طريقة مختصرة للقضاء على الخلاف «سمّوا لنا رجالكم بصدق»

طريقة مختصرة للقضاء على الخلاف «سمّوا لنا رجالكم بصدق»

 

 من المصائب والحيل والغش في مسألة الخلاف ، طريقة معالجة الجماعات الإسلامية للخلاف أنهم يتحاشون
- ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً – التحديد الدقيق للمسألة المختلف عليها ، وتحديد الشخص المعيّن المختلف عليه، لإنّ تحديد المسألة والشخص يضع الأمور في نصابها الصحيح ، ويحكم المداخل للحكم عليها وعليه بما يليق .

يضاف إلى ذلك تهويلهم في شأن الخلاف ، وإثارة الآلام والأحزان والمصائب التي تحصل بسببه – على طريقتهم السياسية المعتادة في تحريك العواطف حتى تعمى القلوب والعقول - ، وذكر مسائل كثير في الخلاف ، ومسائل دقيقة – يكون أهل العلم قد قالوها في أحوال معينة دقيقة - ، وكأن الله – عز وجل قد تركنا – عياذاً بالله – في عماية وجهالة وصعوبة في المسائل الواضحات في ديننا ، والتي نحتاج إلى تعرف حكم الله فيها .

الله – عز وجل – أمرنا في مسائل بالاجتماع وترك الخلاف ، كما قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ، وقال تعالى : (منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون) ، وقال تعالى : (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات) ، وقال تعالى : (إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً ليست منهم في شيء) ، وكذلك أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – في أحاديث كثيرة بالاجتماع وترك التفرّق ، كما في حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – حين خط خطاً مستقيماً في الوسط ، وخطّ عن يمينه وشماله خطوطاً ، ثمّ تلى قول الله – عز وجل - : "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله" ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميه – رضى الله تعالى – عن هذا الحديث أنه من تأمّل ما وقع في الأمة من تفرق واتباع للأهواء والبدع علم حقيقة مراد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الحديث .

وكما في الحديث العظيم الذي أخبر به النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أن هذه الأمة ستفرق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة ، وهي ما كان علي النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وأصحابه . والأدلة في ذلك وكلام أهل العلم كثيرة بفضل الله وكرمة ورحمته .

فمسائل أصول السنة ، واعتقاد أهل السنة ، مما يجمع الإجتماع الصادق عليه ، وترك الخلاف فيه ، ومّما يدخل في أصول السنة – بالإجماع – مسألتي معاملة الحكَام ، ومسألة معاملة أهل البدع .

وهاتين المسألتين – في الغالب والإفان النزاع بين الجماعات والسنة أعمق – هما المحك العملي الذي تعظم به الفتنة جداً في هذا الزمن ، لإنّ الصدق في الإيمان بهما – ولا أقول مجّرد العلم أو الكلام بتقرير مذهب أهل السنة فيهما والعمل بموجبهما ، وإلتزام لوازمهما ، من الحب في الله – عز وجل - ، والبغض فيه – تبارك وتعالى - ، يوجب فرقاناً بين السنة والجماعات الإسلامية السياسية لا تريده هذه الجماعات ولا بطانتها .

ومن المسائل ما قد يرد الخلاف فيه – أو أن صاحبه قد خالف الحق فيه لجهله به فقط - ، وأكثر أمثلة هذا النوع – في الغالب – في مسائل العلم المشهور الخلاف فيها في الأحكام مما إختلف فيه سلفناً الصالح – رحمهم الله تعالى - ، فَيَسَعُنَاَ أن تختلف فيها ، وأن يَرُدَ البعض على البعض فيها – أيضاً ، كما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى وكما قال الإمام مالك رحمه الله - : ما منا إلا راد ومردود عليه ، وقالوا : كلُّ يؤخذ من قوله ويترك الا صاحب هذا القبر – صلى الله عليه وآله وسلم - .

مثل مسألة وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الجهرية ، ونحو ذلك من المسائل الكثيرة التي أوجب الله – عز وجل – فيها الفزع إلى الأدلة الشرعية المفصلة كما قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوّه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً" ، وقال – صلى الله عليه وآله وسلم - : "إذا إجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ، وإذا إجتهد فأصاب فله أجران" – أو ما معناه - .

فحكم الله – عز وجل – في معالجة الخلاف وأنواعه واضح وكامل ومحسوم وبَيّن ، إذاً فلماذا يكثر الجدل والخلاف جداً حول سبل معالجة الخلاف ؟

حتى أنّ هذه المسألة تبقى حيّة على مر السنين ، وتبذل الجماعات الإسلامية السياسية – ودعاتها – جهوداً متواصلة في إثارتها ومعالجتها والكلام فيها .

فالسبب واضح جداً عند من نوّر الله – عز وجل – قلبه وبصيرته بالحق والسنة ، وهو أنهَم لا يريدون أن يحكموا حكم الله الصحيح الواجب في أعيان المسائل التي يختلف فيها والأشخاص الذين يختلف فيهم .

فما لا يجوز الخلاف فيه مع التهويل ، والتعميم ، وتكثير الكلام حول أسباب الخلاف يقربونه ويجعلونه مما يسوغ الخلاف فيه، وإفسادهم في السنة بيَن – مثل سيَد قطب وعبدالرحمن عبدالخالق – لا ينطبق عليهم – مع التهويل والتعميم وتكثير ذكر أسباب الخلاف ودقة مسالكة – لا ينطبق عليهم وصف البدعة ويقربون من حكم العلماء المجتهدين ..!.

فإذا سمعت عن محاضرة أو كتاب أو كلام – للجماعات الإسلامية السياسية ودعاتها – عن الخلاف ، فأعلم علم اليقين أنهم يريدون أن يوهنوا من الفرقان الذي تعالج به دعوة السنة الخلاف .

وفتش عن المسألة المختلف عليها عينياً ، وعن الشخص المختلف فيه ، فستدرك تماماً أن كل هذه البحور المتلاطمة من الكلام والمحاضرات والقواعد والأمثلة والأخلاق – في الخلاف ليس بسببها أن مسألة الخلاف عويصة وشائكة إلى هذا الحد ؟؟
ويحضرني – سبحان الله – مثالين من أمثلة الكلام في الخلاف : فكتيّب يجعل مسائل الخلاف في السنة من الفتن التي يجب إعتزالها ، والحذر منها ، ثمّ يطعم هذا الكلام بوجوب ترك الخلاف للعلماء ! .

وكتيّب آخر – لبعض الإخوان المسلمين – يتجاوز الخلاف في الاعتقاد ليتكلم عن الخلاف في الفقه وأسبابه .
 

 

 
وكتبه
أحمد بن حسين السبيعي

المصدر: http://www.alwaraqat.net/content.php?1060-%D8%D1%ED%DE%C9-%E3%CE%CA%D5%D1%C9-%E1%E1%DE%D6%C7%C1-%DA%E1%EC-%C7%E1%CE%E1%C7%DD-%AB%D3%E3%F8%E6%C7-%E1%E4%C7-%D1%CC%C7%E1%DF%E3-%C8%D5%CF%DE%BB

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك