الاتصال الفعال مع الآخرين

الاتصال الفعال مع الآخرين

د/ وفاء سالم الياسين

 

يعتبر الاتصال اللفظي سمة مميزة للإنسان. فمن خلال الكلمات التي ينطقها يخترق العقول والقلوب ليعبر عن وجهة نظره، أو يؤكد قبوله أو رفضه لوجهة نظر الآخرين. ولهذا فوجود الآخرين كطرف في الاتصال يعتبر أمرا ضروريا ليتحقق التواصل المنشود. لكن، قد يعتقد الكثيرون خطأً، أن مقدرتهم على الكلام هي أساس التواصل، وتكون المفاجأة عندما يقع سوء الفهم وتفسر الكلمات في غير ما قيلت وقصد منها. كما أنه قد يبذل المتحدث جهدا كبيرا أثناء الاتصال، إلا أن الطرف الآخر لم يعر الكلام أية أهمية. فما هو السبب في عدم تحقق الفاعلية أثناء تواصلنا مع الآخرين؟ علينا أن نُعَرّفَ أولا معنى الاتصال الفعال، وهو نقل رسالة تحمل أفكارا، أو مشاعر، أو معلومات. إلا أن ذلك لا يعتبر كافيا. فلا بد من وجود فجوة معلوماتية، بمعنى أن هناك نقصا في المعلومات لدى المستمع مما يشجعه على الاستمرار في الاتصال واستقبال المزيد. كما أنه من الضروري أن يمارس المستمع حقه في اختيار الكلمات المناسبة، والتي يعبر من خلالها عن فهمه لما تم سماعه واستيعابه، على أن يبادر المتحدث بتقديم التغذية الراجعة من تعليق أو إضافة أو تأكيد لما قاله المستمع. كل ذلك يفسر الاتصال الفعال، إلا أنه لا يضمن حدوث الاتصال كما هو مخطط له.

 

هناك ثلاثة عناصر رئيسية تلعب دور المعوق في حدوث الاتصال الفعال إن لم توظف بالطريقة الصحيحة. أولا؛ المتحدث الذي يقوم بإرسال أفكاره للآخرين لحاجته للتواصل معهم، أو طرح أسئلة لا يملك إجابة لها. ثانيا؛ المستمع الذي يستقبل تلك الأفكار أو الأسئلة ليقوم بتحويلها إلى أفكار وأحاسيس بناء على خبراته السابقة ومعلوماته. ثالثا، الرسالة ويقصد بها المعنى الواضح أو الضمني للكلمات أو الأسئلة المطروحة. فما هو الخطأ الذي قد نقع فيه والذي يتسبب في فقدان اتصالنا الفعال مع الآخرين؟

 

أما فيما يختص بالمتحدث، فتلعب حالته المزاجية السيئة دورا أساسيا في ذلك، حيث تتسبب في عدم ترابط الأفكار أو اختيار الكلمات المناسبة، أو تدفعه للتحدث بعصبية مما يربك المستمع ويجعله يعتقد أن الوضع ينذر بوقوع شجار. كذلك أن يفترض المتحدث فهم المستمع لرسالته بمجرد التصريح بها لكون المستمع إنسانا عاقلا. كما أن استخدام المتحدث لبعض المصطلحات، أو المفردات الأجنبية التي لا يعرفها المستمع قد يتسبب في حدوث تشويش لمعنى الرسالة. كما يلعب اختيار المكان لتبادل الحديث دورا مهما خاصة إذا كانت هناك ضوضاء. أما الوقت فيحتل أهمية مساوية لأهمية المكان، فالوقت غير المناسب قد يؤدي إلى نفس النتيجة السلبية. فيما تبقى المعضلة الكبرى والتي تفسد أي جهد يبذله المتحدث لإنجاح اتصاله مع الآخرين فهي آفة «الحديث عن الذات». فعلى الرغم من شغف الآخرين بالاستفادة من خبرات محدثيهم، إلا أن الحديث الدائم وغير المبرر عن الذات يقوض أواصر الاتصال وينفر المستمع من المتابعة.

 

وبالنسبة لما يختص بالمستمع، فإنه يكمن في المشاعر السلبية التي يكنها للمتحدث. كذلك الفرضيات والتوقعات المسبقة التي قد يحتفظ بها المستمع لما سيقوله المتحدث وكيفية تقديمه. أضف إلى ذلك كثرة المقاطعة وسحب بساط الحوار من المتحدث، كذلك كثرة النظر إلى الساعة والذي ينم عن مدلولات كثيرة منها الملل، أو الإطالة التي قد يقع بها المتحدث، أو تأخر المستمع عن القيام بمهام أخرى.. وأخيرا، فإن الرسالة التي يرتكز عليها صلب الاتصال الفعال، يجب أن تكون واضحة وذات هدف محدد، مختصرة ومتناسقة، بمعنى أنها تدور حول فكرة واحدة صحيحة.

 

المصدر: صحيفة أوان الكويتية

الأكثر مشاركة في الفيس بوك