التعايش قبل الحوار

شتيوي الغيثي

 

فكرة التعايش تسبق عندي فكرة الحوار بين الطوائف المختلفة، فما لم يكن هناك تعايش مبدئي وقبول للآخر، فإن الحوار لا يكون مجديا؛ بل هو أقرب إلى مفهوم الدعوة، والمناصحة، ونقد الطرف المخالف مذهبيا، وتبيان ضلاله أكثر منه حوارا يتكئ على معطيات مشتركة بين أبناء البلد الواحد مهما اختلفت مذاهبهم ورؤاهم الدينية.

التعايش هو الفكرة الأكثر قربا إلى المجتمعات من الحوار لأنه من الصعب على المجتمعات أن تتنازل عن معتقداتها ورموزها الشيء الذي يجعل الحوار من غير أسبقية التعايش فكرة يصعب كثيرا تطبيقها وإذا ما طبقت بشكل جيد وتحت مظلة رسمية؛ فإن تأثيرها المجتمعي يبقى محدودا إلا إذا تحولت تلك الحوارات إلى «مشروع تعايش» على المستوى الشعبي قبل المستويات الرسمية أو النخبوية.

العلاقة بين أطياف المجتمع هي علاقة عرضية وليست طولية؛ أي أنها لا تأخذ بمستوى العقائد وعلاقة الناس بأديانهم، فهذه علاقة طولية تخص الفرد ومعتقداته، بل هي علاقة الأشخاص بعضهم ببعض كونها علاقة عرضية تخص الناس وتعاملهم في المعاش اليومي، وهنا لابد أن ترتكز نقطة الحوار المذهبي بين الطوائف الإسلامية؛ إذ ليس من السهولة أن يترك الناس بعض معتقداتهم التي عاشوا عليها قرونا طويلة حتى أصبحت من المسلمات الدينية، لكن في المقابل يمكن التعايش مع تلك الطوائف والإبقاء على المعتقدات الشخصية لدى الناس ما لم تأخذ جانبا عرضيا له تأثيره على الناس الذي بالضرورة سوف يؤثر في تعاملاتهم اليومية..

لا يمكن أن يحصل حوار مجدٍ من غير تعايش، لكن بالإمكان أن يحصل تعايش من غير حوار، كما أن الحوار عقب التعايش أكثر جدوى من غيره، ولذلك أرى أن أسبقية التعايش على الحوار هي الخطوة التي يمكن أن ندخل من خلالها لخلق حوار مجدٍ بين الطوائف الإسلامية المختلفة.

المصدر: http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20120904/Con20120904529915.htm

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك