التقسيم..حضانة أخرى للإرهاب!!
التقسيم..حضانة أخرى للإرهاب!!
تقسيم العراق يعني لأمريكا الشيء الكثير، فهو وسيلة الإنقاذ لها عندما تترك الفرقاء يعملون على تصفية حساباتهم، وتخرج للعالم بمبرر أنها عجزت أن تسوي قضاياهم الداخلية، وأن خروجها جاء لهذا السبب، لكن جريمة الغزو والاعتبارات التي سبقته بالقضاء على الدكتاتورية وأسلحة الدمار الشامل، ونشر الديموقراطية، تضع أمريكا أمام مساءلة كونية تفرض محاكمتها جرياً على كل جرائم الحروب التي وضعت نفسها قاضياً ومحامياً وناطقاً في الحكم على الألمان واليابانيين وآخرهم الصربيون والعراقيون..
قد تقول أمريكا إن الواقع فرض نفسه وإن تعايش الجنوب الشيعي، مع الوسط السني مستحيل لأسباب تاريخية وثارات قديمة بدأت مع أواخر الدولة الراشدة، ولن تنتهي بالأزمات القائمة، هذا القول حدث بزوال الحكومة المركزية وسلطتها وحتى في أمريكا قلعة الديموقراطية يمكن أن تنفجر لو حدث أمر مشابه لها، وتحارب اللاتين مع البيض، وثأر الزنوج والهنود الحمر من كل من عرضهم للاستعباد والإبادة، بمعنى أن الإخلال بالأمن القومي مدعاة لبروز الصراعات كلها، وهو ما تسببت به أمريكا مع العراق مركزة على هدفين التحالف في بدايات الاحتلال مع الشيعة، ثم نفض يدها منهم، والآخر النفط الذي هو سبب الحرب وتبعاتها، لأن امتلاك هذا البلد يعني التلاعب بالسوق العالمي واعتبار أرض العراق الاحتياطي الاستراتيجي لتواريخ طويلة عند شح الطاقة أو انفجار أسعارها إلى الأعلى..
لكن ماذا عن التقسيم ذاته؟ نعرف أن الحكومة المركزية القائمة بسبب واقعها الراهن، تعيش على حماية الجيش الأمريكي، وبزوال هذا الغطاء الأمني ستبدأ المشكلة الأكبر على تقاسم النفط، ومياه الأنهار، والحدود لكل دولة، والفصل المذهبي والقومي، وهنا سيبدأ مسلسل أكثر من تطرف آخر إذ ستنبت في ظل هذه الدويلات مراكز قوى لا تخضع لدول بل لمن يلعبون في الظل وتحت الأرض، وستجد الدعم الداخلي والخارجي من أطراف عديدة، وبوجود بؤر أخرى، تأخذ بطرق واتجاهات القاعدة، من داخل هذه الدويلات، وبإعلان العداء مع أمريكا والغرب اللذان تسببا في خلق هذه الكيانات وسيجد العالم أنه أمام موقف جديد سيفرض تحالف المتطرفين الذين سينتشرون في الساحات الإسلامية بمن يقدم كفاءته الشخصية ودعمه المادي، وهنا لن يكون الإسلام السبب في حروب الأديان، وإنما من فجر هذه البراكين، وأعطاها مبرر الوجود والتحرك، وبناءها داخل أحزمة الدول التي تملك هذه الاستعدادات..
عربياً هناك يأس تام أن يكون الدور العربي قادراً على ملء الفراغ بل ستكون إيران وتركيا ومنظمات سرية عربية وإسلامية البديل وقد نرى الحروب الداخلية لا تتجه فقط إلى معارك سنية وشيعية، وإنما تلاحم أبناء العم والأخوة في القبيلة الواحدة وعشائرها إلى نبش روح العصبية التي ستتفوق على المذاهب إلى عرب وأكراد وشيعة فارسية وعربية، وسنة أكراد وسنة عرب ثم تتواصل الحلقات إلى ما هو إبحار في المجهول والذي تؤكد المؤشرات أنه اضافة جديدة لعالم لن يعيش السلام والاستقرار..
المصدر: http://www.alriyadh.com/2007/09/29/article283339.html