الثقافة والمجتمع

الثقافة والمجتمع

إبراهيم بن يوسف المالك

 

الثقافة هي مفهوم اجتماعي يعكس مدى معرفة أبناء المجتمع للمنظومة الاجتماعية التي يعيشون فيها من عادات وتقاليد ولغة وأعراف ومكتسبات ونظم اجتماعية سائدة تطغى على مكونات الشخصية والسلوك لأفراد المجتمع سواء كان مجتمعاً محافظاً أو انفتاحياً كما يحلو للبعض تسميته. المهم أن هذه المكتسبات الشخصية والأطر العامة التي تحرك السلوك العام في المجتمع ولأفراده أن - لا تتداخل مع - ولا تخل بالثوابت العامة والرئيسية التي قام عليها المجتمع من تشريعات وقوانين وضعية أو عقائدية دينية أو..الخ. وينبغي على أفراد المجتمع أن يتماشوا أيضاً مع التوجه العالمي في حدود هذه الأعراف السائدة والتأقلم مع التجديد الحاصل في المجتمعات الخارجية بهدف التطوير والتعايش البناء.

وبداية لابد من تعريف الثقافة قبل أن أتحدث عن هويتها ومفهومها في واقعنا الحالي، ولعل أبرز وأهم التعاريف التي طرحها المفكرون عن مفهوم الثقافة هو ما ذكره( تايلور) بأنها هي : الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والعادات وغيرها من المقدرات والعادات، يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في جماعة وفي مجتمع ما. هذا حسب رأيي هو أبرز تعريف لها، وأضيف كذلك بأنها هي البيئة وأسلوب الحياة التي صنعها الإنسان لنفسه وتنتقل عن طريق أفراد المجتمع من جيل إلى جيل مع بعض التطورات التي تتماشي مع ثوابت هذا المجتمع بلا تفريط، ولكن الجدير بالذكر أنه هل يمكن اعتبار ثقافة المجتمع بأنها شيء لايمكن المساس به أو التغيير فيه حتى مع التطور السريع الحاصل في العالم؟ سؤال مهم يجب التفكير فيه دون النظر لبعض الاعتبارات الاجتماعية التي عادة ما ترتقي عند التمسك بها لدرجة الخروج عن الإطار العام للمجتمع وكذلك الخروج عن الثوابت العامة الاجتماعية والدينية وتعد كذلك خروجاً عن المألوف؟ ونجد كثيراً مايتهم وبالأخص في مجتمعاتنا العربية من يتحدث او يتطرق لمفهوم تعديل بعض المفاهيم الثقافية في المجتمع بالمتأثر بالثقافة الغربية أو يجرد في كثير من الأحيان من بعض ثوابته الدينية مع المساس بشخصه وعلاقته بمجتمعه؟!!

السبب الرئيسي وراء ذلك لمن يتبى هذا المفهوم - أي التجديد - هو الرغبة الملحة في التطوير وتجديد بعض المفاهيم الخارمة التي ينبغى على أي مجتمع تقبلها بصدر رحب للحاق بالمجتمعات المتقدمة والتي سبقت الكثير من مجتمعاتنا في نواح شتى بعدما كنا في السابق متقدمين ثقافياً وحضارياً على كثير من تلك الشعوب ولم نُخل في حينها بثوابتنا الإسلامية التي لاجدال فيها؟ والسبب هو أن تلك المجتمعات إستطاعت فهم واقعها وطبيعة هذه الحياة المليئة بالتطورات والمتغيرات وتكييف واقعها مع مايطرأ من متغيرات.

ولنتمكن من فهم طبيعة الثقافة ودورها في تكوين المجتمع ومادامت أيضاً العناصر التي تشكل الثقافة لدى مجتمع ما يمكن تحديدها فلماذا لا ندرس خصائص تلك الثقافة ومميزاتها وعيوبها؟ لكي نصل الى حل منطقي وبأسلوب علمي ولكي نجد أيضاً العوامل الأساسية التي تقوم ببناء قيم أبناء مجتمعنا ومعتقداتهم وأفكارهم، وكذلك عاداتهم وتقاليدهم وسلوكياتهم؟ ولم لا نجر العديد من البحوث والدراسات ونلقي المزيد من الاهتمام على هذا الجانب؟ لم لا نكتشف واقعنا ونغير ونطور في حدود المتاح بما يتماشي مع عالمنا ؟ لم لا نتكتشف أنفسنا وأساليب معيشتنا وطرق تفكيرنا ونكتشف الخلل بدلاً من رمي الاتهامات جزافاً على بعضنا البعض ونحن لانزال .... مكانك سر؟

عموماً الطريق ليس سهلاً للغاية وربما يكون خطيراً في بعض الأحيان ولكن هو ضرورة ملحة لتفادي مشاكل ربما بدت تطفو على سطح العلاقات بين أفراد المجتمع وتوجهات الدولة والمجتمع الخارجي!!

المصدر: http://www.alriyadh.com/2005/05/02/article61408.html

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك