الشراكة الوطنية لا تبنى إلا على أساس المواطنة

حسين زين الدين

قال المفكر الإسلامي ومدير مركز آفاق للدراسات والبحوث محمد المحفوظ أن الشراكة الوطنية لا تبنى على أساس المكونات العرقية أو القومية أو المذهبية أو الدينية في الوطن، وإنما يبنى على أساس المواطنة. مبينا أن الأساس الدستوري والقانوني والسياسي الذي يحدد مفهوم الشراكة هو المواطنة بكل مدلولاتها لا الانتماءات التاريخية والتقليدية.

وأوضح في الحوار الذي أجراه محمد الهويمل في صحيفة الرياض أن الشراكة الوطنية تقتضي صياغة منظومة الحقوق والواجبات، حتى يتسنى لكل المواطنين على حد سواء العمل والتنافس للقيام بواجباتهم الوطنية ونيل حقوقهم الوطنية الذاتية والمكتسبة.

وأكد المحفوظ على أن المواطنة هي سبيلنا لإنجاز مفهوم الشراكة الوطنية بعيدا عن المحاصصات وكل أشكال التشظي الاجتماعي والسياسي.

وأضاف ولكي لا نقع في حبائل المزايدات ولعبة التوظيف السطحي والسريع لقيم الوطن والمواطنة، نحن بحاجة إلى فضاء قانوني ودستوري يحدد بشكل لا لبس فيه حقوق المواطنين وواجباتهم بعيدا عن انتماءاتهم التاريخية والتقليدية.

ونوه المحفوظ على أن الأوطان لا تبنى فقط بالنوازع العاطفية، وإنما تبنى بإرادة سياسية تترجم إلى مبادرات ومؤسسات وطنية حاضنة لجميع المواطنين ومدافعة عن كل حقوقهم ومكتسباتهم.

ورأى أن الاندماج الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد، مشروط بتوفر السلم والحرية وسيادة روح المواطنة الحقة. وإن المجتمع الذي يثير النعرات والانقسامات في وسطه، إنما يدمر شروط قوته ومنعته وتقدمه.

وأكد على أن تنوع المجتمع وتعدده السياسي والفكري والاجتماعي، لا يعنيان غياب الانتماء الوطني، وذلك لأن القيم الوطنية هي التي تحفظ العيش المشترك والوحدة الوطنية.

ملفتا في ذات السياق إلى أن علاقة المواطن بوطنه ليست من طرف واحد، بل هي علاقة تفاعلية متبادلة. يدافع المواطن عن وطنه، كما يحفظ الوطن أمن واستقرار وسعادة المواطن.

وأكد المحفوظ في حواره على ثلاث مرتكزات رئيسة من أجل بناء شراكة وطنية حقيقية وهي: أولا ضرورة وجود وبلورة البرنامج الوطني الناضج، وثانيا: إيجاد منطق سلمي في التعامل مع كل القضايا والأمور الوطنية، والمرتكز الثالث هو بناء بدائل وطنية سلمية – ديمقراطية لتطوير مستوى التعايش الوطني ومجالاته.

ودعا إلى حوار داخلي عميق ومتواصل بين مكونات الوطن المتعددة يؤسس للاحترام والاعتراف بالآخر وتنمية المشترك الديني والوطني والإنساني دون التعدي على حقوق الآخرين وقناعاتهم ورموزهم وشخصياتهم.

وحتى تنجح تجاربنا الحوارية، وتؤتي ثمارها الوطنية المرجوة، ركز المحفوظ على أمرين : الانخراط في مشروع الإصلاح الثقافي والفكري، الموازنة بين نقد الذات ونقد الآخر.

معللا ذلك إلى أنه لا يمكن نجاح الحوار الوطني وتفعيل مفرداته في الواقع المجتمعي بدون عملية إصلاح ثقافي وفكري، تتجه إلى مراجعة جادة وجريئة لمواقفنا من الآخر، إذ لا حوار فعال بدون نقد عميق لموروثاتنا الثقافية على حدّ قوله.

وقال المحفوظ: لعل من أهم المفردات والقضايا التي حققها مشروع الحوار الوطني، هي إبراز قيمة الحوار والتواصل بين مختلف تعبيرات الوطن ومكونات المجتمع.

إلا أنه أرجع وقال: لكن الخلل الحقيقي الذي يعترض مسيرة هذه التجربة الوطنية، هو غياب البعد التنفيذي والتطبيقي للقضايا التي تم التوافق عليها في جولات الحوار الوطني.

المصدر: مركز آفاق للدراسات والبحوث.

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك