من بشارات العهد القديم بمولد النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم

من بشارات العهد القديم بمولد النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم

 

د. جمال الحسيني أبوفرحة

أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة

 

 

لقد كان لعلمائنا الأجلاء باع طويل في الكشف عما تحتويه الأسفار المقدسة لدى أهل الكتاب من بشارات بنبينا –صلى الله عليه وسلم - وقد اشتهر أمر بعض هذه البشارات وذاع، وكان لها عميق الأثر في هداية كثير من أهل الكتاب. وفي ترسيخ الإيمان بقلوب كثير من شبابنا.

وفي هذه العجالة آثرت الحديث عن بشارة لما يشتهر أمرها بعد؛ فللجدّة إثارة تجذب الأسماع والأبصار، آملا أن تأتي بثمرها الطيب في شبابنا وإخواننا من أهل الكتاب.

وقد وردت هذه البشارة على لسان موسى – عليه السلام - في أحد الأسفار التي لم يشتهر أمرها، فقد ظل مخبوءا قرونا عديدة حتى تم اكتشافه عام 1861م في مدينة "ميلانو " الإيطالية، وهو سفر "وصية موسى" ، وتعود مخطوطة هذا السفر الى القرن السادس الميلادي، وقد كتب باللاتينية عن أصل عبري أو آرامي يرجح العلماء عود تاريخ كتابته إلى بدايات القرن الأول الميلادي على يد طائفة من اليهود عرفوا بالأسينيين، وقد قام أ. " موسى ديب الخوري" بترجمته إلى اللغة العربية، ونشرته دار الطليعة بسوريا ضمن مخطوطات قمران عام 1998.

في هذا السفر يبشر موسى – عليه السلام - بمولد النبي العظيم محددًا تاريخ مولده – صلى الله عليه وسلم - وذلك في حديثه مع خليفته "يشوع" الذي يقول فيه: " وأنت يا يشوع يا ابن نافي، احفظ هذه العبارات وهذا الكتاب، لأنه منذ موتي ... وحتى مجيئه سيمر مائتان وخمسون زمنا"  (15-11:X).

ولن أتجاسر وأقول ماذا يقصد موسى – عليه السلام - بقوله : "مائتان وخمسون زمنًا"، اعتمادا على فهمى كمتخصص في مجال الأديان، ولكنى سأدع أحد كبار علماء أهل الكتاب هو الذي يحدد ماذا يقصد موسى عليه السلام من ذلك، وهو العلامة إرنست ماري لابروساز" والذي قام بتحقيق هذا السفر ودراسته؛ حتى يكون الشاهد على صدق نبينا منهم لا منا؛ فتكون الدلالة على صدقه صلى الله عليه وسلم أبلغ وأحرى بالقبول.

يقول "إرنست ماري لابروساز"  في تحقيقه لهذا السفر: إن المقصود بمائتان وخمسون زمنا: "على الأرجح مائتان وخمسـون أسبوعا من السنوات أي (250 × 7 = ) ألف وسبعمائه وخمسون سنة".

أي أن ذلك المنتظر سيأتي في الأسبوع ال 251 أي بعد وفـاة موسى – عليه السلام - بحوالي 1750 :1757 سنة.

ومن المدهش أن نبي الإسلام حسب أغلب الروايات ولد حوالي عام 570م تقريبا، أي في نفس التاريخ الذي أشار إليه موسى – عليه السلام -.

لأنه إذا كان خروج موسى – عليه السلام – من مصر كما تحدده مقدمة الكتاب المقدس (طبعة دار المشرق ببيروت) كان ما بين سنة 1250 و 1230 ق.م تقريبا، وكان موسى- عليه السلام - على أرجح الآراء لم يدخل أرض الميعاد ومات في أواخر زمن التيه، إذًا لابد أن يكون موسى- عليه السلام - قد مات بعد قرابة أربعين عاما من ذلك التاريـخ (زمن التيه ، كمـا ذكـر القرآن في سـورة المائـدة: 26 وسفر العدد 14 : 33 ) ، إذن : 1250 – 40 = 1210 أو 1230 – 40 = 1190 ، إذًا فقد مات موسى عليه السلام ما بين سنة 1210 ق.م وسنة 1190 ق.م تقريبا .

فإذا كان مجيء ذلك المنتظر قـد حدده موسى - u - بعد هذا التاريخ بحوالي 1750 : 1757 سنة ؛ فهو إذًا لابد وأن يكون حوالي سنة: 1757 – 1190 = 567 م أو حوالي سنة: 1750 – 1190 = 560م أو حوالي سنة 1757 – 1210 = 547 م أو حوالي سنة:1750 – 1210 = 540 م ؛ أي فـي الثلث الأوسط من القرن السادس الميلادي تقريبا.

فصدق موسى في نبوءته وصدق محمد في دعوته، جعلنا الله معهما من الصديقين ، عليهما صلاة الله وسلامه أجمعين.

المصدر: http://www.fustat.com/muawat/abufarha_6_07.shtml

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك