الذاتية والحنين بين المشرق العربي والمغرب الإسلامي

ما هي اسباب الذاتية بالمشرق العربي ؟

 و ماهي اسباب الضعف المغرب الاسلامي في هذه العلاقة ؟

 

 

العرب كانوا شعبا يعتمد كثيرا على التجارة واستعمال القوافل للتنقل. كانوا يتواجدون بمنطقة تساعد على ذلك ،فعندما دخل العرب الى الاندلس ودخلت شعوب جديدة الى الاسلام فانها غذت أدب الرحلة بحركتها وتم تغديتها بالرافد المغربي ،والثقافة العربية لا يمكن تصورها بدون هذه العلاقة بين المشرق والمغرب ،بمعنى ان المشرق العربي حيث توجد مقدسات كل مسلمي العالم بما فيهم المغاربة كانوا يقومون بالرحلة نحو الشرق ، لهذا ليس غريبا ان اهم رحالة عربي هو مغربي وهو شمس الدين الطنجي المولود بطنجة والمكنى بابن بطوطة وبالتالي هذا الرحالة هو إعلاء لمعنى الرحلة من المغرب نحو المشرق .إن المغربي عندما يذهب نحو مكة ليتطابق مع روح الإسلام. وحنين المغربي هو للمشرق لأن أصوله كما يعتقد هناك.
لقد تطورت الرحلة وعرفنا ابن بطوطة وابن جبير وعرفنا الادريسي وعرفنا التيجاني والعياشي والعبدري الذين زاروا بيت المقدس ومكة. إن المكناسي عندما زار تركيا في القرن الثامن عشر ونزل الى الشام وزار بيت المقدس وزار بيت الشيخ عبد الغاني النبلسي وكتب عنه وارخ لذلك وهنا قيمة الرحلة كواحدة من اقدم مصادر التاريخ ، وتحدث عن الرفض للعثمانيين في الولايات الشرقية . وعندما يصمت التاريخ نبحث عن مصادر أخرى منها الرحلة.والرحلة بين المغرب ومكة عبر المقدس ذهابا وايابا كانت تلعب دورا في كتابة التاريخ .
لكن بالمشرق العربي هنا جهل كبير بادب الرحلة الذي عرفه المغرب . المغربي دائما يقرأ الثقافة العربية بشموليتها في حين ان المشرقي يقرأ الثقافة العربية مكتفيا بمشرقيته، لهذا فمعارفه لا تدرك ما يجري في الساحة الثقافية للمغرب العربي .وهذا القصور هو مصدر استفقار وفقر للمشرقي .والمغرب العربي في اعتقادي هو مصدر غنى لأن مصادره ومكوناته متنوعة فيها الافريقي والاوربي والعربي والامازيغي ومكونات اخرى ساهمت في خلق هذه الثقافة.لو كان المشرق اقرب الى المغرب فان الاشكاليات ستكون اقرب الى حل العقد لأنها تتيح جدل المكونات فيما بينها وتصنع حوارا جديدا .
يفسر هذا الانغلاق والتقوقع المشرقي على ذاته بعدة تفسيرات كثير منها ما هو ذاتي يتعلق بالمشارقة ومنها ما هو متعلق بالمغاربة. إن حنين المغربي في المشرق لكن اين هو حنين المشرقي؟ هو في ذاته فقط. والمغرب هو الأضعف في العلاقة التي تجمع الطرفين بمعنى كما لو كان حبا من طرف واحد وعلاقة الحب من طرف واحد تتخلله دائما مشكلات .والمغربي هو متسامح إزاء المشرقي رغم انه يحبطه باستمرار.ومصدر تسامحه هو انتماؤه الاسلامي وهذا الانتماء هو اقوى مما هو لدى المشرقي. المغربي تاريخيا لم يعرف المسيحية الا كعدو صليبي وعدو وراء البحر والجهاد البحري الذي دام تلاثة قرون يعكس ذلك.

 

وأكد أدونيس على تفوق المغرب العربي عن المشرق فكرا وشعرا خاصة مع الإبداعات الشابة، الفكر في المغرب العربي أكثـر عمقا وغنى، كما أن الشعر المغاربي، باللّغة العربية، خاصة الأجيال الراهنة، أعمقُ ثقافة، وأقلّ هجساً بالذاتية من شعر الأجيال الراهنة الشابة في المشرق العربي"وهنا يعود بنا الشاعر الشاعر السوري أدونيس بما سلف الذكر عن هاجس الذاتية الذي يتصف به الشاب بالمشرق العربي .
الشرق والغرب، الماضي والحاضر...لو أنني قرأت الرواياتِ العربيةَ كلَّها لقلت إن الرواية المغربية رواية تأصيل، رواية تقعيد، رواية بحث في الإشكالات النهضوية التي يعيشها الشرق المسلم بعد زحف الرمال الكولونيالية على بقاعه. التفكير في الأسئلة الكبرى هو الشغل الشاغل للرواية المغربية.

 

وما رواية " إكسير الحياة " إلا مثالا على ذلك، سؤال الموت، يبدأ لحبابي روايته بالتساؤل: " ما الموت؟ ومن الموت؟ إنه....إنه ...الموت؟ "
وإذا فهمنا هذا الكلام، فإن الحديث عن خصوصيات مغاربية وأخرى مشرقية أمر مشروع ومؤكد، ولكن ليس من قبيل الاختلاف الجوهري الذي يحدث تباعداً وفصلًا بين محددات الشخصية العربية المشرقية والشخصية العربية المغربية، وهي ليست أوسع اختلافاً وأكثر تبايناً من الاختلاف بين المغاربة والجزائريين والتونسيين أنفسهم أو بين الإماراتيين والقطريين والكويتيين مثلاً.

 

وزملائنا في العمل أنهم يعرفون كل شيء عن أهل المشرق، وهؤلاء لا يعرفون شيئاً عن فاس أو الرباط أو قسطنطينة أو تونس أو طرابلس ولا عن عاداتهم أو همومهم، وهذا كلام صحيح لم يبَن على فراغ ولكن أيضاً لا ينبغي المبالغة فيه أو رده إلى إرادة تجاهلية دفينة من إخواننا في المشرق بقدر ما ينبغي رده إلى كون أحداث المشرق العربي السياسية الساخنة تشغل بال الخاص والعام في كل الوطن العربي.

 

و لاكون صريح معكم فانا شخصيا في علاقتي مع صديق لي عزيز علي من المشرق العربي استشعر هذا المذاق المر الذي يربطني بالوطن العربي ' فالغالب عليه التجاهل في مختلف الجوانب الحياة ' كان الحب من جانب واحد . فدمائي عربية- امازيغية - صحراوية بالاحرى ' مغربية ' هذا المذاق الذي يجعلني احن حنين الولد لامه ' العروبية ' و من جانب اخر تربطني علاقتي مع الجذوري الافريقية التي تقتسم معي مرارة الذاتية من ارض الاسلام . لهذا فنحن نعيش على حلم احبط و تمرد عليه الفكر المشرقي .

المصدر: http://www.hdrmut.net/vb/t401959.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك