التميز الدعوي

التميز الدعوي

  • أماني محمد عثمان عبد الله
  • مديرة معهد الإمام مسلم للدراسات الإسلامية بالخرطوم
  •  
  • إلى رجالات الدعوة ونسائها ....إلى كل من يعمل في حقل الدعوة : النصيحة التي تحتاج إلى نصيحة
    بدايةً أود أن أقول أن الغرض الذي أتحدث عنه وأوده هو إحياء وتحقيق سنة من سنن الأنبياء اندثرت أو كادت آلا وهي ( التميز والإتقان والتفرد في العمل الدعوي) ولأجل الوصول إلى مثل هذه الغايات ...هذه إضاءات على الطريق :
    البدايات الصحيحة تعني نهايات سليمة والعكس يكاد يكون صحيحاً وإن لم يصح فسيتطلب جهوداً جبارة قد تنجح وقد تفشل.
    الرجوع عن الخطأ بعد وقوعنا فيه أفضل من المواصلة والإصرار على الاستمرار.
    أنصاف الحلول والخطط المستعجلة والبرامج الإسعافية ورايات الطواريء لا تعني سوى التخبط والعشوائية واستهلاك الجهود والأوقات والأموال .
    البيئة الجاذبة التي تحفز على الإبداع وتنمي التميز وتولد المواهب يجب أن توضع لها خطط مدروسة بعناية تكاد تصل في تحليلاتها وتفصيلاتها إلى حد (الوسوسة) إن صح التعبير.
    وجود أكثر من رأي واحد هو دليل ( صحة) والاجتماع لبحث هذا الآراء هو الآلية السليمة في طريقنا نحو النجاح لكن إن لم نتوج مثل هذه الاجتماعات بحلول مشتركة موحدة متفق عليها فنحن بذلك نكون (نتكلم فقط).
    تربية النفوس على أن الهدف الأوحد هو (إحقاق الحق فقط) وليس أي هدفٍ آخر سواه.
    هذا النوع من التربية ليس سهلاً أبداً لكن قد ييسره – بعد توفيق الله – النيات الصادقة ( نية عمل الأمور تيسر الأمور).
    الحق واحد لا يتعدد لكن إفهامنا وعقولنا نفوسنا وأمزجتنا وأهوائنا هي التي تتعدد وتتنوع وتتباين....
    التعدد والتنوع والتباين أمور طبيعية فطرية جبلية قد تُمدح أو تُذم بحسب تعاملنا معها.
    قد ينطبق علينا في أحايين كثيرة قول بن مسعود رضي الله عنه ( كم من مريد للخير لم يبلغه )
    وفي بيئات أهل الاستقامة نقول أن مريدي الخير لم يتوصلوا إليه ليس لسوء نواياهم وإنما لخطأ وسائلهم وأساليبهم وآلياتهم في سعيهم نحو تحقيق هذا الحق.
    الآراء الشخصية وإن كانت من أصحاب القرار تظل أراءً شخصية لأصحابها وإن كانوا ذوي نفوذ وسلطان .... وعلينا أن نرفع شعار أن (سلطان الحق هو الأعظم وأن نفوذ المصلحة العامة هو الذي يجب أن يطغى ويعلو ويرتفع).
    أحيانا لا يملك الرأي الصواب من يرعاه ويدافع عنه لضعف نفوذه وسلطانه أو حجته وبيانه وهذا من تقصيرنا في نصرة الحق والذبّ عنه يوم أن قصرنا وتقاعسنا وتهاونا في أن (نوسد الأمر أهله).
    الحكمة ضالة المؤمن أنىّ وجدها فهو أحق الناس بها , والحق أُخذ من الشيطان , علينا أن ننظر إلى الرأي بتجرد وحياد تام دون تقرير صلاحية هذا الرأي من عدمها بسبب ربطنا لهذه الصلاحية برأينا الشخصي في صاحب الرأي.
    من الأمور غاية في الأهمية تفعيل خدمة البحث العلمي والأخذ بتجارب الآخرين واعتبار خبراتهم ولو كانوا على غير ملتنا ...
    الأعمال العِظام الجِسام تريد رجالاً بقامات هذه الأعمال وهنا علينا التجرد واحترام (التخصص) وأهل (التخصص) والتأصيل الشرعي لهذا الذي ذكرته هو : ( من قال الله أعلم فقد أفتى).
    الأمانة في أداء الأمانة والإخلاص والإتقان والصبر والاحتساب , أخلاق توفر علينا كثيراً كثيراً كثيراً من النظم واللوائح والقوانين الإدارية وتحكيم لائحة الجزاءات والخلافات والمشاكل .....الخ.
    من صميم واجب المشايخ والعلماء تبني مجموعة من الشباب والرجال من الحريصين على طلب علمهم , على الشيوخ تبنيهم من أجل إعمار دنياهم إضافة إلى حفظ دينهم...من أجل إبراز صورة الديِّن الذي يعبد ربه ويُعّمِر دنياه ..
    اختيار الشخص المناسب للوظيفة المناسبة داخل مجتمعات الدعوة لا يخضع للمعاييرالسليمة , وما أعنيه أن الخلق والاستقامة لا يعنيان الكفاءة والاحتراف والتخصص , لا ينبغي أن نخلط بين معايير الصلاح والتقوى في الدين وبين معايير النجاح في أمور الدنيا والمعاش , الأصل هو أن المؤمن قوي , ناجح , إيجابي , مشارك , متعاون , مبدع , خلاّق ....الخ , هذا هو الأصل , لكن لسان الحال ليس كذلك فعلينا أن لا نخلط الأمور فنجني على أنفسنا وعلى دعوتنا من حيث لا ندري ولا نحتسب, وقد صح عن الإمام مالك رضي الله عنه قوله عن بعض العُّباد : ( إن داخل هذا المسجد أقواماً أرجو دعوتهم وأرد روايتهم ).... ( اللهم إني أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة ) أو كما قيل .....
    التوظيف الصحيح لأموال الدعوة : لا يكفي فيه مجرد الإنفاق والإذن به , مثلاً : قيام مشروع معين من مشاريع الدعوة , على أي أساس يتم اختيار موقع ومكان مثل هذا المشروع وغيره ؟ ( الإجابة التي أرى سلامتها حول معايير الاختيار هي: 1) الغرض من المشروع 2) استقطاب المشروع للفئات المستهدفة لقيامه 3) أخيراً الموارد المالية المتاحة ... هذا ما أراه سليماً لكن واقع بعض مجتمعات الدعوة لدينا يقرر أن الأخير فقط هو الذي يتم على أساسه الاختيار وهذا ليس أتجاهاً رشيداً , لا نعني عدم مراعاة هذا الجانب بل على العكس تماماً علينا التحرك بخطوات مدروسة تحكمها هذه المالية لا أن توجهها هذه المالية والفرق كبير جداً جداً بين الأمرين فعلينا تأمل هذا المعنى وتدبره بكل عناية.... فإذا ما أنفقنا أموالاً طائلة على برنامج دعوي ما ...ثم فشل هذا البرنامج أو لم يؤتي أكله ...قد نكون آثمين من باب أداء الأمانة في الأموال والسبب هو تعاملنا مع الأمر بنوع من عدم الاتقان ...أدى إلى إهدار الأموال...
    الحماسة غير المدروسة : كون أن هناك فكرة رائدة واعدة متميزة مبهرة , لا يعنى هذا الإبهار للفكرة ولا تميزها وتفردها , لا يعني هذا أن أتبنى هذه الفكرة لمجرد الأسباب السابقة وإن كانت أسباب مشوقة مغرية جداً جداً , فقد يكون إغراءها هذا فخاً أقع في شباكه ولا أخرج منه إلا بشق الأنفس , هذا إن خرجت !!!
    من الحلول الجيدة في للمشكلات في الحقل الدعوي نظام الدورات (شرعية , علمية , تربوية ) فهو من الحلول الممتازة في إيجاد المجتمع الذي نريد , لكن هذه الدورات نفسها تحتاج إلى خطط لكي تؤتي ثمرها وأكلها..... ومن أهم الخطط بشأنها تعدد مستوياتها بتعدد فئاتها المستهدفة , ما زلنا حتى الآن في المستوى الأول لطالب العلم ولا أدري ما السبب في ذلك .....وهذه بعض أسماء لدورات مقترحة لكل من يعمل داخل حقل الدعوة ....
    - دورة تواصل واتصال
    - دورة تقنيات حديثة
    - رعاية الموهوبين
    - الأخطاء في رفع الأخطاء
    - التقليد الأعمى والتبعية المطلقة
    - الإخلاص والاحتساب
    - البدائل الإسلامية المتاحة
    - تأثير الإعلام المعاصر
    - الشخصية الجادة مطلوبة
    أخيراً استصحاب (معية الله عز وجل) هي السبيل الأكيد نحو التوفيق والسداد , علينا أن نوقن بذلك ونعتقد وندين به لا أن نرددها مجرد مقولات وألفاظ.... وحتى يكون الله عز وجل في معيتنا علينا فعل ما أمر به ...على الأقل فيما يخص المشروع المعين أو البرنامج المعني ...
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
  • المصدر: http://www.meshkat.net/node/14317

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك