الأمي.. ليس الذي لا يتلو ولا يكتب

الأمي.. ليس الذي لا يتلو ولا يكتب..

بل هي أعظم سمات الرسول النبي محمد

التي لا تنبغي لغيره!.

 

 

صلاح الدين إبراهيم أبوعرفة

 

قبل الخوض في هذا البحث, نشير إلى إيماننا الجازم أن النبي محمداً عليه الصلاة والسلام, بُعث لا يتلو من كتاب ولا يخطه بيمينه!, بشاهد هذه الآية التي لا يُعلم لها ناسخ, {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} العنكبوت 48 .

ولا نعلم بإسناد صحيح، أنه مات على غير ما بعث عليه؛ فعليها بعث, وعليها قُبض!.

ولكن الذي نريد أن نشير إليه, أن شواهد القرآن والنبوة, تذهب بـالاُمية مذهباًً غير الذي نذهبه, فما هو؟.

 

ما وصلنا من أقوال المجتهدين من المفسرين والمؤلين في هذا الباب, اجتهاد مشكور، بيد أنه مختلف غير متفق, ولا يسكن له قلب السائل المتدبر!، فعلى المؤمن أن يضع رحاله حيث يطمئن قلبه من البيّنات والبراهين!, فهي آراؤهم أولاً وأخيراً, ولو كان فيما نقلوه إلينا نص محكم من آية أو حديث, لسلمنا وآمنا!, ولكن كل ما وصلنا لا يرقى إلى درجة الحجة, فهو رأي مجرد يخالف مناط الحكمة في ختام النبيين. وليس أدل على ذلك، من الخلاف نفسه الذي صاحب هذه المسألة عند أهل العلم أنفسهم, فثمة أقوال وأفهام, لا قول متفق, كما أسلفنا!.

 

إذ الجمهور على أن النبي الأمّي, هو الذي لا يقرأ ولا يكتب, فهو على حاله التي ولدته فيها أمه!. كذلك هي عند الأكثرين.

 

أو أن يحملوها على أنه المبعوث من الأمة الأمّية، على سنّة القرآن في تقسيم الناس إلى اُمّتين، أمة أمّية لم يؤتها الله كتاباً، ولم يرسل إليها رسولاً، وأمّة كتابية, أتاها الرسول وجاءها الكتاب، كاليهود والنصارى, بدليل الآية, {وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ}. آل عمران 20

 

والناس كانوا أمّة بغير كتاب, ثم اختلفوا من بعد، فأنزل الله إليهم الكتاب {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} البقرة 213 ، فأصل الناس, كما هو ظاهر, أمّيّون لا كتاب معهم, ثم أنزل الله الكتاب.

 

فقد تكون أُمّياً وأنت تقرأ وتكتب, كعمر بن الخطاب مثلاً!.

وقد تكون كتابياً وأنت لا تقرأ ولا تكتب.. {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ}. البقرة 78. ولا خلاف بأن هذه الآية في اليهود الكتابيين!.

 

 

 

 

ماذا نريد أن نقول..؟.

 

قبل الخوض في التعريف, يجب الالتفات إلى أن ما يقال بحق الأمي وما عليه جمهور المفسرين والمؤلين, لم يكن معرّفاً عند الأولين الذين بُعث النبي فيهم بالتعريف نفسه!, وليس أدل على ما نقول, من أن أهل الكتاب الذين وطّنوا أنفسهم على انتظاره, وترصّدوه وترقّبوه, حتى جمعوا أدق نعوته وسماته, ما كانوا يبحثون قطّ، عن رجل لا يقرأ ولا يكتب!.

 

فلم ترد الأُمي بحقّ رسول الله في القرآن إلا مرتان، ولم يُذكر بها -فيما نعلم- نبي غير محمد عليه الصلاة والسلام، فوردت في المرة الأولى في دعوة أهل الكتاب لوجوب إتباعه, على أنه الرسول النبي الأُمّي،{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ}, ثم في الآية التي تليها مباشرة من سورة الأعراف 158، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

 

فبهذه السمات الثلاث المجتمعات المرتبطات, يوجب الله على الناس جميعاً -بما فيهم أهل الكتاب– أن يتبعوا هذا الرسول النبي الأُمّي!. فهي إذن سمات فارضات لازمات لـالاتباع, أكثر منها للنعت والتصوير والتشريف!. إذ جاء الأمر بالاتباع صريحاً في الآيتين {الَّذِينَ يَتَّبِعُون..}, {..وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. فلا غضاضة عند أحد من الناس في اتباع النبي, ولكن الغضاضة عند الكتابي الذي على دين نبي, حين يُدعى إلى الإيمان بذلك النبي الآخر!. لذا صار الأُمي هو مربط الأمر الفارض في الاتباع والخضوع.. فكيف؟!.

 

ههنا أصل المقال!.

فأن يؤمر الناس جميعاً باتباعه لأنه رسول من الله، أمرٌ معقول واجب, وأن يؤمر الناس جميعاً باتباعه لأنه نبي الله، أمر واجب أيضاً، يستسيغه كل مدعو بهذه الآية, وأما أن يؤمر الناس جميعاً باتباعه، لأنه لا يقرأ ولا يكتب، فهذا فيه نظر، وأن يؤمر أهل الكتاب الذين فُضلوا على الناس بـالكتاب, ونَعموا بالنبوة والرسالة, أن يؤمر هؤلاء باتباعه وجوباً لأنه لا يقرأ ولا يكتب, فهذا محل النظر كذلك!.

 

ثم، من يضمن لنا ببينة، أنه لم يكن نبي لا يقرأ ولا يكتب غير رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟، وأكثر النبيين أمّيين على المعنى الأول والثاني الذي سقناه في أول البحث ممّا شاع في الكتب المفسِّرة.

ألم يقل لنا من قال: إن القراءة والكتابة جديدة عهد بالبشرية؟, فمنهم من ينسبها للسومريين, ومنهم من ينسبها لأدريس النبي -على فرض الصحة جدلاً, ولا نسلّم بها-, فلو قبلنا, لأقررنا أن نوحاً عليه السلام كان رسولاً نبياً أُميا بالضرورة وسبق الرسالة والزمان!.

 

فوجب أن تكون الأُمّي كسمة حصريَّة متفردة لهذا الرسول، وجب أن تكون ركناً وشرطاً أساساً في وجوب اتباعه من الناس كافة, كرُكني الرسالة والنبوة، يجد المدعو بهذه الآية نفسه طائعاً مقتنعاً بوجوب اتباعه لأنه الأُمّي والرسول والنبي!.

 

 

إذاً ماذا؟.

الاُمّي، أصلها أُمّ، أضيفت إليها الياءُ التي تنسب وتُغني المعنى, كما نقول: الغني والعلي والذكي والنبي!، والاُمّ بلسان القرآن العربي: الأصل والأول، فأُم الرجل أصله وأوله ومنشأه، كما في سورة القَصَصْ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}‏ ، أي في أصلها وأوّلها!, وليس هناك مسلم لا يعرف أُمّ الكتاب التي في أول القرآن وأصله, وهي السبع المثاني والقرآن العظيم بتسمية النبي المعصوم لها، بكونها أم الكتاب.

 

وآية آل عمران دليل آخر {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}, بما تحمله الآية من معاني الأُصول.

فهو بذلك الرسول النبي الأصل والأول بكل ما تعنيه الكلمة من معانيالأصل في الرسالة والمنشأ, وحتى أصل الكلام واللسان!.

 

فهو كما في صحيح الحديث: إِنِّى عِندَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمُنْجَدِلٌ فِى طِينَتِهِ. فلم يُبعث نبي ولم يرسل رسول إلا على لا أله إلا الله محمد رسول الله، كما تقرره آية آل عمران {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ}. وفي الحديث كذلك: لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِى .

 

 

تبدو واضحة

فهو بهذا أمّ الرسالة والنبوة، لم يرسل رسول ولا نبي، إلا أُمر باتباع الرسول النبي الأمّي, وأن يأمر قومه باتباعه. وهذا ما يشهد له إمامة النبي عليه الصلاة والسلام للنبيين في المسجد الأقصى!.

 

فكان بذلك كل نبي ورسول يرسل الى قومه خاصة, وهو يعلم أن محمداً رسول الله، ويأمر بها قومه، حتى إذا أدى كل نبي أمانته في كل الأمم، بُعث الرسول النبي الأمّي كافّة للأمم جميعاً، فكل الرسل والنبيين مقدِّمون خاصون للرسالة العامة الأم بالرسول النبي الأُمّي محمد عليه الصلاة والسلام.

 

فحين يُدعى الكتابي للإيمان بنبي غير نبيه يتعزّز, بأنه على دين نبي, موسى كان أو عيسى, فالآن يدعى الكتابي للإيمان بـالأمي, فهو أم نبوة موسى وعيسى والنبيين جميعاً, فكيف تؤمن بشيء وتكفر أمّه وإمامه!؟.

 

فإذا علم الكتابي يهودياً كان أو نصرانياً, أن هذا الأُمّي هو أمّ رسالة موسى وعيسى وإبراهيم, تبرر الأمر عنده باتباعه والإيمان به, كما في الصحيحين: أَنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَأَدْرَكَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ...

 

ثم هي كذلك في القراءات القرآنية -من غير المتواتر-, ولكن لها سند يحملها, فقد قُرأت الأَمّي, بالألف المفتوحة, كما أوردها ابن جني في المحتسب, وعلق عليها بقوله: هو الذي يأتمّ به من قبله!. فيما الأصل أن يأتم به من يأتي بعده, ولكن هذه القراءة تؤكد ما ذهبنا إليه, فهو النبي الإمام للنبيين الأولين وللناس كافة.

 

وهذا كله لا ينفي أنه لم يكن يتلو ويكتب، فهو هكذا بعث وهكذا قُبض، ولكن القرآن يذكرها على أنها حالة مصاحبة, دون أن تكون شرطاً ولا شرفاً, ولو كانت شرفاً وشرطاً للنبوة, لما علّم الله عيسى بن مريم الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل قبل مبعثه!.

فهو بهذا أم النبوة والكتاب, فمعه أم الكتاب, وكتابه مهيمن على الكتب, كما نبوته أمّ النبوات.

 

أمية أخرى عظيمة

فهو رسول الله الى الناس جميعاً كونه الأُمّي, نسبة الى منشأ الناس الأول، وقريتهم الأم أم القرى، كما في سورة الأنعام {وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}, و{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}!، فمكة أم القرى، وبيتها أول بيت، وأصل نشأة العالمين وانتشارهم، ليكون بذلك النبي الأُمّي للناس جميعاً, كونه من أم قراهم، ومن بيت أبيهم الأول، وإن تباعدت بهم السبل وتفرقت بهم الأرضون، فهذه أرضهم وبيت أبيهم آدم من قبل, فهو لهم كافة.

 

 

أمية ثالثة كبيرة

ثم هو النبي الأُمّي الذي يتكلم بلسان الناس كافة.

 

ولعل هذا الذي نطرحه، ما قد يحل سؤالاً ذا مكان, ألا هو..

ما ورد في سورة آية إبراهيم {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}, فأرسل نوح بلسان قومه ليبين لهم، وكذا موسى وعيسى، وسائر النبيين، فإذا كان رسول الله محمد رسول الى الناس جميعاً، وكتابه الوحي رسالة الناس جميعاً, وجب أن يكون لسانه لسان الناس جميعاً, وهذا ما لم يكن فيما يظهر لنا ونراه, فكيف يستقيم هذا, إلا أن يكون أمراً آخر وأعظم مما كان يبدو لنا؟.

 

فآية إبراهيم تحل مسألة وتفرض فرضاً، نقرأه بالمفهوم اللازم للنص، أنه إن كان كل رسول يرسل بلسان قومه، فيكون لسان القوم لسان نبيهم, ولسانه لسانهم, وأُرسل محمد عليه الصلاة والسلام الى الناس جميعاً, لزم أن يكون لسان الناس جميعاً, لسان نبي الناس جميعاً, محمد عليه الصلاة والسلام بلسانه العربي الاُم, الذي أرسل به وأنزل به كلام الرب الذي خلق الناس جميعا!.

 

فهو بهذا أرسل بلسانهم الأم الذي كان عليه الناس أول ما كانوا, ثم تبدلت ألسنتهم واختلفت, فعليهم هم أن يرجعوا إلى لسانهم الأم, لسان نبيهم الأم محمد عليه الصلاة والسلام.

 

وليس بين كل إنسان, مهما كان لسانه وعمر أمته وحضارته, ليس بينه وبين لسان النبي الأم, إلا أم هذا الانسان وأبوه, فإن نشأ الغلام الصيني مثلاً بين العرب, تكلم بلسانهم كواحد منهم بلا خلاف, دون أن يكون لخمسة آلاف سنة من حضارة قومه شأن ولا مانع.

 

وفي القرآن شاهد على ما نقول، فالقرآن لا يُقرّ إلا لسانين إما عربي أو أعجمي، فكل الألسن على اختلافها ما لم تكن عربية فهي أعجمية، والأعجمي هو الذي لا يُبين ولا يُفصّل. والعربي لساناً: ما أبان وفصّل, وهذا ظاهر نصوص القرآن.

 

ولسان العرب حجة لما نقول؛ فيقال: رجل مُعرِب إذا كان فصيحاً مبيناً, وإن كان أعجمي النسب, والإعراب هو الإبانة، ولمن أراد المزيد أن يرجع للأصول!.

 

بهذا يصبح الرسول النبي الأُمّي واجب الأتباع بهذه الأركان الثلاثة:

أمّية النبوة والكتاب على الكتب النبيين جميعا.

أمّية الأرض والمنشأ في أم القرى.

أمّية اللسان، فهو للناس جميعاً بلسانهم الأم, وإن تبدّلوا بها الألسن!, فهذا لسانهم الأم أولى بهم أن يتعلموه وأن يرجعوا له، وهذه أرضهم الأم وبيت أبيهم الأول.

 

 

ثم إن قال قائل: إن الأمية كانت آيته التي تثبت نبوته, قلنا إن هذا مردود جملة وتفصيلاً!, فما آمن به أحد قط يوم بعث لأجل أنه لا يتلو كتاباً ولا يكتبه, ولا دعا هو أحداً للإيمان به بأنني الذي لا أتلو ولا أخطّ!, إذ الذين دعاهم جميعا مثله, لا يتلون ولا يكتبون, فبم يفوق الأمي الأميين؟.

 

ثم لا ننسى أنه ما قال أحد قط: إن الله ما بعث نبياً إلا وهو يقرأ ويكتب.. إلا محمداً!.

فالنبوة والرسالة مثله فيها بضع مائة من النبيين.. ولكنه غيرهم بـالأمي, واجب الاتباع للناس جميعا!.

 

 

سؤال في محله

ولنا أن نطرح سؤالاً آخر, فإذا كنا نقرأ من سورة الأحزاب {ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} فهل من الممكن أن تكون خاتم النبيين بمعنييّها الضد، أي آخر النبيين وأول النبيين؟، إذ المختوم هو المغلق من أوله وآخره؟.

 

ولمن نظر في لسان العرب وجد مُسَوغاً لما نقول، فالعرب تقول: ختم الزرع إذا سقاه أول سقيه، ومحمد عليه الصلاة والسلام صاحب مثل الزرع في القرآن, {وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}, فأول سقي الزرع هو الختم، ولم نعلم أن أحداً من النبيين من أولهم الى آخرهم كان خاتماً مختوماً بالنبوة إلا رسول الله محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام.

 

 

وبهذا يمكن لنا أن نفهم ما معنى محمد!

فالاسم وإن كان من ظاهر الحمد، إلا انه وجب علينا أن نقرأ الاسم مصاحباً للسمات الثلاث الرسول النبي الأُمّي.

فهو محمد الرسول النبي الأمّي، أول الرسالة وآخرها وخاتمها، وللحمد في القرآن منازل الكمال والتمام, فكثر ما يرُدّ الله الحمد له, حينما يكون الكل له.. فنقول: سبحان الله وبحمده, فالتسبيح لنفي النقص, والحمد لإثبات الكمال!.

 

ألا ترون الله يجمع الأولى إلى الآخرة بالحمد {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ

فالله يجمع بين الأولى والآخرة بالحمد، كأن الحمد عند الله هو تعرفة التمام والاكتمال.

 

فالحمد في التمام, والتمام في الحمد، فهو محمد الذي أتمّ الله به الدين وأكمله, ثم بعثه الله ليتمم به محاسن الأخلاق، وآتاه جوامع الكلم, فهذا الذي يجمع له الله الرسالة الأولى والاخرة, ويؤتيه الجوامع, فيتم له ويتم به, إنما هو وجوباً محمد.

 

ولا عجب أن يفتتح الله خمس سور بالحمد, ويذكر محمداً وأحمد في القرآن خمس مرات مثلها, ويتم الاسلام ويكمله بخمسة أركان. ثم يعطى لواء الحمد يوم القيامة {وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه}.

 

محمد: المتمِّم المتمَّم، المكمِّل المكمَّل.

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}.

 المصدر: http://www.ahlulquran.net/new/study_details.asp?field=studies&id=77

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك