الزكاة وعلاج مشكلة البطالة

الزكاة وعلاج مشكلة البطالة

د محمد عوده العمايدة*

اهتم الاسلام بتنظيم المجتمع وحل مشاكل الانسان الاقتصادية والمعاشية وتحقيق العدالة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي وجعل ذلك من أهدافه الأساسية ، ولما كانت الشريعة الاسلامية متكاملة متقنة التنظيم والاهداف لذا فهي لم تترك ثغرة مفتوحة في بنية الحياة الانسانية يتسلل منها الفساد والانحراف ، ولذلك كان اهتمامها بمعالجة الجانب المعاشي ومكافحة مشكلة الفقر اهتماما بالغا ودقيقا لأن الفقر في مفهوم الاسلام وشريعته آفة اجتماعية خطيرة وعامل أساس من عوامل نشوء الفساد والتخلف والانحطاط في غالب الاحيان ، فالفقر يدفع الى الجريمة والقتل والسرقة والتورط في كل فعل مهما كان ضارا ومرذولا

 

والفقر هو منشأ الجهل والتخلف والمرض لأن المجتمع الفقير والدولة الفقيرة لا يمكنها أن تبني المدارس أو تنشئ الجامعات أو تنشر العلم والمعرفة ، أو تبني المستشفيات وتعمم العلاج والخدمات الطبية والاجتماعية والعمرانية وغير ذلك الكثير ، لذا فأن الأمة التي ينتشر الفقر بين معظم أبنائها هي أمة ضعيفة متخلفة لا تستطيع أن تؤدي رسالتها أو تحمي وجودها ، والنظام الناجح هو النظام الذي يهتم بعلاج مشاكل الناس الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، ويعنيه وضع الاكثرية من ابناء الامة ، وليس فئة قليلة تسمن وترتفع في الثراء على حساب الاكثرية التي تهوي الى الفقر والبؤس والشقاء ، مما يولد الحقد والكراهية بين أفراد الامة الواحدة ويدفع الفئات الفقيرة والمعدمة الى التحرك والصراع والتمزق .

 

وانطلاقا من ذلك شرع الاسلام الزكاة وعدها من الفرائض التعبدية المالية ، يلزم الفرد بقوة السلطة والقانون بأدائها إن امتنع عن دفعها الى مستحقيها ، وهي تساهم في تنشئة الحياة الاقتصادية والاجتماعية واقرار العدل الاجتماعي في المجتمع المسلم كونها مرتبطة بالمسألة الاقتصادية ، وتعمل على تحصين الجبهة الداخلية للأمة وحفظ توازنها والارتقاء بها نحو الافضل ، كما أن لها صلة بالجبهة الخارجية من حيث توفير وسائل الدفاع ومقومات الصمود والاعداد الملائم للتحديات التي تواجه الأمة الاسلامية من خلال مصرف " في سبيل الله " . وتأتي أهمية الزكاة من كونها أداة مالية هامة نجدها في جانب الايرادات المالية للدولة الاسلامية ، كما نجدها في جانب النفقات ، وهي بلا شك جوهر السياسة المالية الاسلامية وذات تأثير كبير اقتصاديا وماليا واجتماعيا .

 

والزكاة فرض عين وركن من أركان الإسلام الخمس، وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة ، على كل مسلم ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير ، مالك للنصاب وبشروطها الخاصة ، قال سبحانه وتعالى " وَآتُواْ الزَّكَوةَ "[1]، وقال عزّ وجل " وَفِى أَمْولِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ "[2]، وقال " إِنَّمَا الصَّدَقَتُ لِلْفُقَرَآء وَالْمَسَكِينِ وَالْعَمِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرّقَابِ وَالْغَرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "[3] ، وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ "[4] ، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ يَعْنِي أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ فَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ "[5]  وهي طهارة للمال بأداء حقه ، وطهارة للنفس والقلب من الشح والبخل وحب الذات ، وعلاج لإزالة مرض حب الدنيا عن القلب، ومانع من طغيان الأغنياء ، قـال تعالـى " كَلاَّ إِنَّ الإِنسَنَ لَيَطْغَى أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى "[6] وهي تنظيم اجتماعي بين حقوق الفقراء الواجبة في أموال الاغنياء ، وهي ليست من قبيل الاحسان الاختياري بل واجب أوجبه الله سبحانه وتعالى ، يقول سبحانه وتعالى " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"[7] وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على دفعها ومعاقبة مانعها فعن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ لَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا وَمَنْ أَبَى فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا شَيْءٌ "[8] أما الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقد حارب من منعها ولم يؤدها ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ"[9] ، ولم تكن الزكاة في بادئ الأمر محددة من حيث المقدار وطريقة الجباية والانفاق وإنما كانت حقا للفقراء في أموال الاغنياء فيما ترك حق تقديرها وانفاقها للوازع الديني والتقوى والقلوب العامرة بالايمان ، وبعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى المدينة المنورة أسند الله سبحانه وتعالى مهمة أخذها وتوزيعها للرسول صلى الله عليه وسلم بصفته ولي أمر المسلمين في قوله تعالى" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"[10] ومن ثم تحددت مقاديرها وشروطها .

 

وفي الجانب الآخر حث الاسلام على العمل واعتبره عبادة ، ودعا الى التماس الرزق في خبايا الارض وتحت أديم السماء أيا كان العمل الذي يزاوله ـ مادام حلالا ـ سواء كان في الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الحرف أو الوظائف الخدماتية ، وبه تقوم مصالح العباد والبلاد ، فبالعمل تسد حاجة الفرد ومن يعول ويسهم بما عليه من فريضة مالية تساهم في إغناء المجتمع ككل ، والسعي على العيال والعمل للاستغناء عن الناس من أفضل العبادات وأزكى الطاعات المقربة للرب سبحانه وتعالى ، يقول الله سبحانه وتعالى " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ "[11] ويقول " وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ "[12] وقال عزّ وجلّ " فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ "[13] عن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " مَا أَكَلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ طَعَامًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ "[14] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ "[15]ومن حق الفرد أن يحصل على العمل المناسب لكي يكسب عيشه وألا يكون عالة على غيره ، ومن واجب الدولة أن تهيئ له فرصة العمل وتضمن وسائله وتحمي حقه في الأجر العادل ، وتقوم بتيسير سبل العمل والكسب للافراد وايجاد العمل للعاطلين عنه واقامة المشروعات النافعة لتشغيل الافراد ، ويوكد ذلك ماروي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"[16] ونظرا لزيادة السكان وتعاظم اعداد العاطلين عن العمل ومحدودية ميزانية الدول كان لابد من مساهمة فريضة الزكاة ـ التي لو التزم بدفعها الاغنياء وجمعت لشكلت مبالغ طائلة ـ في معالجة البطالة من خلال تمويل المشاريع للعاطلين عن العمل بعد تقدم صاحب الحاجة المحتاج والعاطل عن العمل بطلب يوضح فيه مهنته وميوله واتجاهاته وطبيعة المشروع الذي يرغب في تمويله سواء كان فرديا أو جماعيا مع محتاجين آخرين ، أو انشاء مصانع أو محلات تجارية أو أية مجالات استثمارية ، ثم تقوم الجهة المشرفة بدراسة الطلبات وجدواها ومتابعتها أولا بأول حتى لاتصبح وسيلة تحايل لأخذ المال وإنفاقه الفوري ، ثم تول هذه المشاريع من أموال الزكاة لتشغيل العاطلين عن العمل وخاصة من أصحاب المهن والحرف المطلوبة والضرورية للمجتمع ، وبذلك تكون الزكاة قد ساهمت في حل البطالة وحققت مصدر رزق وانفاق للفقراء والمحتاجين العاطلين عن العمل واستغلت الطاقات والقدرات والكفاآت الكامنة عند البعض والمعطلة ، إضافة الى مساهمتها في مكافحة التسول .

 

وقد أيد مجمع الفقه الاسلامي هذا الاقتراح بقرار اصدره في هـذا الشأن جاء فيه "يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين " ويرى العديد من العلماء المعاصرين جواز اعطاء الزكاة بهذه الطريقة من باب الاستثمار ، فالدكتور عبدالعزيز الخياط[17] يرى أنه على الرغم من عدم الاستثمار للزكاة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم الا ان واقع اموال الزكاة من الاغنام والابل والبقر التي تعطى كزكاة ثبت ان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد وضعها في مربد وكانت يهتم بها رعاية وعناية وكانت تتناسل وتتوالد وفي ذلك تنمية لاموال الزكاة ، أما الدكتور عبدالسلام العبادي[18] الذي لايحبذ بحث استثمار الزكاة على الاطلاق فانه يرى جواز بحثه بما يحقق مصلحة الفقراء مثل ايجاد مشروع استثماري معين يوظف فيه عدد كبير من الفقراء برواتب مجزية من هذا المشروع أو ان يكون هناك مشروع سينتهي كمشروع استثماري بتمليك الفقراء أنفسهم هذا المصنع أو المشغل الحرفي أو غير ذلك ، ويرى الدكتور محمد فتحي الدريني[19] أن استثمار أموال الزكاة فيه نفع لتمليك الفقير من مال الزكاة بصورة أشهر واذا كانت الحكمة من الحكم تتحقق بصورة أشد في نظام معين فمن سياسة التشريع اتباع هذا النظام بحيث يوفق بين الواقع والمثال وبين الواقع والنظر ، فيما يذهب الدكتور علي أوزاك[20] الى جواز استثمار أموال الزكاة ، ويرى أن يدفع للفقراء 25% من أموال الزكاة ويستثمر الباقي لصالحهم .

 

ومن المجالات الاخرى للزكاة التي تساهم في مشكلة البطالة مساعدة اصحاب المشاريع والحرف المتعثرة حتى تعود لها الحيوية والنشاط من باب مصرف الغارمين على اعتبار انهم تحملوا حمالة أثقلتهم بالديون .

 

 

 

[1] - سورة البقرة الآية 43

[2] - سورة الذاريات الآية 19

[3] - سورة التوبة الآية 60

[4] - صحيح مسلم . كِتَاب الْإِيمَانِ . بني الإسلام على خمس حديث رقم 21 16

[5] - سنن النسائي . كِتَاب الزَّكَاةِ بَاب وُجُوبِ الزَّكَاةِ حديث رقم 2435

[6] - سورة العلق الاآيات 6-7

[7] - سورة التوبة الآية 103

[8] - سنن النسائي . كِتَاب الزَّكَاةِ . بَاب عُقُوبَةِ مَانِعِ الزَّكَاةِ . حديث رقم 2444

[9] - سنن النسائي . كِتَاب الزَّكَاةِ . بَاب مَانِعِ الزَّكَاةِ .حديث رقم 2443

[10] - سورة التوبة الآية 103

[11] - سورة الملك الآية 15

[12] - سورة المزمل الآية 20

[13] - سورة الجمعة الآية 10

[14] - مسند أحمد - مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ - ما أكل أحد منكم طعاما أحب إلى الله عز وجل من عمل يديه . حديث رقم 16729

[15] - سنن الترمذي - كِتَاب الزَّكَاةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ. حديث رقم 680

[16] - سنن أبي داود . كِتَاب الزَّكَاةِ . هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة حديث رقم 1641

[17] - وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الاردنية سابقا

[18] - وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الاردنية سابقا

[19] - عميد كلية الشريعة بجامعة دمشق

[20] - رئيس وقف دراسات العلوم الإسلامية باسطنبول

المصدر: http://arabicenter.net/ar/news.php?action=view&id=1462

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك