بذرة بناء العمل الدعوي

بذرة بناء العمل الدعوي

 

رغم تعدد مجموعات الأخيار التي تود النهوض بالعمل الدعوي وذلك عبر مؤسسات ومنظمات رسمية أو طوعية لكن تظل هذه المجموعات تملك فقط نوايا حسنة كأكبر رصيد لها أما الخبرة اللازمة ففقيرة جداً في بعض من هذه المجموعات وهنا أحاول وضع ما أسميته بذرة أغرسها لتكون اللبنة الأولى في بناء أي عمل دعوي سلفي جماعي.
كعادتي: ساجعل حديثي على شكل نقاط رغبة في ضبط العبارات ودقة الوصف بعيداً عن السرد الإنشائي:
 سيكون تركيزي على الدور الذي ستقدمه المنظمة الدعوية لقاعدة وجماهير من يحبون الانتماء للسلفية ، والأسباب هي ما يلي :
أ – اعتبار هذه القاعدة هي الأغلبية الساحقة والسواد الأعظم مقارنة ببقية الدعوات غير السلفية.
ب - معتقد هذه القاعدة وعباداتها ومعاملاتها وأخلاقها هي مقياس نجاح أو فشل الجماعة في احتواء أعضاء الجماعة أهو بالتربية أم بالتنظير فقط من أعلى المنابر .
ج – إن كنا نريد النجاح في استيعاب واحتواء أكبر قدر ممكن من العضوية فلنضع في أذهاننا الضغط الشديد الذي ستمارسه هذه القاعدة حول : 1- ما هية المنظمة الجديدة ؟ 2- اختلاف هذه المنظمة عن بقية منظمات أهل السنة والجماعة 3- اسم المنظمة وما هية دلالة هذا الاسم
د - اعتبار آخر هو حوجة هذه القاعدة الماسة لتمليكهم المعلومة الصحيحة المنضبطة ذات التأصيل الشرعي لكثير من القضايا التي كانت سبباً في تفرقهم وتشتتهم وابتعادهم عن دروب السلفية وأضرب بعض الأمثلة لذلك:
إقامة المنظمة لمؤتمر تنويري عن حقيقة الصراع – إن صح التعبير – الذي تدور معاركه بين من يرفعون شعار أهل السنة والجماعة وعن ماذا تمخضت هذه المعارك ، وما هي الآلية التي توصلنا نحن القاعدة إلى اتخاذ القرار السليم: لأي الجماعات والتنظيمات ننضم ؟ ليس بالضرورة أن تُملّك القاعدة كل التفاصيل ، لكن لا بد للذين نرغب في ضمهم إلى منظمتنا الوليدة لا بد من معرفتهم لإجابة السؤال الكبير المطروح من قِبل فئام وشرائح لا يُستهان بها : ( ما هو سبب انشقاق الجماعات السلفية ؟) ، وم الجديد لديكم أنتم وما هي إضافتكم ؟ لا أعتقد أن الصمت هو التصرف الحكيم وأن طرح أسباب الخلاق سيفّرق أكثر مما يجمع الشتات ، والواقع خير دليل ، رفع الكثيرون شعار أن الجماعات السلفية انقسمت على نفسها وربما سبب الانقسام كراسي وسلطة ففقدت الجماعات بوصلتها الدعوية ، فما عاد في الانتماء لاحدى هذه الجماعات تحقيق الغرض الذي لأجله انتمينا لها ، هذا هو لسان حال ومقال كُثر لا يستهان بهم.
هناك سؤال مهم جداً يطرحه من يميلون للسلفية ، لماذا تنشأ منظمة جديدة بدلاً من توحيد المنظمات كلها وجمعها في وعاء واحد ، هل يُعقل أن ندعي السلفية ثم نتفرق هكذا ؟ هل إن كانت الأصول واحدة تفعل بنا الفروع هكذا ؟ أم أن الأصول واحدة لكن النفوس والقلوب ليست كذلك؟؟؟.
يردد البعض أنّا إضافة جديدة ولسنا سداً لنقص أو جبراً لكسر ، إضافات من هذا النوع أليست مفرِقة ومقسِمة ؟ وهل المصلحة العامة تقتضي وجود فروع وإضافات خارجية أم تقتضي اِحتواء هذه الفروع؟
قضية أخرى : في ظل تعدد الجماعات التي ترفع شعار أهل السنة والجماعة ، أين ميزان المنظمة
( الوليدة ) الذي تعرض عليه هذه الجماعات وبالتالي تأكيد الأصل المفترض وهو أن المنظمة قيد الإنشاء هي أقرب الجماعات للسلفية ، والتحدي الحقيقي الذي سيوُضع أمام هذه المنظمة هو وجود جماعات توشحت بلباس السلفية لكنها رفعت اسمها فصادفت بذلك هوى كثيرون يرون أن التسمي في حد ذاته تزعزعاً وتشرزماً وتفرقا ، وفي الوقت الذي قد تهاجمون فيه هذه الجماعات وتؤصلون لها ، في الوقت ذاته اتخذت بعض الجماعات أسلوباً ذكياً ألا وهو عدم التحدث في الجماعات مطلقاً – إلا داخل أروقتها السرية والخاصة جداً – وأضافت إلى ذلك محاولة احتواء كل هذه الجماعات والاستفادة من تجاربها وخبراتها والبدء من حيث انتهت هي فحققت بذلك نصراً كبيرا
وظلت جماعات كثيرة سلفية في قواقع من الجمود ، وكثيراً ما كانوا (رد فعليين ) وليسو ( مبادرين إيجابين) وليس هذا حال الجماعات الريادية القيادية.
قضية ثالثة : ما هي أطروحات الجماعة الوليدة بشأن معاناة الناس ومشاكلهم ؟ لا بد من انتباه الجماعة الوليدة إلى ضرورة القرب من واقع الناس و نزولها إلى مواقعهم في المؤسسات والأسواق والأحياء لتبني تقديم الحلول لمشاكلهم الواقعية ( الغلاء ، الفقر ، الضرائب ، النظام العام ، الشارع العام ...إلخ )
ما تفعله بعض الجماعات من أن فقه النوازل يُملّك للنُخب فقط هو مسلك غير صحيح وأحد أسباب نفور الكثيرين من الجماعات السلفية ، لا بد من طرح يُقّدم للعامة يتناسب مع مقدراتها .
أكتفي بهذه الأمثلة وأعود لأقول :
 لا بد من عمل دراسة جدوى عن أسباب تفلت ونكوص السلفيين وذهاب كُثر من أفرادها إلى جماعات أخرى مخالفة احتوتهم برضاهم ، رغم علمهم بخلافهم مع جماعتهم الأصل ، لا بد من دراسة الأسباب ووضع الحلول ومعرفة آلية التنفيذ .
الأسباب السابقة ربما تكون بعض العوامل الطاردة للمجتمع عن الانضمام للسلفية وأضيف أسباب أُخر هي:
عدم وجود برامج جاذبة مبدعة تستخدم فيها التقنيات الحديثة.
السرد المكرور لقضايا معينة لا نضيف إليها غيرها.
الجمود الذي يعتري الخطاب الديني.
اعتمادنا في بعض وسائل دعوتنا على وسائل مستوردة ليس فيها رائحة ولغة وهموم المواطن السوداني ، إن الواقعية والموضوعية في الطرح هي من أسباب اقتناع فئام كُثر بطرح الجماعة.
الإداريين – كلٍ في تخصصه – يجب أن يُملك الآتي:
• تعريفه برسالة التنظيم وغايته الكبرى.
• تعريفه بالأهداف التفصيلية التي تُوصل إلى تحقيق الرسالة والغاية الكبرى.
• تعريفه بالخطط والبرامج والوسائل والآليات التي تحقق الأهداف التفصيلية.
لتحقيق ما سبق يجب منذ البداية تصنيف أعضاء التنظيم ( إداريين – دعاة – إعلاميين – محاسبين ..إلخ )
وفقاً للتنصيف أعلاه يجب وضع البرامج التي تؤهل كل فئة في موقعها الذي انضوت تحته ، فالإداريين لا بد لهم من دورات إدارة وحاسوب ، وليس فقط ارتجال رجال أخيار نرى أن الرئاسة تشرُف بهم لا ما هكذا تُورد الإبل ، لا بد من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ولا بد من احترام التخصصية ولا بد أن نعلم أن خيرية الرجل في ملعبه هو لا في ملعب غيره.
حصر عضوية التنظيم عبر مكتب شئون الأفراد وإعداد استمارة عضوية تشمل : ( البيانات الشخصية الوافية ، المؤهلات العلمية ، المؤهلات العملية ، المؤهلات الشرعية ، المهارات ، الأنشطة ، الهوايات ، الميول النفسية نحو جانبٍ بعينه من مكاتب الجماعة ، الراتب الذي يرضيه ، العنوان بالتفصيل ، وربما هنا بيانات أخرى يمكن إضافتها).
لا بد من وجود لا ئحة إدارية تضبط سير العمل ومنها لا ئحة الجزاءات.
لا بد من وجود عقود عمل تجمع ما بين قوانين مكتب العمل وما بين شروط الجماعة الوليدة دون تعارض ، والمؤمنون على شروطهم.
لا بد أن نعلم إن كان العمل الدعوي طوعياً كان أكبر إشكالاته كونه طوعياً ، لا بد من البحث عن مصادر تمويل تضمن رواتب ولو على الأقل لفئة معينة مهمة جداً يتوقف عليها العمل ولو كان راتباً رمزياً ، قد يحتاج العمل إلى تفريغ أٌناس بغيرهم وسيكون بحثهم عن مصادر رزق أخرى خصماً على نشاطهم الدعوي لذا لا بد من توفير المقابل المادي لمثل هؤلاء.
لا بد من وجود لجنة اختيار لأعضاء المكاتب الإدارية .
لا بد من وجود لجنة علمية تضع الآتي:
o برنامج التأهيل الداخلي للأعضاء.
o البرنامج الدعوي لفئة المدعوين كلٍ بحسب ما يناسبه ، ما يُقّدم لشريحة الأطباء مثلاً لا يصلح لشريحة الثانويات وهكذا .
o البرنامج الدعوي لفئة الدعاة الذي أهلتهم الجماعة ، ما هي المادة التي سيقدمونها لعامة الناس ، الداعية خريج الجماعة أو الجمعية في دورته الأولى سيخاطب عامة الناس وهنا يتخصص في العقيدة أحدهم فيبدأ بشريحة معينة مستهدفة مستقرة دائمة فإذا ما أكمل لهم المستوى الأول في العقيدة انتقل بهم داعية آخر إلى الفقه .... وهكذا .
التركيز على برامج الدورات العلمية الكبيرة المتخصصة فالمحاضرات والندوات العامة ( كبسولات) تُعالج بعض الأمراض معالجة مؤقتة ، لا بد من وضع منهج متدرج يستهدف العامة ثم عقلاء العامة ثم النخبة ، ثم الدعاة أنفسهم ، ثم القائمين على أمر الجماعة أو الجمعية.
لا يكفي مجرد وضع الأهداف لكل دوائر المنظمة بل لا بد من وجود لائحة موثقة تشرح هذه الأهداف وتضع الخطط التي تحقق هذه الأهداف.
إدارة المنظمة منوط بها توظيف الأعضاء أولاً ثم التخطيط لهم ثم توجيههم ثم متابعتهم ومراقبتهم وكل من في الهيكل الإداري لا بد له من التخصصية .
المكاتب الدعوية المعروفة هي المكتب الدعوي وهو حجر الزاوية ومربط الفرس ، والمكتب المالي وهو عصب المنظمة والمكتب الإعلامي وهو الذي سيوصل صوت المنظمة إلى الآخرين والمكتب الاجتماعي وهو المعني بترسيخ أواصر الإخوة في الله والتي تدعم بقوة العمل الدعوي ، ومكتب التدريب وتنمية الذات ، ومكتب البحث والتأصيل ، وفي الإمكان إضافة مكاتب أُخر.
يبدأ مشروع المنظمة بالآتي:
• توصيف الهيكل الإداري للمنظمة ويشمل تقسيم المكاتب .
• توضيح أهداف كل مكتب .
• وضع الخطط لتنفيذ أهداف هذه المكاتب .
• حصر عضوية المنظمة
• اختيار أعضاء الهيكل الإداري بدءً من مجلس الأمناء مروراً بالمكتب التنفيذي انتهاءً بأعضاء المكاتب.
يمكننا اعتبار الفترة الأولى من عمر التنظيم فترة تأسيسة قد تكون ستة أشهر أو عام كامل بحسب ما يقرر مجلس الأمناء والغرض هنا أن يتم ملء الهيكل الإداري ومن ثم تأهيليه.
بعد ذلك يبدأ المكتب الدعوي عمله في مخاطبة القاعدة وذلك بمساندة بقية المكاتب الأخرى.
من الأخطاء الكبيرة التي قد تقع فيها إدارة التنظيم وضع أهداف مستحيلة وخطط خيالية ، إن وضع الأهداف ينبغي أن يستصحب فيه احتياج القاعدة ، لا يمكن أن نقدم للناس شيئاً هم ما زالوا دونه ( حدثوا الناس بما يفهمون) ليس معنى هذا أنّا ننزل إلى مستوى العامة بدلاً من نرفعهم إلينا ، لا بل للناس باديء ذي بدء ما يحتاجونه هم ، وفي مرحلة معينة يصيرون أهلاً لأن نرفعهم إلى ما نريد لا أن يجرونا إلى ما يريدونهم هم ، لكن علماء سلطان ولا علماء شعب وجماهير بل علماء حق .... وما أقصده بعبارة أخرى لا يمكن أن أطلب من إنسان تبني قضية فلسطين في وقت يعجز فيه هو عن المحافظة على فرائضه ، كما أن هناك فترة تأسيسة لإدارة أمانة التنظيم ، كذلك هناك فترة تأسيسية للقاعدة والمدعوين .
مواصلةً للنقطة السابقة لا بد أن تشترك القاعدة في وضع الأهداف من باب تبيين حاجتها وذلك عبر اجتماعات نقاش وحوار وعصف ذهني ، حتى الخطط يمكن الاستفادة منها القاعدة ، كذلك فقه الواقع .
ربما الخطوة التالية هي شرح معاني ومفردات ومصطلحات الأهداف الموضوعة لكل دائرة – شرحها بالتفصيل للمرشحين الآن للإدارة ، وربما من بعض أخطائنا أن يستحي بعض المرشحين من طلب شرح بعض المفردات بحجة أنّه طالما تم ترشيحهم فلا بد أن يكون على مستوى علمي معين وهذا فهم مغلوط يسئ لصاحبه أكثر من اعتقاده أن عدم علمه إساءة ، ويا حبذا لو كانت هذه المفردات في معجم خاص ملحق باللائحة المعنية.
الخطوة التالية بدء الاجتماعات مع الجمعية العمومية ومن خلالها يتم التدارس حول:
1. الأهداف الموضوعة.
2. المكاتب والدوائر المقترحة.
3. اللائحة الإدارية.
4. شروط العضوية واستمارة التعيين.
• ما سبق يهدف إلى توسيع قاعدة الشورى وهي آلية تضمن اقتناع القاعدة بالمؤسسة ، لكن لا يلزم طرح كل التفاصيل على الجمعية لا سيما في الأمور التي تم حسمها من قِبل المتخصصين.
• أخيراً الواقعية أمر في غاية الأهمية علينا أن ننظر إلى السماء لكن تظل أقدامنا على الأرض.

هذا ما تيسر لي جمعه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

المصدر: http://www.meshkat.net/node/13816

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك