هل تقوم دولة الإرهابيين ؟!

هل تقوم دولة الإرهابيين ؟!

 

يوسف الكويليت

 

الإرهاب منتَج عالمي، ولذلك اختلطت هذه الظاهرة بالكفاح المشروع، حيث إن الدول الاستعمارية كانت تعتبر أي نشاط للمقاومة الوطنية إرهاباً، وحتى عندما بدأت أمريكا ودول العالم الإسلامي تساعد افغانستان على طرد القوات السوفياتية، كان الهدف الانتقام من حالة فيتنام التي انهزمت فيها أمريكا، ضمن صراع طويل ساد معظم دول العالم، وكان مفهوم الجهاد على رأس الشعارات..

في الوقت الراهن بدأت القاعدة تأخذ النموذج الأكبر والاشرس في الانتشار، ولم يعد الأمر مقتصراً على بلد ما، وقد فجرت أحداث 11سبتمبر موجات التحدي بين قوى سلفية، ودول ذات سيادة تملك الإمكانات العسكرية والمادية، ووسائل التجسس التقنية والتقليدية، ومع ذلك لم تكن إدارة ورصد هذه الحوادث أمراً سهلاً في غياب تنسيق عالمي يفهم أن القضية ليست حالة عابرة ضمن حوادث التاريخ التي مرت بالبشرية، لأن ما ساعد على انتشار هذا التنظيم وتلوّنه، وسريته التي تعبر كل الحواجز المحصنة هو استخدام نفس الاساليب التقنية ورموزها، وتخفيها عن أي مطاردة..

في كل مكان خلايا صغيرة أو كبيرة للإرهابيين، وإذا كانت أفغانستان الحاضن الاساسي، فإن باكستان المركز الآخر والمتطور لهذا النشاط، والسبب أن حدود البلدين والجذور القبلية الواحدة التي تنتمي لتاريخ واحد وأرومة واحدة، صعّبتا مهمة الباكستانيين في تحرير أنفسهم من هذه الكوابيس، فلا التحالفات مع طالبان والقاعدة وضعت أسساً للتعايش، ولا الهدنة المؤقتة استطاعت ان تبني عوامل الثقة بين طرفين مشدودين لتيارات متباعدة، ولعل تصاعد العنف في باكستان يعتبر صراعاً بين مشروعية الدولة، وهيبتها، وبين تنظيم يريد فرض أممية الدولة الإسلامية، حيث لا شرعية لأي نظام إلا ما يأتي من خلال مؤمني طالبان والقاعدة..

الخطر الاكبر ليس فقط أن يضرب الإرهابيون قواعد متعددة في انحاء العالم لكن الرعب الاكبر ان يصبح لهذا التنظيم دولة مثل العراق، او باكستان، او حتى الصومال، لأنها ستكون مركز الانفجار الأكبر، والتغذية الدائمة لأفواج المتعاطفين، والعاملين مع هذه التنظيمات وهنا تأتي المسؤولية العالمية بضرورة ان يتم تشكيل عمل دولي لا يخضع للانقسامات السياسية والايديولوجية بحيث نرى تلك الدولة داعمة للإرهاب، والأخرى صامتة، والثالثة ميداناً للمعركة والاستهداف، بل لابد من الفصل بين هذه الجبهات وكشف الحقائق، لانه لا يجوز ان نرى دولة بأجهزتها والتزاماتها الدولية، وتوقيعها على المواثيق بما فيها صيانة الأمن العالمي، تمارس انحرافاً عن هذا الخط وتلقى المعاملة الحسنة، بنفس الوقت لا يجوز اتهام دولة ما بوصمها بالإرهاب دون شواهد وثوابت تستدعي أن تأتي العقوبات عالمية ومقيدة ضمن قواعد وأحكام القوانين الدولية.

الدول المتقدمة لا تزال تتعامل مع الحوادث بدرء المخاطر عنها، وهناك من قيل إنه يهادن تلك التنظيمات لدفع شرورها، وهذه السلبيات أفقدت العمل الدولي فاعليته، ثم إن من يحاول تصنيف الإسلام والمسلمين بهذه التهم وتغذية الحقد على ما يزيد على مليار مسلم هو من يقدم دعمه وهداياه للإرهابيين، لأنه مهما كان خطأ من ينتسب لديانة ما فلا يجوزأن يوضع المقدس تحت طائلة الحرب الدائمة، فإن من يتضرر لا بد أن يبحث عن وسيلة ردع مقابلة، وحتى باللجوء للإرهابيين كخط نار مفتوح على من يعادون ملّته ومن ينتسبون إليها..

المصدر: http://www.alriyadh.com/2007/07/16/article265480.html

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك