استراتيجية اوباما: الحرب او السلام؟
نجاة شرف الدين
في الوقت الذي كان فيه العالم يتابع التطورات في المنطقة العربية ويحاول قراءة وتحليل موقف وموقع الولايات المتحدة مما حصل من ثورات واحتجاجات ومناقشة دورها، إن كان مواكباً للتغيير ومستفيداً ام داعماً ومشاركا فيه، وبينما كان الحزب الجمهوري يتهيأ لاختيار مرشح يخوض الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل بوجه الرئيس الاميركي الحالي باراك أوباما، وبالتزامن مع التهديدات المستمرة بين اميركا وإيران على وقع البرنامج النووي والتهديد بإقفال مضيق هرمز واستعراضات القوة العسكرية الإيرانية، اطلق الرئيس الاميركي باراك اوباما خطاباً أمام البنتاغون في الخامس من كانون الثاني/ يناير، وأعلن فيه عن تقليص الميزانية العسكرية عبر استقطاع نحو ٤٨٧ مليار دولار من ميزانية البنتاغون على عشر سنوات.
هذا الخطاب استحوذ على مساحة مهمة من النقاش في وسائل الاعلام العربية والدولية، التي حاول البعض منها اطلاق تفسيرات وبناء تحاليل في مواقف وسياسات الولايات المتحدة المستقبلية. وبغض النظر عن من رأى في نقاش هذه الاستراتيجية بانها تعبر عن الفشل في السياسة الخارجية الاميركية، ولا سيما التدخل العسكري في افغانستان والعراق، وعن من رأى فيها سياسة جديدة استفادت من التجارب السابقة واصبحت اكثر قدرة على إدارة حروبها بأقل كلفة، فإن قراءة متأنية وبعيدة عن الموقف المسبق المؤيد او المعادي للسياسة الاميركية في الشرق الاوسط، تظهر الحاجة الملحة للتغيير بناء على معطيات جديدة على المستوى العسكري والسياسي، ولا سيما ان اوباما وعد بالمحافظة على التفوق العسكري رغم تقليص الميزانية، وأشار في الوقت نفسه الى اعطاء الأولوية لمنطقة اسيا التي ستعزز وجودها العسكري فيه مستقبلاً في الوقت الذي «تطوي فيه صفحة عقد من الحرب» في العراق وأفغانستان.
النقاش الاعلامي اميركياً اظهر تبايناً في استطلاعات الراي في وجهات نظر الأميركيين حول استراتيجية بلادهم. اما النقاش الاعلامي العربي فحاول الذهاب في اتجاه السياسة الخارجية في الشرق الاوسط من خلال مواءمتها مع متطلبات المستقبل بعد الانسحاب من العراق وجدولة الانسحاب من افغانستان والأزمة المالية العالمية.
النقاش الاعلامي لم يجب على السؤال الاساسي وهو: هل يطرح اوباما (الحائز على جائزة نوبل للسلام عام ٢٠٠٩) استراتيجية للحرب بنظريات عسكرية جديدة وتقنيات تعتمد المعلوماتية، وخصوصاً انه أشار الى الاستثمار في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ومكافحة الارهاب ومواجهة أسلحة الدمار الشامل ام هي استراتيجية تهيئ الى عالم من دون حروب وبالتالي هي استراتيجية سلام؟ وهل تكون ايران الامتحان الاول لهذه الاستراتيجية حرباً ام سلاماً؟