الحوار المستتر.. المعلن!!

الحوار المستتر.. المعلن!!

 

يوسف الكويليت

 

في صراعنا الفكري والسياسي، وحتى الثقافي مع إسرائيل، نجد أنفسنا في حصار تام يجدد الهزيمة، وأحياناً اللاموضوعية عندما لا تتكافأ القوة، ولذلك فالمحرّم هنا لا تغيّبه الحقائق عندما نجد معظم قنوات الفضاء العربية تستضيف، وبدون تحفظ، مسؤولين وإعلاميين إسرائيليين، وليس في هذا ما يؤطر العمل أياً كان أو وجهات النظر بتحويلها إلى شعارات استهلكتنا زمنياً ومادياً، لكن ما يفرغ هذا الوجود المتصادم أن الحوار مع إسرائيل يباح عندما نصفه ضمن حرية الرأي، ونعارضه علناً، ونقبله سراً عندما يتم بسرية، أو من خلال وسطاء، أو علنياً غير متحفظ، وفي ساحة الفوضى المتجددة غاب مفهوم التكافؤ مع إسرائيل حتى في المتيسر من الحوار الذي يفضي إلى تلاقٍ أو تنافر، ضمن عمل عربي متضامن..

دخلنا في مسميات حوار الشجعان، والمصالح، والسلام العادل، وقد قررت دول عقد سلام شامل، وأخرى نصف سلام مشروطاً بضغوط إسرائيلية وقوى أخرى، والغريب أن هناك دولاً ليست على تماس مع الحدود الإسرائيلية، ومع ذلك لديها قناعات تامة أنه من المستحيل خلق سلام أو حتى حوار ما لم تتحقق المصالح، بينما هذه الدول مرتبطة بعلاقات تاريخية بقوى توصف بالإمبريالية المهيمنة، ورغم ذلك رفضت الاستسلام تضامناً مع القضية، وليس مع المزايدين عليها..

السؤال المعلن، ما هو الممنوع، والمحرّم، والمرفوض في أي لقاء أو حوار مع إسرائيل؟ ولأنه لا توجد معايير توزن بها قوانين ملزمة، أو مضبوطة عربياً أو إسلامياً، فإن البعض يجعل ممانعته دينية، والبعض الآخر قومية، وثالث سياسية تبحث عن شرعية دولية لحق مغتصب، وفي هذه الخلافات يبرز سيرك طويل، فبعضٌ يريد محو إسرائيل بوعد إلهي، ولا اعتراض على ذلك إذا ما وفرنا شروط تكافؤ القوة ودون معرفة رد الفعل الدولي، وبعضٌ آخر يبحث عما يسميه ب "الواقعية" فيما فرضه الأمر الواقع، وثالث يعلقها على مكاسب خاصة أو عودة أراض، وفي مجمل الأحوال لا توجد خطط واضحة حتى عند أصحاب القضية في بروز خلافاتهم وتناقضاتهم بين من أيّد عرفات في مشروعه، أو ناقضه من خلال سلسلة الارتدادات التي حولت أراضي فلسطين إلى حق إلهي لإسرائيل..

هذا التشابك أمام قضية نعتقد أنها واضحة لنا من طالب المدرسة الابتدائية وإلى المتقاعد من الوظيفة تبعاً لما يزيد على نصف قرن، فهمنا كل المبادئ والمعاني، والحقوق، ومع ذلك تتغير الشعارات والمفاهيم، وحتى المبادئ تبعاً لأمزجة السياسيين من كل الأطراف، وفي غياب الحقيقة واعتمادها مبدأً قومياً وإسلامياً، فهناك معادلات أمنية، وجغرافية لم يعد فيها السلاح حاسماً وهذا ما تدركه إسرائيل من أن أسلحتها النووية ليست وسيلة الضغط لفرض سلام بالقوة، ولعل التفاوض من خلال تكافؤ القوة، أي الاتساع الإقليمي للعرب كضاغط آنيّ وتاريخي ومستقبلي، وحتى نفض الاشتباكات لا بد من إدراك هذه المعادلة مع إسرائيل ومؤيديها، لأن الثبات للتعايش وليس للإلغاء، أو التمدد على جغرافيا فلسطين، أو إلحاق دول بالاغتصاب والاحتلال بالذيل الأمريكي، وهذا ما ثبت أن الوجود الفلسطيني متحقق على الأرض مهما كان الحصار وبالتالي إذا كان التفاوض مع إسرائيل يوجب الفصل في نزاع تاريخي، فهل يمكن أن نعرف البنود، والممكن والمستحيل في هذا المشروع المعقد، وهل المشكلة في تعنتها، واستخفافها بكل العرب والمسلمين، أم أن القضية أننا لا نرى قوتنا، باعتبارها قائمة على فصل الشكلي عن الموضوعي، ولذلك نجحت إسرائيل بتحالفاتها وتميزها، وخسر العرب ذاتيتهم وحتى قدراتهم المادية والسياسية..

المصدر: http://www.alriyadh.com/2008/05/29/article346386.html

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك