سياسة (اللعي بالنفس)!

سياسة (اللعي بالنفس)!

بقلم ظافر أحمد

النأي بالنفس، (اللعي بالنفس)، الدفاع عن النفس، التضحية بالنفس، لكل مقام مقال، ولا بد من التذكير بما تشتهر به بعض أحاديث الشام، وحالة التقريع التي تطول من يتحدث حديثاً لا يعجب سامعه فيقال له: ولعيي!. وهي كلمة اشتقاق شعبي مختصرة لحالة (لعي النفس)، أو (اللعي بالنفس)، التي هي مقدمة لعملية (الاستفراغ) أي عندما تلفظ المعدة محتوياتها عن طريق الفم!.

وتشتهر في بلاد الشام منذ عام ونصف أحداث لها وقع (اللعي بالنفس) وارتبطت بالمؤامرة على سورية وترتكز المؤامرة على وجود رعاع انفلتوا في البلد قتلاً وتدميراً وحرقاً..، مما تطلب مواجهتهم بشتى الحالات وأشهرها حالة الدفاع عن الوطن من خلال الدفاع عن النفس ومن خلال التضحية بالنفس..

وشتان بين سياسة النأي بالنفس والتضحية بالنفس، وإنّ الأحداث في سورية تتطلب توضيح أقطاب الحرب السورية إذ تحددت تلك الأقطاب بالتالي:

- طرف يعتدي على سورية الاستقرار والأمان برعاية البيت الأبيض وتنفيذ نفطي زفتي وغازي وهابي تكفيري خارجي، وضمن أدوات الاعتداء تبرز شريحة من السوريين وقتلة مرتزقون من شتى أصقاع الكرة الأرضية..

- طرف يدافع بوجه المعتدي الداخلي والخارجي من أجل استعادة الاستقرار والأمان..، ويمثل غالبية الشعب ومكونات الدولة..

- طرف ثالث امتهن ما يمكن تسميته سياسة النأي بالنفس التي تتطابق مع حالة (اللعي بالنفس)، وإنّ شرائح هذا الطرف متنوعة في تصنيفها ضمن تصنيفات السذاجة والضلالة والانتهازية وتجارة المبادئ وغيرها من تصنيفات مشابهة..

ففي أي درك يمكن وضع من ينأى بنفسه عندما يكون وطنه في أخطر مرحلة إن لم يكن في درك يليق بحالة من يتفرج على التآمر الداخلي والخارجي بينما البل في ذقنه أيضاً؟!. وهل الخطر يميز بين من نأى بنفسه أو من زج بنفسه في الأحداث..؟

من مسلمات الوطنية ألاّ يكون مواطن أداة بيد طرف أو جهة خارجية، بل الواجب الوطني أن ينأى المواطن بنفسه تجاه محاولات استخدامه كأداة بيد جهات وأطراف خارجية، ومن مسلمات الوطنية ألاّ يكون المواطن معتمداً سياسة النأي بالنفس تجاه التدخل الخارجي والتآمر الداخلي والخارجي..، وعدم الوقوف في منطقة رمادية أو على الحياد تجاه حرب ينزل فيها من يعتمد قاعدة (فخار يكسّر بعضه) بمنزلة الطرف الذي يعتدي ويقتل ويتحرك بـ(الروموت كونترول) الخارجي، لأنّه كلّما زادت شريحة من ينأى بنفسه كلّما زادت البيئة الحاضنة للإرهاب ولعمل العصابات..، إنه حياد تجميلي للمؤامرة ولا يستحق من يعتمد سياسة النأي بالنفس أكثر من إدانته بتهمة الوطنية المنقوصة أو السذاجة الوطنية فحالته كحالة (اللعي بالنفس) ويستحق حديثه الحيادي والرمادي كلمة شامية مشهورة: (ولعيي)!.

ومن (اللعي بالنفس) الداخلي إلى (اللعي بالنفس) الخارجي حيث أن مصطلح سياسة النأي بالنفس اشتهرت بها أنظمة وقوى وتيارات مجاورة وغير مجاورة لسورية تجاه الأزمة السورية، وتحتاج تلك السياسة إلى مكاشفة وتعرية وتحليل لمعرفة مكامن الانحياز فيها وإثبات دعم المسلحين المرتزقة بغطاء من سياسة النأي بالنفس النظرية لأنّ من ادّعى النأي بنفسه تبرز أنفاسه المقرفة في تفاصيل المؤامرة على سورية!.

بعض التيارات والقوى المجاورة من شدة النأي بنفسها قدّمت كل أشكال الدعم لسلفيين وتكفيريين ومدعي الجهاد للتسلل إلى سورية من أجل التأجيج في الداخل والتخريب والقتل والحرق وخلخلة الاقتصاد الوطني، كل ذلك يحصل وبدور رئيسي لمن يؤمّن إمكانات إدخال المرتزقة إلى سورية والشعار هو (النأي بالنفس)..!.

وبعض القوى والحكومات والتيارات المجاورة من شدة (اللعي بالنفس) بالغت في الدعاية لنفسها ولمساعداتها لشرائح من السوريين المضللين أو المتورطين ويتم تجميل قسم منهم كلاجئين ومهجّرين إلى الخارج حيث يقيمون في مخيمات تنتظرهم لتقديم شتى المساعدات إحداها المساعدة في اغتصاب النساء اللاجئات..، فذلك يؤدي أيضاً إلى (لعي نفس).

نائب لبناني من تيار المستقبل في حوار على إحدى فضائيات اللعي بالنفس التي تمارس دوراً خطيراً في سمّها الدسم الموجه إلى الجمهور السوري تحديداً، تحدث عن عدم دعم تياره لسلفيين وتكفيريين من أجل تسللهم إلى سورية، وعدم تورط أطراف لبنانيين برعاية ودعم وتأهيل المرتزقة للاعتداء اليومي على الجيش السوري والشعب السوري قرب الحدود..

كان ذلك النائب يحتاج إلى شامي يقول له: ولعيي!.

كذلك تحدث الرئيس المصري بيك الإخوان في اجتماع للجامعة العربية عما سمّاه الثورة السورية، دون أن يتجرأ وزير عربي واحد من الحاضرين من مواجهته بكلمة مشهورة في الشام تطول من يستحق التقريع ولا يفرق بين اللصوصية والخيانة والقتلة والثوريين!.

فعلاً عند الحديث عن الثورة المصرية والإمعان بورثتها يجب القول كلمة أخرى لا علاقة لها بـ(ولعيي) بل: هزلت!.

المصدر: http://www.alazmenah.com/?page=show_det&category_id=9&id=42691&lang=ar

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك