضابط مصري (كودار تاريخ المغرب ص 141).
على أن علماءنا وأدباءنا كانوا يلقون نفس الحظوة عند ملوك الشرق فهذا أبو الخطاب ابن دحية الأندلسي تجول بالأندلس والمغرب واستقر بالقاهرة في كنف الملك الكامل ثم زار اصبهان وبغداد ونيسابور وشيراز ودمشق والقدس وسبتة، وقد أخذ بالقاهرة عن أبي إسحاق ابن احمد ابن الواعظ، وكان له عند الكامل بمصر جاه عظيم وحظوة علية بعد العهد بمثلها حتى ليذكر أنه هم بتنصيبه خليفة وبعثه رسولا إلى الناصر لدين الله ببغداد فبعثه هذا بدوره سفيرا إلى بعض ملوك العجم وتوفي بالقاهرة عام 633هـ (الذيل والتكملة).
والخطيب ابن مرزوق الذي والاه السلطان الأشرف الوظائف  حيث دفن بين ابن الأشهب وابن القاسم (النيل ص 274) وكان يقول «ليس اليوم يوجد من يسند أحاديث الصحاح سماعا من باب الإسكندرية إلى البرين إلى الأندلس غيري» (ص 275) وقد توجه مجتهد المغرب عبد الله الورياجلي القصري ليأخذ العلم عن ابن مرزوق فقال له ابن مرزوق «ليس أحد أعلم منك فرجع» (دوحة الناشر لابن عسكر ص 26) وقد ألف ابن مرزوق لأمير مصر كتابا سماه «أشرف الطرف للملك الأشرف» أكد فيه أن ممالك مصر أفضل المعمورة.
وقد دخل تاج الدين بن حمويه السرخسي المغرب من الإسكندرية بحرا ووصل إلى مراكش أيام الأمير أبي يوسف يعقوب المنصور واتصل بخدمته.
وأبو البركات عمر بن مودود الفارسي جال في همذان وبغداد ومرو والشام ومصر والأندلس حيث روى عنه الرعيني وورد على مراكش أيام الرشيد من بني عبد المومن فحظي عنده وأجرى له ثلاثمائة درهم وسبعة قناطير ونصف قنطار من الحواري كل شهر سوى الأكسية والهدايا والتحف (الذيل والتكملة).
وورد على المغرب كذلك محمود بن أبي القاسم الخراساني أيام الناصر الموحدي الذي أجزل صلته وروى عنه علماء مغاربة.
وورد على مراكش وسبتة محمد بن عبد الوهاب الدمشقي الحنبلي تلميذ ابن الجوزية متطوفا على البلاد يعقد فيها مجالس الوعظ وتوفي بمصر 657هـ. (الاعلام ج3 ص 148 نقلا عن الذيل والتكملة).
وفي أول ولاية يعقوب المنصور (عام 583) ورد على المغرب أمراء الغز من مصر فانخرطوا في الجيش المغربي وجعل السلطان لهم مزية على أمراء الموحدين بحيث كانت جاكيتهم شهرية وجامكية الموحدين كل ثلاثة أشهر وأقطع أعيانهم أوسع من اقطاع الموحدين إكراما لوفادتهم وتمتينا للروابط بين البلدين الشقيقين (المعجب ص 177) ومن جملة ما اقتبسه المنصور السعدي من الشرق تعيين شيخ للنساخين في العاصمة ومقدم لتعليم الخط وقد قام بهذا المنصب عبد العزيز بن عبد الله السكتاني بجامع الشرفاء بمراكش كما هي العادة بالقاهرة وغيرها من بلاد الشرق (درة الحجال ص 378).
وعندما عجز الأروبيون المجلوبون لعصر قصب السكر وتصفيته وإخراجه من القوة إلى الفعل عن إتمام عمليتهم جلب السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن الصناع المهرة من مصر القاهرة، (الاتحاف ج 3 ص 552).
وبالجملة فقد تبلور التأثير المتبادل بين الشرق والمغرب في شتى المجالي وأبسطها حتى أن إقليم فشتالة (من تطوان إلى سبو) يسميه الريفيون بالشام الصغير وأن سعيد ابن صالح بنى في مدينة نكور مسجدا على صفة مسجد الإسكندرية بمجارسه ومنافعه (المغرب في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب وهو جزء من مسالك البكري ص 91) وأن بصرة الريف سميت بصرة العراق، ومراكش هي بغداد المغرب (نفح الطيب ج 7 ص 174) وفاس هي دمشق الشام.
ويلذ لنا هنا أن ننظر بجملة من علماء المغرب دون مراعاة للترتيب الزمني ولكن رعيا لتأثيرهم في الشرق.
فمن كبار الرحالين المغاربة محمد الشريف الإدريسي المولود في سبتة عام 494 صاحب نزهة المشتاق وأستاذ أوربا في الجغرافيا قال في رسائل البشرى أنه «طاف بمصر وآسيا الصغرى والقسطنطينية وفرنسا وإنجلترا قبل أن يستدعيه ملك صقلية» (الاعلام لعباس بن إبراهيم ج3 ص 34) وهو أول من اكشف أن النيل ينبع من بحيرات خط الاستواء في حين أن الأوربيين لم يكتشفوا ذلك إلا منذ عهد قريب (حضارة العرب لكوستاف لوبون الطبعة الفرنسية ص 508).
والرحالة ابن جبير الذي باع أملاكه بفاس ورجع للمرة الثالثة إلى الشرق عام 567 هـ وكان يتردد بين الحرمين والقدس والإسكندرية حيث مات بها عام 614هـ (الاعلام ج3 ص 90).
وابن رشيد الذي أخذ بالقاهرة عام 684 عن أعلام مثل خليل المراغي بالقاهرة (درة الحجال ص 138) وذي النون ابن الأسعدي المصري (ص 144) والزيانيب الثلاث (ص 150) دخل مصر والشام أخذ بالقاهرة عن عبد العظيم المنذري وبدمشق عن الدين الحراني وبالحرم عن ابن عساكر كما في رحلته المسماة ملء العيبة وإحضار ما جمع بعد طول الغيبة ثم تحول إلى فاس  ومراكش توفي بفاس عام 721هـ (ص 201-203).
وأبو القاسم العبدري الحاحي الذي رحل إلى الشرق عام 688هـ وكتب رحلة وقف عليها شيوخه بمصر وغيرها واستحسنها شيخه زين الدين بن المنير الإسكندري ومن أساتذته ابن الحسن القرافي الذي له رواية عالية متسقة ببغداد والعراق ومصر وشرف الدين الدمياطي وابن دقيق العيد قطب مصر وعلمها (الأعلام لابن ابراهيم المراكشي ج 3 ص 197).
والرحالة ابن بطوطة الطنجي الطي زار مصر وفاس والهند والصين وجزيرة العرب والساحل الشرقي لإفريقيا ثم الأندلس والسودان وقد ولد عام 703 ودامت رحلته 28 عاما.
ومن التلمسانيين الذين استقروا بفاس ودفنوا بها محمد بن إبراهيم العبدري الابلي قيل إنه أعلم العالم في عصره بفنون العلم دخل آخر المائة السابعة مصر والشام والحجاز والعراق ولقي بالديار المصرية ابن دقيق العبيد وصفي الدين الهندي والتبريزي وقرأ بفاس فنون التعاليم حتى مهر فيها ثم لحق بمراكش فتضلع عن ابن البنا في المعقول والتعاليم والحكمة ونظمه السلطان أبو الحسن المريني في طبقات العلماء بمجلسه وهو أستاذ ابن خلدون توفي عام 757هـ (السلوة ج3 ص 274).
وعبد الرحمن ابن خلدون الفيلسوف المؤرخ الاجتماعي المتوفى عام 808 وقد تولى خططا سامية في تونس وفاس وتلمسان والقاهرة، وقضى شطرا من حياته في المغرب وقد تحدث في مقدمته عن قواعد النقد التاريخي ودرس أصول المجتمع وتأثير الطقس في الإنسان وتطوره الاجتماعي حتى شبه بالفيلسوف مونتسكيو.
والحسن بن محمد الفاسي الغرناطي رحل إلى فارس وبلاد التتار ثم رجع إلى الاستانة عن طريق مصر واختطفه القراصنة الطليان قرب جزيرة جرية ويقال أنه تمسح وأنه رجع إلى تونس حيث مات وقد ألف بالعربية وترجم إلى الإيطالية كتابه في وصف إفريقيا.
وأحمد الكاملي الضرير الدرعي الذي زار المشرق وما ترك بلدة من المعمور إلا دخلها برا وبحرا وكتب عدة رحلات وكان يقيم أياما في كل بلدة ثم يرحل عنها ومكث سنة في دمشق وهو متضلع في عدة فنون محدث يحفظ صحيح البخاري ومسلم بأسانيدهما وكتب الأخبار والآداب ودواوين الشعراء والمولدين سريع الحفظ وكان يسمع القصيدة المرة الثالثة فيسردها من حفظه تلاقى في الهند  مع داود الكلكتي الذي عمر 200 سنة وتوفي ودفن بمراكش عام 1315هـ (الأعلام ج 2 ص 244).
ومن علماء المغرب وأدبائه الذين استوطنوا الشرق أو جالوا مدة طويلة في مختلف أنحائه فكان لهم تأثير في الأقطار العربية أو الإسلامية مروان بن عبد الملك ابن سنجون اللواتي الطنجي الذي أقام في الشرق سبعة عشرة سنة يقرر الحديث والذي كان يقول «لم أدخل إلى الشرق حتى حفظت أربعة وثلاثين ألف بيت من أشعار الجاهلية» وهو من كبار الفصحاء في طنجة (معجم البلدان ج6 ص 63).
ومحمد بن أحمد بن جراح الجياني المعروف بالبغدادي لطول سكناه ببغداد روى عن علي الطبري وجلب من تواليفه أحكام القرآن وأصول الفقه والرد على أحمد بن حنبل، حفظ كتاب البرادعي قبل رحلته واستقر بفاس بعد خروجه من جيان أول الموحدين وتوفي بها عام 546هـ (السلوة ج3 ص 267).
ومحمد بن عامر الحمصي رحل إلى المشرق واستقر بحلب والشام وأقرأ هنالك مدة ثم قفل إلى المغرب واستقر بفاس وبها توفي بعد 580هـ (ج 3 ص 267).
ومحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن عبد الكريم التميمي الفاسي أقام بالمشرق خمسة عشر عاما وأخذ من عشرات الأعلام بالقاهرة وبغداد والقرافة ودمشق والصعيد الأعلى والإسكندرية والقدس وطرابلس وإفريقيا كما تتلمذ بمصر للأختين ست الكل وست العلم ابنتي عبد الله بن رفاعة السعدي وفاطمة بنت سعد الخير الأنصارية بالقاهرة وتقية بنت الخطيب غيث الأرمنازي وقد ضمن مشايخه برنامجه الحافل الموسوم بالنجوم المشرقة، وحدث بالمشرق والمغرب وهو صاحب المستفاد في مناقب العباد بمدينة فاس توفي عام 604هـ (الذيل والتكملة).
وأحمد الشريسي السلوى نشأ بمراكش واستوطن الفيوم بمصر أخذ عن أبي الحسن الأبياني بالإسكندرية وهو تلميذ عمر السهروردي وتوفي بالفيوم عام 641هـ (الاعلام ج1 ص 351).
ومحمد بن أحمد بن أبي شاكر أبو عبد الله بن الظهير المراكشي المحتد درس بدمشق وقدم مصر وحدث عن كريمة بنت عبد الوهاب وعلى السخاوي وسمع باربل وبغداد ولد بأربل عام 602 (الاعلام ج3 ص 195 نقلا عن بغية الوعاة).
وجمال الدين محمد بن أبي بكر البغدادي أصله من قصر كتامة له شيوخ ببغداد ودمشق والأندلس ومصر وهو صاحب الوتريات في المدح النبوي وقد ورد على مراكش صدر 655هـ ثم عاد إلى مراكش وأقام بها مدة وكان شافعي المذهب نظارا فيه حسن المأخذ توفي بتونس لدى قفوله إلى مراكش للمدة الثالثة عام 663هـ وقد خمس وترياته محمد الفاطمي الصقلي وطبعت بفاس (الاعلام ج3 ص 152 نقلا عن الذيل والتكملة).
وعمر بن الطوير السوسي المراكشي شهر بمصر والحجاز بأبي الخطاب السوسي تفقه بمراكش أخذ عن الفقيه عبد الوهاب البغدادي أصول الفقه وتعليقه على محمد بن يحيى في مسائل الخلاف وهو أول من أدخلها إلى المغرب وأخذ بالإسكندرية عن الأبياري وكان يحفظ البرهان لإمام الحرمين وكان مستبحرا في العلوم توفي عام 622هـ (الذيل والتكملة).
ومحمد بن المنذر المراكشي المتوفى عام 628هـ نزيل حلب قدم والده إلى بغداد وولد هو بها ولقي مولاي عبد القادر الجيلي وسافر إلى الشام وقرأ على ابن عساكر تاريخه ودرس ببغداد الحديث والفقه وكان فقيها غزير العلم عالما بالأدب (الاعلام ج4  ص 383 نقلا عن الذيل والتكملة).
وعلي بن ميمون الحسني المغربي الذي ترك لنا موازنة رائعة بين أقطار العروبة في أصالة ومناهج التحقيق الفكري حيث أكد أنه ما رأى أحفظ من أهل فاس لنصوص كل علم مثل النحو والفرائض والحساب والتوقيت والتعديل والتوحيد والمنطق والبيان والطب وسائر العلوم وذكر أنه ما رأى مثلهم في ذلك لا في بجاية ولا في تونس ولا في الشام والحجاز ومصر (سلوة الأنفاس ج1 ص 74) وله كتاب في متفقهة ومتفقرة مصر والشام توفي بالشام (دوحة الناشر لابن عسكر ص 275).
وعلي الحرالي ولد بمراكش ونشأ بها وتوفي بالشام عام 637هـ كان يلقي في التعليم قوانين تتنزل في التفسير منزلة أصول الفقه في الأحكام وكان أعلم الناس بالمنطق والطبيعيات والإلهيات كان ينقض النجاة لابن سينا عروة عروة (نيل الابتهاج للسوداني ص 187-188).
ومحمد بن عمر الشريف الكركي ولد بفاس  وهو شيخ المالكية والشافعية بالديار المصرية والشامية في وقته يقال أنه أتقن ثلاثين فنا من العلوم بل قال الإمام شهاب الدين القرافي «أنه تفرد بمعرفة ثلاثين علما وحده وشارك الناس في علومهم» صحب عز الدين بن عبد السلام وأخذ عنه القرافي (الديباج المذهب لابن فرحون ص 286).
ويونس بن طريبة القصري (قصر كتامة) الذي تولى قضاء طرابلس الغرب وولى التدريس بدار الحديث الكاملية بالقاهرة سنة 641 هـ (الذيل والتكملة).
ومحمد بن سليمان المراكشي الصنهاجي من شيوخ الإسكندرية ومن المحدثين والمسندين بمصر مات عام 717هـ (الاعلام ج 3 ص 248).
وأحمد المعافري المعروف بالوقاد توفي عام 741هـ انتقل إلى الإسكندرية ودرس بها العلم وجده محمد المعافري الرحالة دفين الإسكندرية (السلوة ج 3 ص 86).
وإسماعيل السوسي الطبيب ذكر العبدري في رحلته أنه لما وصل إلى قاعدة الديار المصرية ونزل بمدرسة الظاهرية مريضا بعث إليه شيخه شرف الدين الدمياطي بالحكيم أبي الظاهر إسماعيل لعلاجه وهو فتى حدث السن رصيف العقل نافذ الفهم ما رأيت أحفظ منه للطب ولا أحسن منه تصرفا ولا أذكر لنصوص كتب أبقراط.
ومحمد بن إبراهيم بن يوسف بن حامد الشيخ تاج الدين المراكشي ذكر ابن السبكي في طبقاته أنه ولد بعد السبعمائة ونشأ بالقاهرة، وقرأ على علاء الدين القونوي أعاد في القاهرة بقية الشافعي ثم دخل دمشق ودرس بالمروزية وسمع من الحافظ المزي ثم ترك التدريس وانقطع بدار الحديث الاشوفية إلى أن توفي عام 752هـ (الاعلام ج 3 ص 265) وذكر الحافظ في الدرر أن إخراجه إلى الشام كان بأمر من الناصر بعد استطالته على القاضي جمال الدين القزويني ومن مشايخه أبو حيان (ص 269).
وأحمد بن عبد الله الازدي المراكشي نزيل القاهرة ذكره صاحب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة.
ويحيى بن موسى الرهوني الحافظ الأديب المنطقي استوطن القاهرة وتولى التدريس في المنصورية والخانقاه الشيخونية توفي عام 774 (الدرة ص 490).
وجمال الدين محمد بن موسى المراكشي الأصل ثم المكي وصل إلى مصر فسمع من شيوخها ثم رحل إلى الشام والقدس واليمن حيث ولي مدرسة الناصر وأقام بها مات عام 823 (الأعلام ج 4 ص 50 وذيول طبقات الحفاظ).
ومحمد تقي الدين الفاسي الذي قال عنه الحافظ ابن حجر «وافقني في السماع بمصر والشام واليمن وغيرها وكنت أوده وأعظمه» توفي عام842 هـ (نيل الابتهاج ص 318).
ومحمد بن ابراهيم ابن الخضري الهنتاتي المراكشي الموحدي المصري المولد والدار ذكر المقريزي في عقوده أنه كان يحفظ العقدة والإلمام لابن دقيق العيد والشاطبيتين والطوالع في أصول الدين وابن الجلاب والرسالة في الفقه والحاجبية والملحة وغالب الفية ابن مالك والتلخيص وحدث وافاد ودرس وأعاد وقال الشعر الحسن وطارح الأدباء واشهر بالمجون الخليع مع المشاركة التامة حتى في اللغة والطب والهيئة ولي تدريس الفقه بجامع الحاكم والقرانسقرية والحسنية والحديث بالفاضلية والإعادة بالكامية والمنصورية وكتب عنه ابن فهد مات عام 872هـ (الأعلام ج4 ص 125).
ومحمد بن محمد بن سليمان الفاسي الروداني وصفه في خلاصة الأثر بأنه فرد الدنيا في العلوم كلها ولد بتارودانت حصلت له – بعد التطواف على مصر والحجاز والشام وبلاد الروم الرياسة العظمى التي لم يعهد مثلها لأحد وكان في الحكمة والمنطق والطبيعي والإلهي الأستاذ التي لا تنال مرتبته بالاكتساب وكان يتقي فنون الرياضة باقليدس والهيئة والمخروطات والمتوسطات والمجسطي ويعرف أنواع الحساب والمقابلة والارتماطيقي والمساحة معرفة لا يشاركه فيها غيره وكان في العلوم الغريبة كالرمل والحروف والشيمياء حاذقا أتم الحذق توفي عام 1094هـ (الأعلام ج 4 ص 334) وقد تنافس الناس في اقتناء الآلة التي اخترعها وهي منشورة في الأعلام (ص 350) وهي عبارة عن كرة مستديرة مسطرة دوائر ورسوما وقد ركبت عليها أخرى مجوفة منقسمة نصفين فيها تخاريم وتجاويف الخ (نشر المثاني للقادري ص 87).
ومحمد بن محمد بن قدور المراكشي الأصل الإسكندري الفقيه ذكره أحمد بن حسون في رحلته التي الفها 1270.
ومحمد فتحا الدقاق الدغمي السلاوي قام بتدريس الحديث في المدينة أكثر من عشر سنين وكان معظما عند ملوك الشرق وخصوصا السلطان العثماني الذي كان يوجه إليه جائزة سنية في كل عام (الأعلام ج 5 ص 60 نقلا عن فهرسة الحافي).
ومحمد الورزازي الدرعي الحافظ الشهير بالصغير وبالقاضي اشتغل بالتدريس في مصر وكانتله اليد الطولى في الفقه والعلوم العقلية توفي بمصر عام 1138 (الأعلام ج 5 ص 38).
ومحمد بن علي المراكشي الأوسي نشأ بسلا وفصل منها عام 618هـ وجال في الشام والعراق ودخل بغداد وتكريت والموصل ومصر والإسكندرية وروى عن شيوخ عدة ببغداد وحماة ودمشق ثم عاد إلى مراكش وشرق ثانيا ولد بمراكش عام595هـ وتوفي عام 671هـ (الأعلام ج 3 ص 162 نقلا عن الذيل والتكملة).
ومن الأطباء المغاربة الذين توجهوا للشرق محمد ابن عبد العزيز المعروف بالحاج عزوز المكناسي أحد الحفاظ والأطباء أخذ عن أعلام المشرق ثم عاد إلى مكناس (نيل الابتهاج ص322) وقيل مات في الشرق (الأتحاف لابن زيدان ج 3 ص 593) وكذلك علي ابن يقظان السبتي الطبيب الشاعر الأديب الذي رحل إلى مصر عام 544هـ ثم إلى اليمن والعراق (القفطي ص 160) وكذلك يوسف بن يحيى بن اسحاق السبتي أبو الحجاج نزيل حلب ويعرف في سبتة بابن سمعون كان طبيبا من أهل فاس «وقرأ ببلاده الحكمة فساد فيها» (القفطي 256).
وتاج الدين المراكشي وهو محمد بن إبراهيم بن يوسف (701-752هـ) ترجمه في الشذرات اخرج من مصر لشراسته وولى تدريس المسرورية بدمشق وقد درس بها بعده تقي الدين السبكي (الدارس في تاريخ المدارس لعبد القادر النعيمي (ج 1 ص 458) وقد أشار النعيمي في الدارس كذلك إلى أبي الحسن المراكشي المالكي المتوفى عام 625هـ (ج2 ص 6) وإلى سالم بن إبراهيم المغربي الصنهاجي الدمشقي المالكي، شيخ المدرسة الشرايشية المولود عام 777هـ (ج 2 ص 22) وإلى قاضي القضاة شهاب الدين التلمساني المتوفى عام 873هـ وقاضي القضاة شهاب الدين أحمد ابن المريني المغربي (ص 23) وشمس الدين السلاوي عامل خانقاه خاتون دفين الصالحية ( ص 109).
والفنان عبد الكريم الفاسي الملقب بالزريع قامت على أكتافه نهضة متواضعة في صناعة الخزف بمصر إبان القرن الثاني عشر الهجري وقد صنع ألواح القشاني لتغطية جدران العمائر وتوجد الآن نماذج من ذلك في دار الآثار العربية بمصر كما أشار إلى ذلك تيمور في كتابه حول التصوير عند العرب.
ومدرسة الشيخونية هي أكبر مدرسة بمصر كان بها فضلاء مغاربة  مصامدة (نيل الابتهاج لأحمد بابا السوداني ص 84 و 96).
وقد تحدث أبو اليمن مجير الدين في الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل عن زاوية المغاربة بالقدس الذي أوقفها عمر المغربي المصمودي المجرد عام 703 ثم تولاها بعده العلامة جمال الدين عبد الله المراكشي عام 794هـ (ج 2 ص 505).

(1) ذكر كودار في تاريخ المغرب المصنف عام 1860 أن ثلاثة آلاف مغربي يسافرون كل سنة إلى الخارج منهم أربعمائة أو خمسمائة إلى أوربا والباقي إلى الشرق (ص242).
(2) أكد ملاقاته مع الغزالي أصحاب الحلل الموشية ورقم الحلل واليوسي في محاضراته وصاحب نشر المثاني وصاحب تاريخ الدولتين والشيخ مرتضى ولم يجزم ابن خلدون في تاريخه ولا صاحب المعجب وقطع بنفيه ابن الأثير في الكامل

المصدر: http://www.habous.net/daouat-alhaq/item/839

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك