الحوار و الدعوة إلى الإسلام

الحوار والدعوة إلى الإسلام

خلق الله تعالى البشر مختلفين في أجناسهم وألسنتهم و أفكارهم و ميولهم ... فالبشر بالفطرة مختلفين ... و بالتالي فالحاجة للحوار بين هذه الأفكار و الميول و القناعات المتباينة هي حاجة ملحة مرتبطة بالفطرة... و تركها يؤدي إلى الخلل الواضح الذي لا تستقيم معه الحياة . فلا يمكن أن تستمر الحياة مع انعدام الحوار و التفاهم و في وجود جو من التعنت و التعصب لميول الذات و آراءها و إقصاء آراء الغير و اعتبارها خاطئة في كل الأحوال. وبما أن الإسلام هو دين الفطرة السليمة و دين الحق فقد حث على تداول الرأي و احترام آراء الغير و التحاور معهم و تبادل الأفكار و المشورة ،والاختلاف في الإسلام لايعني الخلاف ... إنما تبادل الأفكار ولنا في كتاب الله و سيرة نبيه شواهد كثيرة تحث على الحوار و تعلم آداب الحوار و فنونه .. وفي ذلك أشارات قرآنية كثيرة .. وهو أصل في الإسلام .. يقول الله عزوجل :
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمةوالموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"
وطيب الكلام ... وحسنالأسلوب ... والمهارة في انتقاء الكلمات التي تصل القلوب ... ومعرفة مفاتيحهاتغنينا عن فتحها عنوة .. أو تركها مغلقة !
الحوار و الدعوة إلى الإسلام
و"إن الكلمة الطيبة التي يلقيهاالداعية الصادق في أذن امرئ شارد عن الطريق فيغرس بها بذرة الهداية في قلبه ، تعودعلى الداعي بثواب عظيم ، وأجر جزيل ، قال عنه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئا"
ولا يستطيع المرء أن يترك من يختلف معهم وشأنهم ... لأنهم يعيشون معاً .. ولا بد أن يلتقي الإنسان مع أي كان .. سواء اتفق معه أم لم يتفق .. ربما في العمل أو المكان السكني أو الجامعة أو حتى البيت ... ولهذا عليه أن يكون المتكلم اللطيف المعاملة القوي الحجة الخفيف الظل ... يقول الله عزوجل : "وجادلهم بالتي هي أحسن"
ويجب أن نعلم أن قضية الحوار قضية في غاية الاهتمام والأهمية ... فالإسلام دعوة ... وفي مقابله دعوات ... والفكر لنا .. وللآخرين فكرهم ..
ولهذا لم يترك الإسلام هذا المجال مفتوحا ... لأن الدعوة الإسلامية أصلاًبدأت بالحوار ... فكان الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم أشد الحرص على هداية الآخرين و إقناعهم بالحسنى ...
الحوار هو جدلية الحياة ولغة يومية نمارسها تلقائيا نحن نتحاور في كل لحظة, مع أنفسنا, المقربين, مع الآخرين و مع كل من تتقاطع بيننا وبينه خطوط الحياة وقد تتطور بيننا وبينهم المصالح أو التناقضات.
و يمكن القول أن الحوار يعد منهج إنساني - منهج قرآني - منهج دعوي - منهج إصلاحي- منهج تسويقي - منهج دفاعي - منهج للبحث عن المعلومة ..عن الحل .. عن الحقيقة

 

إذن الحوار منهج حياة ويعتبر الحوار سلوك لا واعي نمارسه بطريقة تلقائية وباستمرار لتحقيق التوازن بيننا وبين المحيط.

فن الحوار هو الأسلوب الأمثل لتنظيم هذه الطاقة وممارسة هذا السلوك بطريقة واعية و مدربة وفق قواعد تحقق الفرص العادلة لكل طرف في التعبير عن رأيه بندية وإقناع الآخر بوجهة نظره في جو من الاحترام والتفاعل الإنساني.

 

تعريف الحوار:

الحوار لغة : بمعنى المجاوبة والمراجعة
في اللغة حار: رجع بمعنى الرجوع إلى الشيء وعن الشيء
((إنهُ ظَنَّ أَن لن يَحُورَ))(الانشقاق:14)
أي لن يرجع مبعوثاً يوم القيامة
اصطلاحا : هو نوع من الحديث بين شخصين أو فريقين , يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر , ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب ومثال ذلك ما يكون بين صديقين في دراسة أو زميلين في عمل , ومنهم من يرى أن المحاورة قد تكون بالكتابة او بالتعبيرات الغير لفظية مثل السكوت وتعبيرات الوجه أو نبرات الصوت0
والتحاور: التجاوب
الحوار: تنادي وتجاوب بين طرفين ( أو أكثر ) لبحث قضية أو موقف أو مصلحة ، فيطرح كل طرف ما يراه ويقتنع بهويراجع الطرف الآخر في منطقه وفكره حتى الوصول إلى رؤية مشتركة أو توافق يراعي مصلحة الجميعروح الحوار وجوهره البحث عن الحق والحقيقة.
(( وَإِنا أَوْ إِياكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ في ضَلا لٍ مُّبِينٍ ))(سبأ:24)

 

أهمية الحوار:

للحوار أهمية كبيرة , والهدف منه إقامة الحجة ودفع الشبهة والفساد من القول والرأي ، فهو تعاون بين المتحاورين على معرفة الحقيقة والتوصل إليها ، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها ، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق 0
والحوار حاجة إنسانية تتمثل أهميته باستخدام أساليب الحوار البناء لإشباع حاجة الإنسان للاستقلالية وحاجته للمشاركة والتفاعل مع الآخرين .
ومن جهةٍ أخرى تزداد أهمية الحوار في ظل متغيرات العالم العلمية والمعرفية ، الذي أوجد فجوةً دائمة ومستمرة بين ما يمتلكه الفرد من معلومات ومعارف وبين آخر ما توصل إليه العلماء في هذا المجال 0وتعد الندوات واللقاءات والمؤتمرات إحدى وسائل الحوار الفعال الذي يعالج القضايا والمشكلات التي تواجه الإنسان المعاصر 0
و الحوار يكون -أحيانًا- أقوى من الأسلحة العسكرية كلها؛ لأنه يعتمد على القناعات الداخلية الذاتية؛ بل ربما أفلح الحوار فيما لا تفلح فيه الحروب الطاحنة.
لذلك تبرز أهمية الحوار في جانب دعوة الناس إلى الإسلام والسنة وفي جانب فصل الخلاف في الأمور الاجتهادية
إنّ بِدْءَ الحديث والحوار بمواطن الاتفاق طريق إلى كسب الثقة وفشوا روح التفاهم . ويصير به الحوار هادئاً وهادفاً .الحديث عن نقاط الاتفاق وتقريرها يفتح آفاقاً من التلاقي والقبول والإقبال ، مما يقلّل الجفوة ويردم الهُوَّة ويجعل فرص الوفاق والنجاح أفضل وأقرب ، كما يجعل احتمالات التنازع أقل وأبعد. والحال ينعكس لو استفتح المُتحاورون بنقاط الخلاف وموارد النزاع ، فلذلك يجعل ميدان الحوار ضيقاً وأمده قصيراً ، ومن ثم يقود إلى تغير القلوب وتشويش الخواطر ، ويحمل كل طرف على التحفُّز في الرد على صاحبه مُتتبِّعاً لثغراته وزَلاته ومن ثم ينبري لإبرازها وتضخيمها ، ومن ثم يتنافسون في الغلبة أكثر مما يتنافسون في تحقيق الهدف .
و يمكننا تلخيص أهمية الحوار في النقاط التالية:
· الدعوة إلى الإسلام الحق و السنة الصحيحة.
· كسر الحاجز النفسي بين متقابلين أو متناقضين .
· اكتشاف الأخر وفهم أفكاره ودوافعه .
· إثراء الأفكار والانطباعات .
· توضيح المواقف .
· تدوير الزوايا .
· تجنب تأزيم العلاقة أو المواجهة .
· الوصول إلى نقاط الاتفاق.

 

أهداف الحوار:

* إشباع حاجة الإنسان للاندماج في جماعة والتواصل مع الآخرين .
* إيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف.
* التعرف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى , وهو هدف تمهيدي هام.
* البحث والتنقيب من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرؤى والتصورات المتاحة ,
للوصول إلى نتائج أفضل ما أمكن , ولو في حوارات تالية.
* تقريب وجهات النظر بين المتحاورين.
* الخروج بتوصيات مفيدة ترضي جميع المشاركين في الحوار بمختلف أطيافهم.
* الاستماع لوجهات النظر المختلفة.
* القضاء على الخلافات المذهبية في المجتمع عن طريق الحوار.
* تنمية العلاقات الإنسانية.

 

أنواع الحوار في القرآن الكريم :

أولاً : الحوار التشريعي :وهو محاورة من طرف الشارع يقابلها استجابة بعواطف ووجدان وانفعال وتفكير المسلم وهي استجابة واقعية مؤثرة ومقنعة 0 ومثال ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين , ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد ( الحمد الله رب العالمين ) قال الله تعالى : حمدني عبدي وإذا قال ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين ) قال مجدني عبدي فإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال : هذا بيني وبين عبد ولعبدي ما سأل فإذا قال أهدنا الصراط المستقيم الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل 0))ونلاحظ إن الحوار من طرف واحد فقط لكنها تدخل في معنى الحوار لان الطرف الثاني في نفسه استجابة لها 0
والحوار التشريعي له أشكال عديدة منها :
- الحوار الخطابي الموجه للذين آمنوا : وهو الخطاب المصدر بنداء الإيمان قال تعالى (( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ))0
- الحوار الخطابي التذكيري : قال تعالى:
(( الم يجدك يتماً فآوى * ووجدك ضالاً فهدى * ووجدك عائلاً فأغنى ))0
الحوار الخطابي التنبيهي أو الإيضاحي: وهو خطاب يرد فيه سؤال ثم جواب هذا السؤال ويهدف إلى لفت الأنظار إلى أمر مهم قال تعالى (( عم يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون ))0
- الحوار الخطابي العاطفي الترددي : في هذا الحوار ترديد لسؤال معين من اجل شد الانتباه وإثارة العاطفة قال تعالى : (( فبأي آلاء ربكما تكذبان )) 0
- الحوار الخطابي التعريضي : وهو حوار يعتمد على التعريض للكفار قال تعالى (( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم إن كيدي متين )) 0
ثانياً : الحوار الوصفي 0
ثالثاً الحوار القصصي 0
رابعاً : الحوار الجدلي لإثبات الحجة :وهو حوار يعتمد على إقامة الحجة على المشركين وفيه جدل ومناقشة قال تعالى : (( أفرأيتم اللات والعزى * ومنواة الثالثة الأخرى * الكم الذكر وله الأنثى * تلك إذاً قسمة ضيزى * إن هي إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ))0

 

أنواع الحوار في السنة النبوية :

أولاً: الحوار الدعوي :وهو حوار يدور بين الرسول صلى الله عليه وسلم والكفار سواء كانوا من المشركين أو من أهل الكتاب وهذا الحوار متنوع الهدف منه دعوة الكفار للإسلام وتبين العقيدة الصحيحة لهم 0
ثانياً: الحوار التعليمي :وهو حوار يدور بين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهدف منه تعليم الصحابة أمور دينهم ويبدأ الحوار بسؤال من الرسول صلى الله عليه وسلم او بسؤال من احد الصحابة 0
ثالثاً : الحوار القصصي :وهو حوار يدور حول قصة معينة يذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم وفي الغالب تكون عن الأمم السابقة 0
رابعاً:الحوار القدسي : ويتمثل في الحديث القدسي من الأحاديث النبوية التي وردت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حديث يدور بين الله عز وجل وعباده وقد ذكره الرسولصلى الله عليه وسلم في أحاديثه على هيئة حوار بين الله عز وجلوعباده 0
خامساً: الحوار حول شؤون النساء :وهو الحوار الذي يدور بين الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته أو مع إحدى نساء المؤمنين 0
سادساً : الحوار الاستشاري :كان صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه ويأخذ برأيهم إن وافق الحق وذكر أبو هريرة رضي الله عنه هذا الأمر بقوله ” ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم <” وقد وردت حوارات في سنته صلى الله عليه وسلم تبين هذا الأمر ومن ذلك ما حدث في غزوة بدر عندما استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في قتال الكفار 0
سابعاً :حوار الأسئلة والأجوبة :كان الصحابة يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم أسئلة قصيرة فيجيب عنها صلى الله عليه وسلم بأبلغ عبارة تكون فيها إجابة للسائل وفائدة للمستمع لها 0
ثامناً : حوار استغلال المناسبات :كان صلى الله عليه وسلم يختار أوقات معينة يثير مع أصحابه موضوعاً الهدف منه لفت الانتباه الى شئ يعود بالفائدة عليهم 0
تاسعاً : حوار الممازحة :كان صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ويمزح معهم عن أبي هريرة قال : ” قالوا يارسول الله إنك تداعبنا قال : إني لا أقول إلا حقا ” 0
عاشراً : حوار اصلاح الأخطاء :صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان كانوا أفضل الناس بعد الأنبياء إلا أنهم بشر قد تصدر من بعضهم الأخطاء فيقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بإصلاحها وتنبيههم عليه 0
دواعي الحوار في وقتنا الحاضر

تتزايد الحاجة إلى الحوار في وقتنا الحاضر الذي يعيش فيه مجتمعنا تحديات متنوعة تتطلب فتح قنوات التواصل وتيسيرها مع بعضنا البعض. إن التنوع أو حتى الاختلاف في الآراء والأفكار بين أفراد المجتمع وفئاته سنة الله في خلقه بل إن التنوع والاختلاف في حدود ما سنه الله - سبحانه وتعالى - ورسوله عليه الصلاة والسلام - مصدر قوة للمجتمع ، إذ يؤكد احتواء جميع أفراد المجتمع بتوجهاته المختلفة ، كما أنه مطلب للحراك الثقافي والاجتماعي ، وكما قال أحد العلماء :
(( اختلاف الأئمة رحمة للأمة )) ، لكن لا يصل - بإذن الله - إلى حد الخلاف الذي يفرق الشمل ويضر بثوابتنا الدينية وبمصالحنا الوطنية ، إن حوارنا لا يعني بالضرورة أن يقتنع كل واحد برأي الآخر، لكن يعني التواصل فيما بيننا وتبادل الآراء والأفكار، والاستفادة من الخبرات ، واحترام رؤى الآخرين فيما يخدم مجتمعنا الأسري والتعليمي ويحقق المصلحة العامة - بفضل الله وتوفيقه -.

 

آداب عــامــة للــــحـــــــــــــــــــــوار :

أولاً : إخلاص المحاور النية لله تعالى :
إخلاص النية لله عز وجل , وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق اكبر فائدة منه .
ثانيا :التزام القول الحسن ، وتجنب منهج التحدي والإفحام :
إن من أهم ما يتوجه إليه المُحاور في حوار ، التزام الحُسنى في القول والمجادلة ، ففي محكم التنزيل : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن }(الإسراء :53) .
{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن }(النحل: 125) .
ثالثاً: توفر العلم في المحاور :
قبل أن يدخل المحاور في الحوار لابد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة , فلا يحاور في موضوع يجهله فقد نهى الله عز وجل من لا علم عنده أن يدخل في الحوار قال تعالى ” هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وانتم لا تعلمون ”
رابعا : صدق المحاور :
إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاورة فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم ولذلك أمر الله بالصدق قال تعالى : ” يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ”
خامساً: الصبر والحلم :
إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وان كان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ,
وهذا أمر خطير لأنه لن يتمكن من شرح أو توضيح وجهة نظره ولن يستطيع المدافعة عنها عند المخالفة , لذلك لابد أن يتصف المحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة 0

والصبر في الحوار أنواع منها :
1. الصبر على الحوار ومواصلته 0
2. الصبر على الخصم سيئ الخلق 0
3. الصبر عند سخرية الخصم واستهزائه 0
4. الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم 0
5. الصبر على النفس وضبطها 0
سادساً: الرحمة :
من الصفات التي يتصف بها المحاور المسلم الرحمة وهي ” رقة القلب وعطفه ”
حين يتصف بها المحاور تجد فيه إشفاقا على من يتحاور معه وميلاً إلى إقناعه بالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه , والرحمة من الصفات التي اتصف بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ”
سابعاً : الاحترام :
إن اختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لا يمنعهم من الاحترام والتقدير 0 فالمحاور عليه أن ” يحترم الأطراف الأخرى التي يحاورها , مسلمة كانت أو غير مسلمة ويمنحها حقها المتوجب لها من التقدير والتوقير , ونحن مأمورون أن ننزل الناس منازلهم ”
وإبراهيم عليه السلام في حواره مع أبيه الكافر صدر كلامه معه بكلمة ( يا أبت )وفيها من الاحترام والتقدير ما فيها .
ثامناً: التواضع .
من آداب الحوار: التواضع، وتجنُّب ما يدل على العجب والغرور والكبرياء.و يعد التواضع من أفضل الأخلاق الإسلامية التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، فبعض الناس إذا حاور شخصًا أو حادثه أعرض ونأى بجانبه، وازورَّ لا يلتفت إلى خصمه، إشارة إلى السخرية وعدم الاكتراث به، وربما ظهر على قسمات وجهه أو حركات حاجبيه أو عينيه أو شفتيه ما يدل على السخرية والاستكبار، وربما يزم شفتيه، أو يلوي وجهه، أو يلوي عنقه، أو يشير بطرف عينيه إشارات تعبر عن السخرية والازدراء، فهذا كله من الكبر.
وفي الحوار لابد أن يتحلى المتحاورون بهذه الصفة لان فيها تأثير على من يستمع لهم , و لا تمنع من تقبل ما يخالفهم من آراء , والمتواضع ينقاد إلى الحق إذا ظهر له 0
تاسعاً: الإنصاف والعدل :
وهو أن تكون الحقيقة ضالتك المنشودة، تبحث عنها في كل مكان، وفي كل عقل.
جرِّد نفسك، ولا تبالِ بالناس رضوا أم سخطوا، وكن باحثًا عن الحقيقة، وليعلم ربك من قلبك أنه ليس في قلبك إلا محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب الحق الذي يحبه الله ورسوله.
والإنصاف والعدل لهم معنى واحد في هذا الأدب , وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند انعدام هذا الأدب , فبعض المتحاورين يغفلون عن هذا الأمر , مما يجعلهم لا يصلون إلى ما يرجون 0قال تعالى:
( يا أيها الذين امنوا كونوا قومين لله بالقسط ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألاَّ تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون)
عاشراً:الالتزام بوقت محدد في الكلام :
ينبغي أن يستقر في ذهن المُحاور ألا يستأثر بالكلام ، ويستطيل في الحديث ، ويسترسل بما يخرج به عن حدود اللباقة والأدب والذوق الرفيع .
يقول ابن عقيل في كتابه فن الجدل : ( وليتناوبا الكلام مناوبة لا مناهبة ، بحيث ينصت المعترض للمُستَدِلّ حتى يفرغ من تقريره للدليل ، ثم المُستدِلُّ للمعترض حتى يُقرر اعتراضه ، ولا يقطع أحد منها على الآخر كلامه وإن فهم مقصوده من بعضه ) .
أن أغلب أسباب الإطالة في الكلام يرجع إلى ما يلي :
1- إعجاب المرء بنفسه .
2- حبّ الشهرة والثناء .
3- ظنّ المتحدث أن ما يأتي به جديد على الناس .
4- قِلَّة المبالاة بالناس في علمهم ووقتهم وظرفهم .
إحدى عشر: حسن الاستماع وأدب الإنصات وتجنب المقاطعة :
الإصغاء إلى الآخرين فن قَلَّ من يجيده، فأكثرنا يجيد الحديث أكثر من الاستماع، والله سبحانه وتعالى جعل لك لسانًا واحدًا، وجعل لك أذنين حتى تسمع أكثر مما تتكلم، فلابد أن تستمع جيدًا، وأن تستوعب جيدًا ما يقوله الآخرون. ووضع أذنك للمحدِّث، وحملقة عينيك بوجهه، وتأملك لما قال، يمكن أن يكون دليلاً على قوتك، وقدرتك على الحوار، وإذا وجدت ملاحظات، فيمكن أن تسجلها في ورقة لتتحدث فيها بعدما ينتهي من حديثه.
كما يجب اللباقة في الإصغاء ، وعدم قطع حديث المُحاور . وإنّ من الخطأ أن تحصر همَّك في التفكير فيما ستقوله ، ولا تُلقي بالاً لمُحدثك ومُحاورك .
اثنا عشر: حصر المناظرات في مكان محدود :
يذكر أهل العلم أن المُحاورات والجدل ينبغي أن يكون في خلوات محدودة الحضور ؛ قالوا : وذلك أجمع للفكر والفهم ، وأقرب لصفاء الذهن ، وأسلم لحسن القصد ، وإن في حضور الجمع الغفير ما يحرك دواعي الرياء ، والحرص على الغلبة بالحق أو بالباطل.
ثلاث عشر: حسن المقصد :
فليس المقصود من الحوار العلو في الأرض، ولا الفساد، ولا الانتصار للنفس، ولكن المقصود الوصول إلى الحق

أربع عشر: البدء بمواضع الاتفاق والإجماع والمسلَّمات والبديهيات:
فمن المصلحة ألا تبدأ الحوار بقضية مختلف فيها؛ بل ابدأ بموضوع متفق عليه، أو بقاعدة كلية مسلَّمة أو بديهية، وتدرج منها إلى ما يشبهها أو يقاربها، ثم إلى مواضع الخلاف.
فممَّا يذكر عن سقراط -وهو أحد حكماء اليونان-، أنه كان يبدأ مع خصمه بنقاط الاتفاق بينهما، ويسأله أسئلة لا يملك الخصم أن يجيبه عليها إلا بنعم، ويظل ينقله إلى الجواب تلو الآخر، حتى يرى المناظر أنه أصبح يُقر بفكرة كان يرفضها من قبل.
خمس عشر: ترك التعصب لغير الحق:
وما أعز وأصعب وأندر أن يتخلص الإنسان من التعصب -أي لون من ألوان التعصب-؛ فإن الحزبيات قد أثَّرت في المسلمين تأثيرًا كبيرًا جدًّا.عليك بالأمور التالية:
-أولاً:دع زمام الحديث بيده حتى ينتهي .
- ثانيًا: اعترف بصوابه فيما أصاب فيه، والحق ضالة المؤمن.
- ثالثًا: إذا انتهى فانقد الخطأ بطريقة علمية، بعيدة عن العواطف.
ست عشر: الموضوعية:
الموضوعية تعني: رعاية الموضوع، وعدم الخروج عنه.
- فمن الموضوعية: عدم الهروب من الموضوع الأساسي إلى غيره. إن بعض الناس إذا أحرجته في موضوع هرب منه إلى موضوع آخر، فهو ينتقل من موضوع إلى موضوع، وكلما أُحرج في نقطة انسحب منها إلى غيرها، ونقل الحديث نقلة بعيدة أو قريبة.
سبع عشر: اعتدال الصوت:
لا تبالغ في رفع الصوت أثناء الحوار، فليس من قوة الحجة المبالغة في رفع الصوت في النقاش والحوار؛ بل كلَّما كان الإنسان أهدأ كان أعمق؛ ولهذا تجد ضجيج البحر وصخبه على الشاطئ، حيث الصخور والمياه الضحلة، وحيث لا جواهر ولا درر، فإذا مشيت إلى عمق البحر ولجته وجدت الهدوء، حيث الماء العميق ونفائس البحر وكنوزه؛ لذلك يقول المثل الغربي: "الماء العميق أهدأ".
بعد الحوار :

1-الرجوع إلى الحق والاعتراف بالخطأ .
2- احترام الرأي المخالف .
3- اجتناب الإعجاب بالنفس .
4-تجنب الحسد.
5-عدم الغل والحقد.
6-الابتعاد عن الغيبة .

 

صفات المحاور:

أولاً:جودة الإلقاء، وحسن العرض، وسلاسة العبارة:
وقد كان ذلك من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدِّث حديثًا لو شاء العادُّ أن يحصيه لأحصاه،لم يكن يسرد الحديث كسردكم".
فعلى المحاور أن يكون هادئًا سلسًا، جيد الإلقاء.
ثانيًا: حسن التصور:
والمقصود من حسن التصور، ألاَّ تكون الأفكار عند المتحدث مشوشة أو متداخلة أو متضاربة، فبعض الناس -لضعف تصوره- ربما يطرح فكرة أثناء النقاش، وبعدما ينتصف في شرحها يتبيَّن له أنها غير صالحة، ولا تخدم الغرض، فينتبه في منتصف الطريق بعدما يكون قد تورَّط في ذلك.
ثالثًا: ترتيب الأفكار:
فالقدرة على ترتيب الأفكار،وتسلسلها، وارتباط بعضها ببعض وعدم تداخلها، أو اضطرابها، مما يثبت حجة المحاور ويقويها.
رابعًا: العلم:
ينبغي أن يكون المحاور ذا علم وقوة وقدرة، فإن بعض المحاورين قد يخـذل الحق بضعف علمه، فرغم أن الحق معه، إلا أنه لم يدعمه بالعلم القوي، فيضع نفسه في غير موضعه.
لذلك فليس كل إنسان مهيأ للحوار، حتى وإن كان صاحب حق، فإنه ربما حاور بهدف نصر الحق فيخذل الحق؛ لضعف علمه وبصيرته، وربما حاور بجهل فيقتنع بالباطل الذي مع خصمه، وربما احتج بحجج باطلة، مثلما يحدث في بعض المناظرات والمحاورات التي تعقد، فلا يقتنع الناس بالحق الذي يحمله.
خامسًا: الفهم مع العلم:
لابد من الفهم وقوة العقل؛ ليدرك المتحدث حجج الخصم، ويتمكن من فهمها، ويعرف نقاط الضعف والقوة فيها، فيقبل ما فيها من حق، ويرد ما فيها من باطل.
سادسًا: الإخلاص:
فينبغي التجرد في طلب الحق وتوصيله إلى الآخرين، بحيث لا يكون همُّ المرء الانتصار لرأيه، وإنما همه طلب الحق وإيصاله للآخرين.
سابعًا: التواضع:
فالتواضع أثناء المناقشة، أو بعد الانتصار على الخصم، من أهم ما ينبغي أن يتحلى به المحاور.

آفات في الحوار:
أولاً: رفع الصوت:
فكأن الإنسان في غابة تتناهش فيها السباع، ومن لم يكن ذئبًا أكلته الذئاب، فيرى أن انتصاره في الحوار لن يكون إلا عن طريق مبالغته في رفع الصوت على خصمه، والله تعالى يقول: (إِنَّ أَنْكَرَ الأََصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان:19].
ثانيًا: أخذ زمام الحديث بالقوة:
وذلك لئلا تدع للخصم فرصة يتحدث فيها، فيهدم بناءك الهش، أو يحطِّم حججك الزجاجية، أو يثير البلبلة في نفوس الناس.
ثالثًا: تهويل مقالة الطرف الآخر:
إن البعض يهوِّلون أقوال الآخرين، ويحمِّلون كلامهم من الضخامة ما لا يخطر إلا في نفوس مرضى القلوب، لماذا؟ لئلا يتجرأ أحد على القول بمثل ما قالوا، أو نصرة ما ذهبوا إليه.
رابعًا: الاعتداء في وصف الطرف الآخر:
فتصفه بما لا يليق من الأوصاف؛ تأديبًا له وردعًا لأمثاله، فتقول: هذا جاهل سخيف حقير متسرع، وأضعف الإيمان
أن تصفه بأنه ليس أهلاً لهذا الأمر.

 

الحوار بين أفراد الأسرة :

فوائد الحوار بين أفراد الأسرة :
بين الأبوين والأبناء:
إصلاح الأبناء وتهذيب سلوكهم .
تدريب الأبناء على الجرأة ومواجهة الحياة .
المساعدة في حل المشكلات.
تعليم الأبناء ما ينفعهم .

 

الحوار في المدرسة

فوائد الحوار في المدرسة :
المدرسة هي احد وسائط التربية المهمة فهي مكملة للأسرة في تعليم الفرد وتهذيبه 0
وللحوار في المدرسة فوائد منها ما يأتي :
1- فوائد الحوار بين الإدارة والمعلمات.
تنظيم العمل وتطبيق النظام 0
تبادل الخبرات والمعلومات 0
حل المشكلات
تنمية العلاقات الاجتماعية 0
تنمية المهارات 0
تنمية التفكير 0
إضفاء جو أسري على بيئة العمل تسوده المحبة و الصفاء و التراحم و التعاون.
2- فوائد الحوار بين هيئة التدريس وأولياء الأمور :
معرفة مشاكل الطالبات والعمل على حلها 0
تنمية مهارات الطالبات ومعرفة ما يحببن ممارسته عن طريق الحوار .
التعليم والتثقيف لأولياء الأمور عن طريق عقد الحوارات والندوات
3- فوائد الحوار بين المعلمات و الطالبات :

 

هيَّا.. !! كلي آذان صاغية ...!!؟؟

أمور أساسية يجب توافرها في المعلمة والطالبة لتطبيق آداب الحوار خلال طرائق التدريس:
- ما يخص المعلمة :
القدرة العلمية بحيث يتمكن من الإجابة على أسئلة الطالبات خلال الدرس.
توافر صفات عقلية في المعلمة مثل ” الذكاء/القدرة على حل المشاكل / مواجهة الموقف / والحكمة في التصرف / وسداد الرأي / والاتجاهات العملية التي من بينها عدم التعصب للرأي / واحترام آراء الآخرين والنزاهة والتريث والتثبت في صدور الأحكام / وروح الصبر والأناة في سبيل الوصول إلى الحقيقة 0
الإنصاف لطالباتها في أن تبين لهن الفائدة التي استفادتها منهن : فتعترف بفائدة تقولها بعضهن وإن كان صغيراً فإن ذلك من بركة العلم 0
عند حوار المعلمة مع طالباتها فإنه من الصعب أحيانا التزام الطالبات بآداب الحوار خصوصاً في بداية الأمر وهنا عليها التحلي بصفة الصبر 0
- ما يخص المتعلمة ( الطالبة) 0
حسن الاستماع للأستاذة عند الحوار0
الاحترام للمعلمة , فتخاطبها بالكلام الحسن وتتلطف معها0
حسن السؤال ” لان السؤال مرآة عاكسة لعقلية السائل ”0
مراعاة أدب المناقشة والمناظرة في حديثها مع المعلمات لأن الأخذ بها يساعد على المحافظة على العلاقات الطيبة مع الجميع وعدم مراعاتها قد يؤدي إلى المشاجرة أو قطع العلاقات حينا, أو الضغينة والعداوة أحيانا 0

 

خــــــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــامـــ ـــــــــــــــــــــاً

الحوار مطلب لا غنى عنه

 

الحوار مطلب مهم في الحياة ، وهو قيمة إسلامية دلت عليه شريعتنا الإسلامية ، بل إن دعوة أنبياء الله -عليهم السلام - قائمة على الحوار. وفي القرآن الكريم حوارات عدة وبأساليب مختلفة ، كما أن في سيرة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وصحابته - رضوان الله عليهم - شواهد متنوعة تؤكد أهمية الحوار ، وتمثل لنا قدوة حسنة في أسلوب تعاملنا وتحاورنا مع الغير. و لهذا فلابد من الحرص على الحوار و التمسك بآدابه و قواعده و الاقتداء بنبي الرحمة في حواره و سلوكه ( صلى الله عليه و سلم)

 

إذاً... الحوار منهج حياة ويعتبر الحوار سلوك لا واعي نمارسه بطريقة تلقائية وباستمرار لتحقيق التوازن بيننا وبين المحيط.و هو منهج إنساني - منهج قرآني - منهج دعوي - منهج إصلاحي- منهج تسويقي - منهج دفاعي - منهج للبحث عن المعلومة ..عن الحل .. عن الحقيقة
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك