بدأ الحوار منذ استوطن الانسان هذه الارض ليكون مرافقا له حتى يومنا هذا والمؤكد أننا بحاجة للحوار العلمي لمعالجة الأزمات والمشاكل ،والحوار أساس الحضارة والإنسانية، كما إنَّ الفكر الفعال ينشأ وينمو من الحوار، ولن يصبح الحوار مجديا وفعالا الا إذا أدركنا بعمق أصوله وأخلاقياته،
_ مفهوم الحوار_
1_للحوار أكثر من محور
الحوار مع النفس وهو لا يعني الا فرداً واحداً، وهو حوار استبطاني روحي يبقى سرا ما لم يفصح عنه الشخص نفسه..

2_ حوار يدور حول فكرة أو موضوع يستأهل المناقشة مع الغير..
إذا سلمنا أنَّ حق الإتفاق وحق الإختلاف من حقوق البشر، لا بد وأن يكون من يأتي لإلغاء هذا الخيار فهو يسعى للإستبداد والإستبداد يأتي بالأقتتال والقمع وبالتالي يقود للتأخر..

الإختلاف في الرأي ظاهرة صحيحة وصحية يعرفها ويؤمن بها كل إنسان إيجابي، متحضر، واعي ومتطور يتعامل معها بوعي كنهج سلوكي ملتزم ،لكن تنقلب الحال الى مأساة إذا تحول الإختلاف الى درجة العداء، والتحزب الضيق، مما يؤدي الى تفكك والتفكك بالضرورة ضد الصالح العام..

أنواع الحوار ....................

يمكن تقسيم الحوار من منظورات متعددة ومتنوعة ابرزها منظور الشكل، والمضمون،والأشخاص، الى عدة محاور
مثلا:
أ_أذا نظرنا للحوار بالمنظور الشكلي لاحظنا أنَّ أبرز حوار هو الحوار الهاديء ونقيضه المتشنج.
الحوار الهاديء: هو الحوار الوقور،المتزن، الذي يصدر من إنسان مثقف ثقافة موسوعية ويتحلى بدرجة عالية من الأخلاق السامية،وله نية فهم الآخر وإستيعاب ما يقول من أجل التوصل لإتفاق ما، وحتى إن يحصل التوافق يبقى حب الود قائما على مبدا(الخلاف بالرأي لا يفسد للود قضية)
الحوار المتشنج: هو الحوار الإنفعالي، الغضوب، الذي تتعالى فيه الصرخات وقد يلجأ الى التماسك بلأيدي، وأحيانا الغلظة بالكلام مما يجعل أحيانا الطرف الآخر يرضخ لمنطق غير مقتنع به..

ب_ الحوار المتفتح: هو الذي يجري من قبل إنسان يملك صدر رحب وأفق واع واثق من نفسه ويحترم الرأي الآخر..
الحوار المتزمت: يزاوله فرد متعصب فكريا أو منغلق على عقيدته الخاصة لا يملك مفاهيم ومعايير سوى المفاهيم المنبثقة من رأسه والتي تتمشى مع جوهر أفكاره،وهذا سببه الجهل والتخلف وعدم المعرفة

ج

_الحوار الذي هدفه الإستزادة من من المعلومات والثقافة.
أصحاب هذا الفكر يقبلون على الحوار برغبة نفسية متعطشة للمعرفة، وللحقيقة،لديهم فكر نيِّرْ، ورغبة بزيادة تثقيفهم الذاتي، عن طريق الحوارات العلمية، والإنسانية،ويزدادون تواضعا كلما إزدادت ثقافتهم،وتهذَّب سلوكهم
ونقيض هاذا هو الحوار الضحل والمهاتر في إدعاء الثقافة،والحوار دون الإلتزام بضوابط أخلاقية أدنى الى الثرثرة أو التهريج أو العمل الصبياني..

لذلك حوار العلماء دائما يكون حوار المتواضعين بينما حوار أنصاف المتعلمين ينطوي على إدعاء وزعم وغرور وكِبَرْ........

أما الحوار القائم على صراع الأجيال الحوار بين الجيلين (الشيوخ والشباب) حوار نافع ومهم فالشباب بحاجة الى حكمة الشيوخ القائمة على الخبرات النوعية والتجارب الاجتماعية والتحليلات الواقعية بينما هؤلاء(الشيوخ) بحاجة قصوى الى حيوية الشباب وروحه الوثابة وطاقاته الجديدة والمتجددة ، إذن الحوار بين الجيلين حوار منتج حتى لو تضمن إتهامات ظالمة قد يوجهها أي طرف للطرف الآخر فالحياة ذات جوانب متنوعة فهناك الخير والشر , والسعادة والشقاء، لذلك أختلاف الأجيال أمر بديهي ولا غبار عليه، بل هو مجدي من حيث السعي لتصحيح مسيرة المجتمع واهدافه في ضوء الحقائق التي يطرحها كل جيل وتكون ذات طبيعة يمكن توضيفها لصالح التقدم الإقتصادي، والإجتماعي، والثقافي، والسياسي، طبعا مع الإلتزام بأخلاقيات الحوار..

د_الحوار بين الحاكم والمحكوم أدق أنواع الحوار، فالحاكم يرغب بفرض رأيه أو فكره وتبني المصالح الشخصية التي تبقيه في سدة الحكم من جهة، وينطلق من الموارد المتاحة له لتحقيق هدفه ورغبه، أما المحكوم فيعرض أفكاراً متنوعة ويتجاهل أحيانا أراءه الشخصية، أوقد يغلب الطابع النظري على حواره مع الفئة الحاكمة، خاصة في مجتماعتنا ( ذات طابع حكم الفرد المطلق)إذن الحوار بين الحاكم والمحكوم لا يمكن أن يكون مجديا الا إذا كان حوارا ديموقراطيا وعقلانيا فيه تعاون صادق لمصلحة الجميع..
أما إذا كان الحاكم لا يهدف من وراء الحوار إشعار المواطن أنه مهتم بحواره (هذا إن وجد)سوى التعتيم والضبابية وتشويش الحقائق والتنصل من الخطط التي طرحها في برنامجه الإنتخابي، عندها يكون حوارا بيزنطياً يستخدم للإستهلاك..