الإسلام وقوة الدولة

الإسلام دين ودولة، وعزة وقوة وصولة، هو دين لأنه عقيدة توحيد وتنزيه لله سبحانه، تعتقدها القلوب، وتدين بها لعلام الغيوب، وتنطق بها الألسنة في كل صلاة وذكر، تتزكى بها النفوس، فتنجلي عنها كل شدة وبؤس، والإسلام طاعة تعمل بها الجوارح، فتكون مظاهر لكل عمل صالح، والإسلام شريعة تنظم شؤون الحياة، وترفع من شأن المجتمع، فكان لذلك هو القوة الحية في الشعب، والمصدر الوحيد للسلطة الروحية والزمنية.
فقد اكتملت سطوة دين الإسلام بشتى العوامل والعناصر، بوحدة العقيدة، وبالقانون المشترك، وجامعة اللغة وباشتراك المجتمع في مظاهر العبادات والعادات والتقاليد زيادة على توحيد الأهداف والغايات من الحياة فتوحدت بذلك الوجهة إلى الله كما قال سبحانه في أمر أهل الكتاب «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة». وهذه الغاية الشريفة هي التي أرسل الله رسول الإسلام سيدنا محمدا عليه السلام لتحقيقها كما قال سبحانه: «هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون».
فكانت قوة الإسلام الروحية التي جمعت قلوب العرب هي أساس دولتهم ومنبع صولتهم كانت القوة في قلوبهم بالإيمان وفي أبدانهم بقوة العضلات المكتسبة من القيام بأعمال الفروسية وركوب الخيل والمسابقات عليها، وبالتمرن على أعمال الحروب ومباشرتها فعلا في كثير من الأحيان، وكانت القوة في المعاونة من خارج بالنصرة وإسداء المعونة مع كل عامل لخير المجتمع وعزة المسلمين وكرامتهم في الوجود، وقد تكون القوة نابعة من بذل الأموال في سبيل الغايات الحميدة إذ المال من أنفع الوسائل للوصول إلى كل طائل.
والقوة على اختلاف أنواعها عنوان البأس والشدة، وخير ما يتخذه الشعب الذي يريد الحياة الكريمة من عدة، وأبطال الرجال في كل زمان هم أصحاب القوة الذين يسترخصون نفوسهم في سبيل إدراك المجد، وفي التفاني في خدمة المبادئ والقيم العليا. وقد كان للإسلام أبطاله الخالدون الذين لا زالت أعمالهم تملأ سمع الدنيا فقد فتحوا الأمم والشعوب بعدة زهيدة، هي عبارة عن أفراس وأقواس، وسيوف ورماح، وأدرع وأتراس، وذلك غاية ما أمكنهم أن يمتثلوا به أمر الله في قوله: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» إلا أن نفوسهم كانت أقوى عزما وأشد حزما، فحققوا من المكارم على قدر تلك العزائم، وقد عملوا جهدهم في اتخاذ الخيل، رجاء المثوبة والأجر، والغنيمة والوقر، فكان لكل قادر على اقتناء الخيل مركوبه الجميل يباهي به الأقران، وكان فوق ذلك لأمير المومنين عدد وافر من الخيول يحمل عليها في سبيل الله ضعفاء المجاهدين، فقد قرأت في كتاب الخراج لأبي يوسف أنه كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أربعة آلاف فرس موسومة في سبيل الله، فإذا كان في عطاء الرجل خفة أو كان محتاجا أعطاه الفرس وقال له أن أعييته أو ضيعته من علف أو شرب فأنت ضامن، وإن قاتلت عليه فأصيب أو أصيت فليس عليك شيء) انتهى.
ومن فضل الله علينا وعلى الناس أن عبارة التنزيل التي أمر الله المومنين فيها بإعداد القوة لأعدائهم لم تحد هذه القوة بشكل ولم تكيفها بزمان، بل أناطها باستطاعة الإنسان، وبما يتطلبه إرهاب العدو ورد العدوان، من التفوق في كل مكان، حتى تستقر العدالة وشريعة الحق بين بني الإنسان.

المصدر: http://www.habous.net/daouat-alhaq/item/813

الأكثر مشاركة في الفيس بوك