أعمى يتعايش مع المرض بنسيج من حروف التفاؤل!!

عبد الكريم بن عبد العزيز القصيّر

 

في أحد المستشفيات كان هناك مريضان هرمين في غرفة واحده كلاهما معه مرض عضال أحدهما كان مسموحا له بالجلوس في سريره لمده ساعة يوميا بعد العصر ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقيا على ظهره طوال الوقت كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام دون أن يرى أحدهما الآخر لآن كلا منهما كان مستلقيا على ظهره ناظرا إلى السقف تحدثا عن أهليهما وعن بيتهما وعن حياتهما وعن كل شيء وفى كل يوم بعد العصر كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب وينظر في النافذة ويصف لصاحبه العالم الخارجي وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج : ففي الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط و الأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة واخذوا يلعبون فيها داخل الماء وهناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة والجميع يتمشى حول حافة البحيرة وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة ومنظر السماء كان بديعا يسر الناظرين وفيما يقوم الأول بعمليه الوصف هذه ينصت الأخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع ثم يغمض عينيه ويبد أ في تصور ذلك المنظر البديع خارج المستشفى ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه وفى أحد الأيام جاءت الممرضه صباحا كعادتها لخدمتهما فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل ولم يعلم بوفاته إلا من خلال حديث الممرضه عبر الهاتف وهى تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة فحزن على صاحبه أشد الحزن وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة وتحامل على نفسه وهو يتألم ورفع رأسه رويدا رويدا مستعينا بذراعيه ثم اتكأ على أحد مرفقيه و أدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر للعالم الخارجي وهنا كانت المفاجأة!!! لم يرى أمامه إلا جدارا أصم من جدران المستشفى فقد كانت النافذة على الساحة الداخلية نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها فأجابت إنها هي فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة ثم سألته عن سبب تعجبه، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له! كان تعجب الممرضة أكبر إذ قالت له ولكن المتوفى كان أعمى ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تصاب باليأس فتتمنى الموت ...

 

ألست تسعد إذا جعلت الآخرين سعداء ؟ إذا جعلت الناس سعداء فستتضاعف سعادتك ولكن إذا وزعت الأسى عليهم فسيزداد حزنك إن الناس في الغالب ينسون ما تقول وفى الغالب ينسون ما تفعل ولكنهم لن ينسوا أبداً الشعور الذي أصابهم من قِبَلَكْ!

 

إن هذا هو فن تجاهل الأحزان وتحويل المرض إلى حديقة خضراء !! ما أجمل القلوب المتفائلة حتى ولو كانت الأعين لا تبصر !!!.

 

هناك ما يسمى بتأكيدات الصحة وهي مهمة في هذا الشأن وأنصحك أن تكررها عدة مرات وهي كالآتي:

 

_ خذ نفسا عميقا من صدرك ومعدتك واحبسه قليلا ثم ازفره ببطء من بطنك وقل متغنيا "إنني سعيد ومتمتع بالصحة " "إنني معافى " إنني كل يوم أتحسن إلى الأحسن "إنني جميل ".

 

- توقع أنك ستشفى من مرضك مثلا واجعل هذا من اعتقاداتك اللازمة فإن توقعك سيقع فإن العقل هو أعظم معالج .

 

ألا إنما بشر الحياة تفاؤلٌ     هلّا كنت الطائر المبصر!!.

المصدر: http://dc231.4shared.com/doc/LRAV4V34/preview.html

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك