نحن بين حواريْن..

نحن بين حواريْن..

 

يوسف الكويليت

 

الحوار الداخلي هو حوار اجتماعي يعالج المسائل المطروحة محلياً، كالتباينات الفكرية والمذهبية ، والتعليم، والاقتصاد الوطني، أي أن الهمّ العام يعالج من خلال فتح القنوات مع كل الأطراف، وهو ما سمح بأن يكون جاداً في الطرح والمناقشة، وأخذ الاعتبارات للرأي العام كحلقة أساسية في التقويم والإصلاح، وهذا أعطى بعداً اجتماعياً عندما نوقشت القضايا على كل المستويات الأهلية والحكومية وبدون عزل لأي طرف بما في ذلك المرأة التي تجسد عمق المشكلات الراهنة..

الحوار الخارجي يختلف أي أنك تتوجه لمنظومات دولية تتباين معك على أساسيات وفروع مثل الخلافات الدينية والحضارية، والثقافية، والخصومات لم تنشأ اليوم بل هي تراكم تاريخي خلق صراعات سياسية أثناء الاستعمار، أو النظرة الدونية التي رافقت الدعوات العنصرية لاحتقار الحضارات البشرية الأخرى، والتمايز بين الأجناس والبيئات حتى إن علماء الاجتماع في المرحلة الاستعمارية اعتبروا تأهيل الشعوب رسالتهم الخاصة، ومع انفجار المعلومات وسطوة وسائل النشر والدعايات المركزة، تحول الصراع إلى مقاومة من قبل الدول المتخلفة وذات الحضارات التقليدية، ولم يستثن من ذلك ثقافة مجتمعات كانت الأساس في بناء الحضارة الراهنة، لكنها مبادئ القوة التي جعلت كل منتصر يفرض إرادته عندما تحول العالم إلى سوق للدول الصناعية بما في ذلك الأسلحة التي تدافع بها عن أمنها، ولولا الانقسام الذي حدث بين السوفيات والغرب ، وتبني كل طرف مجاميع تلعب دوره في الخصومات الأيدلوجية، لما جرى التفكير بالعالم الآخر واعتباره مجالاً حيوياً وقبوله كطرف ليس فقط بالتبعية السياسية، وإنما بالأمن العالمي..

الإسلام ظل هدفاً خلال العقود الثلاثة الماضية، أي التبشير بصراع معه باعتباره الجانب المضاد لكل ما هو غربي والذي أعطى دافعاً بنفي الآخر الإسلامي، أو النظر إليه كعدو مستفز ومحتقر من قبل الغرب، وقد انحصر الصراع، وهو الأمر الغريب، مع دول أوروبا وأمريكا ولم يحدث مع القارتين الأخريين آسيا وأفريقيا، وهما من يضمّان كتلاً إسلامية كبيرة، ولا أمريكا الجنوبية التي تحتضن جاليات صغيرة، وقطعاً لم تكن القضية صداماً تاريخياً عندما وصل المسلمون إلى تخوم أوروبا، بل توليداً له بأدوات حديثة، ومن هذا السبب احتاج العالم لأنْ تقود المملكة تيار الحوار مع الأديان السماوية وأتباع الأديان الأخرى، والتوسع في لقاءات فكرية وثقافية وسياسية، لكسر العزلة بين المجتمعات والحضارات، ولعلها البدايات المبشرة بلقاءات على مستويات مختلفة في نشر السلام والتفاهم على أطر لا تنظر بعيون الحضارة المتعالية، وخاصة في زمن العولمة، وبروز قوى ورثت حضارات تاريخية سابقة على أوروبا، حتى نكون عالماً قابلاً للتعايش بدون حروب ولا خصومات..

المصدر: http://www.alriyadh.com/2010/10/14/article567922.html

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك