حوار حول الإبادة في بورما!

حوار حول الإبادة في بورما!
25/08/2010
لا يعرف المسلمون - في غالبهم - عنهم شيئا، يعانون من أسوأ النظم العسكرية بطشا منذ عقود، ورغم أن وجودهم عريق في هذه البقعة إلا أن الطغيان الماركسي منذ خمسة عقود لم يدع لهم أخضر..

أرسل لصديق
طباعة

قراءة : 478 | طباعة : 228 | إرسال لصديق : 0 | عدد المقيمين : 0
لا يعرف المسلمون - في غالبهم - عنهم شيئا، يعانون من أسوأ النظم العسكرية بطشا منذ عقود، ورغم أن وجودهم عريق في هذه البقعة إلا أن الطغيان الماركسي منذ خمسة عقود لم يدع لهم أخضر ولا يابس، يقتلون، ويهجّرون، ومن رضي منهم العيش على ترابه، شعب لاقى العسف والاضطهاد بل الاستئصال حتى لا تبقى لهم باقية.
ويزداد هذا الطغيان مع وجود منظمة تضامن الروهنجيا الإسلامية التي أنشئت في العام 1982 لتدافع عن حقوق أبناء أراكان، وقبلها كانت توجد منظمة أربيف (جبهة الشعب الروهنجي) التي ضعفت دورها وتضاءل بعد تأسيس منظمة تضامن الروهنجيا، والتي قامت عليها مجموعة من علماء المسلمين والدعاة من أبناء أراكان في المناطق التي بها المهاجرين في الدول المجاورة.
وهذا الحوار مع الشيخ سليم الله حسين عبد الرحمن يكشف عددا من جوانب المعاناة ، والشيخ هو الرئيس السابق لمنظمة تضامن الروهنجيا لمسلمي أراكان بدولة ميانمار (بورما سابقاً) ورئيس الجمعية الإسلامية لتطوير التعليم والثقافة ونائب رئيس لجنة الإفتاء في منطقة مرانغلوا.
ولد عام 1960 في منطقة مرانغوا منجدو في إقليم أراكان ببورما، درس الابتدائية والمتوسطة (الثانوية) داخل بورما ثم تخرج في كلية الشريعة في دولة بنجلاديش عام 1985.
تولى رئاسة جمعية الشباب جنوب منجدوا في أراكان من عام 1978 حتى 1989 وخلال تلك الفترة انضم إلى جبهة تحرير الروهنيجا ثم منظمة تضامن الروهنيجا وتولى موقع مسؤول أنشطتها داخل أراكان ثم أمين عام اتحاد الطلاب التابع لها في الفترة من عام 1983 إلى 1988، اعتقلته السلطات البورمية لعدة شهور عام 1989.
تولى مسؤولية الدعوة والتربية في أوساط اللاجئين في بنجلاديش عامي 1991 و1992 ثم عضو مجلس الشورى المركزي ومسؤول لجنة التعليم والتربية من عام 1992 إلى 1994، ثم عضواً في المجلس التنفيذي من عام 1995 إلى عام 1998، ثم تم انتخابه نائباً لرئيس المنظمة ورئيساً للجمعية الإسلامية لتطوير التعليم والثقافة منذ عام 1998 وحتى الآن. كما يتولى أيضاً مسؤولية العلاقات الخارجية لها في الدول العربية منذ عام 2002.
له مساهمات وكتابات في عدد من المجلات الإسلامية العربية والبنجالية كما شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية في السعودية والإمارات وقطر وسنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وباكستان وتايلاند والبحرين.
* لماذا يتركز نشاط المنظمة في الخارج فهل يقتصر دورها على العمل في أوساط لاجئي الروهنجيا أم أنه يمتد للداخل أيضاً؟
المنظمة تتركز أنشطتها في أوساط اللاجئين الروهنجيا المسلمين في البلاد الموجودين فيها خاصة بنغلاديش وباكستان، وفي أتشية بأندونيسيا ، وسواحل تايلاند، ولكن أيضاً لها أنشطتها داخل أراكان وإن كان بطريقة غير معلنة.
*كم عدد ونسبة المسلمين في بورما بصفة عامة وإقليم أراكان بصفة خاصة؟
عدد مسلمي بورما إجمالاً يبلغ 10 ملايين مسلم تقريبًا يمثلون 20% من سكان بورما البالغ عددهم 50 مليونا ، أما منطقة أراكان فيسكنها 5.5 مليون نسمة بينهم 4 ملايين مسلم يمثلون 70% من سكان الإقليم.

*كيف ومتى دخل الإسلام أراكان؟
دخل الإسلام أراكان القرن السابع الميلادي مع قدوم التجّار العرب المسلمين إليها، ثم تتابعت الوفود الإسلامية إليها من أنحاء المعمورة، فأقبل عدد كبير من الأهالي على اعتناق الإسلام، وكوَّن شعب الروهنجيا مملكة دام حكمها 350 عامًا من 1430م إلى عام 1784م، فقد شكلت أول دولة إسلامية في عام 1430م بقيادة الملك سليمان شاه، وحكم بعده (48) ملكًا مسلمًا على التوالي ثم احتلها بورما حتى في العام 1824م ثم الاحتلال البريطاني حتى عام 1848م عندما عادت بورما واحتلتها مرة أخرى العام 1948م حتى الآن.
ويلاحظ أن عام 1948م كان عام نكبة للأمة كلها، ففي هذا العام قام الكيان الصهيوني في فلسطين، ومتزامنًا مع احتلال أراكان وكشمير وغيرها من البلاد والأقاليم الإسلامية في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
فطبقًا لقرار الأمم المتحدة الخاص بشبه القارة الهندية والقاضي بانضمام الأقاليم ذات الأغلبية الإسلامية لباكستان والهندوسية للهند، كان يجب أن تنضم أراكان لباكستان مثل بنجلاديش المجاورة لنا- قبل أن تستقل باكستان- ولكن ما حدث أن بورما ضمت الإقليم إليها بالقوة عام 1948م.
*وكيف كان وقوع الاحتلال البورمي على مسلمي أراكان؟
تم تهجير أكثر من مليوني مسلم من إقليم أراكان منذ الاحتلال بسبب الممارسات القمعية التي قامت بها السلطات البورمية؛ حيث يوجد معظم لاجئي أراكان الآن في بنجلاديش وباكستان، وبعضه لجأ إلى إندونيسيا، و المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، إضافةً إلى مجموعات قليلة في دول جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا، وعمليات التهجير الجماعي تلك تمت عبر 4 مراحل:
الأولى: عام 1938م إبان الاحتلال البريطاني.
والثانية: عام 1948م مع بداية البورمي.
الثالثة: عام 1978م.
والأخيرة: عام 1991م.

مسلمو بورما و التطهير العرقي:
أما التطهير العرقي والديني والإبادة الجماعية للمسلمين فهي مستمرة ولم تنقطع، ويكفي أن نعلم أن منطقتنا معزولة عن العالم وجميع حكام المناطق التابعة للإقليم من البوذيين.
ويكفي أن أذكر لك بعض ممارسات الاحتلال، خاصة بعد وصول الحكم العسكري عام 1962م، ففي عام 1978م شردت بورما أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش، وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد عام 1924م (عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما) رغم أن الواقع والتاريخ يكذبان ذلك، وفي عام 1991م- 1992م شردت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى.
ومن تبقى من المسلمين يتم معهم اتّباع سياسة الاستئصال عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل بين المسلمين، فالمسلمة ممنوع أن تتزوج قبل سن الـ 25 أما الرجل فلا يسمح له بالزواج قبل سن الـ 30 من عمره.
وأثناء حمل الزوجة عليها أن تذهب إلى إدارة قوات الأمن الحدودية "ناساكا" لأخذ صورتها الملونة كاشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وفي كل مرة لابد من دفع الرسوم بمبلغ كبير، وذلك للتأكد- كما تدعي السلطة- من سلامة الجنين، لتسهيل إحصائية المولود بعد الولادة، ولكن لسان الواقع يلوح بأن الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنه ليس لهم أي حق للعيش في أراكان بأمن وسلام.
وتتعرض نساء المسلمين للاغتصاب وهتك العرض والبعض يمتن بسبب ذلك، والجنود اليساريون يقومون بتلك الأعمال البشعة لقمع وإذلال المسلمين وتدربوا على هذه الممارسات على يد يهود حاقدين، كما يتم إجبار المسلمين على العمل بالسخرة في معسكرات الاحتلال، وتم نقل مئات المسلمين من وظائفهم، ويمنع أي مسلم من دخول الجامعات والكليات، ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يُسمى بالقرى النموذجية في شمال أراكان، حتى يتسنى تشجيع أسر "الريكهاين" البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق.
*هل يتعرض المسلمون للتضييق من قبل السلطة العسكرية الحاكمة؟
نعم فقد أصدرت السلطات قرارًا بحظر تأسيس مساجد جديدة، وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تمَّ بناؤها أو إصلاحها خلال عشر سنوات منصرمة في الإقليم، وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت إلى الآن أكثر من 72 مسجدًا، و4 مراكز دينية، واعتقلت 210 من علماء الدين وطلبة العلم خلال الأشهر الماضية وقتلت 220 ملسمًا.

*نلاحظ أن مسلمي بورما لا يعرف أحد عنهم شيئا لماذا ذلك من وجهة نظركم ؟
مسلمو العالم لا يعلمون شيئًا من هذا الذي يحدث لإخوانهم المسلمين في بورما، نظرا للتضييق عليهم ، ولا يملكون وسائل إعلام فعالة، وإن كان الإنترنت به معلومات لكن لا تكفي، أما دول الجوار الإسلامية" بنجلاديش، باكستان، فهي ضعيفة وفقيرة اقتصاديًا ولا تستطيع الدفاع عن قضية مسلمي بورما، وهي تتعاون معنا في ضوء ظروفها وإمكانياتها المحدودة.
من أجل ذلك ولعدم وجود دولة إسلامية مجاروة قوية تتبنى قضيتنا فإن النظام البورمي يستغل الفرصة بين الحين والآخر لتشريد المسلمين ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم في أراكان مما يضطرهم للهجرة، خاصة أن العالم كله وبالطبع الإسلامي مشغول بقضاياه ومشكلاته.
الشباب متمسك بالإسلام:
*ولكن أين دور المسلمين .. ألا توجد مثلاً منظمات إغاثة إسلامية رسمية أو شعبية تتبنى قضيتكم؟
هناك بعض المنظمات الإسلامية تشجعنا أدبيًا ومعنويًا، ولكن لا يصل إلينا منها دعم مادي أو إغاثي بصفة مستمرة، فأحيانًا يصلنا القليل من تلك المنظمات الخيرية للمشاريع التعليمية أو مساعدات خيرية موسمية مثل مشروع إفطار صائم ومشروع الأضاحي .

*هل حاولت مؤسسات أو جمعيات غير إسلامية استغلال وضعكم لتحقيق أهدافها كمؤسسات التنصير؟
المؤسسات التنصيرية تستغل وضع اللاجئين المسلمين خارج بورما، وكذا داخل أراكان من خلال الهيئة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي يعمل التنصير تحت ستارها، وتقوم تلك المؤسسات بتقديم الدعم المادي وحفر الآبار وغيرها من المشروعات لاستغلال أوضاع المسلمين، ولكن ولله الحمد رغم أوضاعنا المأساوية، لم تشهد أراكان أو لاجئوها بالخارج حالة تنصير واحدة؛ لأن الشعب الروهنجي مسلم يتمسك بدينه.
ولكن هناك مشكلة أساسية تواجه مسلمي أراكان، وهي عمليات التهجير المستمرة لهم من أراكان فهي إستراتيجية رسمية يتخذها النظام لتصفية المسلمين هناك.
*هل طرأت تغيرات دولية تجاه قضيتكم أو منظمتكم بعد أحداث 11 سبتمبر؟
من الناحية السياسية تقريبًا، الموقف الدولي معتدل فهو يرفض الحكومة العسكرية ويطالبها بالانتقال إلى الحكم المدني، فمجلس الشيوخ الأمريكي مثلاً أصدر بعض القرارات طالبت أمريكا النظام العسكري باتخاذ الخطوات المناسبة، لإعادة الديمقراطية إلى بورما ودعم أحزاب المعارضة وحقوق الأقليات فيها.
في أغسطس عام 2002م تمَّ عقد مؤتمر لأحزاب المعارضة وممثلين لـ 22 جمعية ومنظمة تمثل الأقليات في بورما- أغلب تلك المنظمات بوذية - في تايلاند تحت إشراف أوروبي، وبعد مناقشات ومداولات طويلة خرج المؤتمر بعدد من المقررات التزم بها جميع من حضره- ومنها منظمتنا وهي العمل على تغيير الحكم العسكري الحالي إلى حكم مدني بالطرق السلمية، ويدعمنا في ذلك موقف دولي وإقليمي مؤيد لهذا المطلب، وإقامة حكومة ديمقراطية فيدرالية إعطاء كل الأقليات حقها على قدم المساواة.
تطورات إيجابية:
وهذه تطورات إيجابية للمرة الأولى منذ 45 عامًا بهذا الكم من المجتمعين، ولو أن تعلم أن معظم الأقليات الموجودة في بورما تمارس حقوقها الأساسية بحرية تامة عدا المسلمين، فهم محرومون من كل شيء حتى أبسط الحقوق الأساسية فإستراتيجيتنا الآن، كمرحلة أولى، أن يتنفس شعبنا المسلم بحصوله على حقوقه الأساسية التي تكفل له الحد الأدنى من متطلبات الحياة في بلده ومن ثم رأينا هذا الاتفاق مصلحة للمسلمين.
الأمم المتحدة وضعت للحكومة العسكرية الحالية جدولاً زمنيًا لتطبيق هذه المقررات، وأطلقوا عليها خريطة الطريق-، وهددت الحكومة أن عدم التزامها بالاتفاق يعرضها لعقوبات أشد من المنظمة الدولية، ونحن وافقنا على هذه المقررات انطلاقًا من الدعم الدولي للديمقراطية في بورما وعدم التزام الحكومة نحونا وارد ولكن على الأقل كسبنا تأييدًا إقليميًا ودوليًا لقضيتنا، ولأول مرة نجد من يسمع صوتنا..
وإذا لم تطبق الحكومة خريطة الطريق المعلنة فإن المنظمات الـ 22 التي كانت لديها أذرع عسكرية وتم تجميدها على أساس حل المشكلات مع النظام سلميًا- وفقًا للقرارات الدولية- من المؤكد أنها ستعود للعمل العسكري ردا للعدوان، وحفاظا على وجودنا.
*هل مقررات المؤتمر ألغت لديكم فكرة الاستقلال؟
نحن التزمنا بالتوجهات الخاصة بإقامة نظام فيدرالي يمنح الأقليات حقوقها ويمنح الجميع المساواة الكاملة، أما الاستقرار فهو أمر يقرره الشعب في المستقبل عبر الاستفتاء.
*ماذا تطلبون من الأمة: حكومات ومؤسسات رسمية وشعبية لدعمكم؟
طلبنا من منظمة المؤتمر الإسلامي الاعتراف بنا كعضو مراقب فيها، خاصةً وقد أصدرت المنظمة عدة قرارات وتوصيات أهمها الإقرار بالاضطهاد الواقع علينا وحثَّ الدول الأعضاء على مساعدتنا سياسيًا ومعنويًا.
كما نطالب المنظمة بالتواجد في بورما لبحث قضيتنا مع النظام الحاكم، ليمارس المسلمون حياتهم وينالوا حقوقهم على قدم المساواة مع باقي المواطنين، حتى لا يوضع المسلمون في المصير المجهول.
ونحن ندعو الدول والمنظمات الإسلامية للضغط على ميانمار (بورما) العسكرية، أما منظمات الإغاثة والمنظمات الخيرية الإسلامية فنرجو منها توفير المعونات الإغاثية؛ الغذاء والدواء، وكذا الرعاية الصحية والتعليمية للاجئي أراكان، خاصةً في بنجلاديش وباكستان.
كما نرجو من الدول الإسلامية التي يوجد بها لاجئون من مسلمي أراكان تقديم التسهيلات التي يحتاجونها مثل التعليم والعمل والإقامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة 13/7/2010
المصدر:
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=160320

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك