العنف اللفظي مرفوض في ديننا الإسـلامي

العنف اللفظي مرفوض في ديننا الإسـلامي

يشكل العنف اللفظي أحد جوانب التعدي على حياة الأشخاص الآخرين من أطفال أو نساء أو رجال ، وينقسم عموماً العنف إلى العديد من الأشكال واللفظي أحد أبرز تلك الأشكال .. والعنف اللفظي هي الكلمات والألفاظ المسيئة والتي تحمل عبارات السخرية والاستهزاء والسب والشتم من قبل الوالدين أو من المحيط الخارجي والأفراد المحيطين بالشخص نفسه .. وسنتناول فئة الأطفال والشباب وعند تعرضهم لمثل تلك الأشكال من التصرفات المسيئة من قبل المحيطين بهم تتشكل شخصياتهم تبعاً لتلك الأنماط التي واجهوها ، وهي كفيلة بأن تخرج لنا أجيالاً عدوانية تحمل الحقد والكراهية لكافة من تعرضوا من خلالهم لتلك التصرفات السيئة ، حيث أثبتت الدراسات العلمية بأن ما يقرب من 85% من الصراعات الطلابية ترجع إلى أسباب الاستفزاز والسخرية والتربية والتنشئة المنزلية الغير سوية ..

ومن خلال تلك المعطيات نستعرض الأسباب والمسببات لنكشف التفاصيل الحقيقية وراء ما تعانيه تلك الفئات التي لا زالت وإلى وقتنا الحالي تتعرض لمثل هذه التصرفات والسلوكيات المرفوضة تماماً في هذا الوقت الذي يحتم مبدأ الحوار والمشاركة والتفاعل الإيجابي ..

أوضح الدكتور / خالد محمد ، مدير الإرشاد الطلابي بجامعة قطر ، بأن العنف بشكل عام إذا حدث أمام الأبناء والأطفال له تأثيرات سلبية عليهم ، وإذا تكرر حدوثه أو تعرض له الأطفال أنفسهم ، فإنها تؤثر تأثيراً سلبياً على أنفسهم وعلى ثقتهم بالشخص الذي تعرضوا منه على هذا العنف والسلوك .. وبالتالي فإنهم يطبقون هذا السلوك ويرون من منطلق رأيهم وتفاعلهم بأنه التصرف السليم في نظرهم وهذا خطأ نتيجة لخطأ سابق ..

                                                    

وأضاف قائلاً : " إذا تعرض الأطفال لمثل هذا العنف وتكرر من أحد الوالدين إلى العامة أو المحيط الخارجي يتكرر من الطفل نفسه هذا الأمر ، ويرى بأنه طبيعي لأنه شاهد نموذج حي أمامه ويستخدم هذا النمط والألفاظ الخاطئة ويقوم بتكرارها ، بحيث يرى بأنه أفضل طريقة طبيعية وذلك لما تعرض له من الوالدين أو من المحيط الخارجي .."

وأضاف بأن العنف اللفظي مرفوض شرعاً وأخلاقياً ونفسياً ، حيث أن الدين يحثنا على الكلمة الطيبة والابتسامة والتعامل بالرفق واللين ، وهذا أيضاً ما تحثنا عليه الأعراف الاجتماعية والإسلامية ، وأن على الوالدين والمحيط الخارجي مراعاة استخدام الألفاظ الحسنة والايجابية وأنها مسؤوليتهم في أن يكونوا قدوة حسنة حيث يبدأ التغيير من تصرفاتهم وأساليبهم .. وأنها قضية لا بد أن لا يسكت عنها ، وأن السكوت عن ذلك يؤدي إلى انتشارها وتكرارها وأيضاً من قبل المدرسيين والالتزام الشخصي والنصح في المحيط الخارجي .. وهذا يكون من خلال حملات التوعية والمحاضرات بالذات في الأماكن التعليمية والدراسية .. وأن علينا أن نستخدم الألفاظ والأساليب الايجابية التي تحث على الخير والطيب ..

كما أوضحت الدكتورة / واثبة السعدي المستشارة القانونية في المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة ، بأن العنف اللفظي يتمثل بالسب والشتم والازدراء والتحقير والتخويف والتهديد والرمي بألقاب معينة لها علاقة بالشكل أو البلد أو الأصل أو اللون , وقد يمارس هذا النوع من العنف في الأسرة  أو في المدرسة أو في  العمل أو في باقي مفاصل المجتمع .

تأثير العنف اللفظي سئ على الطفل وعلى المراهق حيث يؤدي اما الى الانطوائية والانعزالية واما الى تصعيد الروح العدوانية لدى الطفل الذي تعرض للعدوان اللفظي مما قد يدفعه الى رد العدوان بعنف جسدي أو ترجمة ذلك بالعدوان على الآخرين الذين يفوقهم قوة في محاولة لاثبات وجوده  وفي احيان كثير يؤدي الى الانتحار. أما بالنسبة للمرأة فيعتبر العنف اللفظي من أبشع انواع العنف الممارس ضدها والمؤثر في نفسيتها وله مردودات سلبية على حياتها الأسرية واستقرارها .

 

                                                    

ومن أهم أسباب العنف اللفظي  التنشئة الاجتماعية المنزلية المبنية على الذم والتحقير والسب والشتم حيث انها تحفز الروح العدوانية المكبوتة لدى الطفل لتثير فيه العنف والحقد والكراهية التي يترجمها اما بالعدوان اللفظي على الآخرين واما باستخدام القوة ضدهم من أجل رفع القهر الناتج عن الاستهزاء وضروب العنف اللفظي الآخرى الممارسة ضده . هذا وتشير دراسات متعددة الى أن نسبة 75% الى 85 % من الصراعات العدوانية بين طلبة المدارس بما فيها صراعاتهم ضد الذات (الانتحار) في دول مختلفة سببها الاستفزاز والسخرية والتربية والتنشئة الاجتماعية الغير سوية .

 

                                               

ان الوقوف أمام تفاقم ظاهرة العنف اللفظي يتطلب أن نبدأ بالأسرة بتوعيتها بمضار وبخطورة العنف اللفظي على نفسية الفرد ايا كان طفلا أم رجلا أم امراءة وافهامهم بأنه من أخطر الظواهر التي تقف في وجه تقدم المجتمع وتهدد تماسكه . وبعد الأسرة يأتي دور المدرسة ثم باقي مفاصل المجتمع . كما يتطلب افهامهم بان العنف اللفظي جريمة يعاقب عليها القانون كسائر الجرائم التي تقع على الأشخاص حيث نص قانون العقوبات القطري في المادة (329)على مايلي : ((يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبالغرامة التي لاتزيد على خمسة الآف ريال أو باحدى هاتين العقوبتين كل من سب غيره علنا بأن وجه اليه الفاظا تمس شرفه أو كرامته )) كما تنص المادة ( 330) منه على ما يلي : ((تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاثة اشهر والغرامة التي لا تزيد على الف ريال اذا وقع السب في مواجهة المجنى عليه من غير علانية أو بطريق الهاتف أو في كتاب خاص بعث به اليه أو بلغه ذلك بطريقة أخرى غير علنية .)) هذا وعاقب في المادة ( 326 ) على القذف وهو صورة من صور العنف اللفظي  حيث نص على ما يلي : ((يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال أو باحدى هاتين العقوبتين كل من قذف غيره بأن أسند اليه واقعة توجب عقابه قانونا أو تمس شرفه أو كرامته أو تعرضه لبغض الناس أو احتقارهم )).

هذا وقد أصدر وزير التربية والتعليم القرار رقم ( 57 ) في 26/12/2001 ينص على الزام ادارات المدارس والكادر التدريسي بالابتعاد عن الايذاء النفسي والتجريح والاذلال الشخصي عند توجيه الطلبة وارشادهم .

 

                                                       

 وعليه فطالما التشريعات التي تمنع وتعاقب على العنف اللفظي موجودة وكافية , اذا على المؤسسات يقع واجب تفعيلها بتوعية المجتمع بأكمله بها وبمتابعة المدارس ورصد الخروقات التي يمكن ان تحدث .

والإسلام له كلمته في هذا الشأن حيث أن ديننا أوصانا بالرفق والرحمة لجميع الناس وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه " .. وقال الله عز وجل : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " 159 آل عمران .. فما أجمل وأروع ديننا الإسلامي فقد أوصى على ذلك حتى نحافظ على المجتمع والأسرة وعلى معاني الرحمة واللطف والرفق ..

المصدر: http://mgz.mosa.gov.qa/Arabic/Investigations/Pages/hklj.aspx

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك