الحوار كضرورة..

الحوار كضرورة..

 

يوسف الكويليت

 

لا توجد حلول جاهزة لأي شعب أو أمة أو وطن، إلا بالحوار، لأن الخليقة جربت في همجيتها الأولى، التقاتل بأسماء مختلفة، وأهداف متناقضة، ومع أن الإسلام توحّد بالدعوة، والجهاد، ورفض التمييز بين البشر، إلا أن جذور القبيلة والتحزب والقومية اتخذت الخلاف طريقاً للحروب، فبرزت الشعوبية، والعصبيات وتنافرت السلوكيات مما أدى إلى أن نمر بمراحل الغزو الخارجي من التتار، ثم الاحتلال، والاستعمار وتمزيق عالم بنى أسرع توحّد حضاري جمع مختلف الأجناس في عقيدة واحدة، وعالم واحد..

خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، هو مكرر دعوة الحوار كبديل موضوعي لمن تضمهم الأديان والثقافات والملل الأخرى، وإذا كانت القوة هي من رسمت السياسات وأقرّت الأهداف، فإن دوافع القرن الراهن تفترض مواجهة الفقر، والتطرف، وحالة المناخ وشح الموارد وغيرها على كل المستويات المحلية، والإقليمية والعالمية..

أوروبا وحّدتها المصالح رغم الخلافات، والتواريخ الدموية والحروب العالمية، وفي نظام ديموقراطي شمل كل الدول، وصارت هذه القارة كتلة هائلة مع القوى التقليدية، والناشئة، والعالم الإسلامي، إلا بعض دول بدأت تعي فوائد بناء الذات وفق أسس متطورة، فإن الغالبية تقع تحت خط الفقر، أو ما فوقه رغم تراكم الثروات والمواقع والمضاعفات العددية للسكان والتاريخ المشترك..

الحج أكبر مناسبة لتجمع حشد إسلامي هائل، بلا فوارق وأيدلوجيات ومظاهر الفقر والثراء، أو الجنسيات والألوان، ودعوة الملك عبدالله للحوار في هذه المناسبة، ترقى على غيرها وفق الدافع والمنطلق الذي خرجت منه، والقيمة هنا أننا نمر بأسوأ مرحلة بسبب التطرف والتخلف، وتنافر المذاهب، وتكريس دعوات التفرقة، والموضوع هنا ليس أملاً فقط، بل هو خيار ضروري إذا كنا نريد الاندماج والتأثير في عالم اليوم على قواعد التسامح وحماية المعتقدات والحريات، والمساهمة في التطور الحضاري الذي أصبح تحدياً، وضرورة أساسية..

العالم الإسلامي يحتاج إلى رسم خطط طويلة لسياسات واقعية، ونبذ تلك الدعوات بحرق وقتل الآخرين بمبادئ تتعارض مع الإسلام قديماً وحديثاً، إذ لو انتهج هذا السلوك، لما حصل على القبول والانتشار في قلب حضارات راسخة، لأنه دين الإنسان السويّ، لكن من سعى إلى تعطيله وتوظيفه في غير غاياته ومراميه، هم من يفلسفون الإرهاب وبناء قواعده مما خلق حرب عداوات مع شعوب وأمم لم نكن على خلاف معها، وتملك فارق القوة أكثر منا، وبالتالي إذا كانت خسائرنا المعنوية كبيرة، فإن المراجعة الفكرية ، والدعوة للحوار مع كل الملل والنحل هما ضرورة لمصلحتنا..

المصدر: http://www.alriyadh.com/2010/11/19/article578133.html

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك