حوار الأحذية

حوار الأحذية

بقلم: د. فايز الصايغ

لو اجتهد نبيل العربي، ووضع الخطط اللازمة، ورصدت له السعودية وقطر الأموال التي أنفقها لتوحيد المعارضة السورية المهاجرة والمستوطنة عواصم القرار الصهيوني لاستطاع في تاريخه القصير كأمين عام للجامعة العربية تحقيق الوحدة العربية... أو على الأقل إعادة توحيد السودان.. أو لملمة جراح العراقيين بعد الاحتلال الأمريكي الذي ترك العراق يئنّ تحت وطأة ملايين اليتامى فضلاً عن الإرث الإثني الذي خلفته الديمقراطية الأميركية.

في القاهرة وفي قاعة فاخرة تصلح لوصلة رقص ودربكّة للسيدة الفاضلة فيفي عبده التي بدأت بعد وصول السلفيين للحكم في مصر للبحث عما يستر العورة بما يتلاءم مع " هزّي يا نواعم" ومع الأصول والأصوليين .

في القاهرة التي أنجبت الرئيس جمال عبد الناصر، وكبار رواد الأدب والفن اجتمع المؤتمرون برعاية نبيل العربي وحماية الإخوان المسلمين وتمويل قطر والسعودية وإشراف الولايات المتحدة الأمريكية وحمايتها باعتبارها الحامي الأول.. والراعي الأهم لمصالح إسرائيل، ليقرروا في غفلة من العروبة ومن الإسلام الصحيح مصير الشعب السوري الذي أنجب من الملكات زنوبيا.. وجوليا دومنا.. وأليسار في غابر الزمان كما أنجب قادة من مثل يوسف العظمة.. وسلطان باشا الأطرش.. وإبراهيم هنانو.. وصالح العلي.. وحافظ الأسد..

بينهم حفنة من المرتزقة .. ومن عملاء مخابرات الدول التي يعيشون فيها، ويمتلكون الفلل والشقق ومصاريف الجيب والعمالة، احتضنتهم جامعة الدول العربية... جامعة دول الخليج المرتهن والمرهون.. جامعة من يحْتضر سناً، ومن يحتضر حضوراً، ومن يحتضر

 دوراً.. ومن يحتضر عمالةً.. ومن يحتضر للاحتضار بعد تخمة من الطعام والشراب والغلمان وبعض الفاكهة من النساء وكثير من العربدة التي تزيل ضوابطها بعض الحبوب المنشطة أو المنّومة.

في القاهرة حفلة تنكرية سادت فيها قواميس الشتيمة والسباب التي استنفدت غنى اللغة العربية ومجلدات التغنّي بها "وتعطلت لغة الكلام وخاطب حذائي في لغة الحوار حذاءه"

(بالإذن من الشاعر المصري أحمد شوقي) تقاذف الجميع أحذيتهم حتى أصابت نبيل العربي بعض من ديمقراطية الأحذية المستخدمة على خلفية الحرية والديمقراطية التي يتشدقون بها.

مجموعة مِمَّن لفظهم الوطن، أو ممَّن لم يستوعبوا ما يجري فيه.. أو ممَّن استدعاهم من اشتراهم، وممَّن غُرّر بهم انخرطوا مع قلة وبعض المحسوبين على النخب الوطنية حتى اضطر المثقف والذي يسمونه فيلسوفاً أن يتفلسف على الميادين الإخبارية ليعطي المبررات الفلسفية للغة الأحذية.. لا هو قادر على التفّ في وجه حَمَلة الكنادر.. ولا هو قادر على مسايرة مشروعية النظام في سورية، ولا هو يملك جرأة الاعتراف بالذنب المرتكب بحق شعبه ووطنه..

هكذا بدا البروفسور والفيلسوف السيد طيب تيزيني الذي كدّه العرق للخروج من مأزق حوار الأحذية.. وكذلك حواره على قناة الميادين.

ومع ذلك "فالعربي" لا يزال يجتهد في جمع أصحاب الأحذية المتناثرة ليعقد جلسة سرية لتوحيد رؤى المعارضة وإعادة كل ذي حذاء إلى حذائه .

تخيلّوا يا سادتي.. يا أبناء وطني.. يا أيها السوريون.. المقيم في وطنه الذي يعاني الإرهاب والإرهابيين،.. والمهاجر المغترب الذي يبكي دماً على جراح الحنين إلى الوطن الذي غادره آمناً مستقراً ليعيش أبناؤه بالسلام الأخلاقي والاجتماعي والحضاري، يستذكر الملكات والمجاهدين والزعماء الذين مرّوا بين صفحات التاريخ السوري، تخيلّوا جميعاً أن هؤلاء الذين استخدموا في حوار وحدتهم وتوحيد رؤاهم الأحذية، هم حكّام سورية في المستقبل.. فأي مستقبل ينتظر السوريين من حوار الأحذية وحرية التعبير وحرية استدعاء الناتو إلى سورية وحرية انتهاج سبيل خيانة الوطن.

هل أدرك الشارع العربي والشارع الأممي حجم المؤامرة التي تتعرض لها سورية وهل أدرك أدواتها ولغتها وأساليب التعبير عنها؟ وهل أدرك السوريون أن ما قام على التقسيم لا يؤمن بالجمع.

ملاحظة... ومن المفارقات أن الأحذية المستخدمة في عراك المعارضة السياسي كانت أغلبها صناعة أجنبية، ولكل حذاء جنسية وانتماء.. باستثناء الانتماء إلى الوطن.

المصدر: http://www.alazmenah.com/?page=show_det&category_id=9&id=40009&lang=ar

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك